النواسير مرض شائع وتختلف معالجتها بحسب طبيعة الحالة
دخول غرفة العمليات مرتبط في ذهن كثير من المرضى بمزيد من الألم والمشكلات والزيارات المتكررة لعيادة الطبيب، إلا أن الحقيقة خلاف ذلك إذ إن تطور الوسائل والتقنيات الطبية ودخول المناظير وتطور الوسائل والسبل في العمليات الجراحية ساعدت كثيراً على إزالة تلك التخوفات والتقليل من فترة النقاهة حتى أصبح كثير من العمليات لا يستدعي المكوث في المستشفى، مع التقليل من حدة الألم الذي كان مسار القلق الأول لدى معظم المرضى.
في هذا اللقاء سنحاول إلقاء الضوء على تطور التقنيات والوسائل الجراحية في كثير من العمليات مثل البواسير والنواسير وجراحات السمنة والمرارة والزائدة وجراحات الأطفال وغيرها مع عدد من أطباء الجراحة العامة في مستشفيات ومراكز مجموعة الدكتور سليمان الحبيب الطبية في العليا والريان والقصيم وهم: الدكتور عبد الكريم البكري، الدكتور أكرم اللوباني، الدكتور أمين رحال، الدكتور أيمن الجزائري، الدكتور أيمن المغربي، الدكتور بابكر محمد، الدكتور جورجيان هوفمان، الدكتور حيان بسمار، الدكتور محمد الشريدي، الدكتور نادر حسين، الدكتور ناصر الخاطر، الدكتور هيثم صايمة، وعن جراحات السمنة يحدثنا كل من: الدكتور محمد النعمي، والدكتور وائل بن مناع القطان.
#2#
نبدأ بالحديث حول الحلول الجراحية لعلاج البواسير، حيث يوجد أكثر من طريقة جراحية تشترك جميعها في ضرورة إزالة الباسور مع ربط الأوعية الدموية المغذية له باستعمال وسائل مختلفة تعتمد على رؤية الجراح وحالة المريض، إضافة إلى إمكانية إزالة البواسير جراحيا مع خياطة مكانها كليا أو جزئيا أو استئصالها باستخدام الدباسة الجراحية.
عوامل تحديد المعالجة
يختلف نوع العلاج وفقا لنوع البواسير ودرجة الإصابة والأعراض المصاحبة، حيث إن البواسير الداخلية من الدرجة الأولى تعالج باستعمال الأدوية المقبضة للأوعية الدموية والمراهم لجعلها تنقبض وتضمر. أما الدرجة الثانية فتعالج مثل الأولى، وقد تلجأ إلى وسائل أخرى مثل الحقن بمواد مجلطة أو استعمال الرباط المطاطي أو الأشعة تحت الحمراء وكلها تسبب ضمور البواسير في كثير من الحالات، ولكن في بعض الحالات تحتاج إلى تدخل جراحي عند عدم الاستجابة أو حدوث مضاعفات.
أما البواسير الخارجية فيتم استئصالها جراحيا ويستعمل العلاج الموضعي فقط لتخفيف الأعراض لحين إجراء العملية. ويعتبر التدخل الجراحي هو أحد الخيارات للدرجات المتقدمة لعلاج مرض البواسير الشرجية وخاصة بعد تطور الطرق الجراحية واستعمال الأجهزة الحديثة لتقليل الألم ومشكلات ما بعد الجراحة، وتعطي نسبة جيدة من الشفاء.
ربط الأوعية الدموية أحد الحلول الحديثة
هناك أيضا طريقة ربط الأوعية الدموية من جذورها الأساسية ثم خياطة الجزء المترهل داخليا بمساعدة الأشعة الصوتية (الدوبلر)، وتعد تلك العمليات أحد الخيارات الحديثة في مجال علاج البواسير، حيث يقوم الجراح باستكشاف الشريان المغذي للباسور باستخدام تقنية الدوبلر للعثور على تدفق الدم في الشرايين الصغيرة المغذية للبواسير.
