الكم يختلط بالنوع في كليات إدارة الأعمال الغربية في الإمارات
إنه لفخر لجامعة أبو ظبي في دولة الإمارات العربية المتحدة أن تضم اثنين من مقاهي ''ستارباكس'' في مقرها الكائن في مدينة خليفة. ليست كثرة المبيعات هي التي تستلزم وجود هذين المقهيين، لكن هناك مقهى لطلبة الجامعة الذكور وآخر للطالبات.
يعتبر الفصل بين الجنسين في التعليم واحداً من ملامح المنطقة التي أثبتت أنها نقطة جذب للجامعات الغربية ولكليات إدارة الأعمال ولشركات التدريب خلال العقد الماضي. وقد وصل الأمر أنه من نقص في التعليم الإداري قبل بضع سنوات، أصبحت الصعوبة هذه الأيام تتمثل في تحديد المساقات الجيدة من بين هذا الكم الكبير.
في أبو ظبي، يعتبر هذا مجرد واحد من أوجه المنافسة الشديدة، كما تقول أنيت بيرك، مديرة التعليم الخاص بالتنفيذيين في مركز التميز التنظيمي التابع لغرفة التجارة ''لقد انتقلنا من عدم وجود أي تدريب إلى درجة التشبع''.
والقصة مشابهة في دبي''زيادة العرض هي المشكلة الرئيسة''، كما يقول إحسان رضوي زاده، المدير الإقليمي لكلية كاس البريطانية لإدارة الأعمال التي تأسست في مركز دبي المالي الدولي في عام 2007.
وفي تهافت لانتزاع جزء مما كان يعتبر أنه سوق مربحة بصورة متزايدة، أنشأت مؤسسات أوروبية مثل كلية لندن لإدارة الأعمال، وجامعات مانشستر، وبرادفورد وستراثكلايد مرافق لها في دبي بينما توجد لانسياد مرافق تعليمية في أبو ظبي وتوجد لجامعة إتش أي سي باريس مرافق في قطر. وتحاول هيئات مختصة في التعليم الموجه للتنفيذيين مثل اشريج وكرانفيلد هي الأخرى الحصول على عمل. بالفعل، ففي أحد الطوابق في مركز دبي المالي الدولي، تجلس ثلاثة من كليات إدارة الأعمال التي تتنافس فيما بينها عادة – وهي كلية لندن لإدارة الأعمال، وكلية كاس وكلية ديوك الأمريكية - جنباً إلى جنب.
ورغم الأزمة المالية الأخيرة التي أثرت بشكل واضح على دبي، ورغم الانتفاضات التي تشهدها المنطقة، لا شيء يوثر على حماس الجهات التي تزود التعليم في مجال إدارة الأعمال. إن ما تتنافس عليه هذه الجهات هو سوق تختلف تمام الاختلاف عن أية سوق أخرى، وذلك بمصدرين مختلفين من الطلبة. فمن جهة، هناك البرامج الإدارية المصممة خصيصاً للارتقاء بمستوى أبناء البلد من الإماراتيين الذين يعملون عادة في القطاع العام، للمناصب الإدارية العليا، ومن جهة أخرى، هناك البرامج المصممة للجالية المغتربة التي تشكل ما نسبته 80 في المائة من سكان الإمارات العربية المتحدة.
بالنسبة للفئة الأولى، هناك الجامعات العامة والخاصة المحلية – وهي الجامعات الاتحادية الثلاث التي توفر التعليم المجاني لأبناء البلد وتتضمن جامعة زايد المخصصة للنساء فقط. وفي سياسة تردد صدى السياسة التي تتبعها الشبكة الفرنسية لكليات إدارة الأعمال تقوم الغرف التجارية أيضاً بتعليم البرامج التي تمنح الدرجات الجامعية. ففي أبو ظبي، أنشأت الغرفة التجارية كلية للإدارة سوف ينصب تركيزها على روح المبادرة لتأسيس المشاريع وسوف تطلق برنامج ماجستير إدارة الأعمال للتنفيذيين في شهر تشرين الأول (أكتوبر) بالتعاون مع كلية بابسون الأمريكية المتخصصة في مجال تأسيس المشاريع.
يقول محمد راشد الهاملي، مدير عام الغرفة التجارية في أبو ظبي: ''سوف نباشر في كيان جديد، لكننا نستخدم مساقات كلية بايسون. والفكرة ليست التنافس مع كلية لندن لإدارة الأعمال وكلية انسياد، لكن أن نأتي بشيء جديد''.
وفي دبي، تقوم غرفة التجارة بمنح الشهادات الجامعية منذ أعوام، وقد باشرت ببرنامج ماجستير إدارة الأعمال في شهر أيلول (سبتمبر) الماضي. وبالفعل، فإن الجامعة التابعة لها في دبي معتمدة من قبل هيئة تطوير كليات إدارة الأعمال في الولايات المتحدة الأمريكية AACSB. ويتحدث محمد إبراهيم، عميد كلية إدارة الأعمال، بشكل واضح عن القوة الدافعة في سوق التعليم العالي. ''تعكف الحكومة على إيجاد السوق الخاصة بالتعليم. إن الحكومة ترغب في تشجيع أبناء البلد على العمل في الشركات الخاصة''.
وعلى رأس هذا التنوع في الجامعات المحلية، تقوم السلطات في الإمارات العربية المتحدة بتشجيع أشهر كليات إدارة الأعمال في العالم على تأسيس برامج ومقار خاصة بها. ففي أبو ظبي، يوجد لدى كلية انسياد لإدارة الأعمال مبنى مؤلف من 12 طابقاً أهدي لها من الحكومة ويوجد لدى جامعة نيويورك مقر لتدريس برامج الدرجة الجامعية الأولى. وفي دبي، تقوم السلطات بإنشاء سلسلة من المناطق التعليمية مثل مركز دبي المالي الدولي، وقرية المعرفة والمدينة العلمية وذلك لاستقطاب الجامعات والشركات التدرييبة. وفي الأعوام الخمس الماضية، تم تقديم قرابة 180 طلباً، كما يقول أيوب كاظم، مدير عام المجمع التعليمي.
يتمثل الهدف من هذه المناطق في تحويل الإمارات العربية المتحدة إلى اقتصاد يقوم على المعرفة، كما يقول، مشيراً إلى مدينة بوسطن في الولايات المتحدة كأنموذج للدور الذي تعلبه دبي''. إن بوسطن تعتبر وجهة لطلبة العلم لأن لديهم أكثر من 70 مؤسسة تعليمية متعددة المستويات، وليس فقط لأن لديهم جامعة هارفارد ومعهد ماساتشوسيتس للتقنية''.
وهو يرى أن مهمته تتمثل في جلب جميع الجهات وذلك من مزودي الدكتوراه إلى الجهات التي تقدم التدريب المهني: ويقول كاظم في هذا الصدد: ''إن بعض النماذج تستقطب أشهر الجامعات فقط. وهي تسد حاجة 2 في المائة فقط من السكان. ما الذي يجري لنسبة 98 في المائة المتبقية؟ إننا لا نريد أن نترك أي طالب غير قادر على متابعة الفرص''.
وبينما يشكو البعض من العرض الزائد، فإن الآخرين لا تقلقهم المنافسة المتنامية، وخاصة في برامج ماجستير إدارة الأعمال. إذ تقول راندا بسيسو، مديرة دائرة الشرق لأوسط في كلية مانشستر لإدارة الأعمال التي تدير برنامجها العالمي الخاص بماجستير إدارة الأعمال في دبي: ''كلما زاد عدد الجهات التي تقدم برامج ماجستير إدارة الأعمال ذات النوعية الجيدة هنا،كان ذلك أفضل لنا جميعاً''.
لكن المنافسة المتزايدة، إلى جانب الأزمة المالية والقلاقل الأخيرة التي تشهدها المنطقة أدت إلى حالة من انعدام اليقين في دبي، وهذا يعني أن العديد من كليات إدارة الأعمال تشعر بالقلق إزاء أعداد الملتحقين بها في المستقبل. فعلى سبيل المثال، انخفض عدد الملتحقين ببرامج ماجستير إدارة الأعمال للتنفيذيين الذي تقدمه كلية لندن لإدارة الأعمال في هذا العام.
إحدى المشكلات الكبيرة، كما تقول راهول دادفيل، المديرة الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط في كلية لندن لإدارة الأعمال هي أن الكثيرين في المنطقة لا يقدرون قيمة برامج كليات إدارة الأعمال كما يقدرها الناس في أمريكا الشمالية أو أوروبا.
وتقول دادفيل في هذا الصدد: ''ما زال الناس هنا يتعلمون قيمة التعليم. ما زالوا يحاولون معرفة الفرق بين ماجستير إدارة الأعمال للتنفيذيين وبين ماجستير إدارة الأعمال لذوي الدوام الكامل''.
وهذا يعني أنهم غالباً ما يجدون صعوبة في التمييز بين مختلف المنتجات ذات النوعية الجيدة. ويقول كاظم في السياق ذاته: ''التحدي الأكبر هو أن معظم هذه الجامعات يعمل في ظل فكرة أنها مشهورة في هذه المنطقة. وهذه الفكرة ينبغي تصحيحها. وينبغي على الجامعات أن تروج لنفسها وأن تقوم بالجانب التسويقي من عملها. هذه هي إحدى التحولات اللازمة في العقلية.''
لكن لا يشك أحد في أن التعطش للتعليم في مجال إدارة الأعمال في المنطقة سوف يستمر. ويعتقد رضوي زاده أنه لن يتوقف بالنسبة لماجستير إدارة الأعمال، حيث يقول معلقاً: ''أعتقد أن جميع أبناء الإمارات سوف يحملون درجة الدكتوراه . سوف يكون هذا هو التوجه''.