زيادة أعداد فاقدي الأعضاء في السعودية
أعلن الدكتور أحمد أبو عباة، المدير الطبي لمستشفى التأهيل في مدينة الملك فهد الطبية، زيادة ملحوظة في أعداد من فقدوا عضوا من الجسد وبتره في المملكة عن بقية العالم، كما أكد أهمية الإسراع بمصابي الجلطات أو المصابين في الحوادث المرورية بعد تلقيهم العلاج الطبي لنقلهم إلى مستشفى التأهيل المتخصص، لتدارك ما يسمى الفترة الذهبية التي يمكن خلالها تجاوز الكثير من الأضرار. وقال في حوار لـ «الاقتصادية»: أنه بالتعاون مع جامعة إيرلندا الشمالية تمكن مستشفى التأهيل من إدخال التقنية الإلكترونية للأطراف الصناعية العلوية، وهي أطراف حيوية يستخدمها المريض عن طريق تحريك عضلات من الجزء المتبقي للبتر للحصول على وظيفة لهذا العضو. فإلى تفاصيل الحوار:
ما الفرق بين التأهيل الطبي والعلاج الطبيعي؟
هذا السؤال يتكرر كثيراً لأن العلاج الطبيعي وجد كمهنة منذ القدم وهوتخصص مستقل ولا يزال في بعض المستشفيات التي لا يوجد فيها تأهيل طبي، لكن يوجد فيها علاج طبيعي، لكن أود أن أقول إنه لا يوجد أصلا تشابه كي يكون هناك فرق، فالعلاج الطبيعي إحدى وسائل التأهيل الطبي ويعتبر مظلة لعدد من التخصصات أهمها العلاج الوظيفي والعلاج الطبيعي والأطراف الصناعية والأجهزة التعويضية وإخصائيي التخاطب وإخصائيي البلع والعلاج بالفن التشكيلي والعلاج الترويحي والخدمة الاجتماعية والعلاج النفسي.
يعتبر البعض أن الاهتمام بالتأهيل الطبي بدأ متأخراً.. فهل هذا صحيح؟
نعم فقد بدأ التأهيل بعد الحرب العالمية لكثرة الإصابات والبتور وكانوا يرون أن التأهيل لشديدي الإعاقة ولمن يحتاجون إلى الرعاية المستديمة، لكن وجدوا أن التأهيل أحد التخصصات الطبية المرجعية التي تعتبر حلا ناجعا للفاتورة الطبية، لأنه يقلل من فترة إقامة المرضى في المستشفيات ويعطي الفرصة لمرضى آخرين وفي الوقت نفسه تقليل التكلفة للمريض.
#2#
وأصبحت الرعاية الإسعافية للمرضى تسهم ــ بعد الله ـــ في إبقاء كثير من المرضى على قيد الحياة، لكن بإعاقات، فقديما كانت هناك نسبة كبيرة من المصابين بالحوادث يموتون في الموقع لأنهم لا يجدون من يسعفه، والآن أصبح المسعفون يصلون بسرعة ومدربين، وبالتالي يستطيعون إنقاذ مصابين كثر من الوفاة، لكن بإعاقة، وكذلك تطور الخدمة الطبية على المستوى العالمي أصبح من الممكن أن يعطي فرصة للمرضى للبقاء على قيد الحياة مثلا بعد إزالة الأورام والأمراض مستعصية، لكن تبقى لديهم الإعاقة، لذلك برزت أهمية التأهيل الطبي على مستوى العالم، وأصبح يسير جنبا إلى جنب مع بقية التخصصات الطبية، وفي المملكة تعتبر إجازات التأهيل الشامل متواضعة، لكن إذا ما قورنت بقصر الفترة فتعتبر مبشرة بالخير، ولا شك أن بشرى الملك عبد الله بن عبد العزيز ــ حفظه الله ــ في جمعة الخير بإنشاء أربعة مستشفيات تأهيلية على مستوى المملكة، إضافة إلى المستشفى الموجود في المدينة المنورة وكذلك مستشفى التأهيل في مدينة الملك فهد الطبية في الرياض الذي يعتبر المرجع للمستشفيات الأخرى قد تجعلنا نستشبر خيراً لمستقبل التأهيل في المملكة.
هل يجد تخصص التأهيل الطبي اهتماما من الطلاب للالتحاق به؟
لا يجد اهتماما للالتحاق به من قبل الطلاب لعدة أسباب منها أنه أصلا لا يوجد برنامج تدريبي لأطباء التأهيل في المملكة ولا يوجد ضمن المواد الدراسية التي تدرس لطلاب كلية الطب، وبالتالي حتى المدرسين لا يملكون الخبرة الكاملة عن التأهيل الطبي ولا يوجد لدى الهيئة السعودية للتخصصات الصحية هذا التخصص، وأسهم مستشفى التأهيل في مدينة الملك فهد في رفع الوعي تجاه التأهيل الطبي، كما أسهم بالتعاون مع بقية المستشفيات والمتخصصين في التأهيل في إقناع هيئة التخصصات الصحية ببدء برنامج تدريبي للأطباء وسيكون ـــ إن شاء الله ــ في القريب العاجل، لكن هناك تخصصات ضمن التأهيل الطبي تلاقي إقبالا من الطلبة لأنه أصبح معروفا للآخرين، وهناك عدد كبير جدا من الإخصائيين السعوديين في المملكة وفي مستشفى التأهيل في مدينة الملك فهد الطبية لا يوجد فيها إلا اثنان أو ثلاثة غير سعوديين فقط، لكن في المقابل نجد أنه لا يوجد أي برنامج بكالوريوس في العلاج الوظيفي على مستوى المملكة ولا يوجد أي برنامج كذلك في تخصص الأطراف الصناعية والأجهزة التعويضية، والبرنامج الذي يوجد في جامعة الملك سعود برنامج التخاطب والنطق والسمع برنامج محدود جداً ويخرج عددا محدودا، وبالتالي نستطيع أن نصل إلى نتيجة أن التأهيل الطبي كناحية تعليمية لا توجد له برامج على مستوى المملكة، لكننا نأمل ـــ إن شاء الله ــ في القريب العاجل أن تقوم وزارة التعليم العالي من خلال الجامعات السعودية بافتتاح التخصصات النادرة كتخصص العلاج الوظيفي وتخصص الخدمة الاجتماعية الإلكلينيكية وتخصص الأطراف الصناعية والأجهزة التعويضية والتخصصات الأخرى أيضا التي يحتاج إليها البلد، وقمنا كمستشفى للتأهيل في المدينة بمخاطبة الزملاء في برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي وأبلغناهم بالتخصصات التي يمكن أن ينصحوا بها الطلبة المتقدمين للالتحاق بها خارجيا. ونحن بصدد إقامة دبلوم للأطراف الصناعية والأجهزة التعويضية على مستوى المملكة بالتعاون مع إحدى الجامعات العالمية، وسيكون في القريب العاجل بعد أخذ الموافقة الرسمية من الجهات ذات العلاقة، كذلك نقوم بابتعاث الأطباء للدراسة خارجيا وخريجي الثانوية العامة للحصول على البكالوريوس في التخصصات النادرة.
ما الآلية التي يتبعها مستشفى التأهيل في قبول الحالات المرضية؟
لدينا آلية واضحة ونحاول جاهدين أن نحقق العدالة بين المرضى، ونحن دائماً نبحث عن المريض المناسب في الوقت المناسب ولا توجد لدينا أية شروط من الناحية الجغرافية، نحن نقبل حالات من جميع أنحاء المملكة، ولدينا برنامج آلي يستطيع من خلاله أي مستشفى أخذ اسم مستخدم والدخول لبرنامجنا الإلكتروني لقبول الحالات ومن ثم إحالة الحالات المرضية إلكترونياً والحصول على قبول الحالة في مدة لا تتجاوز 48 ساعة، وبإمكان أي طبيب على مستوى المملكة أن يحيل الحالة المرضية إلينا وعليه التواصل فقط مع إدارة شؤون المرضى في مدينة الملك فهد الطبية أو الرجوع إلى أي مستشفى في المملكة، وهم يعرفون كيف تتم إحالة الحالة، وطبعا هناك الإحالة الورقية المعتادة، وهي عن طريق الفاكس، ومعاييرنا للقبول هي أن يكون المريض قد تم تشخيصه وأعطي العلاج الطبي والجراحي وقادر على الإدراك، ولا نعني بالإدراك أن يكون قادرا على التواصل لفظياً مع الآخرين، لكن نقصد أنه يدرك ويستطيع تلقي الأوامر والاستجابة معها، وبالتالي لا توجد لدينا قائمة انتظار طويلة، لكن المشكلة التي تواجهنا هي أن المريض يمكن أن يأتينا متأخرا جداً، وبالتالي تكون مفاصله وعضلاته قد تيبست ومهما يكن ما تقدمه لا يمكن أن يفيد هذا المريض بشيء، وكذلك تأتينا حالات لمرضى في حالة غيبوبة فما تستطيع أن تقدمه لمريض فهولا يستجيب له، وأناشد الجميع من خلال “الاقتصادية” أن يوسعوا مداركهم بالنسبة للتأهيل ويرسلوا المرضى في أسرع وقت ممكن لأن الفترة التي تعقب الإصابة بجلطة مثلا ويتلقى المريض العلاج الطبي ثم يحال إلينا بعد أسبوع، فهذه تعتبر الفترة الذهبية التي نستطيع فيها أن نتجنب الكثير من المشكلات الثانوية، وكذلك المريض الذي يصاب بشلل سفلي أو شلل رباعي نستطيع في الفترة الذهبية أن نقدم له الكثير ونجنبه الكثير من المشكلات.
