بناء القدرات المؤسسية في المنظمات غير الربحية
خلصت دراسة مسحية أجرتها مؤسسة الملك خالد الخيرية المعنية بتأهيل وتطوير قدرات المؤسسات الاجتماعية، أن 93% من المنظمات الأهلية غير الربحية بالمملكة ليس لديها رسالة واضحة وأن الغالبية العظمى منها لديها توجه خيري وليس تنموي مستدام وأن 73% منها لا يوجد لديها أهداف واضحة. وأن أغلبية الأهداف ليست ذكية (SMART) أي غير محددة وغير قابلة للقياس أو التحقيق وغير واقعية وغير محددة بوقت.
وتوصلت الدراسة التي أجرتها على 165منظمة وجمعية خيرية وأهلية بالمملكة مسجلة بوزارة الشؤون الاجتماعية أن المنظمات غير الربحية التي لديها أهداف واضحة هي فقط المنظمات الأكثر تخصصآ وتحديدا في أهدافها.. وتسعى مؤسسة الملك خالد من إجراءها لمثل هذه الدراسات إلى التصدي للتحديات التي تواجه القطاع الأهلي لضمان نموها وتطورها وفاعليتها في الاستجابة للاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية المتنامية في الوطن من خلال تطوير مفاهيم العمل الخيري من الإعانة والرعاية إلى الاستدامة والتنمية ومساعدة المؤسسات غير الربحية في الاعتماد على نفسها وبناء قدراتها المؤسسية نحو إحداث تغيير ايجابي ملموس في حياة المستفيدين من خدماتها.
وفي تقديري المتواضع ومن واقع الحال الذي نعيشه استطيع القول بأن المنظمات والجمعيات الأهلية بحاجة إلى بناء قدراتها المؤسسية في التخطيط الاستراتيجي و التطوير الإداري والتنظيمي لأجهزتها المترهلة عبر تطوير قدرات الموظفين وحشد المتطوعين والاستفادة من موارد المجتمع الحالي والاعتماد على الموارد الذاتية المتجددة وإعداد الأدلة والإجراءات وتطوير بيئة العمل المحفزة وإعداد الهياكل التنظيمية والوصوفات الوظيفية التي توضح المهام والمسئوليات الملقاة على عاتق الكوادر والهيئات الإدارية المختلفة والتي تنبثق من إطار العمل الاستراتيجي الذي تخطه الجمعية أو المؤسسة الأهلية لنفسها.
إن غياب إطار العمل الاستراتيجي سوف يؤدي إلى أن تكون المنظمة فاقدة للوجهة التي تسير إليها.. فضلا عن عدم معرفة طرق الوصول إلى الهدف ويتعين على القادة في هذه المنظمات أن يفكروا ويعملوا بصورة إستراتيجية لتحقيق التزاماتهم المهنية لإحداث التأثير الكبير المتوقع منهم في مجتمعاتهم.
إن التخطيط الاستراتيجي يساعد في تركيز جهود المنظمة ويمنح أعضاءها وموظفيها وضوحا لرؤيتها باتجاه تحقيق الأهداف كما أن التخطيط الاستراتيجي يساعد على توقع ما ستكون عليه المنظمة خلال المستقبل المنظور وبيان كيفية الوصول إلى ذلك..! وبالإضافة إلى ذلك يزيد من الفعالية والكفاءة ويحدد نقاط القوة والضعف. ويؤدي إلى تعزيز التواصل وروح فريق العمل.. ويحدد الفرص والتحديات الداخلية والخارجية على أن تكون مخرجات هذا التخطيط نتيجة جهد جماعي مشترك يقوم به أفراد وأعضاء المنظمة لكي يكونوا مشاركين في التنفيذ ومدركين لدورهم المنظور في تحقيق الرؤية المستقبلية للمنظمة التي ينتمون إليها.
ومن مخرجات الخطة الإستراتيجية التي تشمل الرؤية والرسالة والأهداف الإستراتيجية تنبثق خطط التشغيل السنوية والميزانيات المساندة.. إن تحسين الأداء وتحقيق الأهداف الإستراتيجية هو مطلب ضروري لكل المنظمات والجمعيات الأهلية لتطور من عملها وتنمي من مواردها الذاتية مع ضرورة توفر أدوات محددة لقياس هذه الأهداف.
إن بناء القدرة المؤسسية للمنظمات والجمعيات الأهلية تتطلب بالإضافة إلى التطوير الإداري والتنظيمي وعمليات التخطيط الاستراتيجي إدارة مالية فاعلة تتبع المعايير المالية والمحاسبية وتتصف بوجود معايير ثابتة لتقييم فعالية وأداء العمليات المالية وكذلك توفر مهارات إعداد دراسات المشاريع التنموية وطرق إدارتها وتنفيذها وكتابة خطط العمل وتطوير أساليب المتابعة والتقييم لتلك الخطط وإشراك الفئات المستفيدة في تصميم وتنفيذ مشاريعها و بناء الشراكات مع القطاعات الأهلية والحكومية وغيرها و حشد المجتمع المحلي لمساندتها وبخطط إعلامية واعية ويتطلب ذلك وجود بنية تحتية لشبكات الاتصال المتطورة تساعد في تعميق وعي المجتمع لأهداف هذه المؤسسات والمنظمات مما ينعكس على رفع إنتاجياتها وتطوير خدماتها لجمهورها
والله من وراء القصد.