هل ينهار السقف؟

الأسواق المالية العالمية تحبس أنفاسها في الوقت الحالي منتظرة بفارغ الصبر نتائج المعركة الدائرة بين البيت الأبيض، الرئيس أوباما، الديموقراطيين في الكونجرس ضد الجمهوريين لرفع سقف الإقراض فوق مستوى 14.3 تريليون دولار الذي هو الحد الأعلى في الوقت الحالي، إذ يحتاج إلى تصويت الكونجرس لرفعه وهذا لن يتم إلا بموافقة من الجمهوريين الذين رفضوا بشدة دون أن تكون هناك خطة لخفض العجز المالي للحكومة الفيدرالية.
يصوت الكونجرس سنويا للموافقة على الميزانية المقدمة من الحكومة الفيدرالية، وأيضا خطة الضرائب والمصروفات السنوية والتي منذ 2002 اشتملت على عجز مالي مما أدى إلى اقتراض الحكومة. لكنها أيضا تصوت بشكل مستقل عما سبق بما يسمى سقف الإقراض، وهو الحد الأعلى القانوني المسموح به لاقتراض الحكومة الفيدرالية.
إن تبعات امتناع الجمهوريين عن التصويت لرفع سقف الأقراض سيؤدي إلى تخفيض التصنيف الائتماني، ولأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة من قبل وكالات التصنيف الائتماني التي أبدت تخوفها من ذلك. وعلى هذا قد يؤدي في النهاية إلى تعثر الحكومة الفيدرالية من سداد العوائد أو الديون كما صرح بذلك وزير الخزانة الأمريكية تيم قاذينر يوم الأحد في برنامج "ميت ذا برس" ووضع الثاني من آب (أغسطس) الشهر القادم موعدا نهائيا قبل تخفيض التصنيف، وذلك بسبب توقع انتهاء السيولة الموجودة لدى الخزانة الفيدرالية في حلول التاريخ المذكور عند استحقاق مصروفات، إضافة إلى عمولات على قروض تقدر ب 4.3 تريليون دولار.
المعركة الحالية بين البيت الأبيض والجمهوريين تدور حول من سيدفع ثمن رفع سقف الأقراض. يميل البيت الأبيض إلى تحميل الأثرياء ثمن هذه الرفع بينما يطالب الجمهوريون أن يتم إلغاء أو تهميش بعض البرامج الاجتماعية مثل "مدكير" و"سوشيال سكيورتي".
عدم التوصل إلى الاتفاق قبل حلول الثاني من آب (أغسطس) القادم سيكون له تبعات سلبية للغاية على الاقتصاد الأمريكي واقتصاديات العالم ككل وبالأخص أسواق المال وفي مقدمتها أسواق الأسهم والسندات والقطاع البنكي، وسيعيد الأزمة المالية العالمية بسلية أقوى مما كانت عليه وسنشهد انخفضات حادة في الأسواق المالية في كل مكان، وصعود للذهب والفرنك السويسري.
أتوقع أن الحكومة الأمريكية بشقيها الديموقراطي والجمهوري لا يمكن لها أن تقبل بحدوث ذلك فيجب أن يتوصلوا إلى اتفاق لكن ولأول مرة نرى مسؤولا أمريكيا رفيع المستوى يتحدث عن احتمال تعثر أمريكا، الأمر الذي يجعل أي مستثمر يتوخى الحذر ويتابع الأخبار من كثب لأن الاحتمال موجود والدلائل بعد صدور أرقام البطالة الأمريكية الأخيرة تؤكد أننا ما زلنا تحت مخاطرة رجوع الأزمة المالية، والخروج منها بات مرهونا باتفاق الطرفين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي