ضوابط التمويل تعمل على استقرار معدلات نمو الإقراض

ضوابط التمويل تعمل على استقرار معدلات نمو الإقراض
ضوابط التمويل تعمل على استقرار معدلات نمو الإقراض
ضوابط التمويل تعمل على استقرار معدلات نمو الإقراض
ضوابط التمويل تعمل على استقرار معدلات نمو الإقراض

التمويل يعد إحدى الوسائل التي يلجأ إليها الفرد وتلجأ إليها الشركات والمؤسسات، لسد احتياجاتهم من الأموال خلال فترة معينة من الزمن. من هذا المنطلق يُعرف النشاط التمويلي بأنه مجموعة من الأساليب والطرق التي يستخدمها الأفراد، أو التي تستخدمها الكيانات التجارية والاستثمارية، لإدارة العجز المؤقت في أموالهم، حيث على سبيل المثال عندما يفوق دخل الكيان فردا كان أو مؤسسة حجم مصروفاته، قد يلجأ إلى الاستثمار أو إلى ادخار تلك الفوائض المالية، في حين لو تجاوزت المصروفات حجم الدخل، قد يتم اللجوء إلى الاقتراض أو إلى التمويل بهدف سد العجز المتولد عن زيادة المصروف عن الدخل، كما قد يسد الفرد ذلك العجز من خلال بيع بعض الممتلكات الخاصة به أو بتخفيض حجم المصروفات.
النظرة التقليدية للتمويل بالنسبة للشركات والمؤسسات تغيرت من المفهوم الكلاسيكي القديم، الذي كان يستند إلى الحصول على الأموال لتلبية حاجات غير ضرورية وغير مهمة، إلى مفهوم يرتكز إلى مقومات أساسية تستند إلى تطوير القوى المنتجة وتوسيعها من خلال تدعيم رأس المال، وعلى وجه الخصوص دعم رأس المال العامل ورأس المال الثابت (المنتج)، بحيث يسهم ذلك في تطوير آليات الإنتاج والتعزيز من القيمة الاقتصادية للمنشأة، بما في ذلك توفير فرص عمل وتحقيق التنمية الاقتصادية في البلاد.
التمويل الشخصي الذي يحصل عليه الأفراد يمكن تعريفه بأنه التمويل الذي تمنحه مؤسسات التمويل المرخص لها للشخص الطبيعي لأغراض غير مرتبطة بالأعمال التجارية.

#2#

#3#

#4#

هناك نوعان رئيسان متعارف عليهما دوليا للتمويل الشخصي، أحدهما يعرف بالتمويل الاستهلاكي، الذي يأخذ العديد من الأشكال والتطبيقات، في حين أن النوع الآخر يعرف بالتمويل العقاري، الذي يقوم البنك أو جهة تمويلية مرخص لها، بمنحه للأفراد من خلال تمويل قيمة العقار الذي يقوم العميل باختياره طبقا لشروط تحكمها اتفاقية تمويل يتم توقيعها بين العميل والجهة الممولة للعقار.
الاقتصاديون في الغالب لا يشجعون على التوسع في منح التمويل الشخصي (الاستهلاكي) للأفراد، لكونه لا يتولد عنه قيمة اقتصادية مضافة، سواء كان ذلك لثروة الفرد أم لثروة الاقتصاد ككل، ولا سيما أن الإفراط في منح القروض الاستهلاكية قد يتسبب في تآكل الثروات الشخصية، وفي إثقال كاهل المقترض بالالتزامات المالية، لكن في المقابل يشجع الاقتصاديون على ما يعرف بالتمويل الإنتاجي، الذي عادة ما يوجه إلى أصول رأسمالية واستثمارية، يمكن أن تحقق لملاكها عوائد سنوية ثابتة، إضافة إلى أرباح رأسمالية نتيجة للزيادة التي قد تطرأ على قيمة الأصل خلال فترة الاحتفاظ به.
بالنسبة للقروض الاستهلاكية في المملكة، فقد اتجهت المصارف التجارية العاملة في السعودية منذ عام 1999 إلى التوسع نسبيا في منح ذلك النوع من القروض، لترتفع من نحو 38.4 مليار ريال في نهاية عام 2001، إلى نحو 179.9 مليار ريال في نهاية عام 2009، ويعود السبب في ذلك إلى ما وفره نظام المدفوعات من ميزة تحويل الرواتب مباشرة إلى حسابات العملاء في المصارف، وتحديد مصدر معين للسداد.
دون أدنى شك، إن توفير نظام المدفوعات المذكور ميزة تحويل الرواتب مباشرة إلى حسابات العملاء في المصارف، شجع المصارف على التوسع في منح القروض الاستهلاكية، ولا سيما في ظل الطلب المتزايد على ذلك النوع من القروض من قبل الأفراد خلال السنوات القليلة الماضية، الذي بدوره حفز البنوك التجارية العاملة في المملكة على إنشاء إدارات متخصصة في منح القروض الشخصية، وتزويدها بالكوادر الوطنية اللازمة المؤهلة تأهيلا مصرفيا وماليا عالي المستوى. إضافة إلى ذلك واكب توسع البنوك في منح القروض، ابتكار منتجات تمويلية (استهلاكية وعقارية) تلبي الاحتياجات التمويلية المتنامية للأفراد العاملين كموظفين في مختلف القطاعات وربط منحها بشروط ميسرة ومعقولة للغاية.
رغم التوسع الكبير الذي طرأ خلال السنوات الماضية على حجم التمويل الاستهلاكي، إلا أن مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) لم تغفل الجانب المتعلق بالرقابة على نمو معدلات تلك القروض للتأكد من أنها معدلات مقبولة لا تضر بالمقترضين أو بالاقتصاد، وذلك من خلال وضع ضوابط حددت على سبيل المثال تعريفا واضحا للتمويل الاستهلاكي، على أنه القرض الذي يقدم لشخص طبيعي لأغراض غير مرتبطة بالأعمال التجارية، أو خارج مجال النشاط التجاري أو المهني الرئيس للمقترض. وبشكل عام يشمل التمويل الاستهلاكي القروض الشخصية، وتسهيلات السحب على المكشوف، وقروض تمويل شراء السيارات، وقروض مدفوعات بطاقات الائتمان، والتأجير التمويلي وغيرها من الأنشطة ذات الصلة. كما حددت الضوابط كيفية الإعلان عن ذلك التمويل الاستهلاكي، بحيث يكون بشكل واضح وفي مكان بارز في مقار البنوك أو في أي مكان آخر، وأن يكون على نحو مبسط وواضح وشامل، كما يجب أن يتضمن القرض معلومات واضحة عن معدل النسبة السنوية للعمولة أو للربح الذي يحسب على القرض.
إضافة إلى الضوابط سالفة الذكر، وبهدف حماية المقرضين والمقترضين والضامنين على حد سواء، وحفاظا على الحقوق، أصدرت مؤسسة النقد في تشرين الأول (أكتوبر) من عام 2005، ضوابط إضافية لضمان سلامات الوفاء بالالتزامات التعاقدية بين الجهات المتعاقدة، حيث على سبيل المثال من ضمن الشروط والأحكام ألا تتجاوز قيمة المدفوعات الشهرية الإجمالية للمقترض مقابل إجمالي قروضه، بما في ذلك المديونيات والالتزامات المترتبة على البطاقات الائتمانية ثلث صافي الراتب الشهري، وبالنسبة للأشخاص المتقاعدين تم تحديد قيمة المدفوعات بنسبة 25 في المائة من الراتب التقاعدي، كما يجب ألا يتجاوز الحد الأقصى لمدة استحقاق أي تمويل استهلاكي مدة خمس سنوات.
كما ساعد وجود الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية (سمة) البنوك العاملة في المملكة، ... التوسع في منح القروض الاستهلاكية؛ كونها تعمل على توفير المعلومات الائتمانية عن المقترضين، التي تساعد البنوك وغيرها من القطاعات على اتخاذ قرارات ائتمانية سريعة، ولا سيما أن من بين أبرز وأهم أهداف شركة (سمة) الرئيسة، مساعدة مانحي الائتمان على اتخاذ قرارات أكثر موضوعية تتناسب مع حاجة الأفراد والشركات وفق ضوابط ومعايير عالمية.
يذكر، أنه في عام 2008 صدر قرار مجلس الوزراء القاضي بإقرار نظام المعلومات الائتمانية، الذي يهدف إلى وضع الأسس العامة والضوابط اللازمة لجمع المعلومات الائتمانية عن المستهلكين وتبادلها وحمايتها، ويسري هذا النظام على الشركات والجهات الحكومية التي لديها معلومات ائتمانية بتوفيرها للشركات المرخص لها وفقا لضوابط تضعها تلك الجهات بما يضمن عدم احتكار تلك المعلومات، كما يقضي النظام بإلزام الشركات بجمع المعلومات الائتمانية وتوفيرها وتبادلها فيما بينها وحمايتها، بما في ذلك إعداد السجلات الائتمانية عن المستهلكين وتبادلها مع الأعضاء عند طلبها.
يذكر أيضا، أن الاتفاقيات المبرمة بين البنوك والجهات الحكومية والخاصة، ساعدت البنوك على التوسع في منح التمويل الشخصي، بسبب احترام الالتزام القائم من قبل الجهات الحكومية والخاصة والتقيد بما ورد في بنود ونصوص تلك الاتفاقيات، التي تضمن حقوق الأطراف المتعاقدة عند منح البنوك تمويلا شخصيا لمنسوبي تلك الجهات.
في ظل الطلب المتزايد على التمويل الشخصي، يتوقع أن تسعى المصارف المحلية جاهدة إلى تطوير سياساتها البيعية، وإلى تنويع منتجاتها التمويلية، إضافة إلى تطوير قاعدة المنتجات بشقيها الاستهلاكي والعقاري، بطرح منتجات جديدة منافسة في سوق التمويل الشخصي.

الأكثر قراءة