بنك الجزيرة يخطو بثبات نحو التحول إلى مجموعة مالية متعددة الاختصاصات
أكد طه بن عبد الله القويز، رئيس مجلس إدارة بنك الجزيرة، أن البنك يسير بخطى واثقة في تنفيذ استراتيجيته الشاملة التي أطلقها منذ عام 2008، للتحول إلى مجموعة مالية متعددة الاختصاصات، معتبرا أن البنك نجح خلال المرحلة الماضية في تحقيق الكثير من الإنجازات لتحقيق رؤيته، رغم التحديات العديدة التي عصفت بقطاع الصناعة المصرفية والمالية.
وعلى صعيد القطاع البنكي نفى القويز أن تكون البنوك السعودية قد عمدت في المرحلة السابقة إلى التشدد والتحفظ في عمليات التمويل والإقراض نتيجة لتأثر حجم السيولة لديها بتبعات الأزمة المالية العالمية، مشيرا إلى أن البنوك السعودية ومن ضمنها بنك الجزيرة لم تعان أزمة في السيولة، إذ إن قاعدة السيولة لدى مختلف المؤسسات المصرفية تتمتع بالملاءة الكافية.
لكنه اعتبر تلك الفترة بمثابة " استراحة محارب" قامت خلالها البنوك بإعادة صياغة سياسات الإقراض والتحوط ودعم إدارات المخاطر وهيكلية العمليات والأنشطة البنكية لتجنب المخاطر مع التركيز على شرائح مختلفة من المنشآت المتوسطة والصغيرة الحجم, وأكد القويز أن البنك استمر في المضي نحو الأمام في الوقت الذي شهدت فيه العديد من المؤسسات المصرفية تراجعاً في أدائها، مشيراً إلى أن أداء البنك مرشّح للنمو خلال المرحلة القادمة مدعوماً بسلسلة من الخطوات التطويرية التي قطعها البنك في مجال تنويع مصادر الدخل، وتوسيع رقعة الانتشار، وطرح حزمة من الخدمات المبتكرة التي ستدعم قدرته التنافسية وتعزز حصته السوقية، منوّهاً بما حققه البنك خلال الأعوام الماضية من مضاعفة لعدد عملائه وحجم الودائع والموجودات كدليل على عمق الرؤية التي يتبناها البنك لتحقيق تطلعاته.
وقال القويز إنه, وعلى الرغم من قيام البنك بتجنيب جزء من أرباحه كمخصصات لتغطية القروض غير العاملة انطلاقاً من مبدأ التحوط ومساندة الأنشطة على نحو مماثل لبقية البنوك، إلا أن أرباح البنك الصافية نمت بنسبة 7 في المائة مقارنة بعام 2009م محققة 29 مليون ريال، في الوقت الذي حقق فيه البنك نمواً في حجم الموجودات بنسبة 10 في المائة مسجلاً أكثر من 33 مليار ريال. كما تمكن البنك خلال الربع الأخير من عام 2010م من تقليص حجم الخسائر بنحو 90 في المائة مقارنة بالربع الأخير من عام 2009م، فيما ارتفع دخل العمليات خلال الربع الأخير بنسبة 40 في المائة إلى 262 مليون ريال.. وفيما يلي نص الحوار:
#3#
أبدأ معكم من حيث الإنجاز الأخير لبنك الجزيرة المتعلق بنجاح عملية إصدار الصكوك بقيمة مليار ريال. ما الدافع وراء هذا الإصدار؟ وما تقييمكم لحجم التغطية التي رافقته؟
إن تبني البنك لطرح هذه الصكوك البالغ إجمالي قيمتها مليار ريال ينسجم مع الخطوات الاستراتيجية التي يبذلها البنك للتحول إلى مجموعة مالية متعددة التخصصات، وسيسهم إصدار الصكوك على نحو أكيد في تعزيز رأسمال البنك وتدعيم القاعدة الصلبة التي تمكنه من المضي في تنفيذ خططه التطويرية والتوسعية التي بدأها واكتساب خبرة في عملية إصدار الصكوك. وأعتقد أن حجم الإقبال الكبير على الصكوك والذي وصل إلى أربعة أضعاف المبلغ المطلوب تغطيته من قبل الجهات المستهدفة التي تعدّ جهات احترافية واستثمارية تتمتع برؤية عميقة، فضلاً عن إسهام القطاع الخاص بنسبة 80 في المائة من حجم التغطية يعكس جدوى تلك الصكوك وقيمتها المضافة, والجاذبية الاستثمارية التي تتمتع بها وثقة المستثمرين بالبنك والاقتصاد السعودي. وكما هو معلوم هناك تعطّش حقيقي في السوق السعودية لإصدارات الصكوك التي تعد اليوم واحدة من أكثر الحلول التمويلية المرشحة للنمو.
كيف تقيمون أداء بنك الجزيرة لعام 2010م في ضوء النتائج التي أعلنها البنك؟
دون شك حمل عام 2010م الكثير من تبعات الأزمة المالية التي انعكست آثارها على أداء القطاع المصرفي عموماً، ورغم ذلك فإن بنك الجزيرة نجح في تعزيز مركزه المالي وقدرته على مواصلة النمو، وتنفيذ استراتيجيته بثقة واقتدار، وواصل جهوده لتطوير بيئته المصرفية بما يتوافق ورؤيته للتحول لمجموعة مالية متعددة التخصصات بما يتوافق وأحكام الشريعة، وهذا الأمر عكسته مؤشرات الإيرادات والموجودات بوضوح تام.
وعلى الرغم من قيام البنك بتجنيب جزء من أرباحه كمخصصات لتغطية القروض غير العاملة انطلاقاً من مبدأ التحوط ومساندة الأنشطة على نحو مماثل لبقية البنوك، إلا أن أرباح البنك الصافية نمت بنسبة 7 في المائة مقارنة بعام 2009م محققة 29 مليون ريال، في الوقت الذي حقق فيه البنك نمواً في حجم الموجودات بنسبة 10 في المائة مسجلاً أكثر من 33 مليار ريال. كما تمكن البنك خلال الربع الأخير من عام 2010م من تقليص حجم الخسائر بنحو 90 في المائة مقارنة بالربع الأخير من عام 2009م، فيما ارتفع دخل العمليات خلال الربع الأخير بنسبة 40 في المائة إلى 262 مليون ريال، وتمكن من رفع حجم الاستثمارات لعام 2010م إلى 4,546 مليون ريال مقابل 4,284 مليون ريال لعام 2009 مسجلاً نمواً قدره 6 في المائة، وفي المقابل فإن محفظة القروض والسلف ارتفعت بنسبة 21 في المائة من 15,504 مليون ريال إلى 18,704 مليون ريال، وعلى نحو لافت فإن البنك واصل خلال عام 2010م جهوده في تعزيز ثقة العملاء به كخيار مصرفي رائد والتي انعكست من خلال نمو ودائع العملاء بنسبة 23 في المائة, مرتفعة من 22,142 مليون ريال عام 2009م إلى 27,345 مليون ريال في عام 2010م.
وأعتقد أن هذه النتائج الإيجابية وإن لم ترقَ إلى مستوى الطموحات نتيجة الظروف الاقتصادية المحيطة، إلا أنها تؤكد على النهج القويم الذي يحكم أداء البنك، والسعي المتواصل للارتقاء بأدائه وتعزيز مركزه الائتماني، وهو ما دفع كبرى وكالات التصنيف الائتمانية الدولية ومن ضمنها وكالة "فيتش" إلى منح البنك تصنيفاً ائتمانياً متقدماً عند “A-“ مع نظرة مستقبلية مستقرة طويلة الأجل، وتصنيف F2 لالتزامات البنك قصيرة الأجل، إلى جانب منحها تصنيفا فرديا للبنك عند C/D، وتصنيف دعم عند "1"، مع تأكيد الوكالة أن التصنيفات المتقدمة للبنك على المدى الطويل تعكس متانة قيمته السوقية وفق حجمه النسبي. كما أن منح هذا التقييم الإيجابي في ظل الظروف الحالية يؤكد مقدرة البنك العالية على التوازن والكفاءة المتقدمة التي يعتمدها في إدارة أصوله ومزاولة نشاطه وفق أرفع المعايير المصرفية، ويدل على سلامة منهجيته وسياساته في إدارة النشاطات، فضلاً عن جهوده المتراكمة في تعزيز بنيته البشرية والتقنية, وسعيه نحو تسخير كافة الإمكانات التي تسهم في تحقيق الإنجازات النوعية وتهيئة القاعدة التي تمكنه من الانطلاق نحو المستقبل بخطى ثابتة, حيث نتوقع أن يحمل معه عام 2011م للبنك المزيد من الإنجازات والقفزات التي نأمل أن تسهم جميعها في تعزيز مكانة البنك ودرجة تقدمه.
#2#
أعلنتم في عام 2008م نية بنك الجزيرة للتحول إلى مجموعة مالية متعددة التخصصات. إلى أين وصلتم في هذا الشأن؟ وماذا عن أبرز الإنجازات التي حققتموها في تنفيذ رؤيتكم؟
من خلال هذه الخطة التي أقرها مجلس الإدارة في شهر تشرين الأول (أكتوبر) من عام 2008م ، وبدأنا تنفيذها مباشرةً بكل قوة وإصرار متجاوزين كل التحديات التي صاحبت الأزمة المالية والاقتصادية العالمية, وما ألقته من تبعات على مدى عامي 2009 و 2010م للوصول إلى مجموعة مالية متعددة التخصصات ومتوافقة مع أحكام الشريعة، يمكنني القول إننا نعمل جاهدين منذ ذلك التاريخ من أجل إحداث نقلة نوعية تقدم بنك الجزيرة ضمن مفهوم جديد ومتكامل في قطاع الصناعة المصرفية, وأعتقد أن جهودنا قد أثمرت سلسلة من الإنجازات التي يمكن استعراضها من خلال الآتي:
أولاً: تنويع مصادر الدخل، فبعد أن كان البنك يعتمد بشكل كبير على نشاط الوساطة في الأسهم المحلية كمصدر رئيسي للدخل أصبحت لدينا مصادر أخرى رئيسية للدخل مثل الخدمات الشخصية والخدمات التجارية ومنتجات الخزانة والتمويل العقاري, بحيث إذا تأثر مصدر للدخل بأي ظرف أو تقلص العائد المتأتي من خلاله لا يتأثر مركز البنك المالي كثيراً ويبقى أداء البنك قوياً محافظاً على وتيرة ثابتة.
ثانياً: الوصول إلى تركيبة أكثر توازناً من الأنشطة البنكية المختلفة لضمان نمو الأرباح مستقبلاً مما ساهم في إرساء الصورة العامة للبنك, وتقديم خدمات ومنتجات ذات قيمة نوعية للعملاء, والنهوض بالكوادر البشرية للبنك, والمنافع العائدة على المساهمين. وتجسد هذا الإنجاز من خلال ابتكار منتجات تلبي حاجة العملاء ومتطلبات السوق وعلى رأسها منتجات التمويل الشخصي ومنتجات التمويل العقاري. فبنك الجزيرة كان من أوائل البنوك التي استشعرت مدى حاجة السوق إلى مثل هذه المنتجات فكان الأسرع لطرح هذه المنتجات وتعزيزها بسلسلة متواصلة من الحملات التسويقية.
ثالثاً: تعزيز صورة البنك من خلال إعلان البنك تحوله للعمل بموجب أحكام الشريعة في عام 1998م, إلا أن الصورة النمطية التقليدية للبنك ظلت تراوح مكانها نظراً لعدم توافر منتجات وخدمات مباشرة تمس ذهنية العميل واستشعاره بهذا التحول وهذه النقلة النوعية. وبالتالي جاءت هذه الخطة لتغيير الصورة النمطية هذه وتعزيز استشعار العميل بالهوية المصرفية المتوافقة مع أحكام الشريعة للبنك وقد تحقق نجاحاً باهراً في هذا المجال.
