1.5 تريليون دولار حجم الاستثمارات الإسلامية

1.5 تريليون دولار حجم الاستثمارات الإسلامية

تبلغ صناديق الاستثمار الإسلامية في الأسواق العالمية أكثر 500 صندوق تأسس ثلثها خلال السنوات الخمس الماضية، وذلك وسط توقعات بتضاعف هذا العدد في السنوات الخمس المقبلة، وتشير التقديرات إلى أن حجم الاستثمارات الإسلامية بلغ 1.5 تريليون دولار، وهي تشتمل على أدوات حقوق الملكية والصكوك وصناديق الاستثمار الإسلامية، كما حققت الصكوك نموا كبيرا على الصعيد العالمي، حيث يقدر حجم سوق الصكوك العالمية بأكثر من 190 مليار دولار وفقا لتقديرات عام 2010، الذي شهد انتعاشا، واستردت أسواق الصكوك العالمية عافيتها بفضل الحوافز الحكومية التي أحدثت أثرا إيجابيا في الأسواق المالية الإسلامية، كما بلغ إجمالي إصدارات الصكوك العالمية أكثر من 45 مليار دولار.
أكد ذلك عبد الرحمن الباكر المدير التنفيذي لرقابة المؤسسات المالية في مصرف البحرين المركزي، وذلك خلال افتتاح فعاليات المؤتمر السابع للصناديق والأسواق المالية الإسلامية العالمي لعام 2011، الذي حضره أكثر من 400 مشترك من القادة البارزين في قطاع الصناديق الاستثمارية والاستثمارات المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، حيث ركز المشاركون على تطوير استراتيجيات استشرافية تركز على تحقيق النتائج مستقبلاً بهدف إعادة هذا القطاع مجددًا إلى مسار النمو عالي المستوى، والوصول إلى تحقيق الكتلة الحرجة والتكيّف مع التوجهات الاقتصادية الحديثة السائدة على المستوى العالمي.
وقال الباكر إن المنتجات المالية الإسلامية تلبي حاجة الباحثين عن استثمارات تلبي الشروط الأخلاقية ومتطلبات المسؤولية الاجتماعية، مرجحا أن تحقق أسواق الأوراق المالية الإسلامية نمواً إيجابياً على الرغم من أزمة شح الائتمان، وارتفاع أسعار السلع، وحالة الركود الاقتصادي العالمي. وأضاف الباكر أن القدرة الاستيعابية لسوق التمويل الإسلامي كبيرة جداً، وأن النضج المتنامي للتمويل الإسلامي يتوقف على تحويل التدفقات المالية الناتجة إلى قطاع الاستثمار الإسلامي.
وحول عوامل نمو صناعة الاستثمار الإسلامي وخلق أسواق استثمارية إسلامية صلبة وديناميكية، أكد الباكر ضرورة إرساء نظام مالي إسلامي قادر على تسهيل حركة التدفقات الرأسمالية والتجارية بكفاءة وفاعلية، ويتطلب ذلك تطوير البنية التحتية المطلوبة التي تشتمل على مؤسسات مالية إسلامية تغطي كل القطاعات من الصيرفة والتكافل إلى أسواق رأس المال، وصناديق الاستثمار وإدارة الثروات، وكذلك وضع إطار عمل قانوني وشرعي فاعل، إضافة إلى إيجاد نظام مالي يوفر طيفاً من المنتجات والخدمات المالية الإسلامية. كما اعتبر الباكر إيجاد سوق مالية إسلامية فاعلة من العوامل المساعدة على تعزيز النمو في صناعة الاستثمار الإسلامي، إذ إن السوق المالية الإسلامية الديناميكية تساعد على جذب الأموال المتاحة للاستثمار وإيجاد الأنشطة الاستثمارية اللازمة، وتساعد على خلق الأسواق الأولية والثانية للأدوات المالية الإسلامية.
كما أكد الباكر أهمية اعتماد أسس سليمة للإدارة الرشيدة في صناعة الاستثمار الإسلامي، وذلك لتحسين درجة ثقة المستثمرين ولضمان توافر التعامل العادل والكفء الشفاف في الأسواق، ومن العوامل كذلك أشار الباكر إلى إيجاد القدر الكافي من التشريعات والضوابط للمنتجات الاستثمارية الإسلامية، حيث يجب أن توفر الإطار القانوني اللازم للمنتجات الاستثمارية وكذلك متطلبات مجموعة كبيرة من منتجات الاستثمار المتوافقة مع الشريعة.
