قطار الرياض - أبوظبي - دبي .. حتمي
تأثرت إمارة دبي أكثر من غيرها من الدول العربية بالأزمة الاقتصادية العالمية، إلا أن قطاع الصناعة اللوجستية والنقل الجوي، في هذه الإمارة يبقى الأقوى في العالم العربي وغرب آسيا وإفريقيا مجتمعة من حيث البنية التحتية والقدرات والجودة. ونظرا لكون أكثر الشركات التي تملك المشاريع العلاقة في دبي تعود لمؤسسات مالية حكومية، فإن انهيار القطاع العقاري ومن ثم غرقه في الديون المحلية والدولية قد أثر على قطاعات أخرى ناجحة هي شريان دبي المستدام ومنها اللوجستية والنقل الجوي. في المقابل لدى أبو ظبي ملاءة مالية ضخمة تصل إلى تريليون دولار تستثمرها خارجيا ومحليا، حيث تريد هي الأخرى أن توجد لأبو ظبي بصمة عالمية؛ ولذلك فهي تنسخ نموذج دبي في قطاعات السياحة والطيران. الرياض على الطرف الآخر ذات هوية ثقافية مختلفة نسبيا، هي عاصمة السعودية ذات الثقل العالمي الديني والسياسي والنفطي، خمسة ملايين نسمة ويزيدون، لديها استراتيجية اقتصادية طموحة، لكنها بطيئة خاصة في النقل الجوي واللوجستي. هذا الخط المستقيم المكون من دبي وأبو ظبي والرياض يشكل نموذجا تجاريا واعدا للاستثمار في شركة قطار سريع. في دراسة أولية - شاركت بها مع مجموعة من الزملاء في معهد متخصص في النقل المتكامل في القاهرة - تشير إلى نجاح مثل هذا المشروع تجاريا لعوامل رئيسة، أهمها أن الإنشاءات المدنية لا تعترضها نسبة كبيرة من مساحات الكثبان الرملية، وأن هناك طلبا كبيرا لحركة المسافرين بين المدن الثلاث، وخاصة بين الرياض ودبي، ويدل على ذلك تزايد عدد مسافري الجو والبر سنويا وباطراد. وأشارت الدراسة إلى أن من شأن اختيار القاطرات الحديثة التي تصل متوسط سرعتها إلى 300 كيلومتر في الساعة إلى اختصار الرحلة بين الرياض ودبي إلى نحو الساعات الثلاث بتكلفة 500 ريال للرحلة ذهابا وإيابا. وتشير الدراسة أيضا إلى أن القطار السريع سيكون له تأثير أكثر من الخطوط الجوية الاقتصادية في جذب المسافرين، حيث سيزيد من السفر البيني بين الرياض وأبو ظبي ودبي إلى مليون مسافر عام 2015 ترتفع إلى ثلاثة ملايين زيارة بينية في عام 2020. الجدير بالذكر أن مثل هذه المشاريع العملاقة ذات مخاطرة عالية ونقلها من الفكرة عبر الجدوى الاقتصادية الدقيقة، ومن ثم إلى أرض الواقع لا يتحقق إلا بمبادرة يتكامل بها القطاع الخاص مع دعم الحكومات.