اللجنة الضريبية تنصف مكلفا بحسم استثماراته من وعائه الزكوي لعامين
اجتمعت اللجنة الاستئنافية الضريبية المشكلة في يوم الإثنين 12/6/1429هـ وذلك للنظر في الاستئنافين المقدمين من مصلحة الزكاة والدخل (المصلحة) ومن (المكلف) على قرار لجنة الاعتراض الابتدائية الزكوية الضريبية الأولى في جدة رقم 30 لعام 1427هـ بشأن الربط الزكوي الذي أجرته المصلحة على المكلف لعامي 2000م حتى 2001م.
ودرست اللجنة القرار الابتدائي المستأنف، وما جاء في مذكرتي الاستئناف المقدمتين من المصلحة والمكلف ومراجعة ما تم تقديمه من مستندات، في ضوء الأنظمة والتعليمات السارية على النحو التالي:
الناحية الشكلية
أخطرت لجنة الاعتراض الابتدائية الزكوية الضريبية الأولى في جدة المصلحة بنسخة من قرارها رقم 30 لعام 1427هـ بموجب الخطاب رقم (125/ص/ج/1) وتاريخ 20/8/1427هـ، وقدمت المصلحة استئنافها وقيد لدى هذه اللجنة برقم (1562/3) وتاريخ 11/9/1427هـ، كما أخطرت لجنة الاعتراض الابتدائية الزكوية الضريبية الأولى في جدة المكلف بنسخة من قرارها رقم (30) لعام 1427هـ بموجب الخطاب رقم (126/ص/ج/1) وتاريخ 20/8/1427هـ، وقدم المكلف استئنافه وقيد لدى هذه اللجنة برقم (1567/3) وتاريخ 17/9/1427هـ كما قامت الشركة بسداد الزكاة المستحقة بموجب القرار الابتدائي ومقداره (21.906) ريالات، وبذلك يكون الاستئنافان المقدمان من المصلحة ومن المكلف مقبولين من الناحية الشكلية لتقديمهما من ذي صفة خلال المهلة النظامية، ومستوفيين الشروط المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية لنظام ضريبة الدخل.
الناحية الموضوعية
أولاً، استثمارات المكلف في شركة سعودية: قضى قرار اللجنة الابتدائية في البند (ثانيا/1) منه بتأييد المكلف في حسم الاستثمارات في شركة (سعودية) لعام 2000 درءا لثني الصدقة المنهي عنه شرعاً.
وقد استأنفت المصلحة هذا البند من القرار فذكرت أنه يشترط لحسم الاستثمار لدى الشركة المستثمر فيها توافر مبرر شرعي يجيز الحسم ممثلا في درء تثنية الزكاة أو الاستغراق فيما يعد عرضا من عروض القنية لدى الشركة المستثمر فيها، وحيث إن الشركة المستثمر فيها تحت التأسيس ولم تمارس أي نشاط خلال عام 2000، فإنها بالتالي لم تخضع للزكاة عن ذات العام، ما ينتفي معه وجود تثنية في الزكاة، كما أن المكلف لم يقدم ما يثبت تزكية الاستثمار في الشركة المستثمر فيها أو استغراقه لديها فيما يعد عرضا من عروض القنية، وبالتالي يكون الحسم غير جائز لدى الشركة المستثمرة لانتفاء توافر أي مبرر شرعي يجيز الحسم، أما ما ذكرته اللجنة الابتدائية في قرارها من أن قضاءها درءٌ لثني الصدقة المنهي عنه شرعاً لقوله صلى الله عليه وسلم "لاثني في الصدقة" فترى المصلحة أن حيثيات القرار الابتدائي المستأنف خلت من توافر ما يثبت تزكية الاستثمار لدى الشركة المستثمر فيها مما ينتفي معه المبرر الذي استندت إليه اللجنة فيما قضت به في هذا الخصوص، كما أن مقتضى القرار الابتدائي المستأنف يؤدي إلى إفلات الاستثمار في الشركة من الزكاة فلا هو خضع للزكاة لدى الشركة المستثمر فيها، ولن يخضع للزكاة لدى الشركة المستثمرة لحسمه. كما أن الاستثمار في رأسمال الشركة المستثمر فيها لا يمكن القول إنه قد خرج من الذمة المالية للشركة المستثمرة، بل إنه تنعقد ملكيته للشركة المستثمرة ملكية تامة، ويمكنها التصرف فيه بالبيع أو التنازل أو ما شابه ذلك دون أدنى عائق, وليس أدل على ذلك من وجود هذا الاستثمار ضمن البيانات المالية للشركة المستثمرة كأصل من أصولها، أي حق من حقوقها ومالٌ مملوكٌ لها ملكية تامة، وتجب فيما يقابله من حقوق الملكية الزكاة طالما لم يتوافر بشأنه مبررٌ شرعيٌ يجيز حسمه.
