أيقونة وادي السليكون يغيب .. واختراعاته تعلن رحيله
قابل العالم نبأ رحيل ستيف جوبز، المبتكر الفذ الذي أعاد تشكيل صناعة الكمبيوتر والموسيقى والهاتف المحمول في العالم وغيّر العادات اليومية، وكان يعتبر أيضا قلب وروح شركة أبل، بعد صراع دام عاما مع سرطان البنكرياس بعبارات التأبين من زعماء عالميين ومنافسين في قطاع الأعمال ومحبيه الذين أبدوا حزنهم على رحيله وأثنوا على إنجازاته الكبيرة.
وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما: لقد فقد العالم رجلا صاحب رؤية. وربما يكون أعظم إطراء على نجاح ستيف هو حقيقة أن الكثير حول العالم علموا بنبأ وفاته على جهاز هو الذي اخترعه.
وتجمع محبو جوبز خارج متاجر ''أبل'' حول العالم من لوس أنجلوس إلى سيدني. وخارج أحد المتاجر في مدينة نيويورك صنع محبوه هيكلا تذكاريا من الشموع وباقات الزهور وتفاحة وجهاز آي.بود تاتش. وفي سان فرانسيسكو رفعوا صورة بالأبيض والأسود لجوبز على أجهزة آي.باد.
#2#
وتحول كثير من المواقع الإلكترونية ومن بينها موقع ''أبل'' إلى صفحات تأبين إلكترونية في شاهد على الإبداع الرقمي الذي كان جوبز مصدر إلهام فيه.
وقال بيل جيتس، مؤسس مايكروسوفت الذي تفوق يوما على جوبز، لكن مؤسس ''أبل'' استحوذ على مكانته الأسطورية في السنوات الأخيرة ''بالنسبة لمن أسعدهم الحظ بالعمل معه كان ذلك شرفا بالغا''.
وأوضحت أبل في وقت متأخر أمس الأول أن زوجة جوبز وأسرته كانوا بجواره عند وفاته في بالو التو في ولاية كاليفورنيا. ولم يتسن الحصول على الفور على مزيد من التفاصيل.
#3#
وترك جوبز منصبه كرئيس تنفيذي لشركة أبل في آب (أغسطس) الماضي وسلم القيادة لتيم كوك الذي تولى منصب مدير التشغيل لفترة طويلة.
ويقول معظم المحللين والمستثمرين: إن جوبز الذي كان مولعا ببساطة التصميم وعبقريا في التسويق وضع أساسا يمكّن الشركة من مواصلة الازدهار بعد وفاته. لكن ''أبل'' ما زالت تواجه تحديات في غياب الرجل الذي كان أكبر مصممي منتجاتها وأستاذا في التسويق ورجل مبيعات لا يبارى.
وتستحوذ الهواتف التي تعمل بنظام تشغيل اندرويد من جوجل على حصة متزايدة في السوق وهناك تساؤلات عن الإنجاز الكبير التالي في خط إنتاج ''أبل''.
#4#
وغيّر جوبز الذي لم يكمل دراسته الجامعية ورباه أبواه بالتبني عالم التكنولوجيا في أواخر السبعينيات حينما أصبح ''أبل2'' أول كمبيوتر شخصي يحظى بالانتشار. وفعلها مجددا في 1984 بجهاز ماكنتوش الذي استفاد من التكنولوجيا المتقدمة التي طورتها زيروكس بارك وشركات أخرى لخلق تجربة الحوسبة الشخصية كما نعرفها اليوم.
ودفعته طبيعته المتمردة التي كانت مكونا رئيسا في شخصيته لترك الشركة في 1985، لكنه عاد إليها في 1997 وبعد سنوات قليلة بدأ طرح ثلاثية المنتجات التي أحدثت انقلابا في صناعات كبرى وهي اي.بود واي.فون وآي.باد.
ولم يتأثر جوبز وأبل كثيرا بتشخيص بإصابته بنوع نادر من سرطان البنكرياس في 2004، حيث أكد الرئيس التنفيذي أن مرضه يمكن الشفاء منه. لكن صحته تدهورت سريعا خلال السنوات الماضية وبعد إجازتين مؤقتتين ترك جوبز منصبه ليتولى رئاسة مجلس إدارة أبل في آب (أغسطس).
#5#
وتوفي جوبز بعد يوم واحد فقط من إزاحة كوك الستار عن إصدار جديد من هاتف آي.فون في حدث احتفالي من النوعية التي أصبحت ماركة مسجلة باسم جوبز.
