أمية الخلاف
نحتاج لإشاعة ثقافة الاختلاف، منذ مرحلة الطفولة: سواء في المنزل أو المدرسة. الطفل الذي يطرح رأيا مختلفا ليس شرطا أن يكون مشاكسا أو قليل أدب، إذ هو يحمل رأيا مستقلا من الضروري أن يتم التعامل معه وفقا لهذا السياق.
هذه التربية تؤسس لقيام مجتمعات رحبة، تتمتع بقدر على فهم الاختلاف باعتباره ثراء، لا خصومة تستدعي العداء.
إن أمية الخلاف والاختلاف تتغلغل في النفوس فتظهر من خلال تعبيرات صارخة وممارسة حادة من أجل الإقصاء، تتلبس بأشكال متعددة لكن منتجها النهائي لا يخرج عن السياقات العاطفية كما هو حال الطرح العنصري الذي يتدثر دوما بالفعل الجغرافي أو القبلي أو الأسري أو الشعوبي...إلخ.
اللافت في بعض مؤسساتنا التربوية والأكاديمية ـ مثلا ـ أن الصوت المختلف يدفع الثمن غاليا. فالمعلم أو المعلمة، في كثير من مجتمعاتنا العربية هو مصدر الحقيقة، وعلى الطلاب أن يفتحوا عقولهم وأدمغتهم للحقن الذاتي. أي محاولة لممارسة نوع من الاستقلال غير مرغوب فيها. وحتى إن أخطأ المعلم أو المعلمة، فليس مطلوب من المتلقي سواء كان طالبا أو طالبة سوى تجاهل هذا الخطأ حتى لا يدفع الثمن غاليا.
واحد من الزملاء المميزين في التفكير، اضطر إلى أن يقطع دراسته الجامعية، بعد أن تعرض لضغوط شديدة من أكاديميين ترصدوا له لأنه كان يناقشهم في بعض ما يطرحونه من أفكار. كانت الموجة أعلى منه.
توارت أسماء الذين وقفوا ضده، وأكمل الرجل طريقه بدون شهادة الجامعة، وأصدر مجموعة كتب ضمنها أفكاره التي لقيت صدى واسعا. كان يفكر باستقلالية جعلته يقرأ الصورة بعيدا عن وصاية الأكاديمي...المستبد برأيه أحيانا.