مختص: «مؤسسة النقد» معنية بالمبادرة في مجال المصرفية الإسلامية

مختص: «مؤسسة  النقد» معنية بالمبادرة في مجال المصرفية الإسلامية

أكد مستشار مالي أن مؤسسة النقد السعودي «ساما» معنية بالمبادرة نحو مجالات متقدمة ورائدة في مجال المصرفية الإسلامية، وذلك عبر تكوين كيانات قانونية مستقلة وسياسات ذات شفافية عالية ولوائح وقواعد عمل تلتزم بأحكام الشريعة الإسلامية، مضيفا أن على المؤسسة الاستجابة لمطالب التقنين والتشريع للعمل المصرفي الإسلامي، واتخاذ خطوة عبر التفريق في معايير الإفصاح وعرض المعلومات المالية ونوعية التقارير ومعايير الضبط بين العمليات المصرفية الإسلامية وغيرها.
وقال الدكتور عمر زهير حافظ المستشار المالي لـ ''الاقتصادية''، إن مؤسسة النقد العربي السعودي لم ترخص للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية الخاصة التي أسست في خارج السعودية، ولم تسمح لها بفتح فروع لها رغم انتشارها وخضوعها لرقابة وإشراف بنوك مركزية في دول شقيقة، وقال: إذا كانت البنوك التجارية المرخصة في السعودية قد اقتحمت مجال الأعمال المصرفية الإسلامية في ظل عدم اعتراض المؤسسة عليها، إلا أنني لا أعلم أن المؤسسة قد أصدرت لوائح أو تعليمات أو قواعد خاصة بذلك، أو عدلت نظام مراقبة البنوك، أو سمحت باتباع المعايير المحاسبية للمؤسسات المالية الإسلامية المعتمدة، كما فعلت العديد من البنوك المركزية في دول الخليج وغيرها.
وأضاف حافظ إن التجارب دلت على أهمية تعزيز استقلالية المؤسسات المالية الإسلامية وعدم مناسبة الخلط والتداخل، فلكل منهجه وسياساته مما يمكن البنك المركزي من وضع المعايير والتوجهات المناسبة للسياسات النقدية والتمويلية، متوقعا أن تنحو مؤسسة النقد السعودي هذا المنحى الذي طال انتظاره، وأصبح استقلال الكيانات القانونية للمصارف الإسلامية واجبا تمليه قواعد العمل المصرفي وشفافية السياسات النقدية والتمويلية، والمعايير الدولية التي تصدرها الجهات المختصة، مشيرا إلى تجاوب عُمان والإمارات مؤخرا مع دعوات تعزيز استقلالية المؤسسات المالية الإسلامية.
وأكد حافظ أهمية وجود مرجعية عليا للمؤسسات المالية الإسلامية ودائرة متخصصة في مؤسسة النقد السعودي، مضيفا أن استمرار الخلط والازدواجية في القطاع المصرفي لا يخدم مصلحة الاقتصاد الوطني.
وفي وقت سابق أشار حمود بن سنجور الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العُماني إلى أنه يجري العمل حاليا للتنسيق مع مكتب مفتي عام سلطنة عُمان لتشكيل هيئة مركزية على مستوى السلطنة لوضع الضوابط والمعايير التشريعية لأنشطة المؤسسات المصرفية المتعاملة بالمنتجات الإسلامية، إلى جانب إنشاء لجان شرعية داخل المؤسسات نفسها للتأكد من أن المنتجات المصرفية في هذه المؤسسات متوافقة مع الشريعة الإسلامية. كما أعلن المصرف المركزي في الإمارات عن دراسة تأسيس هيئة شرعية مركزية تقوم على إصدار تراخيص للبنوك والمؤسسات الإسلامية الجديدة، ووضع الضوابط والمعايير الشرعية لنشاط المصارف الإسلامية في الدولة، وتمثل مرجعية لفتاوى المعاملات المالية الإسلامية، وذلك لمعالجة المشكلات الناتجة عن تعارض الفتاوى الصادرة عن الهيئات الشرعية المحلية في البنوك الإسلامية. ويأتي ذلك في ظل وجود تطبيقات مماثلة وناجحة في عدد من الدول العالمية كماليزيا وإيران، والتي أثبتت نجاحا واضحا في الحد من مشكلات تضارب الفتاوى، الأمر الذي يؤدي إلى تحفظ في أوساط المتعاملين مع البنوك الإسلامية.
وقال حافظ إن على السعودية كي تكون صاحبة نفوذ في المصرفية الإسلامية، أن تبادر نحو مجالات متقدمة ورائدة في مجال المصرفية الإسلامية، بتكوين كيانات قانونية مستقلة وسياسات ذات شفافية عالية، وأنظمة ولوائح وقواعد عمل نموذجية، ملتزمة بقواعد الشريعة الإسلامية، وأضاف أن السعودية أولى الدول بهذه الريادة والنفوذ، ومكانتها تفرض على الآخر احترامها وإتاحة الفرصة لها لكي تكون مبادراتها نافذة متقدمة.
وحول إمكانية اضطرار البنوك الإسلامية السعودية مستقبلا للانتقال إلى دول مجاورة لتجاوز عُقد البيئة التشريعية المناسبة، قال حافظ إنه لا يتوقع ذلك لأن مؤسسة النقد لا بد أن تستجيب لمطالب التقنين والتشريع للعمل المصرفي الإسلامي ولا يمكن أن تبقى الأمور على ما هي عليه من عدم الوضوح، والازدواج والضبابية. والإدارة الحالية في المؤسسة لا شك حريصة على تحقيق آمال الناس التي لا تتعارض مع المصلحة الوطنية والاقتصادية والمالية، وأنا متفائل جدا بأن المؤسسة ستتجاوب لأن هذا يحقق مصلحة الوطن والمواطن.
وحول الدافع وراء غياب السياسات النقدية الخاصة بالبنوك الإسلامية، والإشراف على هذه المؤسسات وفقا لمعايير الإشراف على البنوك التقليدية، أشار حافظ إلى أن السياسات النقدية للاقتصاد الوطني عديدة الجوانب، وهي عبارة عن إجراءات وقرارات تتخذها المؤسسة، وأدوات تعبر عن أهدافها في الاقتصاد وتحريك متغيراته، وعرض نقوده، وتوازن قوى العرض والطلب على الأدوات المالية، ولا شك أن السياسات النقدية في ظل مصرفية إسلامية تختلف عنها في ظل غيرها، وقواعد الإشراف التي تعكس السياسات النقدية ستختلف بالضرورة، والسؤال الذي يفرض نفسه، هل يمكن أن تكون هناك سياسات نقدية ناجحة وفاعلة لتحقيق الأهداف الوطنية العليا في الاقتصاد، في اقتصاد تتعايش فيه مصرفية تقليدية ومصرفية إسلامية، في نفس الوقت، وهل ستتعارض السياسات النقدية في كل نوع، أم يمكن أن تتعايش هذه السياسات كما تعايشت الوحدات المصرفية؟ وما أرجو أن تقدم عليه المؤسسة دون تأخير كخطوة في الطريق أن تفرق في معايير الإفصاح وعرض المعلومات المالية ونوعية التقارير ومعايير الضبط، بين العمليات المصرفية الإسلامية وغيرها، بحيث يصدر كل بنك سعودي تجاري يقدم الخدمات المصرفية الإسلامية تقريرا ماليا مستقلا بناء على معيار العرض والإفصاح للمؤسسات المالية الإسلامية.

الأكثر قراءة