معركة استنزاف الشعير تدفع المربين للتخلص من أجيال الماشية
لا تبدو الفرحة ظاهرة على ''ضمير العنزي'' رغم أنه باع للتو خروفين يبلغ عمرهما ثلاثة أيام وخمسة أيام على التوالي بسعر 635 ريالا لكل منهما، والمبلغ الذي يعد كبيرا للوهلة الأولى ويمثل عشرة أضعاف السعر المتداول قبل بضع سنوات لا يرضي طموحات رعاة الماشية الذين يقولون إنهم مروا بما يشبه حرب الاستنزاف في مواجهة نقص الأعلاف أو ارتفاع أسعارها، وربما الاثنين معا، كما حصل خلال الشهور الأخيرة حين أجبروا على الانتظار يوميا ولساعات طويلة من أجل الظفر بحصص لا تذكر من الشعير.
وقال العنزي لـ ''الاقتصادية'' إن أزمات الأعلاف المتكررة دفعت كثيرا إلى التخلي عن مواشيهم لارتفاع تكلفة الإنتاج والحاجة إلى بيع عدة أجيال من أغنامهم لاسترداد التكاليف، لذا فهو لا يفاجأ من ارتفاع الأسعار، ويقول إنه بات من الطبيعي أن ترى خروفا وليدا فاجأ المخاضُ أمه في سوق الأغنام لتلده على مرأى من مرتادي السوق يباع بـ 500 ريال حتى قبل أن يكمل رضعته الأولى، وأضاف قائلا ''يريد البائع تعويض ما أنفقه، ويعلم من اشترى هذه الخراف الصغيرة أن الأسعار ستبقى في مستويات مرتفعة جدا إذ لا توجد أي مؤشرات على حصول خلاف هذا، لذا يعمدون لشرائها صغيرة وتربيتها لأشهر معدودة قبل بيعها بضعف الثمن''.
وإثر سنوات متواصلة من الجفاف يعتمد مربو الماشية على الشعير الذي تستورد السعودية وحدها نصف إنتاج العالم منه وتدعمه كسلعة تموينية، ولم تنته آخر أزمات نقص الشعير التي عصفت بالأسواق سوى قبل أيام قليلة. وتؤكد مصادر حكومية أن السوق السعودية لديها حاليا ما يكفي حاجتها من الشعير، وأن عرض الكميات الموجودة في السوق يفوق الطلب بنحو خمسة آلاف طن يوميا، وهو ما يمثل 20 في المائة من الاستهلاك اليومي. ويسعى صندوق التنمية الزراعية إلى دعم مشاريع إكثار الماشية للحد من تدني إنتاجية قطاع اللحوم الحمراء لتغطية حاجة السوق المحلية وموسم الحج الذي تنحر فيه آلاف الأضاحي، ويقول الصندوق إن هذا الضعف يعود لبدائية أساليب التربية وقلة خبرة أصحاب المشاريع وتدني نسب الولادات بالأغنام المحلية. ويقول مراقبون إن أسعار الأغنام في السعودية سجلت خلال الأعوام الخمسة الماضية قفزات كبرى، وإن حلول موسم ربيعي دون المتوسط قبل عامين على مناطق شمال المملكة التي تحظى بمعظم الثروة الحيوانية أسهم في انخفاض الشعير إلى نحو 13 ريالا، لكنه لم يعيد أسعار الماشية إلى سابق عهدها.