هل هناك أنواع من التأهيل الطبي؟ وهل يشمل التدخل الجراحي؟
نعم التأهيل الطبي لديه تخصصات كثيرة، فهناك التأهيل الطبي لإصابات الحبل الشوكي، ولدينا برنامج متخصص للتأهيل الطبي لما بعد البتر وكذلك للسكتات الدماغية والتأهيل الطبي للأطفال وإصابة الرأس وكل برنامج من هذه لديه أسلوبه العلاجي المتخصص فيه، حتى الآن على سبيل المثال أصبحت هناك في أمريكا الشمالية تخصصات طبية حيث يدخل الطبيب بعد أن ينتهي من البكالوريوس في برنامج للأطباء في تخصص التأهيل فيتخصص أيضا في تخصص دقيق. والإجابة عن الجزء الآخر من السؤال هي نعم يشمل التأهيل الطبي التدخل الجراحي في بعض الأحيان لأن الجراحة تعتبر جزءا مهما فيه، فعلى سبيل المثال يأتي مريض لديه شلل في الطرف العلوي، ونحن نريد من هذا المريض أن يكون قادرا على استخدام العصا التي تحرك الكرسي الكهربائي فنقوم بنقل وتر من منطقة إلى منطقة أخرى، وبالتالي أصبح التدخل الجراحي مفيدا جدا للمريض.
ما جهود مستشفى التأهيل في مجال الأطراف الصناعية؟ وكيف يتم التعامل مع المحتاجين إلى مثل هذه الأطراف؟
للأسف لدينا في المملكة نسبة كبيرة من مرضى السكري والحوادث المرورية، وبالتالي أصبحت لدينا مسببات كثيرة لفقد عضو وبتره ويجب ألا ننسى أن مستشفى التأهيل الطبي في مدينة الملك فهد امتداد لمركز التأهيل الطبي في الرياض الذي كان لأكثر من 30 سنة هو المزود الوحيد بالأطراف الصناعية على مستوى المملكة، وفي الحقيقة أخذ المركزالخبرة على عاتقه وقام بتوزيعها على مستشفيات المملكة لتقليل الجهد على المرضى للسفر إلى الرياض للحصول على الأطراف الصناعية، وتعاونا مع مديريات الشؤون الصحية على مستوى المملكة، وأنشئت أكثر من 14 وحدة للأطراف الصناعية والأجهزة التعويضية، ويجب أن يعرف الجميع أن الأطراف الصناعية والأجهزة التعويضية مستويات، فهناك البسيط وهناك المتقدم جدا، فلا شك أن بتر تحت الركبة يختلف كثيراً عن بتر فوق الركبة لأن الذي لديه بتر فوق الركبة يجب أن نصنع له ركبة صناعية تكون شبيهة بالطبيعية حتى يتمكن من ممارسة حياته، وبالتالي نحاول في المستشفى تطوير هذه الأشياء، وقمنا أخيرا بذلك ــ ولله الحمد ــ إلى الطرف الذكي الذي يستطيع أن يتعرف على الشخص هل هو نشيط أم غير نشيط، أو هل يحتاج إلى نشاطات مثل الركض أو القفز وهكذا، وكذلك أدخلنا الأطراف السيليكونية، وهي أطراف للأشخاص الذين لديهم بتر في أيديهم وتكون شبيهة جدا بالطرف الطبيعي، وقمنا بالتعاون مع جامعة إيرلندا الشمالية بإدخال التقنية الإلكترونية للأطراف الصناعية العلوية وهي أطراف حيوية يستخدمها المريض عن طريق تحرك عضلات من الجزء المتبقي للبتر للحصول على وظيفة، وأكثر من يستفيد منها هم الشباب الذين يرغبون في أن يؤدي الطرف الصناعي وظيفة وليس للتجميل فقط.
عادة ما يحتاج المريض إضافة إلى التأهيل الطبي إلى اهتمام من الناحية النفسية، ما جهودكم في هذا السياق؟
أود أن أوضح أن التأهيل الطبي له ثلاثة أضلاع، الضلع الطبي والضلع النفسي والضلع الاجتماعي، وبالتالي إذا أخللنا بأحد الأضلاع سيختل المثلث ولن نحقق نتيجة، فنحن نهتم بالناحية النفسية كما نهتم بالناحية الطبية ونهتم بالناحية الاجتماعية ودمج المريض داخل مجتمعه، كما نهتم بالناحيتين الطبية والنفسية، ولدينا استشاري يهتم بالأمور النفسية ولدينا إخصائيون اجتماعيون يهتمون بالتأهيل الاجتماعي ودمج المريض داخل المجتمع، وكثيراً ما نقوم بزيارات مع المرضى ليس بهدف اطلاعهم على .. فقط، لكن نريد أن يروا المجتمع بعد ما أصبحوا يستخدمون الكرسي المتحرك كيف يستطيعون أن يتجازوا العوائق التي أمامهم وكيف يستخدمون مثلا السلم الكهربائي، فنحن نقوم بتدريبهم على هذا الغرض.