رابعاً: تعزيز البنية التحتية للبنك على كافة المستويات وباستخدام أفضل التطبيقات والممارسات سواء على مستوى تقنية المعلومات أو العمليات البنكية أو الأجهزة الرقابية أو الموارد البشرية، مع الاستمرار في توسيع شبكة الفروع وشبكة أجهزة الصرف الآلي وتعزيز المصرفية الإلكترونية لدعم التواصل الفعّال مع العملاء والتركيز على الشريحة المميزة من الأفراد ذوي الملاءة المالية والشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم. وفي السياق ذاته، استمر البنك في تعزيز التمويل التجاري من خلال منافذ (مكاتب إقليمية) في المدن الرئيسية الثلاث لتقديم خدمات تجارية متكاملة تحت سقف واحد مع التميز في السرعة في الخدمة والدقة في التنفيذ. واستمر البنك أيضاً في دعم برنامج التكافل التعاوني (البديل الإسلامي للتأمين على الحياة), والاستعداد للانتقال به إلى المرحلة التالية كشركة مستقلة مساهمة مدرجة في السوق السعودية للأوراق المالية.
خامساً: الاستعداد لاقتناص الفرص المتاحة في مجال إدارة الأصول الواعدة وتحقيق أقصى استفادة من الخزانة وما لديها من منتجات فريدة مع ابتكار المزيد من منتجات الخزانة وفقاً لحاجة العملاء ومتطلبات السوق.
#4#
كيف تفسّر استمرار بنك الجزيرة في عمليات التوسع والانتشار في الوقت الذي شهدت فيه غالبية المؤسسات المصرفية تراجعاً في نشاطاتها جرّاء تبعات الأزمة الاقتصادية؟
هذا الأمر يؤكد ثقتنا التامة بمتانة الاقتصاد الوطني وبرؤيتنا الاستراتيجية نحو المستقبل، فكما أشرت في سؤالك فإن البنك استمر في المضي نحو الأمام بخطى متسارعة فيما تراجع البعض، ومضينا في تطبيق خططنا نحو التوسع وتعزيز الانتشار ودعم الخدمات المصرفية, متجاوزين الكثير من التحديات التي أفرزتها ظروف السوق، والحمد لله فإن خطواتنا في هذا الاتجاه أثبتت صحتها من خلال الإنجازات التي تحققت على أرض الواقع والتي تؤكدها الأرقام ، إذ إن حجم الموجودات خلال الأعوام الخمسة الماضية قد نما بنسبة 110 في المائة، وكذلك الأمر بالنسبة لبند الودائع الذي ارتفع بنسب متواترة منذ عام 2006 وحتى 2010م ليصل إلى 150 في المائة، والأمر ينطبق على القفزة التي حققها البنك بالنسبة لعدد العملاء وعمليات التمويل الشخصية التي شهدت نمواً خلال السنوات الخمس الماضية بنسبة 435 في المائة، وجميع هذه المؤشرات الإيجابية تعود إلى النهج التطويري الشامل الذي تبناه البنك على مختلف الأصعدة, وأثمر توسعاً في حجم الأعمال وتعزيز رقعة الانتشار حيث ضاعف البنك خلال العامين الماضيين من عدد فروعه في مختلف مدن المملكة بنسبة وصلت إلى 117 في المائة، وكذلك الحال بالنسبة لجهوده في مجال تعزيز شبكة أجهزة الصرف الآلي التي حقق بها توسعاً منذ عام 2006 بنسبة وصلت إلى 173 في المائة، وجميع هذه المؤشرات تعكس مدى الجهود التي يبذلها البنك اليوم لتقديم نفسه ضمن مفهوم جديد.
إلى أي مدى – برأيكم – نجح البنك في تغيير الصورة النمطية التقليدية عنه باعتباره مجرد بنك متخصص في قطاع الوساطة والتداول؟
دون شك إن ريادة بنك الجزيرة ضمن نشاط الوساطة والتداول كانت على الدوام موضع فخر واعتزاز للبنك، لكن طموحنا لتعزيز قدرتنا التنافسية وتنويع مصادر دخلنا وإدارة المخاطر على نحو أفضل، يدفعنا إلى البحث عن آفاق أكثر شمولية عبر توسيع مظلة خدماتنا المصرفية والاستثمارية والمالية بما فيها خدمات الوساطة والتداول. وكما ذكرت سابقاً فقد قطعنا شوطاً طويلاً في هذا المجال، ولعل التنامي الملحوظ في عدد العملاء الذي تضاعف خلال السنتين الأخيرتين، والارتفاع المتزايد في حجم الموجودات، والإسهام المتنامي للعمليات المصرفية في إيرادات البنك لخير دليل على كوننا نسير في الاتجاه الصحيح لتطبيق الاستراتيجية, والوصول إلى غايتنا لتحويل البنك إلى مجموعة مالية متعددة التخصصات.
ومع ذلك فإننا نسعى إلى الحفاظ على مكانتنا الرائدة ضمن قطاع الوساطة والتداول الذي نزاوله من خلال شركة "الجزيرة كابيتال" التي تتمتع بسمعة مرموقة ليس على الصعيد المحلي فحسب بل على الصعيد الدولي كذلك. فالشركة نجحت في الحفاظ على قدرة تنافسية عالية للعام السادس على التوالي وتمكنت خلال عام 2010م من الاستحواذ على حصة سوقية بلغت نحو 16 في المائة، استناداً إلى خبرتها العريقة في هذا الشأن ومعرفتها الواسعة بالفرص المواتية في الأسواق المحلية والدولية واعتمادها على فريق من الكوادر البشرية المؤهلة.
أظهرت البنوك خلال المرحلة السابقة تشدداً واضحاً وتحفظاً في عمليات التمويل والإقراض نتيجة لتأثر حجم السيولة لديها بتبعات الأزمة المالية العالمية، فهل تراجع النشاط التمويلي لبنك الجزيرة أسوة بغيره من البنوك؟
دعني أختلف معك هنا، فالبنوك السعودية ومن ضمنها بنك الجزيرة لم تعان أزمة في السيولة إذ إن قاعدة السيولة لدى مختلف المؤسسات المصرفية تتمتع بالملاءة الكافية, لكن أعتبر تلك الفترة بمثابة استراحة محارب قامت خلالها البنوك بإعادة صياغة سياسات الإقراض والتحوط ودعم إدارات المخاطر وهيكلية العمليات والأنشطة البنكية لتجنب المخاطر, مع التركيز على شرائح مختلفة من المنشآت المتوسطة والصغيرة الحجم. ونحن في بنك الجزيرة لم نعان أزمة في السيولة واستمررنا في أنشطتنا التمويلية سواء الشخصية أو التجارية بكل قوة إيماناً منا بمتانة الاقتصاد السعودي وحصانته أمام التحديات لما تمتاز به حكومتنا الرشيدة من حكمة في التوجّه والتخطيط الحصيف. لذا فلا عجب أن سجّل البنك خلال السنوات الخمس الماضية ومنذ عام 2006 نمواً بنسبة 435 في المائة ، وكذلك الحال بالنسبة لقطاع تمويل الشركات الذي حقق فيه البنك خلال الفترة ذاتها نمواً متواتراً وصل إلى أكثر من 148 في المائة، وأكثر من ذلك فإنه, على الرغم مما شهدته سوق الأسهم من تقلبات وتراجعات إلا أن البنك واصل تقديم التسهيلات المتعلقة بشراء الأسهم وحقق نمواً وصل إلى 387 في المائة، وأعتقد أن حصول البنك على جائزتين مرموقتين في مجال تمويل المشاريع من قبل مجلة "يوروموني بروجكت فاينانس" على مستوى الشرق الأوسط لعام 2010م يعكس تقدير دور البنك القيادي في مجال التمويل المشترك المتوافق مع أحكام الشريعة.