وحول توفير العدد الكافي من المختصين الذين يجمعون بين المعرفة والخبرة قال الباكر إن ذلك ينعكس على تطوير صناعة الاستثمارات الإسلامية، وهذا بدوره سيعزز عملية تطوير المنتجات ويرتقي بالخدمات المقدمة للمستثمرين في أسواق المال الإسلامية، وأشار كذلك إلى تطوير إطار للسيولة على الصعيدين المحلي والدولي، الذي لم يبلغ المستوى المطلوب بعد في معظم الدول التي تقدم الخدمات المالية الإسلامية.
وأشار الباكر إلى أهمية إيجاد آلية فاعلة للتصنيف الائتماني، حيث يجب على وكالات التصنيف مراعاة الخصائص الفريدة للمنتجات الإسلامية والمخاطر المرتبطة بها، وذلك عبر اعتماد آلية أكثر شمولية لعملية التصنيف بحيث تشمل الجوانب الائتمانية والمخاطر الائتمانية دون إغفال عنصر الشفافية والوضوح في المعاملات المالية ونوعية الإدارة، وأكد حاجة المؤسسات المالية الإسلامية إلى إقامة تحالفات استراتيجية مع المؤسسات المالية الأخرى في العالم، خاصة في مجال هيكلة وعروض المنتجات، حيث تساعد هذه التحالفات على تحسين مستوى الخدمات التي تقدمها صناعة الاستثمار الإسلامية.
وفي حديث لديفيد ماكلين المدير الإداري للمؤتمر العالمي لصناديق الاستثمار والأسواق المالية الإسلامية قال إن المراكز المالية في مختلف أنحاء العالم تتنافس لتصبح مواقع جذب لخيارات العملاء في سوق صناديق الاستثمار الإسلامية، ومع ظهور العديد من الأسواق الدولية الجديدة التي تفتح أبوابها لخدمات التمويل والاستثمارات الإسلامية، والتدويل المتزايد لصفقات الأعمال واسعة النطاق، يصبح من الأهمية بمكان فهم التطور السريع في المواطن الأكثر ديناميكية وبناء علاقات أعمق بين الأسواق الرئيسة، حتى تتمكن المؤسسات الرائدة من المنافسة بشكل أكثر فاعلية على الصعيد العالمي.
وقدم الدكتور جارمو كوتيلين كبير الخبراء الاقتصاديين في البنك الأهلي تقييمًا لآفاق الاقتصاد العالمي وأثره في أداء الصناديق الإسلامية، وقال إنه بعد النكسة الوجيزة التي حدثت عام 2010 فإن منطقة دول الخليج تشهد نشاطًا متزايدًا في سوق الصكوك، كما يشهد النشاط الاقتصادي ارتفاعًا ملحوظًا في اقتصادات دول المجلس مدفوعًا بالبيئة الديموغرافية المناسبة واحتياجات بناء وتطوير البنية التحتية، كما أن الاستثمارات الرئيسة ومبادرات جمع الأموال تنفذ جميعها من خلال إصدار الصكوك، مضيفا أن حجم الأموال التي تم جمعها من خلال إصدار الصكوك في دول الخليج عام 2011 بلغ ما نسبته 38 في المائة (ما يعادل 17 مليار دولار) من حجم الإصدارات العالمية مع حلول أيلول (سبتمبر) 2011، في حين تمكنت من تحقيق نسبة 28 في المائة (ما يعادل 7.6 مليار دولار) و22 في المائة (ما يعادل 6.1 مليار دولار) في عامي 2009 و2010 على التوالي، وأضاف إن إصدار صكوك الشركات قد شهد انتعاشًا في عام 2011، بلغ ما يعادل 87 في المائة (14.6 مليار دولار) من إجمالي إصدارات العام، مقارنة بنسبة 77 في المائة (4.6 مليار دولار) من إجمالي الإصدارات في عام 2010.
وقد تم إطلاق تقرير آرنست آند يانج لصناديق الاستثمار والاستثمارات الإسلامية لعام 2011، حيث ركز تقرير هذا العام على تحقيق النمو في ظل الأوقات العصيبة، وأظهرت نتائج التقرير نمو الأصول المدارة للصناديق الإسلامية العالمية بمعدل 7.6 في المائة لتصل إلى 58 مليار دولار أمريكي في 2010، مقارنة بـ 53.9 مليار دولار في 2009، ويُعزى هذا النمو إلى أداء السوق، كما يرجع بشكل جزئي إلى تدفق أموال جديدة إلى الصناديق، ولا يزال التركيز كبيراً على الأسهم باعتبارها تمثل 39 في المائة من إجمالي قيمة الأصول المدارة للصناديق الاستثمارية الإسلامية العالمية البالغة 58 مليار دولار.
وأشار تقرير آرنست إلى أن عام 2010 شهد إطلاق 23 صندوقاً إسلامياً جديداً، وتمت تصفية 46 صندوقاً، مضيفا أن قطاع الصناديق الاستثمارية الإسلامية يضم نحو 100 مدير صندوق و800 صندوق إسلامي، تمثل 5.6 في المائة فقط من صناعة الخدمات المالية الإسلامية التي تبلغ قيمتها تريليون دولار، وتوقع أن تضيف الثروة السائلة لأصحاب الاستثمارات المتوافقة مع الشريعة أكثر من 70 مليار دولار إلى صناديق الاستثمار الإسلامية بحلول عام 2013.
وتعليقا على التقرير، قال أشعر ناظم رئيس مجموعة الخدمات المالية الإسلامية في آرنست آند يونج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إن التحديات الصعبة لم تنته بعد، وهناك مخاوف جدية من الاحتمال المتزايد لحدوث أزمة ديون سيادية في أوروبا، وهبوب رياح ركود مزدوج على اقتصاد الولايات المتحدة. وسيتواصل تأثير هذين العاملين في أداء مديري الأصول التقليدية والإسلامية حتى نهاية عام 2012.
وحدد التقرير ثلاث أولويات قصوى ينبغي للقطاع التركيز عليها، الأولى في نشأة وهيكلة الصناديق، حيث يواجه مديرو الصناديق معوقات تتمثل في قلة توافر أصول عالية الجودة متوافقة مع الشريعة الإسلامية، وندرة المنتجات الاستثمارية. وكذلك في مواصلة جذب اهتمام المؤسسات والعملاء الأثرياء لضخ الأموال في الصناديق، حيث تكمن نقطة الضعف الرئيسية في هيكلة الأسواق الإسلامية في جميع المناطق باستثناء ماليزيا في الاعتماد المفرط على بعض الصناديق المؤسسية التي شكلت ثلثي مجموع الصناديق الجديدة التي تم إطلاقها في عام 2010. إضافة إلى زيادة الكفاءة التشغيلية، فخفض الرسوم بمقدار 30 في المائة، خلال السنوات الماضية، سيجبر الصناديق على إعادة النظر في استراتيجياتها المتعلقة بالإيرادات والتكاليف، ونموذج التشغيل، والأهم من ذلك، البنية التحتية اللازمة لإدارة المخاطر، كي تتمكن من تحقيق نمو مستدام.
وقال أشعر ناظم إن المشهد الاقتصادي العالمي وعزوف المستثمرين عن المخاطر وتداعيات الربيع العربي، تمثل المخاطر الثلاثة الأكبر التي تقف في طريق مديري صناديق الاستثمار الإسلامية. كما يشكل الوضع الاقتصادي في أوروبا والولايات المتحدة الشاغل الوحيد فيما يتعلق بأداء الأسواق في المستقبل، حيث لن تكون أية منطقة أو سوق في منأى عن ركود اقتصادي مزدوج.
وشهد المؤتمر تكريم مؤسسة الاستثمار الإسلامية الأفضل خلال العام، حيث أجمع الأصوات على تكريم شركة جدوى للاستثمار باعتبارها مؤسسة الاستثمارات الإسلامية الأفضل خلال عام 2011، وذلك عبر إجراءات تصويت فريدة اعتمدت على مقومات الصناعة ذاتها، واستند ترشيح ''جدوى'' على استراتيجية الشركة المعتمدة في إدارة الصندوق بشكل فاعل ومنضبط، كما يستند الترشيح إلى الممارسات ذات المستوى العالمي المعتمدة من جانب الشركة في إدارة الأصول وإلى مستوى الكفاءة الذي أسهم في استمرار التركيز على المدى الطويل على بناء مؤسسة مالية رائدة رغم الأوقات الصعبة التي يمر بها الاقتصاد في الوقت الراهن.

الأكثر قراءة