وبعد اطلاع المكلف على مذكرة الاستئناف المقدمة من المصلحة أفاد بمذكرته المؤرخة في 4/2/1429هـ بأن استئناف المصلحة لم يأتِ بجديد وسبق للشركة أن أثبتت بأن الاستثمار أعلاه يمثل استثمارا طويل الأجل (عروض قنية) تم سداد قيمته بالكامل، وقامت الشركة بتقديم جميع المستندات والتعاميم والقرارات المؤيدة لوجهة نظرها، وأضافت أن قيمة الاستثمار قد دفعت بالكامل من مصادر التمويل التي أدرجتها المصلحة في وعاء الزكاة (حقوق الملكية)، وأن العدالة تقتضي بأن يتم حسم ما يقابلها من الاستثمارات طويلة الأجل (عروض القنية) حتى تستقيم المعادلة من وجهة النظر المحاسبية والشرعية، كما أن هناك سوء فهم من قبل مصلحة الزكاة والدخل لأقسام الاستثمار ومتى يجب أن ينظر فيه لمسألة الازدواجية من عدمه، وما جاء في وجهة نظر المصلحة يتعارض مع جميع التعاميم الصادرة بخصوص خصم الاستثمارات طويلة الأجل (عروض القنية) من وعاء الزكاة حيث لم تتضمن أيا من التعاميم شرط خضوع المبالغ المستثمرة في الشركة المستثمر فيها للزكاة حتى يقبل خصم الاستثمار لدى الشركة المستثمرة لأن الأصل هو أن عروض القنية ليست خاضعة للزكاة، وبالتالي فإن مسألة الازدواجية ينظر لها فقط في حالة الاستثمارات المتداولة وهذه ليست حال الشركة، كما أن ما جاء في وجهة نظر المصلحة يتعارض مع أحد الشروط الشرعية للزكاة وهو شرط تمام الملك، لأن هذه الأموال خرجت من ذمة الشركة المستثمرة للحصول على عرض قنية، وبالتالي لا تجب فيها الزكاة لدى الشركة المستثمرة، كما أن هناك خطأً في مفهوم المصلحة لعرض القنية الذي يجب خصمه من وعاء الزكاة، فالمقصود شرعاً هو أن يقوم المكلف بإنفاق مبلغٍ للحصول على عرض من عروض القنية (استثمارات طويلة الأجل) وبالتالي فإن هذا المبلغ الذي خرج من ذمته لا يخضع للزكاة لديه لإنفاقه ولعدم تحقق شرط تمام الملك، علما أن هذا الخصم لا يرتبط بكيفية استخدام النقود لدى الجهة المستثمر فيها لأن لكل شركة ذمة مالية وقانونية مستقلة عن الأخرى، وبالتالي فإن قيام الشركة المستثمرة بسداد حصتها في رأسمال الشركة المستثمر فيها يعني خروج الأموال من ذمة الشركة المستثمرة إلى ذمة الشركة المستثمر فيها ولا يمكن الربط بين الذمة المالية للشركتين لأن هذا مخالف تماما للنصوص الشرعية الصادرة في هذا الخصوص. وبالتالي فإن ما جاء في وجهة نظر المصلحة خطأٌ لأن فيه افتراض أن الأموال موجودة لدى الشركة المستثمرة وهذا غير صحيح ويتعارض تماما مع جميع المستندات المقدمة للمصلحة بهذا الخصوص، وقدم المكلف بناءً على طلب اللجنة رفق خطابه المؤرخ في 7/4/1429هـ صورة من قرار الشركاء بالاستثمار، وصورة من الشيك المؤيد لسداد حصة الشركة في الاستثمار وذكر المكلف أنه لا يوجد حركة على رصيد الاستثمار عدا سداد مبلغ الاستثمار حسب القوائم المالية.
