تقديرات رسمية: 899 ألف حاج مخالف كسروا الحواجز الأمنية
كشفت إحصائيات رسمية أعلنت أمس من مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات تسرب نحو 899 ألف حاج مخالف إلى المشاعر المقدسة لايحملون تصريح الحج من الجهات الرسمية. وبينت المصلحة أن في إحصاءات الحج لهذا العام بلغ إجمالي عدد الحجاج (2.927.717)، منهم (1.828.195) مليون من خارج المملكة، والبقية وعددهم (1.099.522) من داخل المملكة الغالبية العظمى منهم من المقيمين غير السعوديين. وفي وقت أعلنت فيه وزارة الحج التصريح لنحو 200 ألف حاج عبر شركات ومؤسسات حجاج الداخل، يتضح من خلال لغة الأرقام أن هناك 899 ألف حاج مخالف استطاعوا كسر الحواجز الأمنية والتسرب إلى المشاعر المقدسة مشكلين بذلك حجاجا مخالفين. ويعد التسرب إلى المشاعر المقدسة، والحج المخالف، ظاهرة مصاحبة ومقلقلة لموسم كل حج، فرغم الحزم وسن الأنظمة والحملات الإعلامية التى تعلنها إمارة منطقة مكة المكرمة كل عام في جميع مناطق ومدن المملكة من أجل تنظيم عملية دخول المشاعر المقدسة ورفع شعار "لاحج إلا بتصريح" وهو الشعار الذي يطبقه أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل على نفسه عندما يعلن أمام وسائل الإعلام ويشهر تصريح الحج في رسالة واضحة بأن النظام لايستنى أحدا. "الاقتصادية" فتحت ملف الحج المخالف، واستطلعت آراء العديد من الجهات المعنية بهذا الملف:
إمارة منطقة مكة: المخالفون يؤثرون في جودة الخدمات
أكد الدكتورعبد العزيز الخضيري وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة ورئيس اللجنتين التحضيرية والتنفيذية لأعمال الحج أن الجهات التنفيذية وقفت في وجه مخالفة الحج دون تصريح والتي تفضي بدورها أخيراً إلى ظهور الافتراش. وقال الخضيري (أظهرت الدراسات الميدانية أن مخالفة الحج بلا تصريح ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالافتراش، فهو يؤدي إلى الازدحام الشديد في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، وصولاً إلى افتراش الشوارع والأرصفة والطرقات وساحات الجمرات في المشاعر المقدسة، لأن مرتكبي هذه المخالفة لم يتعاقدوا مع أي من مؤسسات حجاج الداخل، ولا يتوافر لهم سكن نظامي في المخيمات، ولذلك يلجأون إلى المبيت في الشوارع متسببين في تراكم آلاف الأطنان من النفايات). واستطرد الخضيري: (ذلك التحدي وتلك الظواهر السلبية تشكل هاجسا لنا، فهي لا تمكن القطاعات الحكومية والأهلية من أداء دورها بمستوى أفضل، والتي تنطلق خططها السنوية عبر أهمية تحقيق التوازن بين أعداد الحجاج والطاقة الاستيعابية للبنية التحتية والعلوية المتمثلة في الطرق والتنقل، والإسكان، والصحة). وأشار في الوقت ذاته إلى أنه وبعد التدارس والبحث، تبين أن (مستوى الخدمة في السابق كان ينخفض بنسب مرتفعة تبعاً لزيادة وارتفاع عدد الحجاج، فالتخطيط لها من قبل المنظمين سواء في القطاعات الحكومية أو الشركات لعدد محدد ومعلوم من الحجاج المتوقع قدومهم إلى المشاعر المقدسة، يمكنهم من وضع الخطط والضوابط الكفيلة بخدمتهم على مستوى راق)، ولكن والحديث للخضيري (في حال الزيادة المفاجئة لأعداد الحجاج غير النظاميين يسبب انخفاض جودتها إلى أكثر من 50 في المائة).
وزارة الحج: لدينا طاقة استيعابية لحجاج الداخل
أكد الدكتور فؤاد الفارسي وزير الحج في حديث سابق مع "الاقتصادية" عشية وقوف حجاج بيت الله الحرام على صعيد عرفات، أن المخالف يتحمل مسؤولية مخالفته وما يترتب عليها من أذى يلحق بالآخرين. وهناك جهود مشتركة ومتضافرة من كل القطاعات المعنية للحد من أعداد من يؤدون الحج بطريقة غير نظامية. وهذه الفئة تجاوزت أوامر ولي الأمر وسببت إرباكا لخطط الحج، وتضمنت أخذ حقوق الآخرين والتعدي عليها. ومن هذا المنطلق جاءت الحملة الرائدة لإمارة منطقة مكة المكرمة "الحج عبادة وسلوك حضاري" ... ومخرجاتها متميزة جدا هذا العام وتخاطب وجدان المخالف لتشعره بعظم مخالفته وضررها السيئ. وقد اتخذت وزارة الحج خطوة لتفعيل برنامج "الحج منخفض التكلفة" وتشارك فيه (21) شركة ومؤسسة. وتقوم اللجان الرقابية بمهامها الرقابية في رصد مخالفات هذه الشركات والشركات الأخرى واتخاذ الإجراءات النظامية بحقها، وإحالتها إلى اللجنة الثلاثية للتحقيق معها وتطبيق العقوبات النظامية اللازمة بحقها، كما أن ما يثبت عليها من مخالفات يؤثر في عدد النقاط التي تحققها الشركة في العام التالي. والجميع يدرك محدودية المساحات في مشعر منى.