ينظر إلى القطاع العقاري على اعتباره ثاني أكبر قطاع في الاقتصاد الوطني، ويلاحظ تركيزكم على المشاركة والمنافسة في هذا القطاع. ما مرئياتكم حيال السوق العقارية في المملكة والدور المرتقب للبنوك فيها؟
القطاع العقاري السعودي, كما ذكرت واحد من أضخم القطاعات الاقتصادية في المملكة والأول عربياً وإقليمياً من حيث الحجم، بل أكثرها جاذبية بالنظر إلى المحفزات المحيطة به والفرص الواعدة التي يتيحها، مدعوماً بالاحتياجات المتزايدة للوحدات السكنية من قبل المواطنين والتي تقدّر وفقاً للإحصائيات بأكثر من 1.8 مليون وحدة حتى عام 2013م، خاصة أن 60 في المائة من سكان المملكة هم من فئة الشباب الذين تقل أعمارهم عن 29 عاماً، أضف إلى ذلك أن أقل من 50 في المائة من السعوديين يملكون وحدات سكنية، فضلاً عن الطفرة الاقتصادية في المملكة والتي صاحبها إطلاق مدن جديدة، وحزمة القرارات المحفزة والتشريعات التنظيمية المنتظرة كنظام الرهن العقاري ونظام مراقبة شركات التمويل، ونظام الإيجار التمويلي، أضف إلى ذلك القرارات الملكية السامية التي صدرت أخيراً والتي دعمت صندوق التنمية العقارية ورفعت سقف القرض إلى 500 ألف ريال، وعدم اشتراط وجود أرض لطالب القرض، وغيرها من العوامل التي تستدعي بالضرورة من شركات التمويل وعلى رأسها البنوك, حتمية طرح منتجات تمويلية تلبي تلك الاحتياجات.
ونحن في "بنك الجزيرة" أدركنا, وفي وقت مبكّر, تلك المعطيات ونعمل جاهدين على تطوير جملةٍ من البرامج التمويلية المخصصة للقطاع العقاري والمدعّمة بسلسلة من المزايا والشروط الميسرة، حيث نجحنا في تبوؤ موقع متقدم في هذا المجال من خلال استحواذنا على حصة سوقية بلغت 5 في المائة منذ إطلاق منتجات التمويل العقاري في المملكة, ومبيعات سنوية تجاوزت 20 في المائة من إجمالي حجم السوق في عام 2010م.
ماذا بالنسبة لقطاع التأمين، وهل انتهى البنك من الإجراءات الخاصة بإطلاق شركة مستقلة للتكافل التعاوني؟
قام البنك وبناءً على متطلبات نظام التأمين بفصل نشاط التأمين عن عمله المصرفي, وذلك ضمن إطار مستقل ومن خلال شركة منفصلة تجري الاستعدادات حالياً لإشهارها تحت اسم "الجزيرة تكافل تعاوني" والتي ستواصل مسيرة البنك في مزاولة هذا النشاط الذي قطع فيه البنك شوطاً طويلاً باعتباره أول مؤسسة مصرفية في المملكة تقوم بإطلاق منتجات للحماية والإدخار متوافقة مع أحكام الشريعة في عام 2001م كبديل عن برامج التأمين على الحياة التقليدية، وتمكنّا من تحقيق موقع ريادي ضمن سوق التأمين على الحياة في المملكة إذ إن تقرير سوق التأمين السعودي الصادر في عام 2009 يشير إلى أن عمليات التأمين التكافلي قد استحوذت على حصة سوقية بلغت 28 في المائة من قطاع التأمين والادخار (التأمين على الحياة)، ونحن في الوقت الحالي نقوم على تطوير البنية التحتية للشركة الوليدة لتعزيز عمليات التكافل وتقديم المنتجات النوعية التي تعزز من حضور الشركة وحصتها السوقية، ولعل حصول البنك على جائزة "بوليسي للتأمين" كأفضل مقدم تأمين على الحياة لعام 2009م وللعام الثالث على التوالي, والتي تعد الجائزة المستقلة الوحيدة في المنطقة التي تقدم لكافة قطاعات التأمين، وتؤكد ريادة البنك في تقديم منتجات تأمين تكافلي متوافقة مع أحكام الشريعة.
