1.4 تريليون دولار استثمارات إسلامية غير آمنة في الدول الغربية

1.4 تريليون دولار استثمارات إسلامية غير آمنة في الدول الغربية
1.4 تريليون دولار استثمارات إسلامية غير آمنة في الدول الغربية
1.4 تريليون دولار استثمارات إسلامية غير آمنة في الدول الغربية

إدارة فائض السيولة مشكلة تعانيها تحديدا البنوك والمصارف الإسلامية وذلك لضعف مجالات التوظيف، فقد أكدت تقارير عديدة أن هذه المؤسسات ما زالت حبيسة نشاط تمويلي وصيغ تمويلية محددة جعلتها غير قادرة على توظيف ما لديها من أموال ما دفع بالبعض منها للاستثمار في الخارج على مخاطرة، فقد أوضح إبراهيم يوسف مدير مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي في جامعة الأزهر أن الاستثمار الخارجي أصبح غير مأمون الجانب، ودعا إلى استعادة وتوطين هذه الاستثمارات في البلاد العربية والإسلامية، وأن 1.4 تريليون دولار كاستثمارات إسلامية في الدول الغربية تواجه صعوبات عديدة ليس أقلها مواجهة مخاطر الضياع، وعليه يتوقع مسؤولون ومصرفيون أن الصناعة المالية الإسلامية ليست في حاجة إلى حلول مشكلات إدارة السيولة فقط، وإنما تحتاج إلى حلول متكاملة لكل الدورة التمويلية وجهد جماعي من قبل المؤسسات المالية لتشخيص ووضع المعالجات السليمة للتحديات التي تواجه المصرفية الإسلامية الاقتصادية تطرح الأسئلة على الخبراء في الشأن المصرفي حول الأزمة وأسبابها وحلولها.

#2#

يؤكد الدكتور عبد الرحمن العبد اللطيف مساعد ممثل المملكة لدي صندوق النقد الدولي سابقا والمتخصص في اقتصاديات دول مجلس التعاون أن مشكلة السيولة من المشاكل الرئيسة التي تواجه المصرفية الإسلامية، وتكمن المشكلة في إيجاد آليات للاستفادة من السيولة، حيث إن البنوك الإسلامية لا تستطيع التصرف بالسرعة المطلوبة في فائض السيولة مثلما تصنع البنوك التقليدية والتي تستطيع إيداع فائض السيولة في أي وقت لدى بنك آخر وبسعر الفائدة السائدة وتستطيع الاقتراض في حال العجز، وقد ساهم غياب التشريعات الإسلامية ومحدودية الأدوات المالية الإسلامية في تعقيد آلية العمل في البنوك الإسلامية.

وأضاف العبد اللطيف أن نقص التشريعات والأنظمة في البنوك المركزية التي تتفق مع الشريعة الإسلامية دفع بعض القائمين على البنوك الإسلامية إلى العمل من خلال أدوات تتعارض مع مقاصد الشريعة، كإيداع فائض السيولة لدى البنوك الربوية دون فائدة ولكن مقابل خدمات، أو إيداعها لفترة محددة مقابل منح قرض بالمبلغ نفسه والفترة نفسها، وهذا لا شك تلاعب واحتيال يدور حوله عدد من الشبهات، وهذا الوضع يدفع إلى الحاجة إلى إعادة النظر في القواعد والنظم التي تطبقها البنوك المركزية تجاه المصارف الإسلامية.

وقال العبد اللطيف إن الفائض في السيولة لدى البنوك الإسلامية يمكن زيادة توظيفها من خلال البحث عن صيغ الاستثمارات واستحداث أخرى، وتعميق التعاون والتنسيق بين المصارف الإسلامية في هذا المجال، واستحداث مشروعات استثمارية في مجالات جديدة مع مراعاة الأدوات الشرعية المالية والنقدية في إطار الضوابط الشرعية، والمطالبة بإعادة النظر في القواعد والنظم التي يطبقها البنك المركزي تجاه البنوك الإسلامية، إضافة إلى أهمية إيجاد سوق أوراق مالية إسلامية لتداول الأدوات المالية والنقدية الإسلامية، وأن يصدر تشريعات لتداول الأوراق المالية الإسلامية في الأسواق المالية الحالية كمرحلة انتقالية.