رأي اللجنة
بعد اطلاع اللجنة على القرار الابتدائي، وعلى الاستئنافين المقدمين، وما قدمه الطرفان من دفوع ومستندات، تبين أن محور الاستئناف يكمن في طلب المصلحة عدم حسم أي جزء من القرض (التمويل المساند) المقدم من المكلف إلى الشركة التابعة من الوعاء الزكوي للمكلف لعامي 2000 و2001 تطبيقا للفتويين الشرعيتين رقم 18497 لعام 1408هـ ورقم 20476 لعام 1419هـ، في حين يطالب المكلف بحسم إجمالي استثماراته من وعائه الزكوي بما في ذلك التمويل المساند على اعتبار أن جميع المبالغ التي قدمها للشركة التابعة يعد استثمارا للقنية.
وبعد اطلاع اللجنة على محضر اجتماع جمعية الشركاء في شركة (المكلف) المؤرخ في 31/1/2000م والمتضمن الموافقة على اقتراح إقامة مصنع في جمهورية مصر العربية, وعلى قرار الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة رقم 916 لسنة 2000 وتاريخ 4/4/2000 بشأن الترخيص بتأسيس شركة (المكلف) شركة مساهمة مصرية برأسمال سعودي 100 في المائة مملوك لكل من شركة (المكلف) بنسبة 70 في المائة والسيد(ا س ي) والسيد (ع س ا) وشركة (ا س) بنسبة 10 في المائة لكل منهم، وكذلك على القوائم المالية للشركة المستثمر فيها لعامي 2000 و2001 وعلى تفاصيل الدفعات المتعلقة بالاستثمار لعامي 2000 و2001 وصور الشيكات والتحويلات البنكية بالمبالغ المدفوعة مقابل رأس المال والتمويل المساند، تبين للجنة أن التكاليف الاستثمارية لشركة المكلف تبلغ (15) مليون جنيه مصري منها (5) ملايين كرأسمال و(10) ملايين قروض وتسهيلات، وقد أظهرت القوائم المالية للشركة المُستثمر فيها رأس المال بمقدار (5) ملايين جنيه دفع منها في عام 2000 مبلغ (1.250.000) جنيه وفي عام 2001 دفع المبلغ بالكامل، كما ظهر حساب جاري المساهمين الدائن في عام 2000 بمقدار (5.191.816) جنيها وفي عام 2001 (2.276.172) جنيها، كما أظهر البيان التفصيلي المقدم من المكلف بمصادر التمويل مقدار التمويل المساند المسدد بواسطة شركة أوميجافودز نيابة عن المكلف في عام 2000 مبلغ (888.997) ريالا وفي عام 2001 مبلغ (5.028.353) ريالا.