ماذا عن جهود البنك في مجال السعودة وتأهيل الكوادر الوطنية، والتي تمثل إحدى أهم الأولويات اليوم على الصعيد الوطني؟
سنة تلو الأخرى نسعى جاهدين إلى تغيير المشهد في البنك عبر رفع معدلات السعودة وإحلال الشباب السعودي في المواقع الوظيفية بدلاً عن العمالة الوافدة, سواء من حيث الكم أو من حيث النوع، إذ إن غالبية المواقع القيادية في "بنك الجزيرة" تدار من قبل كفاءات سعودية بامتياز، والأمر لا يتوقف عند حدود التعيين فقط، بل يتعداه إلى البرامج المتعددة التي يتبناها البنك اليوم في سبيل تطوير الكوادر البشرية بهدف رفع كفاءة الأداء وفق معايير عالمية المستوى. وهذا الأمر يقع على رأس أولوياتنا انطلاقاً مما يمثله العنصر البشري من "رأس مال" حقيقي للمؤسسات، والركيزة الأهم في نجاحها وازدهارها، فضلاً عن حرصنا على مواكبة توجهات القيادة الحكيمة في المملكة بإجراءات تستهدف احتضان الشباب السعودي، وتوفير الفرص الملائمة التي تمكّنه من إطلاق طاقاته من خلالها والمساهمة في بناء المؤسسات الوطنية.
ولقد قطع البنك شوطاً كبيراً للغاية في استقطاب خبرات وطنية فذة ذات مهارات قيادية متميزة في مجال الصناعة المصرفية والمالية تحقيقاً لرؤية البنك في بناء كيان مصرفي متعدد التخصصات بما يتوافق مع أحكام الشريعة، علماً بأن أكثر من 90 في المائة من الوظائف القيادية توجد على رأسها كوادر سعودية. ومن هذا المنطلق جرى تعيين الأخ نبيل بن داود الحوشان كرئيس تنفيذي للبنك في الأول من أغسطس 2010، والجدير بالذكر أن الأخ نبيل انضم إلى بنك الجزيرة وبحوزته خبرات بنكية واسعة تمتد لأكثر من 26 عاماً تولى خلالها عدة مناصب قيادية. وما زال العمل جارياً في استقطاب الخبرات اللازمة خاصةً الوطنية منها للارتقاء بمستوى البنك وتحقيق قفزات نوعية على مستوى المنتجات والخدمات.
أضف إلى ذلك الخطوات التي يبذلها بنك الجزيرة لتعزيز مفاهيم الانتماء للمؤسسة من خلال تبني البرامج التمويلية والادخارية التي من شأنها تحقيق الاستقرار المعيشي للموظفين وتدعم تطلعاتهم وطموحاتهم الحياتية، فتهيئة البيئة الوظيفية على النحو الأمثل يتواكب جنباً إلى جنب مع جهود البنك لتعزيز التواصل مع العملاء وتلبية متطلباتهم، وسيواصل بنك الجزيرة جهوده في هذا المضمار على النحو الذي يمكن من تحقيق نمو متواتر يضمن توسيع قاعدة عملائه من جانب، والارتقاء بمعدلات السعودة التي وصلت مع نهاية 2010م إلى 89 في المائة من مجموع العاملين من جانب آخر, إيماناً منا بأن الصناعة المصرفية هي صناعة رجال ونساء.
