الصين: ثورة المدونات الصغيرة تتفجر .. 485 مليونا يستخدمونها
تشهد الصين ثورة للمدونات الإلكترونية الصغيرة، إذ إنه في غضون بضعة أشهر تحولت مواقع التدوين المصغرة، على غرار موقع "تويتر" الإلكتروني للرسائل القصيرة، إلى انفجار اجتماعي جعل الحزب الشيوعي على ما يبدو في موقف لا يحسد عليه.
هذه المدونات الصغيرة، التي تعرف النسخة الصينية منها بصورة عامة باسم "ويبو"، تضع حدا للاحتكار الإعلامي الذي تمارسه الدولة، حيث يستخدمها واحد بين كل اثنين من مستخدمي الإنترنت في البلاد، وعددهم 485 مليون مستخدم، علما أن هذه النسبة لم تتجاوز واحدا بين كل عشرة مستخدمين في نهاية العام الماضي.
اتضحت إمكانيات هذه المدونات في موجة الغضب التي اندلعت إزاء الطريقة التي استجابت بها الحكومة لحادث تصادم قطارين فائقي السرعة أسفر عن مقتل 40 شخصا وإصابة 200 آخرين بجروح في تموز(يوليو) الماضي.
يقول رئيس تحرير مؤسسة إعلامية طلب عدم ذكر اسمه: "كان أول من أذاع أنباء هذه المأساة هم ركاب القطار".
وأضاف أن وسائل الإعلام الجديدة "تتمتع بتأثير كبير بلا شك" و"أحدثت تغيرات اجتماعية كبيرة" ، ويمكنها أن تبدأ "عصرا جديدا" في بعض النواحي. ولكن كيف يتعامل الحزب الشيوعي مع هذه الظاهرة؟.
كان رد رئيس التحرير حذرا وهو يجيب عن هذا السؤال، حيث قال: "المدونات الصغيرة شيء جديد، وعلينا قياس مدى تأثيرها".
ورغم ذلك، يتبنى رئيس التحرير موقفا متصلبا بشأن عمله وعمل مؤسسته، قائلا: "علينا أن نوجه الرأي العام". في الوقت الذي تحجب فيه مواقع "فيس بوك" و"تويتر" و"يوتيوب" في الصين، فإن البوابات الإلكترونية مثل "سينا" و"تينسينت" تفي بالغرض.
صحيح أن المدونات الصينية التي تشبه موقع "تويتر" تخضع للرقابة، غير أنها تتمتع بمزايا أكبر، إذ يمكن إرسال الموضوعات المنشورة مع التعليقات للسماح بإجراء الأحاديث.
ولا يمثل الحد المسموح به من الحروف في الرسائل، وهو 140 حرفا، معضلة بالنسبة للغة الصينية، نظر لأن الحرف الواحد يمكن أن يعني كلمة كاملة. كما أنه يمكن نشر الصور ومقاطع الفيديو في المدونات الصينية.
علاوة على ذلك، يمكن الالتفاف على الرقابة المفروضة على مواقع التدوين الصينية بتحويل النص إلى صورة أو بإرسال صور ملتقطة للموضوعات المحذوفة.
إنها لعبة تشبه مطاردة القط والفأر وأجهزة الرقابة في الدولة غير قادرة تقريبا على مجاراة هذه اللعبة. فالمدونات المصغرة تنشر المعلومات بصورة أسرع وأكثر فعالية، إلى حد يصعب معه إخضاعها للرقابة.
لقد وصلت قاعدة مستخدمي هذه المدونات، التي تتسع بشكل سريع، إلى مستوى حرج، يذكرنا بالمثل الصيني الذي يقول: "من يركب نمرا يصعب عليه النزول من فوقه". لقد أرسلت أول أنباء عن حادث القطارين عشرات الآلاف من المرات وجرى مناقشة المسؤولية عن هذا الحادث ملايين المرات.
اعتبر مستخدمو مواقع التدوين المصغر أن حادث التصادم إنما هو تتويج لسوء الإدارة في نظام السكك الحديدية الذي كثر عنه الحديث، والذي يجرى تحديثه حاليا بسرعة البرق. واستهدفت الكثير من الشكاوى وزارة السكك الحديدية، التي ينظر إليها على أنها ذات نفوذ ومتعجرفة. ومنذ وقوع الحادث في تموز(يوليو) الماضي، لم تعد الوزارة تتمتع بقدر الحماية الكبير الذي كانت تتمتع به في وسائل الإعلام ، حتى الوسائل الإعلامية الخاضعة لرقابة الدولة تضمنت مساحة أكبر من التغطية السلبية على ما يبدو.
كما أن أصحاب المدونات المصغرة فندوا المبرر الذي قدمه رئيس الوزراء الصيني لعدم تفقده لموقع الحادث في وقت سابق، ورفضوا تحججه بالمرض، مشيرين إلى أنه ظل يستقبل ضيوفا رسميين في ذلك الوقت.
يبدو أن كيفية تعامل الحزب الشيوعي مع التهديد الجديد لقدرتها على السيطرة على الرأي العام لا يزال قضية مفتوحة.
بعض المعلقين في وسائل الإعلام الرسمية وصفوا الموجة الجديدة من وسائل الإعلام الاجتماعية بأنها تروج "الشائعات" و"المعلومات الكاذبة"، في مسعى لتقويض مصداقيتها والحد من تأثيرها.
ولكن حتى المؤسسة الإعلامية التابعة للحزب، وهي صحيفة الشعب اليومية، قالت في مقالة افتتاحية إن المدونات المصغرة يمكن أن تسهم في "تفهم مخاوف المواطنين بصورة أفضل وحل مشكلاتهم".