وبعد الدراسة يتضح أن الموضوع ذو شقين الأول خاصٌ بالاستثمار في رأس المال وقد ثبت للجنة من المستندات المقدمة أنه يمثل حصة المكلف في تأسيس شركة المكلف البالغة 70 في المائة من رأس المال، وقد توافرت النية الموثقة والمسبقة من صاحب الصلاحية وتم دفع المبالغ المستثمرة وخرجت من ذمة المكلف بموجب مستندات موثقة، وبالتالي ترى اللجنة وجوب خصمها من الوعاء الزكوي للمكلف لعامي 2000 و2001 باعتبارها استثمارات في عروض قنية لا تجب فيها الزكاة، أما الشق الثاني فيتعلق بالتمويل المساند الذي اعتبرته المصلحة قرضا مقدما من المكلف لشركة تابعة ينطبق بشأنه ما ينطبق على القروض لأغراض احتساب الوعاء الزكوي، بينما يعتبره المكلف استثمارا في عروض قنية لا تجب فيه الزكاة، وبرجوع اللجنة للقوائم المالية للمكلف للسنوات من 2000 حتى 2002 تبين أن الإيضاح رقم (6) من القوائم المالية لعام 2002 و2001 (المقارنة) المعنون باستثمار في شركة تابعة يظهر المبلغ المستثمر في رأسمال شركة (المكلف) بمقدار (3.407.354) ريالاً لعام 2001 كما أن الإيضاح رقم (16) المعنون بأمور تتعلق بأطراف ذات علاقة يفصح عن قيام المكلف بتقديم قرض بالريال السعودي للشركة التابعة (للمكلف) لا يحمل نفقات مالية ومقداره في عام 2001م (5.028.353) ريالا. كما تبين من القوائم المالية للشركة المستثمر فيها لعامي 2000 و2001 أن رأس المال بلغ (5) ملايين جنيه مصري وحصة المكلف 70 في المائة وتبلغ (3.500.000) جنيه كما أن حساب جاري المساهمين في عام 2000 بلغ (5.191.816) جنيها وفي عام 2001 بلغ (2.276.172) جنيها، ومما سبق بيانه وصلت اللجنة إلى قناعة بأن المبالغ التي قدمها المكلف لشركته التابعة ومقدارها لعامي 2000 و2001 على التوالي (888.997) ريالا و(5.028.353) ريالا تعد أدوات تمويلية بين أطراف ذوي علاقة تفاوتت أقيامها من سنة إلى أخرى حسب حاجة التمويل، كما اختلفت طريقة الإفصاح عنها في القوائم المالية للمكلف وللشركة التابعة حيث ظهرت في القوائم المالية للمكلف تحت مسمى تمويل مساند وقروض، في حين ظهرت في القوائم المالية للشركة التابعة تحت مسمى جاري المساهمين والتزامات متداولة. ونظرا لوجود علاقة بين الشركتين فإن هذه المبالغ من حيث الجوهر تمثل حسابات جارية مدينة لدى المكلف ويقابلها حسابات جارية دائنة لدى الشركة المستثمر فيها طرأت عليها عدة حركات خلال العام، ولم تصل اللجنة إلى قناعة عن أوجه استخدام هذه المبالغ وإنما استنبطته من القوائم المالية. ولذا فإن التكييف الزكوي لتلك المبالغ يماثل في تكييفه الذمم المدينة أو الودائع لأجل لطرف آخر حتى لو كان طرفاً ذو علاقة وبالتالي فإن اللجنة ترى أن هذه المبالغ تدخل في احتساب الوعاء الزكوي للمكلف، مما ترى معه اللجنة تأييد المصلحة بعدم حسم أي جزء من التمويل المساند (القروض) من الوعاء الزكوي للمكلف لعامي 2000 و2001 وإلغاء القرار الابتدائي فيما قضى به في هذا الخصوص.
قررت اللجنة الاستئنافية الضريبية قبول الاستئنافين المقدمين من مصلحة الزكاة والدخل (المصلحة) ومن (المكلف) على قرار لجنة الاعتراض الابتدائية الزكوية الضريبية الأولى رقم (30) لعام 1427هـ من الناحية الشكلية. وفي الموضوع رفض استئناف المصلحة وتأييد القرار الابتدائي فيما قضى به بحسم الاستثمارات في شركة جدة القابضة لعام 2000، وتأييد استئناف المكلف بخصم استثماراته في رأسمال (المكلف) من وعائه الزكوي لعامي 2000 و2001 وإلغاء القرار الابتدائي فيما قضى به في هذا الخصوص. تأييد استئناف المصلحة بعدم حسم أي جزء من التمويل المساند (القرض) من الوعاء الزكوي للمكلف لعامي 2000 و2001 وإلغاء القرار الابتدائي فيما قضى به في هذا الخصوص.