ما تقييمكم لنشاط البنك في المجال الاجتماعي، وهل من برامج جديدة سيتبناها البنك ضمن هذا الإطار؟
بنك الجزيرة يضع مفهوم "المسؤولية الاجتماعية" على رأس أولوياته انطلاقاً من التزامه الوثيق بالقيم الدينية والوطنية التي تحض على تعاضد المجتمع والتفاعل مع قضاياه. من هنا جاءت مبادرة البنك في عام 2006 بإطلاق برنامج "خير الجزيرة لأهل الجزيرة" والذي رصد له ميزانية كبيرة لدعم النشاطات الاجتماعية في مختلف الاتجاهات حيث عمل البنك على تبني حزمة من البرامج الاجتماعية المتعددة الأغراض والقائمة على تعزيز عنصر "الإنتاج " بدلاً من مفهوم المساعدات النقدية المباشرة التقليدية، من خلال توفير الدعم لبرامج الأسر المنتجة، وتنظيم برامج التأهيل والتدريب لسوق العمل ضمن حرف معينة تصب مباشرةً في خدمة المجتمع، حيث قام البنك عام 2010م بتمويل عدد من مشاريع الأسر المنتجة وذلك بالتعاون مع عدد من الجمعيات الخيرية كتدريب (750) فتاة في مجالات مختلفة من الحرف, وتدريب (100) شاب وفتاة من خلال برنامج " البداية ", و(100) كفيف وكفيفة على الحاسب الآلي لإعدادهم لسوق العمل من خلال التعاون المباشر مع الجمعيات والمراكز المتخصصة، وتجهيز معامل الحاسب الآلي وغيرها من البرامج التي نتطلع إلى التوسع فيها أملاً في تعزيز مساهمتنا في إحداث التنمية المستدامة التي ننشدها في مجتمعنا, والذي نحن جزء منه.
سؤال أخير: ما توقعاتكم لعام 2011م سواء على مستوى الاقتصاد الكلي للمملكة أو القطاع المصرفي؟
بدون شك, إن العامين الماضيين شهدا الكثير من التحديات التي ألقت بظلالها على اقتصاديات العالم، وبشكل خاص على أداء المؤسسات المصرفية والمالية ، والتي من ضمنها اقتصادنا الوطني ومؤسساتنا المصرفية التي تأثرت وإن بنسبة أقل من غيرها بالنظر إلى السياسات المتحفظة والمتوازنة التي تنتهجها وزارة المالية ومؤسسة النقد العربي السعودي والمجلس الاقتصادي الأعلى وهيئة السوق المالية, والتي أثبتت جدارة وكفاءة عالية في تعاطيها مع الأزمة العالمية.
لكن يبدو أن المؤشرات حيال عام 2011م تبدو أكثر تفاؤلاً ولاسيما أن التعافي من تبعات الأزمة المالية بدأ يحيط بالأجواء, وهو ما يدفع بتوقعات النمو نحو معدلاته الطبيعية ، ولعل توقعات مؤسسة النقد العربي السعودي بأن يحقق اقتصاد المملكة نمواً بنسبة 4.3 في المائة خلال عام 2011م خير شاهد على ذلك، هذا إلى جانب التوقعات الإيجابية حيال انتعاش النمو بالنسبة لنشاط البنوك السعودية، مدعوماً بالانفاق الحكومي السخي على المشاريع والمبادرات الحكومية المتعددة ، ومعززاً أيضاً بوفرة السيولة والملاءة المالية التي ستشكّل دعامة رئيسة لتنشيط النشاط التمويلي على النحو المعهود.
ودعني أشير هنا إلى أن مواصلة البنوك السعودية خلال المرحلة الماضية تسجيل نتائج إيجابية وأرباحا متواترة رغم كافة التحديات المحيطة بها، وعلى نحو مغاير لغالبية المؤسسات المصرفية سواء على الصعيد الإقليمي أو العالمي والتي منيت بعضها بخسائر فادحة وتراجع قياسي في أدائها، يعود بعد فضل الله إلى السياسات الاقتصادية المتوازنة، والإدارة الحكيمة للجهات المشرفة على النشاط المالي والمصرفي في المملكة وتحديداً وزارة المالية, ومؤسسة النقد العربي السعودي, والمجلس الاقتصادي الأعلى, وهيئة السوق المالية, والإدارات التنفيذية للبنوك السعودية، في توجيه دفة الاقتصاد الوطني على النحو الصحيح، والدعم المتواصل للقطاع المصرفي السعودي لتعزيز قدرته على تجاوز الأزمة وتجنب تبعاتها، والمضي في دوره الحيوي بثقة وثبات.