وأضاف أن على البنوك الإسلامية وبالتنسيق مع البنك الإسلامي للتنمية والمؤسسات الإسلامية ذات العلاقة عمل خطة عمل وتمريرها من خلال منظمة التعاون الإسلامي بهدف مطالبة البنوك المركزية للدول الأعضاء لعمل تشريعات تعالج العراقيل التنظيمية والإجرائية التي تواجه عمل البنوك الإسلامية والمصرفية الإسلامية، وذلك بما يتفق مع مقاصد الشريعة في هذا المجال، وإن تعامل بقدر المساواة مع البنوك التقليدية.

وحول دور إلزامية الحوكمة وتوحيد الهيئات الشرعية في تعزيز أدوات وإدارة السيولة قال العبد اللطيف إن توحيد الهيئات الشرعية يساعد على تجمع أفضل الخبرات وأكثر الفقهاء تعمقا في الشريعة، ويساهم في التخلص من المتطفلين على العمل في بعض الهيئات الشرعية والذين بالغوا في تتبع الرخص والشاذ من الفتاوى، إضافة إلى أن توحيد الهيئات الشرعية المعترف بها من مؤسسات إسلامية رسمية، يساهم في بناء عمل متكامل يمكن الاعتماد علية، ويقطع الخط أمام من تسول له نفسه تقديم الفتاوى السريعة والجاهزة أو فتاوى من مصادر مجهولة وغير موثوقة.

وأكد العبد اللطيف أن إعادة النظر في القواعد والنظم التي تطبقها البنوك المركزية تجاه المصارف الإسلامية بما يتفق مع مقاصد الشريعة سيسهم في تعزيز دور السيولة والاستفادة منها بشكل مباشر دون اللجوء إلى الالتفاف والتحايل بالتنسيق مع البنوك التقليدية لتبادل المنافع بطريقة مثيرة للشبهة.

#3#

من جانب آخر، يعتبر الدكتور مستعين عبد الحميد كبير مستشاري المجموعة الشرعية في بنك البلاد أن المشكلة ليس في عدم قدرة هذه المؤسسات على توظيف ما لديها من أموال بل في توظيفها في المكان الخطأ وبالطريقة الخاطئة، ويقول مستعين إن المكان الخطأ فيما أرى ويرى الكثيرون هو الأسواق والبورصات الغربية بصفة خاصة، ولطالما قام الغيورون ومنهم أعضاء الهيئات الشرعية المراقبة لهذه المؤسسات بتحذير القائمين على أمر هذه المؤسسات من خطورة الاستغراق في تمويل ودعم هذه الاقتصادات، ومن ثم ضرورة توطين الاستثمار والتمويل الإسلاميين في الدول والاقتصادات العربية والإسلامية، إلا أن الاستجابة ما زالت محدودة بالقياس لحجم الأموال المستثمرة في الأسواق الغربية، وأما الطريقة الخاطئة بحسب مستعين فتتمثل في التوافق الشكلي للمنتجات الاستثمارية المتوافقة مع الشريعة مع المقاييس الفقهية، فهي في أحسن أحوالها عبارة عن نوع أو آخر من أنواع العينة المحرمة شرعا (الحيلة الربوية) سواء كانت ثنائية أو ثلاثية أو غير ذلك، طالما أن التمويل يتخذ ستارا للتمويل الربوي.

ويقول مستعين إن المؤسسات المالية التقليدية مازالت تعتمد علي صيغة واحدة جامدة وهي سعر الفائدة مهما اختلفت مسمياتها سواء أكانت دائنة أو مدينة، فأذونات وسندات الخزانة هي أوراق يشتريها الشخص ليحصل على الفائدة ومثلها سندات الحكومة، كما أن الودائع الادخارية في المصارف تستحق فائدة، والإقراض كذلك يكون مقابل الفائدة، بل حتى التورق الشرعي وغير الشرعي (وهو الحيلة المعروفة بالعينة) والذي تمارسه مؤسسات المصرفية المتوافقة مع الشريعة يحسب ربح القرض فيه مقارنة بسعر الفائدة في السوق، كما أن دراسة جدوى المشروع تعتبر المشروع ذا جدوى مربحة إذا كان العائد من المشروع أعلى من سعر الفائدة الذي تعطيه البنوك على الودائع الادخارية وهو ما يعرف بكلفة الفرصة البديلة، وهي ممارسات أقل ما يقال عنها أنها معيبة في حق مؤسسات المصرفية الإسلامية التي يفترض أنها جاءت بديلا حقيقيا وخالصا للمؤسسات المالية التقليدية.

ويؤكد مستعين في هذا الصدد على أهمية الهندسة المالية كأداة لإيجاد حلول مبتكرة وأدوات مالية جديدة تجمع بين موجهات الشرع الحنيف واعتبارات الكفاءة الاقتصادية، ويستدعي ذلك بالضرورة تطوير منتجات مالية إسلامية أصيلة وليست مقلدة تضمن للمؤسسات قدرا من المرونة ونصيبا سوقيا وافرا يساعدها علي الاستمرار بفعالية، ويقول مستعين إن الهندسة المالية الإسلامية هي مجموعة الأنشطة التي تتضمن عمليات التصميم والتطوير والتنفيذ لكل من الأدوات والعمليات المالية المبتكرة، إضافة إلى صياغة حلول إبداعية لمشاكل الاستثمار والتمويل في إطار موجهات الشرع الحنيف، وهي في أحد معانيها أداة من أدوات التحوط المالي.

وفي الوقت الذي تبلغ فيه استثمارات البنوك الإسلامية في مختلف دول العالم عشرة تريليونات دولار، فإن ثمة مخاوف من تعرض 1.4 تريليون دولار من الأموال الإسلامية لدى الغرب لمخاطر الضياع، ويقول مستعين إن المخاطر من حيث الأصل متنوعة ومتعددة، ومنها المالية والسياسية وغيره، وهي لا تظهر عادة في الأحوال العادية بل في المنعطفات والأزمات، ولم تعد هناك أسوق في العالم يمكن وصفها بالأفضل، وبقي البحث عن الأقل سوءاً هو غاية ما يطمح إليه الباحثون عن الأرباح والعوائد المجزية أو حتى العادية، وعلى رغم أن النظرية ذات الخلفية الرياضية تتوافق مع المنطق ومع العقل السليم في تنويع المخاطر على الاستثمارات إلا أن رداءة الأسواق هذه الأيام جعلت جميع أنواع الاستثمارات رديئة وذات عوائد سلبية مهما تنوعت الأوعية والبيئات الاستثمارية، مشيرا إلى أن الدول الغربية ما زالت هي الأفضل أو الأقل سوءا، فالمخاطر في الدول الغربية إذن موجودة ولكن ليس لدرجة تعريض الاستثمارات الإسلامية للضياع.

وحول التفكير الجدي بإعادة توطين الاستثمارات الإسلامية في الدول الإسلامية يقول مستعين إن ذلك يعود إلى امتلاك الإرادة السياسية والقدرة التنفيذية، وإلى جانب ذلك ينقصه التخطيط الدؤوب لضمان التكامل والتضامن بين سياسات واقتصاديات الدول الإسلامية، وأما دور المؤسسات المالية الإسلامية في تعزيز الاستثمار الاقتصادي في دول العالم الإسلامي، وهل هي مرشحة فعلا لقيادة اقتصاديات هذه الدول مستقبلا، فدورها منتظر وتفتقر إليه هذه الاقتصاديات بشدة وهي مرشحة له.

ولكن قبل ذلك وأثناءه لا بد أن ينصلح حال هذه المؤسسات، فكيف تكون جديرة وفيها ما فيها انحرافات، وكيف تطلع بدورها المرشحة له وهي لا تتجه لعالمها الطبيعي، ومع ذلك فلا بد من صنعاء وإن طال السفر، ولكن الذي يركب متوجها إلى جنوب إفريقيا لن يصل إلى صنعاء.

الأكثر قراءة