آل عبد السلام: نقص الخبرة حصر تطبيقات المصرفية الإسلامية في جوانب محددة

أكد الخبير في المصرفية الإسلامية ياسر آل عبد السلام لـ ''الاقتصادية'' أن المنافسة بين البنوك سواءً الإسلامية أو التقليدية، ونقصان الخبرة بالمصرفية الإسلامية، وعدم وجود مراكز أبحاث متخصصة بالشكل الكافي، وحداثة تجربة المصارف الإسلامية، جعل أكثرها يركز في جانب التمويل على صيغة التورق المصرفي، في حين أن المفترض التنويع بين صيغ التمويل الإسلامية المتعددة وعدم الاعتماد على صيغة واحدة كثر الجدل الشرعي والاقتصادي حوله. وأضاف آل عبد السلام أن النظرة للواقع الحالي لا تدل على أننا جاهزون لنوصف بأننا عواصم للتمويل الإسلامي، إلا أن التطور الحاصل يبشر بذلك مستقبلا، خاصة لو دعمت بشكل أكبر، مشيرا إلى أهمية تبني البنك المركزي الخليجي للمصرفية الإسلامية، حيث يشكل ذلك نقطة تحول تاريخية ينبئ بمستقبلٍ باهر للمصرفية الإسلامية ولدول الخليج العربي. ويعتقد آل عبد السلام أن التعاون بين المؤسسات المالية الإسلامية ومراكز الدراسات والبحث لا يزال ضئيلا، فالمؤسسات المالية تريد من مراكز البحث العالمي إيجاد وتطوير منتجات إسلامية تحقق لها أرباحاً وتساعدها في المنافسة، فيما لا تراعي مراكز البحث جانب المنافسة وتحرص على تقويم مسيرة المصرفية الإسلامية، مؤكدا أهمية وجود شركات للبحث العلمي هادفة للربح تهتم بإيجاد المنتجات وتطويرها ومراعاة جانب المنافسة بما يخدم المؤسسات المالية بشكلٍ خاصة والمصرفية الإسلامية بشكلٍ عام.

لماذا لا تزال تطبيقات المصرفية الإسلامية منحصرة في جوانب محددة أي أن المنتجات المالية مازالت محدودة، والتركيز على الجانب الإقراضي؟ وهل يعد النجاح في هذا المجال ميزة؟
بداية يجب التفريق بين البنوك التجارية التي أساس نشاطها التمويل وبين البنوك الاستثمارية التي أساس نشاطها تشغيل أموال المستثمرين واستثمارها والبنوك التجارية في العالم عندما بدأت كانت تقوم على الإقراض بفائدة وانتشرت على هذا الأساس حتى أصبحت من أساسيات الاقتصاد في كل بلد إلا أن عنصر الربا جعل بعض الغيورين يعمل على إنشاء مصارف إسلامية تكون بديلاً عن البنوك التقليدية، ولكن المنافسة بين البنوك سواءً الإسلامية أو التقليدية، وكذلك نقصان الخبرة بالمصرفية الإسلامية وعدم وجود مراكز أبحاث متخصصة بالشكل الكافي وبسبب حداثة التجربة كل هذا وغيره جعل أكثر المصارف الإسلامية تركز في جانب التمويل على صيغة التورق المصرفي، بينما من المفترض التنويع بين صيغ التمويل الإسلامية المتعددة وعدم الاعتماد على صيغة واحدة كثر حولها الجدل من الشرعيين وكذلك الاقتصاديين، وفي حال دخول البنوك التجارية في استثمار الأموال يجب التنويع في صيغ الاستثمار أيضاً وعدم الاعتماد والتركيز على ما يسمى بمعكوس التورق فإن الاعتماد على التورق وعكسه لا يعد ميزة تنافسية للمصارف الإسلامية لهذا على المصارف الإسلامية أن تبحث بشكل أكبر في الصيغ الشرعية وتحاول أن تطبقها بشكل عملي مما سيكون بالإجماع ميزة تنافسية للمصارف الإسلامية.