وربما كان من قبيل الصدفة أن لاقى الجهاز الجديد استقبالا فاترا، حيث قال
كثيرون إنه لا فارق كبيرا بينه وبين الإصدار الذي سبقه من أحد أنجح المنتجات الاستهلاكية في التاريخ.
وكرمت ''أبل'' قائدها الفذ أمس الأول بتحويل الصفحة الرئيسية لموقعها الإلكتروني إلى صورة كبيرة بالأبيض والأسود لجوبز بجوارها تعليق يقول: ''ستيف جوبز 1955-2011''.
ونكّست الشركة أعلامها خارج مقرها الرئيس وترك الموظفون الزهور على مقعد، بينما عزف رجل موسيقى القرب. وقال كوك في بيان: إن ''أبل'' تخطط لعقد احتفالية للموظفين لتكريم جوبز ''قريبا''.
وأوضحت ''أبل'' في بيان ''ذكاء جوبز وحماسه وطاقته كانوا مصدر ابتكارات لا تحصى أثرت وحسنت حياتنا جميعا''. وخارج منزل جوبز في بالو التو ترك الجيران والأصدقاء الزهور وكتبوا رسائل على الرصيف قالت إحداها: ''شكرا لك لأنك غيرت العالم''.
وعند مقر الشركة في مدينة كوبرتينو قالت شيترا عبدول زادة العاملة في الرعاية الصحية ''في ظني لا فرق بينه وبين باستور'' في إشارة للعالم الفرنسي لويس باستور.
وارتحل بن تشيس (29 عاما) وهو مهندس في شركة للإنترنت وعمل لفترة في أبل من سان فرانسيسكو إلى مقر ''أبل'' بعد انتهائه من العمل ليضع باقة من الزهور. وقال ''هذا هو ما ينبغي عمله''. وبدا على محبي الكمبيوتر في الصين التأثر الشديد.
وقال جين يي (27 عاما) في أكبر متجر لـ''أبل'' في شنغهاي الذي افتتح الشهر الماضي ''جئت إلى هنا لأرى كيف سيكون العمل في أول يوم بعد وفاة ستيف جوبز''. وأضاف: ''جئت أيضا للحداد على طريقتي. إنها خسارة كبيرة اليوم. لقد صنع هذه الأجهزة التي غيّرت مفهوم الناس عن الآلة. لكنه لم يعش ليشهد الخطوة الأخيرة التي تنصهر حياة الناس عبر اختراعاته مع تلك الأجهزة''.
وفي هونج كونج وضع تشارانتشي تشيو زهرة دوار الشمس ووردة بيضاء إمام متجر ابل وسط المدينة.
وقال ''أشعر بالحزن. كنت أتمنى أن يعيش لفترة أطول''، مضيفا أنه كان قد أرسل إلى جوبز رسائل بها نصائح طبية ونصحه برياضة تاي تشي القتالية التي تحافظ على صحة من يمارسونها.
وكان بعض الذين تدفقوا على متاجر أبل عند سماء نبأ وفاة جوبز يفكرون في مستقبل أبل بدون أحد أهم مؤسسيها.
وأمام متجر أبل في منهاتن قال جوليرم فيراز (44 عاما) وهو رجل أعمال برازيلي ''كان لديهم متسع من الوقت للتحضير للعملية الانتقالية... سيواصل توم كوك مسيرته''.
ويعد ستيف جوبز الذي يلقب بـ''أيقونة وادي السليكون'' شخصية رائدة شاركت في تأسيس الشركة عام 1976 وإطلاق أهم منتجاتها من كمبيوتر ''ماكنتوش'' إلى جهاز ''آي باد''، وذلك بعد إصابته بنوع نادر من سرطان البنكرياس.
وكان جوبز منذ يناير الماضي وحتى وفاته في عطلة مرضية أعلن خلالها في 24 آب (أغسطس) الماضي استقالته كمدير عام لشركة أبل، تاركا هذا المنصب لمساعده تيم كوك.
وعلى الصعيد الاقتصادي والمالي هبطت أسهم ''أبل'' في بداية تداولات بورصة فرانكفورت أمس، بعد وفاة ستيف جوبز الرئيس التنفيذي السابق للشركة.
وبحلول الساعة 06:16 بتوقيت جرينتش انخفضت أسهم الشركة المدرجة في بورصة فرانكفورت 3.3 في المائة.
وقال روجر بيترز، عضو مجلس إدارة شركة كلوز براذرز سايدلر: هذا الخبر يطغى اليوم على الأقل على المناقشات الدائرة بشأن الأزمة المالية.