توقعات باستمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية وعدم تأثرها بأحداث المنطقة
بلغ حجم سوق السندات والصكوك في دول مجلس التعاون الخليجي خلال عام 2010 ما يعادل 57 مليار دولار بحسبما أكده تقرير شركة المركز المالي الكويتي الصادر أخيرا. وتتضمن هذه السوق الإصدارات السيادية، وإصدارات الشركات، والبنوك المركزية. وعلى الرغم من أن هذا الرقم يشير إلى انخفاض يقدر بنحو 27.6 في المائة إلا أنها تعتبر أعلى قيمة إصدارات منذ عام 2001، ويرجع الخبراء السبب إلى الانخفاض الكبير الذي طرأ على الإصدارات السيادية خلال تلك الفترة. وفي الوقت ذاته حدث انخفاض طفيف في إصدارات الشركات يقدر بأقل من 0.5 في المائة عن المستويات التي كان عليها في عام 2010.
وشهد تشرين الأول (أكتوبر) الماضي أعلى معدل للإصدارات سواء من ناحية عددها الذي بلغ 23 إصداراً تمثل 16 في المائة من إجمالي عدد الإصدارات، أو من ناحية قيمتها التي تجاوزت 9.1 مليار دولار بما يعادل 11.9 في المائة من القيمة الإجمالية للإصدارات خلال العام الماضي. وأكد تقرير المركز المالي الكويتي أن نسبة الانخفاض في عام 2010 عن سابقه تقدر بـ 39.3 في المائة. وبهذا تصل قيمة إصدارات الصكوك الإسلامية إلى 6.4 مليار دولار، وتعتبر تلك القيمة الأقل منذ أربع سنوات.
وبالنسبة إلى ترتيب الدول الخليجية من حيث الإصدارات يوضح التقرير أن البنوك المركزية في كل من: الكويت، البحرين، وعمان قامت بإصدار سندات بقيمة 27.2 مليار دولار خلال العام الماضي. وتمثل إصدارات بنك الكويت المركزي 80 في المائة من إجمالي قيمة الإصدارات التي طرحتها البنوك المركزية في دول الخليج المختلفة. وطرحت الكويت 60 إصداراً خلال العام الماضي متصدرة بقية دول مجلس التعاون.
وفيما يخص الإصدارات السيادية فقد بلغت قيمتها 8.9 مليار دولار خلال العام الماضي، وهو ما يعادل 29.8 في المائة من إجمالي قيمة الإصدارات. ويشير التقرير إلى أن عدد الإصدارات شهد ارتفاعاً خلال ذلك العام من 37 إلى 42 إصداراً. وتصدرت إصدارات الشركات الإماراتية رأس القائمة بعد طرح 19 إصداراً بقيمة 6.2 مليار دولار.
وشهدت الإصدارات السيادية الخليجية انخفاضاً خلال العام الماضي من حيث العدد؛ إذ كان العدد في العام الماضي 12 إصداراً سيادياً مقابل 22 في العام السابق، وتقدر نسبة ذلك الانخفاض بـ 38.5 في المائة.
وفيما يتعلق بإسهامات الدول الخليجية في تلك السوق من خلال الإصدارات السيادية فتأتي في المقدمة الإمارات بمبلغ 9.5 مليار دولار بما يمثل 32 في المائة من إجمالي المبالغ التي تم حشدها عن طريق الإصدارات السيادية وإصدارات الشركات خلال العام الماضي. وفي المركز الثاني تأتي قطر بإجمالي إصدارات تقدر بنحو 9.3 مليار دولار بما يعادل 31.2 في المائة من المبلغ الإجمالي.
وتحل الكويت ثالثاً بمبلغ مليار دولار هو قيمة الإصدارات خلال العام الماضي، وتمثل 3.5 في المائة من الإجمالي. ولا تزيد إسهامات عمان على 0.4 مليار دولار بما يعادل 1.2 في المائة من المبلغ الإجمالي.
واستحوذت السندات التقليدية على نصيب كبير من إجمالي الإصدارات السيادية والشركات خلال العام الماضي، وبلغت نسبتها 23.4 مليار دولار بما يعادل 78.5 في المائة من إجمالي القيمة الكلية. وبلغ عدد تلك الإصدارات 45، وتجدر الإشارة إلى أن تسعة فقط منها بلغت قيمتها 6.4 مليار دولار.
ويشير التقرير إلى أن مدد الاستحقاق للسندات راوحت بين سنة واحدة و30 سنة، وشكلت الإصدارات لمدة خمس سنوات أعلى مبلغ خلال عام 2010، حيث بلغت قيمتها 14.3 مليار دولار ما يمثل نسبة 47.9 في المائة من المبلغ الإجمالي من خلال 22 إصدارا، أي ما يمثل نسبة 40.7 في المائة من عدد الإصدارات.
وفي سياق توقعات الخبراء للسوق الخليجية أكد تقرير لمعهد التمويل الدولي أن الاقتصادات الخليجية قادرة على تحقيق نمو اقتصادي خلال العام الجاري. وقدّر المراقبون هذا النمو بـ 6.5 في المائة في المتوسط اعتماداً على تزايد حجم الفوائض المالية لدى تلك الدول. ومن المتوقع أن يصل الفائض ــ وفقاً لتقديرات معهد التمويل الدولي ــ إلى نحو 1.7 تريليون دولار، وألا يزيد حجم الالتزامات الخارجية على حكومات هذه الدول على نحو 500 مليار دولار، ما يعني أنه سيكون بمقدورها التصرف في ما يقدر بنحو 1.2 تريليون دولار يمكن توجيهها كاستثمارات مباشرة في المشروعات الكبرى والبرامج التنموية.
واعتبر التقرير أن العام الحالي سيمثل نقطة محورية على منحنى الأداء الاقتصادي لمنطقة الخليج العربية. ويتوقع التقرير عودة المنطقة إلى معدلات النمو الاقتصادي التي حققتها لسنوات قبل الأزمة المالية.
ويشير التقرير إلى أن نسبة كبيرة من السندات الجديدة التي تصدر في دول الخليج تكون إما لسداد ديون قديمة وسابقة استحقت خلال هذه الفترة، وإما بهدف إعادة جدولة الدين، بحيث تتم الهيكلة في مواعيد استحقاق جديدة طويلة الأمد.
وفيما يتعلق بالاستثمارات الأجنبية في دول الخليج فلا تزال المنطقة تعتبر وجهة مفضلة لتلك الاستثمارات، كما أنها تعد ملاذاً آمناً لرؤوس الأموال المتنقلة عبر الحدود. ويزيد من فرص الدول الخليجية في اجتذاب الاستثمارات الأجنبية الأزمات التي تشهدها بعض الدول الكبيرة كتفاقم العجز المالي والدين الحكومي, وقد تسببت أزماتها في تقليص فرصها في اجتذاب استثمارات خارجية.
كما أن هناك تعطشاً من المستثمر الدولي لسندات الأسواق الناشئة، ولا سيما وسط بيئة انخفاض معدل الفائدة وانحسار مخاوف التقصير السيادي التي أثارتها أزمة اليونان.
وعلى الجانب الآخر، يرى البعض أن التوترات التي تشهدها المنطقة العربية سيكون لها تأثير سلبي في الاستثمارات في منطقة مجلس التعاون. إلا أنه على الرغم من ضبابية الصورة السياسية في العديد من دول الشرق الأوسط تبقى التوقعات باستمرار الصناديق السيادية والشركات الخليجية في اللجوء إلى السوق ذات الدخل الثابت بغرض تمويل مشاريع كبيرة تقودها الدولة، وكذلك لتمويل احتياجات الإنفاق، وإعادة تسديد الديون المستحقة عليها.
وكانت تقديرات سابقة قد أشارت إلى أن حجم الإصدارات الجديدة من السندات والصكوك خلال العام الجاري في أربع دول خليجية سيتجاوز عشرة مليارات دولار لتحقق بذلك نمواً يراوح بين 20 و25 في المائة. وهذه الدول هي: السعودية، الإمارات، الكويت، وقطر، ومن المتوقع أن يكون للإمارات النصيب الأكبر من تلك الإصدارات المنتظرة.