آلام خفيفة بعد العملية
بعد تحديد مكان الشريان المغذي يقوم الجراح بوضع خياطة حوله لتقليص تدفق الدم ما يؤدي إلى هبوط الأنسجة البارزة من فتحة الشرج، وتستغرق تلك العملية فترة قصيرة من الوقت والألم الناتج أقل من العمليات الأخرى ويمكن للمرضى استئناف حياتهم ونشاطهم الطبيعي في غضون خمسة أيام.
تستخدم تقنية الدوبلر (الموجات الصوتية)، وبالتالي تمكن الجراح من ربط الشريان المغذي للبواسير بشكل أكثر دقة وتأكيدا، كما أنها لا ينتج عنها أي جروح. وقد أثبتت الدراسات أنه يمكن إجراؤها بشكل ناجح مع نسبة قبول ورضا المرضى خاصة الدرجات الثالثة والرابعة ولم تتجاوز نسبة عودة البواسير لها عن 10 في المائة. ثم إن نتائجها مذهلة ويمكن ملاحظتها بعد العملية مباشرة، أما عن التخدير فهو إما كلي وإما نصفي، ووجدنا أن التخدير النصفي أكثر إيجابية وفعالية حتى بعد العملية.
#3#
الدباسة في إزالة البواسير
هناك تقنية أخرى لاستئصال البواسير باستخدام الدباسة PPH 01 لا تؤدي إلى حدوث جروح عند فتحة الشرج، وبالتالي تحدث نسبة أقل من الألم، حيث يتم استخدام الدباسة بواسطة المنظار بإدخال الجهاز من فتحة الشرج ويقوم باستئصال جزء دائري من بطانة قناة الشرج على بعد نحو أربعة سنتيمترات من فتحة الشرج ثم يقوم بتدبيس طرفي الجرح الناتج عن الاستئصال، وبذلك يتم قطع الأوعية الدموية التي توصل الدم للبواسير الشرجية وسحب البواسير والغشاء المبطن للشرج إلى الداخل، وبالتالي يختفي الترهل الحاصل حول فتحة الشرج والناتج عن البواسير.
تعتمد تلك التقنيات على إرسال موجات صوتية تمكن من معالجة جميع درجات البواسير من الدرجة الأولى وحتى الرابعة عدا البواسير المصابة بالمضاعفات قبل الالتهاب الحاد أو التجلط إذ تحتاج إلى تدابير أخرى، وتتميز بتوفيرها درجات عالية من الأمان تحقق نسب نجاح كبيرة تتجاوز 98 في المائة، كما أن المريض لا يتعرض لأي نزف أثناء أو بعد العملية، وكذلك فإن المريض لا يحتاج إلى مسكنات بعد العملية ويمكن مغادرة المستشفى بعد ست ساعات فقط والأمواج الصوتية دقيقة جداً ومتناهية في الصغر ما يسمح بإجراء العملية التي عادة ما تكون سريعة حيث تستغرق بين خمس إلى عشر دقائق.
الناسور العصعصي
ومن الحالات التي تستدعي تدخلاً جراحياً النواسير العصعصية، ويعتمد علاجها على الحالة نفسها. إذ إن هناك درجات متفاوتة، ففي الحالات الحادة أي في حالة خراج الكيسة العصعصية يكون العلاج بشق جراحي للخراج للتخلص من الصديد وتقليل الالتهاب والألم، ويمكن إجراء مثل هذه العملية في العيادة تحت التخدير الموضعي. أما الحالات المزمنة فتحتاج إلى استئصال جراحي يتم تحديده وفق رؤية الجراح وبعد مناقشة المريض.
تحديد النوع
أما الناسور الشرجي فيتم تشخيصه من خلال الفحص الإكلينيكي للكشف عنه وتحديد نوع الناسور وعدد فتحاته خصوصاً موضع الفتحات الداخلية التي تدل على نوعه وهل هو أولي أم ثانوي، ويتم ذلك بالفحص الخارجي للشرج وما حوله، بينما تتم الاستعانة بالفحص الداخلي لمعرفة موضع الفتحات الخارجية وعددها، أما المنظار الشرجي فيستخدم لتحديد موضع الفتحات الداخلية وعددها، وفي بعض الأنواع المّركبة أو المتشعبة يكون التشخيص باستخدام أشعة ملونة بالصبغة لتحديد موضع الناسور ومدى تشعبه.
تقينات متطورة
يتم تطبيق تقنية جديدة لعلاج النواسير الشرجية والمعروفة بما يسمىLigation Of Inter Sphinctric fistula Tract -Lift Procedure- يتم استخدامها عادة لاستئصال نواسير شرجية متعددة ومتفرعة عابرة للعضلة القابضة. يتم خلالها ربط قناة الناسور الشرجي العابر للعضلة (دون قطع العضلة). وقد تم عملها وتطويرها في الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث أثبتت التجارب نجاح وسلامة العضلة القابضة بعد العملية.
استئصال الزائدة الدودية
أما التهاب الزائدة الدودية فهو من الحالات الطارئة التي تستدعي تدخلاً عاجلاً بشكل متميز لتجنب المريض مزيدا من المضاعفات ويتمثل علاج التهاب الزائدة الدودية الحاد في إجراء عملية لاستئصالها. وتتم العملية عن طريق الجراحة المفتوحة من خلال شق جراحي في البطن أو عن طريق المنظار ويتم إجراؤها في الطريقة المفتوحة من خلال شق صغير عبر الجلد يتم استئصالها وإرسالها إلى المختبر للفحص ويتم إدخال ما بقي من الزائدة بعد الاستئصال في المصران الأعور، وفي النهاية تغلق الشقوق والجرح بالخياطة أو التدبيس ويراعي فيه الشكل التجميلي ما يساعد على اختفاء الندبة.
أما المنظار فيستخدم لرؤية التجويف البطني من الداخل أثناء قيام الجراح بإزالة الزائدة ما يمكن الجراح من ممارسة عملية استئصال الزائدة مباشرة عبر شاشة التلفزيون، كما تستخدم أدوات جراحية تدخل في فتحات صغيرة لإزالة الزائدة وتعتبر هذه العملية خياراً آمناً وفعالاً ويقلل من الآلام المصاحبة، ما يساعد في الشفاء.
استئصال المرارة بالمنظار
كذلك فإن المرارة من الحالات التي تستدعي التدخل الجراحي العاجل، وتعد عملية استئصال المرارة بالمنظار إحدى تداعيات التطورات الحديثة والتقنيات العلمية المتلاحقة ولها عديد من المميزات منها أن الجروح صغيرة في البطن ولا تستغرق سوى دقائق، وتتم خياطة الجرح بطريقة تجميلية، وكما هو معلوم فإن الجروح الصغيرة تقلل احتمالات حدوث التهاب أو فتق في الجرح. وهي مفيدة جداً لكبار السن والذين يعانون السمنة وتجنب حدوث التهابات في الصدر أو جلطات في الأوردة بعدها، لأن المريض يتحرك ويتنفس دون ألم مباشرة بعد العملية، كما يُسمح له بالأكل بعد إجرائها ببضع ساعات، كذلك يتمكن من العودة إلى البيت في نفس يوم العملية والعمل خلال بضعة أيام.
جراحة فتق الأطفال
وبالنسبة لعملية إصلاح الفتق عن الأطفال فهناك تقدم جراحي كبير في هذا الجانب، حيث هناك تقنية تسمى ''المصغرة'' أثبتت فاعليتها وسلامتها. ويتم إجراء العمليّة كاملةً عن طريق جرح بسيط جداً يراوح طوله بين ستة إلى سبعة مليمترات أسفل البطن في جهة الفتق. ويساعد صغر الجرح الذي يعد أصغر مقارنةً بعمليات إصلاح الفتق بالمناظير، على التقليل من الآلام المصاحبة للعملية بشكل واضح ما يسهل ويسرّع عملية الشفاء. كما يترك أثراً بسيطا بعد التئامه مقارنة بالطرق المعتادة.
عمليات اليوم الواحد
وعملية إصلاح الفتق الإربي ''المصغرة'' إحدى عمليات اليوم الواحد الشائعة في جراحة الأطفال التي تستغرق 30 دقيقة، كما أن صغر الجرح أتاح للأطفال العودة إلى نشاطهم الطبيعي في اليوم التالي للعملية. وبشكل عام فإن الاعتماد على المناظير بشكل عام أدى إلى سهولة كثير من الجراحات سواء عند الأطفال أو الكبار.
جراحة المناظير
أصبحت جراحات السمنة تجرى الآن بالمنظار الجراحي ما رفع من نسب نجاحها بشكل كبير. وتعتبر تقنية جراحة المناظير أكثر أماناً وتساعد المريض على العودة إلى ممارسة حياته بشكل طبيعي بسرعة أكبر وتقلل من نسبة شعور المريض بالألم بعد العملية. وتجرى جراحة المنظار من خلال جروح صغيرة الحجم وهذه العمليات عادة لا تستغرق وقتا طويلا في إجرائها، حيث بعضها يتم إجراؤه في أقل من ساعة.
بالون المعدة
بالون المعدة هو إحدى الطرق لإنقاص الوزن ويستخدم للمرضى الذين يعانون سمنة غير شديدة ولا يتجاوز مؤشر كتلة الجسم لديهم أكثر من 35 في المائة. وهي تعمل على تقليل كمية الأكل الذي يتناوله المريض. ويتم إدخال البالون إلى المعدة عن طريق منظار من الفم تحت تأثير أدوية مهدئة ودون حاجة إلى التخدير الكامل. ويتم نفخ البالون داخل المعدة بسائل خاص علماً بأنه يمنع بقاء البالون داخل المعدة أكثر من ستة أشهر.
تحزيم المعدة
أما تحزيم المعدة فيعتبر من العمليات الفاعلة والناجحة عند إجرائها للمريض المناسب الذي يعاني بشكل أساسي تناول كميات كبيرة من الطعام. وينتج عن تضييق الحلقة الشعور بالشبع بعد أكل كمية قليلة من الطعام. ويبدأ الوزن في التناقص باستمرار. ويعد تحزيم المعدة من عمليات اليوم الواحد، ولا يستغرق أكثر من 30 دقيقة، وهذا الخيار الجراحي من الطرق الأكثر شيوعاً في أوروبا وخاصة فرنسا، ومضاعفاتها أقل بكثير من العمليات الأخرى، حيث يعود المريض إلى منزله خلال 24 ساعة، ويمكن إزالة حزام المعدة بواسطة المنظار إذا استدعى الأمر ذلك وتعود المعدة إلى حالتها الطبيعية.
قص المعدة الطولي بالمنظار
فيما يتم قص المعدة بشكل طولي في عمليات تكميم المعدة لتصغير حجمها فتصبح على شكل أنبوب، وتتميز هذه العملية بأن المريض يفقد شراهته المفرطة للأكل، ويشعر بالشبع بعد تناول كمية بسيطة جداً من الطعام. كما أن قص المعدة بشكل طولي لا يفقد المعدة أيا من وظائفها. ويعتبر هذا الخيار الجراحي أكثر انتشاراً في الآونة الأخيرة لما أثبته من نتائج فاعلة في إنقاص الوزن بأقل المضاعفات المحتملة.
تحوير الأمعاء لحالات السمنة الشديدة
كذلك فإن من الخيارات الأخرى في جراحات السمنة عملية تحوير المعدة وتعتمد على تصغير حجم المعدة جراحياً ثم توصيلها من جديد بالأمعاء، حيث يمر الطعام في هذا الجزء من الأمعاء دون أن يختلط بعصارة الهضم بالتالي تقل عملية الامتصاص، وتقل استفادة الجسم من الطعام الذي يتناوله المريض، ويعد تحوير الأمعاء إحدى طرق علاج المرضى الذين يعانون سمنة حادة أو خبيثة ويحتاج المريض بعد هذه العملية إلى متابعة مستمرة وتناول الفيتامينات اللازمة وإجراء التحاليل اللازمة للتأكد من عدم حدوث نقص في الفيتامينات والعناصر الغذائية المهمة.