وماذا عن تطور المصرفية الإسلامية في الغرب ونجاحها في قطاع المنتجات؟ وماذا عن منافستها المستقبلية؟
لمست بعض الدول الغربية كبريطانيا وفرنسا مثلاً أهمية ومصلحة الدخول في هذا المجال وبدأت في المنافسة بسنّ الأنظمة والقوانين والتشريعات التي تسهم في نجاح المصرفية الإسلامية كما ركزت على جانب تطوير الكوادر بإحداث تخصصات أكاديمية في مجال المصرفية الإسلامية مما هيأ لبيئة صحية جعلت كبرى الشركات المالية مثل HSBC ومجموعة City Group، وغيرها تقدم منتجات مالية بطريقة شرعية بل أصبح هناك بنوك إسلامية بالكامل وذلك لما لمسه الغرب من ميزة المصرفية الإسلامية في استقرار النظام المصرفي ولما لمسه من أرباح حققتها له المصرفية الإسلامية.

هل نحن جاهزون ولدينا البنية المؤسساتية الحقيقية كي نوصف بأننا عواصم للمالية أو التمويل الإسلامي؟ وهل لدينا بنية تحتية حقيقية من تشريعات وكوادر ومرجعيات على قدر كبير من التخصص الشرعي والاقتصادي؟
حقيقة النظرة للواقع الحالي لا يدل على أننا جاهزون بشكل كامل غير أن التطور الحاصل في مجال المصرفية الإسلامية يبشر في المستقبل بأن نكون عواصم للمالية الإسلامية وخاصة لو دعمت بشكل أكبر، فمثلاً لو تبنى البنك المركزي الخليجي المصرفية الإسلامية فإن هذا في ظني يعتبر نقطة تحول تاريخية في هذا المجال ينبئ بمستقبلٍ باهر للمصرفية الإسلامية ولدول الخليج العربي، حيث سيتم التركيز على تخريج الكفاءات المتخصصة في المصرفية الإسلامية، كما سيتم دعم مراكز الأبحاث وستسن الأنظمة والقوانين التي تضبط العمل المصرفي الإسلامي إلى غير ذلك مما يجعلنا نوصف بأننا عواصم للمالية الإسلامية ومصدرون لها.

هل البنوك والقطاعات المصرفية الإسلامية جازمة في تعزيز هذه الصناعة ودفعها إلى الأمام؟
البنوك في أساس أعمالها التجارية متباينة فبعضها سبّاق في إيجاد المنتجات وتطوير الأعمال ذات الربحية والعائد المادي وبعضها يعمل بشكل روتيني ونمطي ولا يهتم كثيراً في عمليات التطوير، وهذا ينطبق أيضاً في مجال المصرفية الإسلامية فبعضها يعين فريق لتطوير المنتجات ويركز على التدريب ويدعم الأبحاث التطويرية ويحاول أن يتعاون مع مراكز الأبحاث بما يخدم عمله في مجال المصرفية الإسلامية، وبعض البنوك بالعكس تماماً غير أن البنوك بشكل عام يطلب منها عمل المزيد في تعزيز هذه الصناعة والتي سوف تعود عليها بالنفع حاضراً ومستقبلاً.

هل هناك تفاعل وتعاون بين المؤسسات المالية والمصرفية وبين بيوت الخبرة ومراكز البحث والدراسات؟ هل هذه المراكز يعتد بها فعلا؟ وأين الشراكة بين الطرفين؟
أرى أن هناك تعاونا ضئيلا بين المؤسسات المالية الإسلامية وبين مراكز الدراسات وكراسي البحث العلمي في الجامعات، فالمؤسسات المالية تريد من مراكز البحث العالمي إيجاد وتطوير منتجات مالية إسلامية تحقق لها أرباحاً وتساعدها في المنافسة، بينما مراكز البحث العلمي لا تراعي جانب المنافسة وتحرص على تقويم مسيرة المصرفية الإسلامية ودق ناقوس الخطر في حال وجوده وهي في هذه الحالة تؤدي دوراً كبيراً، ولكنه لا يحقق مصلحة المؤسسات المالية ويجعلها تصنع شراكة حقيقية معها لذا أرى أنه يجب أن يكون هناك شركات للبحث العلمي هادفة للربح تهتم بإيجاد المنتجات وتطويرها ومراعاة جانب المنافسة بما يخدم المؤسسات المالية بشكلٍ خاص والمصرفية الإسلامية بشكلٍ عام، وفي النهاية فإن شركات البحث العلمي ومراكز البحث العلمي في الجامعات تسيران في خطين متوازيين يصبان في مصلحة المصرفية الإسلامية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي