ملتقى «معالجة الديون الشخصية» يدعو المؤسسات المقرضة إلى عدم إغراء الناس

ملتقى «معالجة الديون الشخصية» يدعو المؤسسات المقرضة إلى عدم إغراء الناس

أكد الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع عضو هيئة كبار العلماء والمستشار في الديوان الملكي أن مؤسسة العنود استطاعت تطوير أصولها لتتجاوز 500 في المائة منذ بداية تأسيسها حتى اليوم، مشيرا إلى أن مساهمات هذه المؤسسة تنضوي على قيم كبيرة ذات طابع إسلامي وإنساني، وقال المنيع إن مشكلات الديون المتعثرة تعد من أبرز المشكلات التي تواجه دول العالم والعالم الإسلامي، موضحا أن الدين له آثار اجتماعية ونفسية على الدول والمجتمعات، وأن مجرد التفكير في معالجة المشكلة نابع من الحرص على مصلحة المسلمين من خلال النصيحة وتقديم الحلول العملية للمشكلة، وبين المنيع أن هناك توجيهات نبوية تحث على عدم الاقتراب منه، وأن التجارب العالمية والأزمات العالمية الأخيرة أكدت أن الديون تعد جرثومة تصيب اقتصادات الدول وتؤدي إلى انهيارها وخاصة المشتقات المالية وبيع الدين بالدين، وهذه المشكلة لم تكن على صعيد فردي بل طالت الدول والمؤسسات الكبيرة، موضحا أن دولا اعتبرت فاشلة بسبب هذه الديون المتعثرة، وأوضح المنيع أن هذه الأزمات كشفت عن أهمية التعاملات المالية الإسلامية وأخلاقيتها، وما سمعناه من أرقام عن الديون المتعثرة خلال السنوات الماضية، وقال المنيع إن الانغماس في الملذات والترفيات والكماليات أسهم في رفع درجة التعثر في القروض كون مجالات صرفها ذهبت لمشاريع غير إنتاجية بل استهلاكية، وأصبح الأفراد مرتهنين للبنوك بإرادتهم، ونوه المنيع بأن هناك مجالات مبررة للدين، وضمن ضوابط وشروط محددة، ودعا المنيع لسن المزيد من الضوابط التي من شأنها عدم الإفراط في الديون وإعادة توجيه القروض على نحو يفيد المجتمع، وقال المنيع إن الإسلام دعا لدفع الديون عن المتوفين قبل الصلاة عليهم لأنها حقوق لآخرين، جاء ذلك لدى انعقاد ملتقى مشروع معالجة الديون الشخصية والذي نظمته مؤسسة الأميرة العنود بنت عبد العزيز بن مساعد بن جلوي الخيرية في مقرها، وذلك بحضور الأمير سلطان بن فهد بن عبد العزيز وعدد من المهتمين بموضوع الندوة.
من جانبه أكد الدكتور عبد الرحمن الأطرم الأمين العام للهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل أن معالجة الديون المتعثرة تتم من خلال النظر إليها كمشكلة تحتاج إلى تشخيص وظاهرة تستحق الرصد ومعرفة حجمها، وسلوك يحتاج إلى تفسير، وبين الأطرم أن الدين هم في الحياة والممات، وهذا يستدعي الوعي بمخاطر الدين على المستوى الفردي والمجتمعي وعلى مستوى المؤسسات، وأوضح أن 330 مليارا تشكل ما نسبته 85 في المائة ديون شخصية أمر يستحق الدراسة والإشراف، وبين الأطرم بوجود سوق سوداء للقروض، مشيرا إلى أهمية مراقبة ما وصفه بالسوق السوداء للقروض تصل أرباحها في بعض الأحيان إلى 50 في المائة وبفوائد ربحية تتجاوز 24 في المائة، موضحا أن العديد من هذه المؤسسات تستخدم المجال الإعلامي للدعاية لنفسها، وأشار أيضا إلى أن البطاقات الائتمانية يتضاعف فيها الدين بنسبة ما بين 18 و 26 في المائة وقلب الدين يتضاعف من 24 إلى 28 في المائة نهاية العام.
ودعا الأطرم البنوك بضرورة الإفصاح عن الرسوم الإدارية وإضافتها على الأرباح وليست منفصلة عنها، مؤكدا أن هناك مبالغة في بعض الرسوم التي تصل إلى أربعة آلاف ريال وبعضها يزيد أو ينقص، ويجب أن تكون هناك شفافية في التعامل مع العملاء.
ودعا الأطرم المؤسسات المقرضة بألا تغري الناس بالديون، مشيرا إلى وجود تنافس محموم بين هذه المؤسسات في عمليات الإقراض وحذر من عمليات التحايل والتدليس باسم الشرع. وكشف الأطرم أن هناك مؤسسات شخصية دخلت عالم تسديد القروض بفوائد عالية، وبين أن هناك من يحصلون على أرباح عالية خلال مدة لا تقل عن ساعتين من أجل سداد مبكر للديون كي يستطيع المسدد الحصول على قرض جديد، وقال إن المطلوب المحافظة على الائتمان العام ومصلحة الناس.
من جانبه أكد الدكتور سامي السويلم مدير إدارة تطوير المنتجات المالية الإسلامية في البنك الإسلامي للتنمية أن هناك طرقا عديدة لمحاصرة هذه الظاهرة بطرق إسلامية محمودة وممكن القيام بها بسهولة، كاشفا النقاب عن أن (القرض المجاني) أو الفريضة الغائبة في الاقتصاد الإسلامي وإعمار المعروف بين الناس وإشاعته كنوع من السلف والصدقة، وأن بالإمكان أن تعمل المؤسسات غير الربحية في هذا الجانب بعد عمليات تأسيسية وتنظيمية واضحة، وقال سويلم إن ميزة هذه القروض أنها ليست استهلاكية ولا تشجع على الاقتراض وأنها لسد الحاجات الأساسية، كما أن هذا النمط من القروض يشجع على الوفاء بالالتزامات بين الناس والمؤسسات وييسر على طالبي القروض من المحتاجين، خاصة أن سداد القرض يعني فتح المجال أمام مقترض آخر، وبين السويلم أنه من الممكن لمؤسسة مثل مؤسسة العنود أن تعمل في هذا المجال من خلال مجموعة من العلاقات مع الموسرين والخيرين وهم كثر، وقال إن هناك ميزات للإقراض بأن ليس على المقرض زكاة، وبين أن هذا القرض تتوافر فيه جميع الاشتراطات الإقراضية وبعملية ائتمانية كاملة ويمكن وصفه بالكوليسترول الحميد، وبين السويلم أن الأزمة العالمية أكدت أن مواجهة الدول لهذه الأزمة لجأت إلى تخفيض الفائدة إلى الصفر، لكنها وجهتها إلى مؤسسات ربحية، وقال إن على المؤسسات المالية الإسلامية ألا تنسى دورها ومسؤوليتها الاجتماعية، وقال إن قلب الدين بالدين يسيء لها، مطالبا بتقديم منتجات إسلامية تسهم في تعزيز ثقافة الادخار، مؤكدا في الوقت ذاته أن نجاح اقتصادات أي دولة ومجتمع لا تكون إلا بوجود قروض ميسرة ومجانية أيضا.

الأكثر قراءة