مختص: تقرير معهد الملك عبد الله عن استيراد 90 % من الأغذية «غير دقيق»
فجر أكاديمي سعودي متخصص في القطاع الزراعي مفاجأة كبيرة، عندما أكد أن التقرير الذي أعده معهد الملك عبد الله للبحوث والدراسات الاستشارية ونشرته ''الاقتصادية'' الأسبوع الماضي حول استيراد 90 في المائة من الأغذية ''يفتقر إلى الدقة''، وأنه ''تجاهل حقائق يمكن أن تغير الوضع تماما''.
#2#
وقال الدكتور عبد العزيز الحربي وهو عضو في الجمعية السعودية للعلوم الزراعية، إن الدراسة اختارت سبع سلع بنت عليها مؤشراتها للاستيراد، بينما هذه السلع مستوردة أصلا ولا يمكن توطينها لأسباب مختلفة سواء بسبب ندرة المياه أو أسباب أخرى مثل القمح والشعير والذرة واللحوم الحمراء. واعتبر القول ''إن 90 في المائة من الأغذية مستوردة غير صحيح، لأنه في حال إدراج أغذية أخرى مثل الألبان والحليب والخضراوات بأنواعها، والفاكهة، والتمور فإن النسبة ستقل كثيرا أو على الأقل تختلف عما صوره التقرير''.
وكان التقرير الذي عنونه المعهد بـ ''الخزن الاستراتيجي للسلع الغذائية في المملكة العربية السعودية'' قد أثار ردود فعل واسعة في الوسط الزراعي والاقتصادي وحظي بتعليقات على الموقع الإلكتروني وفي أعمدة كتاب الرأي، حيث اعتبر أنه مؤشر على خطورة وضع الأمن الغذائي.
وحدد معهد الملك عبد الله للبحوث والدراسات الاستشارية التابع لجامعة الملك سعود، في التقرير ست قضايا مؤثرة في قضية الأمن الغذائي في السعودية، وخمسة تحديات محلية تتعلق بالعرض والطلب، وثمانية عالمية اعتبرها مؤثرة في هذه القضية، في الوقت الذي كشف فيه أن البرازيل تعد أكبر مورد للأغذية في البلاد، يأتي بعدها الاتحاد الأوروبي، ثم الهند وأمريكا.
#3#
وهنا قال الحربي إنه '' لا خلاف على أهمية مناقشة قضية الأمن الغذائي، وتنويع مصادر الواردات بما يكفل المصلحة العليا للوطن، ويضمن الاستقرار السلعي، لكن من خلال دراسات واقعية تأخذ بالاعتبار السلع الرئيسية''. وبين '' يبدو أن المعهد قد اعتمد على السلع التي وردت في مبادرة خادم الحرمين الشريفين للاستثمار في الخارج وهي: القمح، الشعير، الذرة، اللحوم الحمراء، والدواجن، والأرز''. وخلص الحربي إلى أن إغفال سلع رئيسية ظلم للقطاع الزراعي.
وكان التقرير قد توقع أن يرتفع الطلب على القمح في السعودية في 2015 إلى 3.2 مليون طن، من 2.8 طن في 2008، في حين سيرتفع الطلب على الأرز إلى 1.2 مليون طن، من نحو مليون طن في 2008، والسكر إلى 782 ألف طن من 526 ألف طن حاليا، والزيوت النباتية من 423 ألف طن إلى 490 ألف طن، بينما توقع تراجع الطلب على الشعير من 7.1 مليون طن في 2008 إلى 3.7 مليون طن في 2015 في ظل مساعي الدولة لاستخدام الأعلاف المركبة لتقليل الاعتماد على الشعير.
واستعرض التقرير قضية الأمن الغذائي في ظل أزمة الغذاء العالمية التي تعصف بالعالم. وبين أن البنك الدولي عرف الأمن الغذائي عام 1986م بأنه:''تأمين الحصول في كل الأوقات على الغذاء الكافي لحياة سليمة صحيا''. بينما عرفته منظمة الأغذية والزراعة عام 2000 بأنه ''توفير الفرص لجميع الناس وفي جميع الأوقات للحصول على ما يحتاجون إليه من أغذية لمقابلة حاجاتهم التغذوية وتلبية رغباتهم التفضيلية للأطعمة لكي يعيشوا حياة نشطة وسليمة من الناحية الصحية''.
#4#
واعتبر أن الأمن الغذائي المطلق هو الذي يقصد به ''إنتاج الغذاء داخل الدولة الواحدة بما يعادل أو يفوق الطلب المحلي''، وهذا المستوى مرادف للاكتفاء الذاتي الكامل ولذلك يطلق عليه الأمن الغذائي الذاتي، في حين أن الأمن الغذائي النسبي هو الذي يقصد به ''قدرة دولة ما أو مجموعة من الدول على توفير السلع والمواد الغذائية كلياً أو جزئياً''.
ويعرّف أيضا بإمكانية حصول الأفراد في كل وقت على الغذاء الكافي لحياة حيوية وصحية بشروط: (التوافر الدائم لأغذية آمنة ومغذية، إمكانية الحصول على الغذاء المقبول بطريقة مقبولة اجتماعيا دون المساس بالكرامة أو التقاليد). وعرج على الاكتفاء الذاتي فقال إنه يعرف بأنه ''قدرة المجتمع على تحقيق الاعتماد الكامل على النفس وعلى الموارد الاقتصادية والإمكانات الذاتية في إنتاج كل احتياجاته الغذائية محليا''.
وقال التقرير إن التحديات العالمية والمحلية التي تواجهها المملكة لتأمين احتياجاتها من مواد الغذائية بأسعار مناسبة وهي العوامل الخارجية وتنحصر في: تحديات الطلب العالمي، زيادة في الطلب العالمي بسبب النمو السكاني، تحسن مستوى المعيشة لعدد كبير من دول العالم، والتغيرات في عادات الاستهلاك. بينما أن تحديات العرض العالمي هي: تغير المناخ يؤثر سلبا في مستويات الإنتاج المحلي، مضاربات السوق، عدم كفاية الاستثمارات الزراعية في البلدان النامية، زيادة استخدام المحاصيل الأساسية فى إنتاج الوقود الحيوي، الحد من الصادرات الغذائية بسبب الحواجز التجارية ومنها: قرارات حظر التصدير التي فرضتها بعض البلدان، والحصص المفروضة على الصادرات.
أما العوامل المحلية فإن تحديات الطلب المحلي تنحصر في زيادة في الطلب بسبب النمو السكاني، ارتفاع في مستويات الدخل الفردي مما يؤدي إلى ارتفاع الطلب على المنتجات الغذائية، الطلب القوي على الصادرات السعودية الصناعية الغذائية.
أما تحديات العرض المحلي فهي: عدم قدرة الزراعة المحلية على تحقيق الاكتفاء الذاتي والاعتماد الكبير على الواردات، تركّز الاستيراد على مجموعة من الدول لتوريد السلع المستهدفة للمملكة.
#5#
واستعرض الإجراءات الحكومية والترتيبات التي اتخذتها المملكة للتعامل مع أزمة الغذاء وهي: قرار مجلس الوزراء رقم (11) وتاريخ 19/1/1429هـ والمتضمن عدداً من الإجراءات لمعالجة ظاهرة ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة ومنها: تحمل الدولة نسبة 50 في المائة من رسوم الموانئ التي تحصلها الدولة وذلك لمدة ثلاث سنوات. تحمل الدولة لمدة ثلاث سنوات 50 في المائة من رسوم جوازات السفر ورخص السير ونقل الملكية وتجديد رخص الإقامة للعمالة المنزلية. إضافة بدل يسمى ''بدل غلاء معيشة'' إلى رواتب موظفي ومستخدمي ومتقاعدي الدولة سنوياً بنسبة 5 في المائة وذلك لمدة ثلاث سنوات. زيادة مخصصات الضمان الاجتماعي بنسبة 10 في المائة. استمرار دعم السلع الأساسية للتخفيف من حدة ارتفاع أسعارها ومراجعة ذلك بعد ثلاث سنوات.
كما صدر قرار مجلس الوزراء رقم (89) وتاريخ 23/3/1429هـ القاضي بأن تتحمل الدولة الفرق بين فئة الرسم المطبقة بموجب التعريفة الجمركية الموحدة لدول مجلس التعاون الخليج العربية ورسم الحماية المطبق حالياً في المملكة حيث شمل هذا القرار (180) سلعة منها (86) سلعة غذائية كان من أهمها (الدواجن والبيض والحليب طويل الأجل ). كما صدر قرار مجلس الوزراء رقم (125) وتاريخ 29/4/1429هـ المتضمن بعض الإجراءات للحد من ارتفاع الأسعار في السلع الغذائية وضمان استقرارها ومن أهمها:
منع أي نوع من الممارسات الاحتكارية إعادة النظر في الوكالات التجارية لمنع الاحتكار. تكثيف جهود مراقبة الأسعار ومكافحة الغش التجاري. تقديم الدعم المالي اللازم لوزارة التجارة والصناعة بما يتضمن قيام الوزارة بالدور المنوط بها وخاصة مراقبة الأسعار. تشجيع الاستثمار الزراعي السعودي في الخارج. إنشاء شركة سعودية قابضة للاستثمار الزراعي والحيواني في الدول الأخرى.