غرفة المدينة المنوّرة تقرّر: لا مكان بعد للسيدات
قبل خمسة أعوام، حاولت طبيبتان تملكان مركزين خاصين في المدينة المنورة، منافسة الرجال للوصول إلى مقاعد مجلس إدارة الدورة الـ11 في تاريخ الغرفة التي أسست في منتصف الستينيات الميلادية. غادرت الاثنتان سريعا حلبة المنافسة؛ استجابة لضغوط الرجال، وأخذ الرجال الناجحون مجلس غرفتهم إلى حيث الضياع ورحلة الانسحابات المتكررة.
حاولت الطبيبتان نهاد سنبل ووفاء طلبة قبل ذلك الوصول إلى المرحلة الأخيرة من الانتخابات، إلا أن الضغوط المختلفة أسرعت في خروجهما وتنازلتا عن حلمهما لجيل يأتي بعدهما. في هذه الدورة تأتي ثناء حسين عشماوي من خلفية العمل في فضاءات الإعلام المختلفة إلى تقديم نفسها بقوة مع أسماء المرشحين، في وقت عجز فيه كثير من الرجال عن وقوف الموقف ذاته، كما يقول زميلها المرشح طلال اللقماني الذي يعرف معنى أن يقدم أحدهم على المنافسة في ظل الظروف السيئة التي عاشتها الغرفة في الأعوام الماضية لدرجة لم يتوقع فيها بعض المرشحين أن تزيد نسبة الإقبال على المرشحين على نحو 200 ناخب من تجار المدينة من بين سبعة آلاف منتسب.
#2#
المفاجأة حدثت يوم الاقتراع، كان الإقبال كثيفا لدرجة أربكت المرشحين، فرح الرجال المرشحون، وفي المقابل زاد الضغط على المرشحة الوحيدة لدرجة جعلتها توقن من منتصف اليوم الانتخابي أنها لن تحظى بالفوز بأصوات الناخبين وهم في جلهم رجال لا يعرفون لها برنامجا، ولا يقيمون معها اتصالا، ولا يؤمن أغلبهم بحظ المرأة في الحصول على مقعد بين الرجال، حتى وإن كان بعض الرجال مسؤولين بدرجات متفاوتة في السقوط المدوي للغرفة في أعوامها السابقة "رجال حرموا الغرفة من مشاركة طبيبتين كنهاد سنبل ووفاء طلبة وجاؤوا بمن لم يزد الغرفة سوى صريخ وتدهور"، كما يقول ناخب يصف نفسه بالمستنير فيما يرد آخر: "ليست المشكلة في الرجال ولا في النساء ولكنها الإرادة حين تكون في اتجاهها الصحيح".
نحو 300 سجل تجاري لامرأة في غرفة المدينة المنورة إلا أن الأخبار عن المشاركة النسائية في هذه الدورة من الانتخابات لا تبشر من تريد تكرار التجربة بعد ثناء عشماوي التي حصلت على أصوات جعلتها في المركز قبل الأخير، حيث الأخير حصل على ثلاثة أصوات فقط ومن هو قبلها قد تحصل على سبعة أصوات؛ ما يعني أنها حصدت "بضعة" أصوات لم تكن كافية سوى لتجربة تستحق أن تدرس.
وفي محاولته لتفسير انخفاض الإقبال من جانب السيدات رغم وجود أكثر من 300 سجل تجاري بأسماء نسائية، قال أحمد الدوس مساعد الأمين العام للغرفة التجارية في المدينة المنورة: "إن ذلك قد يفسره وجود الكثير من الأسماء الوهمية أو الديكور لرجال أعمال يتخفون خلف أسماء نسائية لأسباب تتعلق بكونهم موظفين حكوميين أو ممن لا يحق لهم فتح سجلات تجارية بأسمائهم".
تبقى تجربة عشماوي تطورا جديدا في مشهد انتخابات المدينة ينتظر فقط أن يتكرر باستخلاص الدروس والعبر عبر أمثلة قادمة تمهد الطريق لنجاح يسجل باسم الغرفة لا باسم المرأة فقط كما تقول مضاوي الحسون، عضو مجلس الأعمال في مجلس الغرف السعودي التي علقت على خسارة عشماوي لمقعد في الغرفة بالقول "الغرفة هي من تخسر حين لا تنجح فيها السيدات"، فيما قالت عشماوي: "قرار الملك عبد الله بمشاركة المرأة في مجلس بحجم مجلس الشورى يجعلني أحتفظ بتفاؤلي بأن أهدافي لن تضيع سدى وستجد طريقها للتنفيذ، ولن يعوقني كوني امرأة أن أضع الحلول بين أيدي من يملكون القرار". وكانت أسماء الفائزين في غرفة المدينة المنورة قد أعلنت في وقت متأخر من مساء البارحة الأولى، وربح من فئة التجار: ياسر السحيمي، بأعلى نسبة من أصوات المقترعين بلغت 127 صوتا، فيما حل عبد الله عاكف ثانيا بـ87 صوتا، تلاه فهد عليان المغير بـ71 صوتا، في حين فاز محمود رشوان بـ47 صوتا، وطلال اللقماني بـ45 صوتا، تلاهما عبد الغني الأنصاري بـ42 صوتا، مجد المحمدي بـ39 صوتا.