مضاهاة الجوار .. عقيدة «لوليسمو» الجديدة تجسد خيال القارة
يسميها البعض ''إجماع برازيليا''، وهي وخزة ساخرة لما عُرِف بتعبير ''إجماع واشنطن'' في الثمانينيات. ومن بين معتنقيها أوروجواي وباراجواي والسلفادور. ويريد الكثير من المكسيكيين أن تتبع دولتهم هذه العقيدة أيضا. وكذلك بيرو: أول رحلة خارجية قام بها أولانتا هومالا كرئيس منتخب كانت إلى البرازيل للقاء لويس إيناسيو لولا دا سيلفا- ''الرجل''، كما وصفه الرئيس الأمريكي باراك أوباما ذات مرة.
وقد أصبحت ''لوليسيمو'' الوجه المقبول للسياسة اليسارية في أمريكا اللاتينية، العقيدة الجديدة. وتقدم الخطة التي نفذها الرئيس البرازيلي في 2003 إلى 2010 استراتيجية سياسية عملية لأي قائد طموح. وتتناول احتياجات اجتماعية ملحة. وهي تحظى بالشعبية على نطاق واسع عبر الطبقات الاجتماعية. ومن الواضح أنها ناجحة، على عكس اليسارية المدفوعة أيدولوجيا في كوبا أو فنزويلا. ومع ذلك، ربما يكون الكثيرون قد تعلموا الدروس الخاطئة من نجاحها.
كثير من القادة الإقليميين ''يعتقدون أن سر نجاح لولا هو تبني سياسات إعادة التوزيع، وتأجيل الإصلاحات الهيكلية، وفي الوقت نفسه الخضوع لرغبات وول ستريت،'' كما يقول والتر مولانو من شركة بي سي بي سيكيورتيز. ''ولكنهم مخطئون تماما. فقد كان السر هو مزيج من الحظ والتوقعات المنخفضة''.
لقد جاء لولا دا سيلفا إلى السلطة تماماً في الوقت الذي دخلت فيه الصين ثانية إلى الاقتصاد العالمي ورفعت أسعار السلع بشكل كبير. وسمح هذا للولا دا سيلفا بالاستفادة من البيئة الخارجية المواتية واستمرار جهود الإصلاح الهائلة لسلفه، فيرناندو هنريك كاردوسو. وليس هناك الكثير من الدول المحظوظة بما فيه الكفاية لتحظى بمثل هؤلاء الرؤساء المذهلين بشكل متعاقب.
ولعب الائتمان قديم الطراز دوره أيضا. فقد كان السماح للبنوك باقتطاع رسوم الفائدة على الديون الاستهلاكية مباشرة من رواتب العمال خطوة ذكية مالية وسياسية. وموجة الازدهار في الإقراض التي تلت ذلك منحت الاقتصاد جرعة أدرينالين أخرى.
وكان أولئك الذين يريدون أن يكونوا مثل لولا، مثل رئيس بيرو هومالا ورئيس أوروجواي خوسيه موجيكا، محظوظين أيضا لأنهما ورثا اقتصادات مدارة بشكل جيد وبيئة خارجية مواتية. لذا قد يكررا نجاح لولا دا سيلفا ويخرجا الملايين من براثن الفقر.
ولكن إذا انفجرت طفرة السلع، فإن ''فعل المزيد من الشيء نفسه'' قد يجعل هذا الحظ يتبخر. وقد كانت ''لوليسمو''، على الأقل في البرازيل، ذريعة لتأجيل الإصلاحات الهيكلية الضرورية.
وليس هناك من يدعو إلى أن تتبنى دول أخرى الفساد الذي تفشى أيضا خلال رئاسته. كما أن الديمقراطية الاجتماعية ليست مقتصرة على ''لوليسمو''، حتى لو كانت بأسماء أخرى في تشيلي وكولومبيا. فقد تم ابتكار الدفعات النقدية المشروطة للفقراء، وهو ما تشتهر به ''لوليسمو''، في المكسيك.
لا تسير الديمقراطية والازدهار دائما جنبا إلى جنب. ولكن في أمريكا اللاتينية، فإن الدول التي لديها ديمقراطيات دستورية فعالة مثل البرازيل لديها أيضا آفاق أفضل للازدهار. والدول التي تطبق السياسات الاقتصادية السليمة، بما في ذلك البرازيل، هي أيضا تلك التي تكون فيها الممارسات الديمقراطية أقوى. ولعل هذه هي أكثر الدروس المشجعة التي يجب تعلمها من نجاح البرازيل في الآونة الأخيرة، على اعتبار أنها قابلة للتكرار في كل مكان.