في حرب الخليج اتخذ رأس مشعاب مقرا

في حرب الخليج اتخذ رأس مشعاب مقرا
في حرب الخليج اتخذ رأس مشعاب مقرا
في حرب الخليج اتخذ رأس مشعاب مقرا

يرحل العظماء وعند وداعهم يفتح الملف الاستثنائي لهم، من بسطاء الناس وعامة الشعب، و يشّرع المقربون منهم أبوابهم لمشاعرهم، ودموعهم وأحزانهم عليهم، ومواقفهم التي لا تنسى معهم، يكشفون من خلالهم جوانب لم تكن لتقال في حياتهم.
يحكي لـ "الاقتصادية" الفريق أول ركن صالح بن علي المحيا رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة سابقا، مستعرضا بعض جوانب شخصية الأمير سلطان بن عبد العزيزـ يرحمه الله ـ كونه أحد كبار قادة القوات المسلحة وعاصر العديد من المهام العسكرية مع الراحل بقوله: "الأمير سلطان منذ أن تولى مهمته كوزير دفاع وهو يعايش القوات المسلحة حيث كانت لا شيء فيما يتعلق بمنظومات التسليح بالذات، وهو باني القوات المسلحة الحديثة وكان ملما وعارفا بواقع القوات المسلحة من خلال متابعته القريبة لكل الأمور المتعلقة بالقوات المسلحة".

#2#

#3#

وأضاف: من ناحية التطوير فهو من وجه في ذلك الوقت الإدارة العامة للتخطيط والميزانية بعمل الترتيب والتنسيق مع كافة أفرع القوات المسلحة لتحديد متطلباتها فيما يتعلق بالخطط الخمسية فبدأنا بالخطة الأولى والثانية والثالثة والرابعة وهكذا استمر الحال حتى الوقت الحاضر، وفي هذه الخطط تبعا للأولوية والحاجة الملحة لكل قوة وتضع خطتها وتوضع في الاعتبار التكاليف الإجمالية لكل خطة بحيث لا تكون مبالغا فيها بحيث يسهل على صاحب القرار اتخاذ القرار فيما يتعلق بالتكاليف لأن هذا يأتي في الإطار العام لميزانية الدولة، وكان متابعا لكل صغيرة وكبيرة تتعلق ببناء القوات المسلحة وتطورها بما يحقق مهامها المناطة بها أو التي تسند إليها.
واسترسل المحيا يقول: كان الراحل متابعا دقيقا ومعايشا لواقع القوات المسلحة، فمثلا في حرب الخليج كان يأتي للمنطقة الشرقية ولا يقيم في المدن الرئيسية ولكنه اتخذ من ميناء رأس مشعاب مقرا له وكان قريبا جدا من موقع مركز القيادة الخلفية لقوة الواجب ضمن قوات التحالف، فكان يعايش ـ رحمه الله ـ واقع القوات وظروفها والمهام المناطة بها والنشاطات اليومية التي تقوم بها القوات المسلحة، وكان يجلس ثلاثة و أربعة إلى خمسة أيام في رأس مشعاب ليتابع وضع القوات المسلحة عن قرب في منطقة العمليات.
وتابع رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة سابقا كانت توجيهات الفقيد ـ يرحمه الله ـ واقعية جدا وكأنه رجل عسكري أكثر من العسكريين الذين التحقوا بدورات وتأهلوا وإلى آخره وهذا بحكم خبرته الطويلة وكما قلت هو من بنى القوات المسلحة ويدرك مقدرات وإمكانيات القوات المسلحة في إطار المهمة التي قد تناط بالقوات المسلحة لمواجهة أي نوع من التهديد.
أما في الجانب الإنساني فيكفي أن الأمير سلطان إنسان وباختصار لم يأته صاحب حاجة سواء كان عسكريا أو مواطنا عاديا إلا ولبى حاجته وهو يجسد بذلك حقيقة الإنسانية التي يتمتع بها، وله مواقف إنسانية عديدة لا يمكن حصرها أو إحصاؤها، ولا يعرف أنه وصله إنسان يطلب منه المساعدة أو العون إلا وأجابه رحمه الله.
وكشف الفريق بن محيا في سرده عن حياة الفقيد حيال اتخاذه قرارا كان نقطة تحول في مسيرة القوات المسلحة والذي بموجبه تشكلت هيئة الأركان العامة وتشكلت قيادات أفرع القوات المسلحة من خلال الإعداد والبناء لقيادة القوات البرية ثم قيادة القوات الجوية والبحرية والدفاع الجوي، وهذا في الحقيقة أوجد نوعا من المرونة والصلاحيات للقيادات على مختلف مستوياتها بما يسهل إيجاز العمل وتجنبا للتراكم والمركزية غير المقبولة وتعطل كل الإجراءات سير العمل والإنجاز، وكل يرفع له لطلب الموافقة أو أخذ التوجيه طبقا لصلاحيته.
وذكر رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة سابقا هناك موقف يتعلق بالعمل، والراحل يتميز بخاصية وهي أنه إذا اتخذ قرارا ثم أتى من يعرض عليه خلفية للموضوع وتبين له حيثيات جديرة بالنظر فيقتنع بها ولم يقنع لكنه اقتنع على المستوى الشخصي بها وبواقعيتها فيتراجع عن قراره وهذا على مختلف المهام التي شغلتها كنت أتحدث للضباط ومن له علاقة بالعمل وكان يعتقد البعض أنني أحاول المجاملة فكنت أقول إن الأمير سلطان يمتلك قناعة ويتراجع في بعض القرارات التي توضح له الخلفية الحقيقية ثم أتت فرصة في مرة من المرات اتخذ ـ رحمه الله ـ قرارا ثم بينت له خلفيات الأمر ولم يعلق بكلمة ولكن في اجتماع له ـ رحمه الله ـ مع الضباط كان هناك أكثر من 250 ضابطا في مكتبه في حي المعذر الشمالي، فاجأني ـ يرحمه الله ـ وفاجأ الجميع باعتذاره لأحد الضباط الذي كان موجودا في الاجتماع وتراجع عن قراره بكل جرأة وشجاعة ويقدر ذلك الضابط حق التقدير لأنه لا يحب أن يظلم أحدا فالراحل كان مدرسة لنا في القوات المسلحة.

الأكثر قراءة