احترام عقول الناس

في الآونة الأخيرة بدأنا نسمع كلمة جديدة جديرة بالاهتمام وهي ''يا أخي احترم عقولنا'' وفي الغرب يقولون ''احترم ذكائي''، وهي بنفس المعنى. ولكن ما هي أهمية هذه الكلمة التي تجعلنا نفرد لها مقالا. تكمن أهمية هذه الكلمة في أنها أسقطت حكومات وصحفا وشركات، وإنها قادرة على فعل ما لم نكن نتوقعه إلى وقت قريب. ففي السابق كانت الدول والإعلام أذكى من الشعوب؛ فكانت الدول والإعلام يقولون (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد)؛ وذلك لسبب بسيط وهو أن الشعوب لم تكن متعلمة ولم يكن لديهم السبل للوصول إلى المعلومة، وإنما المعلومة متوافرة لدى الدول والإعلام. أما اليوم في عصر المعلومات فأصبحت المعلومة متوافرة للجميع، وأصبح بعض الأفراد يتفوق على الدولة والإعلام في الحصول على المعلومة، كما أنه زاد مستوى تعليم الشعوب؛ لذلك أصبح المواطن بمستوى ذكاء أو أذكى من الدولة والإعلام. والأوربيون هم من أوائل من احترم شعوبهم بعد ما حدث من ثورات، فأصبحت الحكومة تفعل المستحيل لتقنع شعبها بأنها الأصلح للرئاسة، وحتى بعد أن يتم انتخابها فهي تتعامل مع الشعب بحذر وتبذل المستحيل لكي يرضى الشعب، وتحاول أن تتفادى أي تصرف يعتبره الشعب استخفافا بعقولهم. وخير مثال على احترام الدولة لعقول مواطنيها، ما حدث أخيرا في بريطانيا في زواج الأمير ويليام، حيث صرحت الحكومة بأن الملكة أو عائلة الأمير وليام هم من سيتكفل بنفقات زواجه وأن دافعي الضرائب لن يتحملوا إلا مصاريف الأمن والترتيبات الأخرى، ولكن في المقابل سوف يتم تغطية هذه النفقات بالدخل المتوقع من السياح الذين سيحضرون وببيع حقوق البث، التي ستحقق أرباحا لدافعي الضرائب. وكذلك الإعلام الغربي فهو يعلم بأنه في حالة عدم احترام قرائه فإنه سيفقد مصداقيته وبالتالي سقوطه.
أما بالنسبة لنا في الدول العربية، فإنه ما زالت هناك حكومات وإعلام لا يحترم عقول شعبه، والنتيجة سقوط الحكومة في مصر وتونس واحتمال سقوطها في دول عربية أخرى. وفي إحدى الدول قامت إحدى الصحف، ومن مبدأ أن الإعلام يصنع الرموز وهو من يقضي عليهم، بشن حملة هوجاء على أحد الرموز الدينية ولم تنصفه أو تدع مجالا لإنصافه، فكانت النتيجة عكس ما توقعوا. وقف مجمل الشعب في صف هذا الرمز عن طريق الدفاع عنه في مجالسهم وعن طريق الإنترنت، وانتصر له الملايين وازداد حب الناس له، فكانت النتيجة عكسية. واللافت للنظر في الإعلام السعودي، خصوصاً بعد فتح الصحف مواقعها الإلكترونية للنقاش والتعليق على كل مقال أو خبر، أننا نجد في بعض الأحيان ردودا وتعليقات قاسية عندما لا يحترم كاتب الخبر أو المقال عقول الناس، وأنا أتفهم هذه الردود رغم قسوتها، حيث إنها ردة فعل على شخص لم يحترم عقول الناس؛ ولذلك يجب أن نحترم عقول من نتعامل معهم؛ فهناك احتمال كبير بأنهم أذكى منا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي