الحميد: لن يتحقق الاستقلال المالي للبلديات ما دامت مواردها مقتصرة على الحكومة

الحميد: لن يتحقق الاستقلال المالي للبلديات ما دامت مواردها مقتصرة على الحكومة
الحميد: لن يتحقق الاستقلال المالي للبلديات ما دامت مواردها مقتصرة على الحكومة
الحميد: لن يتحقق الاستقلال المالي للبلديات ما دامت مواردها مقتصرة على الحكومة

عندما فتحنا قضية الاستقلال المالي للبلديات والأمانات، كان لا بد من الحديث مع الدكتور عبد الرحمن الحميد وهو المتخصص المالي المعروف، خاصة أنه عضو مجلس إدارة المجلس البلدي في منطقة الرياض، وجهنا أسئلتنا للدكتور الحميد فجاءت إجاباته صريحة وواضحة مدعمة بالأرقام والتجارب العالمية.

سألناه عن تجربة المجلس البلدي، والاستقلال المالي، شركات الأمانات والبلديات، والأنظمة المعمول بها في وزارة البلديات حاليا.

الدكتور الحميد قال: إنه لا يمكن الحديث عن استقلال مالي للأمانات أو حتى للمجالس البلدية ما دامت الموارد المالية مقتصرة على ما يخصص من الحكومة.

وبين الحميد أن تفعيل بعض الأنظمة البلدية الموجودة حاليا، يمكن أن يمنح الاستقلال لجميع المدن مما يؤدي إلى عدم عدالة توزيع الموارد بينها مادياً أو بشريا، لكن كما يقول فإن ما يؤدي إلى تأخير ذلك هو ضعف النظام المحاسبي الحالي في الأمانات وكونه يعتمد على الأساس النقدي ولا يوجد حصر محاسبي واضح ودقيق لأصول الأمانات ناهيك عن الرقابة على مواردها، ثم إن بعض المدن السعودية تدار بالأسلوب الحكومي البيروقراطي تطبيقاً للأنظمة المالية والإدارية، وهذا الأسلوب – وفق الحميد - يعطل قدرة المسؤولين على إدارة المدينة بأسلوب مستقل يحاكي القطاع الخاص، حيث إن بعض المدن في العالم تكون لها ذمة مالية مستقلة وتملك أصولاً ولها حق الاقتراض والاستثمار وتفعيل مناشط إيراداتها.. فيما يلي نص الحوار:

#2#

ما تقييمك لتجربتك في الدورة الأولى للمجلس البلدي في الرياض؟

بكل صدق، كنت أعتقد أننا مقبلون على شيء لا نعرفه، وكنت أتصور أن دوري سيكون لمدة أربعة أعوام، ولم نتوقع التمديد لعامين إضافيين، وعلى أية حال كان دورنا أن نؤطر ونؤسس لمجلس بلدي معتبر، ولكني كنت أعرف عن أعمال المجالس البلدية عالميا، وقرأت عنها الكثير قبل تعييني عضوا في المجلس البلدي، وأثناء العمل لم يتغير نظري تجاه عمل المجلس البلدي لأنني حضرت للمجلس بفكرة واضحة ومحددة وأعضاء المجلس يعرفون ذلك حيث طرحت مبادرة الاستقلال المالي والإداري للبلديات منذ بداية عملي في المجلس.

هل ستغادر المجلس البلدي بأسف أم العكس؟

لله الحمد، أرى أنني أديت الواجب الذي علي في حدود المتاح، والهدف الذي تحقق هو تأطير عمل المجلس بحيث يعطى العلم لآخرين لإكمال ما بدأناه، وأرجو أن يرى مشروع الاستقلال المالي والإداري النور لأنه سيكون هو مستقبل الرياض المدينة، وهنا أرغب في أن أنصف رئيس المجلس البلدي في مدينة الرياض لما بذله من جهد مميز لبلورة الإدارة المحلية وجعلها ممارسة واقعة قدر الإمكان، وتبنيه بشكل رسمي وشخصي جميع الأفكار المطروحة وإتاحة نقاشها بكل حرية وشفافية، كما أرغب أن أنصف زملائي أعضاء المجلس البلدي في مدينة الرياض، حيث كان لأفكارهم وتفاعلهم الأثر في بلورة عمل المجلس وبناء بنيته التحتية وتحقيق ما أمكن تحقيقه من إنجازات إضافة إلى الدور المميز الذي قام فيه أمين عام المجلس البلدي وزملاؤه على الرغم من قلة الإمكانات المادية والبشرية.

تتحدث عن المجلس بتفاؤل، بينما المواطن محبط من أدائكم ونتائج أعضائه.. ما تعليقك؟
ثم ماذا عن المطالبات بمزيد من الصلاحيات للمجالس البلدية لتؤدي دورها على الوجه المطلوب؟

ما يتعلق بإحباط المواطن من أداء المجلس البلدي ونتائجه، هو لأن التوقعات كانت أعلى بكثير مما هو موجود على أرض الواقع، حيث كان يرى الناخب في مرشحه أنه يحمل العصا السحرية التي ستحل جميع مشاكله، ولكن عندما نأتي على أرض الواقع نجد أن الصلاحيات مقيدة ومحدودة، ولكن هنا يجب أن أؤكد أن الصلاحيات لا تعطى وإنما تؤخذ، والمجلس البلدي حاول أن يأخذ مزيدا من الصلاحيات، ولكن بكل صراحة المشكلة وأقولها: لم يكن هناك تفاعل كاف من المواطنين سواء كان بشكل فردي أو مؤسساتي، بحيث يشجعون مرشحيهم أعضاء المجلس لأخذ المزيد من الصلاحيات.

هل تعني أن المواطن كان أيضا سببا في إحباطكم في المجلس البلدي؟

نعم.. هذه كانت مشكلة أساسية نعانيها، نحن لم نجد أشخاصا يتبنون أفكارا، بل وجدنا أناسا يتبنون مشاكل صغيرة جدا، تمثلت في ''حفرية في شارع، أو لمبة لا تعمل''، بمعنى لم يأت مجموعة يتحدثون عن أن رخص البناء وإصدارها في مدينة الرياض عملية معقدة، مطالبين بإيجاد الحل، أو جاءت مكاتب هندسية لتكشف لنا عن معاناتهم على سبيل المثال مع إدارات معينة في الأمانة وهكذا، أو سكان حي معين عندهم قضية عامة للحي، أو رجال أعمال يتبنون مبادرات لمدينتهم، وللمعلومية إن عامة الناس البسطاء هم من يتصل بالمجلس ويعرف مشكلته، ولذا فإن أحد أسباب ما سميته ''الإحباط'' هو نظرة الناس للمجلس على أنه يختص بمشاكل شخصية وبسيطة، ولا تعلم حجم الشكاوى التي تلقيناها في المجلس من أمثلة هذه المشاكل، ومع ذلك وللأمانة فإن هناك مجموعة من المواطنين قدموا شكاوى تخص المدينة بشكل عام مثل ما يتعلق بالتلوث والصرف الصحي وغيرهما.

أليس من المفترض أن يذهب أعضاء المجلس البلدي إلى المواطنين، لا أن ينتظر المجلس أن يأتيه الناس؟

ذهب أعضاء المجلس إلى أماكن كثيرة خلال الأعوام الستة الماضية، وعقدوا لقاءات في الأحياء، وأبواب المجلس مفتوحة كل يوم ثلاثاء للالتقاء بالأعضاء، خلاف وسائل الاتصال الأخرى كل يوم مع المجلس بوجود أمين عام المجلس، كنا نتمنى من كل حي أن يتبنى عدد من سكانه قضية تهم كل سكان الحي، بدلا من أن يتبنى شخص واحد قضية تخصه، فتأثير الكثرة أقوى من الفرد عند تبني المجلس مشكلة لهم.

كأنك تقصد من كلامك، أن المواطن سلبي تجاه عرض قضاياه مع المجلس البلدي!

السلبية جاءت من أن المواطن رأى أن المجلس البلدي لن يستطيع أن يقدم له شيئا في ظل محدودية صلاحياته، وعلى أية حال أنا متفائل والمجلس البلدي المقبل قادم ـــ إنا شاء الله تعالى، وسأرشح الشخص الكفء الذي يمثلني، وسأكون شخصا إيجابيا رغم أن هناك شيئا ناقصا حتى مع عدم وجود الاستقلالية أو الصلاحيات للمجلس البلدي.

بالنسبة لتولي الأمانة إيجاد مقر وكادر بشري وفني، أليس في ذلك تناقض وعدم استقلالية وأنتم تراقبون أعمال الأمانة ومشاريعها؟

لا أبدا، إن كنت سأتحدث عن نفسي كعضو، فمهنتي تقتضي الاستقلال الذي لا يمكن اقتسامه، لأنه لا يمكن تجزئة الاستقلال، ولكن لا يمكن النظر إلى الاستقلال الحقيقي سواء للبلديات أو المجالس البلدية في حين أن جميع موارده والموارد مصدرها الحكومة.

إذا كيف كانت البداية في المجلس البلدي؟

بدأ المجلس بتحديد المهمة الأساسية المنوطة بالمجلس البلدي، وبعد تحديدها بالضبط واقتصارها على الخدمات البلدية التي تقوم بها الأمانة، ولا تشمل التعليم، الصحة، الأمن، النقل، التلوث، الصرف الصحي، وهذا ما أثر في معنويات الأعضاء، ولكن بناء على هذا التصور بدأ المجلس بناء العمل وفق إمكانيات بسيطة مادية أو إدارية، وفي حدود الصلاحيات التي ذكرت، حيث شرع في بناء الهيكل التنظيمي للمجلس البلدية لمدينة الرياض، وكيفية تطويره وتدفق العمليات وبناء تدفق المعلومات من المواطن عبر وسائل الاتصال فيه خاصة كل يوم ثلاثاء من كل أسبوع، إضافة إلى اللقاء الشهري مع المواطنين في الأحياء، إضافة إلى مأسسة إجراءات النقاش واتخاذ القرار في المجلس البلدي، وهذا سيخدم الأجيال القادمة، وتم طبعه في كتيب إجراءات أعمال المجلس البلدي لتشمل إجراءات طرح عضو المجلس البلدي لقضية ما، وكيف توضع في جدول الأعمال، وكيف تناقش، وخصص لكل عضو وقت يتحدث فيه عن القضية، واتخاذ القرار بالتصويت وكل هذا يتم بحضور رئيس المجلس أو نائبه، كذلك حدد حق كل عضو في التصويت على الحلول المقترحة، أسلوب التصويت، وكيفية عمل اللجان في المجلس، الذي يضم ست لجان، وكل لجنة متخصصة في موضوع معين، وهذه الإجراءات تعد اللبنة الأساسية لأي مجلس بلدي، ولهذا فالمجلس القادم لن يستغرق وقتا وجهدا في بناء الإطار التنظيمي والإجراءات للمجلس الجديد، علما بأن هذا التأسيس استغرق وقتا طويلا لبنائه، ما يخصني كعضو في مجلس بلدي الرياض ومعين فقد حضرت أحمل قضية، وهي تنمية موارد المدينة لتقديم الخدمات البلدية، من خلال استقلالية الأمانة بمواردها المالية دون الإضرار بالمواطن، حيث لن يدفع ريالا واحدا مقابل ما يقدم له من خدمات، وتمت مناقشة هذا الأمر في المجلس البلدي والتصويت عليه، وتم عمل عرض لهذا التوجه أمام وزير الشؤون البلدية ورفع للجهات العليا، ونأمل أن يرى النور قريبا.

وأنا متأكد من أنه سيقطف ثمار هذا المشروع المجلس البلدي القادم لمدينة الرياض في دورته القادمة، وهنا أخلص هذه المشكلة أنه في ظل القيود النظامية للميزانية ومحدودية الموارد المالية للمدينة حجماً ونوعاً وتشريعاً، فإن الأمانة تعاني بشكل لا يمكن تخيله.

وسأضرب لك مثالا، وهو متوسط عدد موظفي الأمانة إلى السكان: موظف لكل 170 ساكنا عام 1400 هـ مقابل موظف لكل 850 ساكنا الآن، كذلك فإن عدد موظفي الأمانة عام 1400 هـ بلغ 4952 موظفاً مقابل 4902 موظف عام 1430.

ميزانية ومقارنة

مثال آخر، بلغ معدل الصرف على كل ساكن في مدينة الرياض عام 1400 هـ ثلاثة آلاف ريال، وتناقص على ما يقارب 300 ريال حاليا، كذلك ربط ما تحتاج إليه الأمانة من موارد مادية وبشرية بأنظمة الميزانية ونظام الخدمة المدنية أدى إلى صعوبة أو استحالة استقطاب الكفاءات البشرية المميزة وخاصة على المستوى الفني، كما أن زيادة الرقعة الجغرافية بشكل لا مثيل له في المدن الأخرى تطلب توسيع نطاق الخدمات المطلوب تقديمها، بناء البنية التحتية لمدينة الرياض في وقت سابق يتطلب الصيانة والتطوير المستمرين وإلا أدى إلى إهلاكها، ورغم الجهود الجبارة المبذولة لبناء البنية التحتية لكنه يلاحظ عدم استيعابها الزيادة الجغرافية والسكانية لمدينة الرياض.

الأقل رسوما في العالم

وأنت تعلم أن قاطني مدينة الرياض من السكان والزائرين يتمتعون بأقل نسبة رسوم في أي مدينة في العالم، لا يشجع النظام الحالي مسؤولي الأمانة على تنمية الموارد الذاتية للمدينة وذلك لاستقطاع جله كإيرادات عامة، تبنى ميزانية الأمانة باستخدام أطر وإجراءات عامة لا تفرق بين مصلحة حكومية تقدم خدمة مباشرة وأخرى غير مباشرة عند بناء ميزانية الأمانة فإنه لا يعتد كثيراً بتكلفة الخدمات وفعالية تقديمها، تمثل تكلفة العمل المباشر لتقديم الخدمة البلدية نسبة عالية من ميزانية البلدية في بعض الدول المتقدمة، تصل إلى أكثر من 60 في المائة لبعض البلديات، بينما لا تمثل تكلفة العمل المباشر في ميزانية أمانة مدينة الرياض أكثر من 20 في المائة، تمثل الاعتمادات المالية للأمانة من وزارة المالية نسبة عالية من موارد ميزانية الأمانة بينما لا تمثل الاعتمادات المالية نسبة عالية من موارد البلدية في الدول المتقدمة.

#3#

كرجل مالي نريد منك إيراد أمثلة على ذلك.

صحيح.. يا أخي مثلا إجمالي ميزانية مدينة ساكرامنتو عاصمة كاليفورنيا أكثر من مليار ريال لعام 2010 م منها 38 في المائة ضرائب، وعدد موظفيها يبلغ 4865 موظفاً ويبلغ عدد سكان المدينة نحو 410 آلاف نسمة ''موظف لكل 85 نسمة، وبتكلفة 7.1 ألف ريال للساكن''، وإجمالي ميزانية مدينة تورنتو في كندا 28.5 مليار ريال، منها 17 في المائة ضرائب والباقي من موارد أخرى، وعدد سكان المدينة 2.5 مليون نسمة بتكلفة 11.4 ألف ريال للساكن، كذلك إجمالي ميزانية مدينة عمان عام 2002 م بلغ ما يعادل 516 مليون ريال بعدد سكان يقارب مليوني نسمة، وبتكلفة للساكن تقارب 260 ريالا للساكن، وهي مقاربة لتكلفة الساكن في مدينة الرياض، وتتلقى المدينة إعانة قليلة كميزانية سنوية مقارنة بمواردها الذاتية.

إذاً ما المشكلة التي تعانيها الرياض؟

المشكلة الحقيقية في رأيي هي تزايد الخدمات البلدية المقدمة من أمانة منطقة الرياض خلال الـ 25 سنة الماضية بمعدل متسارع أعلى من معدل تزايد الموارد المالية المخصصة لتقديم الخدمة.

فالمتتبع لتطور الخدمات البلدية المقدمة في أغلب مدن العالم يجد أن هناك علاقة مباشرة بين الخدمات البلدية المقدمة كماً ونوعاً وبين ما يخصص لها من موارد مالية خاصة في ظل تنامي نسب التضخم حول العالم.

وأيضا إذا استمرت هذه المعادلة المالية فستؤدي على المدى الطويل إلى تهالك البنية التحتية للمدينة وخضوع خدماتها للدورات الاقتصادية وعدم استثمارها لمواردها الذاتية كما في المدن العالمية الأخرى.

وبالتأكيد لا يمكن أن يتحقق التوازن المالي على المستوى الطويل في ظل الأنظمة الحالية، لكن يمكن أن يتحقق التوازن المالي المطلوب باستغلال الموارد الاقتصادية في المدينة، حيث إن لدى مدينة الرياض أصولاً كبيرة مقارنة بمدن عربية وعالمية، بل وتعد من أغنى مدن العالم وخاصة في العقارات شريطة أن يطلق قيدها، لأن أي تحصيل مالي يذهب لوزارة المالية، ويمكن لهذه الأصول أن تحقق عوائد مالية ذات أهمية نسبية.

إذا ما الحل النهائي لمثل هذه المصاعب؟

الحل يا سيدي يكمن على المدى الطويل في استقلالية الأمانة مالياً وإدارياً وذلك تطبيقاً لنصوص نظام البلديات والقرى الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/5 في1/2/1397هـ، مثلا: المادة الأولى تنص على أن: ''البلدية شخصية اعتبارية ذات استقلال مالي وإداري تمارس الوظائف الموكلة إليها بموجب هذا النظام ولوائحه التنفيذية''.

وأيضا ''المادة الثانية والثلاثون'' تشير إلى أنه ''مع مراعاة الحقوق المعتبرة شرعاً، تكون جميع الأراضي التي لا يملكها أحد داخل حدود البلدية ملكاً لها. والمادة الثالثة والثلاثون: ''أملاك البلدية المنقولة وغير المنقولة غير قابلة للحجز''.

ماذا فعلتم لتفعيل ذلك؟

كما أعرف أن الأمانة بذلت جهدا مميزاً لتفعيل نصوص المواد السابقة وأعدت خطابات متعددة لجهات الاختصاص كما قامت في شهر جمادى الأولى 1424هـ برفع تقرير لوزير الشؤون البلدية والقروية أشارت فيه ''إلى أن ما يعتمد حالياً للبلديات غير كاف ولا يمكّن المدن والبلديات من القيام بمهامها الحالية على الوجه المطلوب ولا يهيئها للاستعداد للمستقبل وتحقيق احتياجات السكان المتزايدة.

أيضا اقترحت الأمانة وسائل رفد وتمويل تدعم متطلبات الاحتياجات المستقبلية مثل ''صندوق نزع الملكيات، صندوق الإيرادات، صندوق تمويل المشاريع، برنامج تطوير منح الأراضي، تفعيل مشاركة البلديات والقطاع الخاص، لوائح الرسوم والغرامات، وأيضا تبنى المجلس البلدي تأسيس شركة مساهمة، وحال الموافقة على نظامها الأساسي سيتم تفعيل دورها ـــ إن شاء الله.

ما الذي في رأيك يحول دون تفعيل مواد نظام البلديات؟

مما يحول أو يعطل تفعيل مواد نظام البلديات والقرى، وبالأخص ما يتعلق بالاستقلال المالي والإداري يمكن تلخيصه في عدة نقاط مثل: الادعاء بأنه لا يمكن منح الاستقلال المالي والإداري للمدن الغنية وترك المدن الأخرى.

فلو فعلت تلك المواد لمنح الاستقلال لجميع المدن مما سيؤدي إلى عدم عدالة توزيع الموارد بينها مادياً أو بشريا، وضعف النظام المحاسبي الحالي في الأمانات وكونه يعتمد على الأساس النقدي ولا يوجد حصر محاسبي واضح ودقيق لأصول الأمانات ناهيك عن الرقابة على مواردها، ثم أن بعض المدن السعودية تدار بالأسلوب الحكومي البيروقراطي تطبيقاً للأنظمة المالية والإدارية، وهذا الأسلوب يعطل قدرة المسؤولين على إدارة المدينة بأسلوب مستقل يحاكي القطاع الخاص حيث إن بعض المدن في العالم تكون لها ذمة مالية مستقلة وتملك أصولا ولها حق الاقتراض والاستثمار وتفعيل مناشط إيراداتها، وأخيرا ضعف الرقابة الداخلية في الأمانات والبلديات يشكل مصدر تخوف لدى متخذ القرار في تفعيل الاستقلالية كما أنه لا توجد معايير قياس أداء ''KPIs'' يمكن من خلالها الحكم على فعالية أداء الأمانات والبلديات، كما هو الحال في المدن العالمية التي تمت دراسة نظمها المالية.

كرجل مالي معروف .. ماذا تقترح لتجاوز هذه المشكلة؟

أولا، لتحقيق الهدف طويل الأجل، يجب العمل بجد لمحاولة إزالة معوقات الاستقلال لكي تلغي التحفظات لدى متخذ القرار وإلا أدى الأمر إلى الدوران في حلقة مفرغة، فالأمانات تطالب بالاستقلال ومتخذ القرار يطالب بإزالة التحفظات وتطوير الرقابة، ولا يمكن عمل ذلك إلا بالاستقلال المالي والإداري.

على المديين القصير والمتوسط.. ما الحل؟

في المديين القصير والمتوسط تبنى المجلس البلدي تأسيس شركة مساهمة مغلقة محدودة لها شخصيتها الاعتبارية المستقلة مملوكة بالكامل للأمانة.

هل هناك مبررات في رأيك كافية لفعل ذلك؟

نعم، هناك عدة مبررات، مثلا تجربة مدينة جدة في إنشاء شركة مساهمة مغلقة باسم ''شركة جدة للتنمية والتطوير العمراني'' مملوكة بالكامل للأمانة بموجب الأمر السامي رقم م/65 وتاريخ 23/10/1427هـ.

حيث تم تحديد الأراضي الحكومية العائدة ملكيتها للأمانة وإدراجها كأسهم عينية كرأسمال للشركة، وكذلك مدينة مكة المكرمة.

تنمية موارد وتطوير أصول

يقول الدكتور الحميد ''هذا الأمر بلا شك سيساعد على ''تنمية وإدارة وتطوير الأصول المملوكة للأمانة بموجب النظام على أسس تجارية، تفعيل الدور الرقابي للمجلس البلدي على الشركة حيث يقترح أن تكون أغلبية أعضاء مجلس إدارتها من أعضاء المجلس البلدي، تكوين الشركة على أسس تجارية ذات نظم رقابة عالية بما يلغي التحفظات التي لدى متخذ القرار، وأرباح الشركة تمثل مورداً مالياً مهماً للأمانة كما أن لها شخصيتها الاعتبارية التي تتيح لها الاقتراض الخارجي، ويمكن أن يتم ضم الإدارة العامة للاستثمارات لهيكل الشركة التنظيمي مما يتيح لها استقطاب الكفاءات البشرية في مجالات التسويق والاستثمار والمالية.

ومثل هذا الحل يساعد على إيجاد أداة لتوظيف الكوادر البشرية الفنية التي تدعم نشاطات الخدمات البلدية دون الرجوع للأنظمة المالية والإدارية الحكومية، ويكسر الحلقة المفرغة وكسب ثقة متخذي القرار في قدرة الشركة والأمانة على تقديم الخدمات البلدية بفعالية وكفاءة وبالتالي الوصول إلى الهدف طويل الأجل في الاستقلال المالي والإداري للأمانة كاملاً.

في حالة الرياض.. كيف يمكن التصرف؟

عند الموافقة على تأسيس شركة مملوكة للأمانة تتمتع بالشخصية المعنوية والذمة المالية المستقلة وبالأهلية الكاملة لتحقيق أغراضها، ويتم تعيين فوري لمدير تنفيذي للشركة ذي كفاءة وخبرة عالية في تأسيس وإدارة الشركات يكون مؤقتاً مسؤولاً أمام المجلس البلدي لحين تسمية مجلس إدارة الشركة وحصر أصولها، وفي الفترة الحالية يمكن أن يتولى إعداد مسودة عقد تأسيس الشركة بحيث يشمل أغراض الشركة ومدتها ورأسمالها ومجلس إدارتها وسبل الرقابة عليها وحساباتها وتوزيع الأرباح وحلها وتصفيتها، ويعمل على تقييم حصة الأمانة العينية في الشركة السعودية واستكمال إجراءات تحويل تلك الحصة باسم الشركة، إعداد الهيكل التنظيمي والمالي المقترح للشركة وضم موظفي الإدارة العامة للاستثمارات في الأمانة تحت ملاك الشركة بما يتناسب مع ذلك الهيكل، وإعداد مسودة عقد تأسيس الشركة بحيث يشمل أغراض الشركة ومدتها ورأسمالها ومجلس إدارتها وسبل الرقابة عليها وحساباتها وتوزيع الأرباح وحلها وتصفيتها.

الأكثر قراءة