الأمن العام: إحالة المخالفين إلى التحقيق
في خطوة تهدف إلى الحد من الحج المخالف في السنوات القادمة كشف اللواء منصور التركي المتحدث الرسمي لدى وزارة الداخلية، أن رجال الجوازات تمكنوا من إعادة أعداد كبيرة من الحجاج المخالفين مشيراً إلى أنه سيتم التعامل مع كل من نقل حاجا مخالفا بإحالته إلى هيئة التحقيق والادعاء العام، ثم إلى المحاكم الشرعية. وأوضح أن التعامل مع الحجاج المخالفين بمنعهم من الدخول إلى المشاعر المقدسة عبر نقاط المنع الأمني في مداخل مكة المكرمة. ووفقا لآخر الإحصائيات، تمت إعادة نحو 150 ألف حاج مخالف وحجز قرابة 6500 مركبة.
مخالفون: أسعار الحملات السبب في تخلفنا
في جولة ميدانية لـ "الاقتصادية" على المشاعر المقدسة، وفي العزيزية القريبة من مشعر منى، تحدثنا مع عدد من الحجاج المخالفين وأكدوا أن هناك أسبابا عديدة للتخلف أبرزها ارتفاع حملات حجاج الداخل والمبالغه فيها، حيث وصلت إلى نحو 8500 ريال. وقال الحاج محمد الزهراني: أنا من سكان مكة المكرمة وبالتحديد في حي العزيزية، فعندما فكرت في الحج ذهبت إلى إحدى حملات حجاج الداخل وطلبت مبالغ كبيرة جدا على الشخص حيث طلب مني مبلغ 32 ألف ريال لأربعة أشخاص، فكنت - ويعلم الله - أنوي الالتزام بالأنظمة ولكن المبالغ المطلوبة عالية جدا، إضافة إلى أن المبلغ لايوزاي جودة الخدمة المقدمة من قبل شركة الحج. وذهبت إلى شركة أخرى، وقالت إن الحجز أقفل، فاتخذت قرار الحج دون تصريح. وفعلا قمت بالحج من منزلي في يوم عرفة ولك أن تتخيل نحن في اليوم العاشر يوم العيد لم أصرف ألف ريال أنا وأبنائي. وتجدني حاليا هنا بجوار مشعر منى أذهب في المساء لقضاء جزء من الليل وأعود إلى منزلي وفي اليوم الثاني أذهب لرمي الجمار. وحيال التنقل قال إن هناك حافلات قامت بنقلي بين المشاعر المقدسة.
ويشاركه المقيم المصري نادر أبو الفضل بالقول: لم أجد وسيلة سوى الحج المخالف مع ارتفاع أسعار حملات الحج وإقفال الحجز منذ وقت مبكر. وقال: أنا هنا في مكة المكرمة أعمل في مطعم، ففي يوم التاسع ذهبت مباشرة أنا وعائلتي إلى مشعر عرفات وعدنا إلى مزدلفة ومنى بكل يسر وسهولة، وبأقل التكاليف.
أما المقيم عثمان أحمد - سوداني الجنسية - فقال: لقد دخلت إلى مكة المكرمة منذ شهر ذي القعدة ومكثت هنا لدى أحد أصدقائي لعلمي أن هناك حملة مكثفة لمنع دخول المشاعر المقدسة إلا بتصريح حج. ومن أجل أن أحج أتيت إلى مكة المكرمة قبل الحج بشهر، وحصلت على عمل في إحدى المؤسسات العاملة في خدمة الحج، وتمكنت من العمل والحج في وقت واحد. وأضاف عثمان أن هناك أصدقاء لي دخلوا مكة عن طريق التهريب والتسلل إلى المشاعر المقدسة.
مخيمات مخالفة بجوار المشاعر المقدسة
رصدت "الاقتصادية" في يوم التروية مئات الخيام التي نصبت بشكل مخالف في الطرقات المؤدية إلى المشاعر المقدسة، يقطنها مواطنون ووافدون دخلوا المشاعر المقدسة دون التعاقد مع مؤسسات حجاج الداخل ليشكلوا عبئا على منظومة الحج، ويدخلون ضمن الحجاج المخالفين خارج خطط الجهات المعنية للحج. واللافت أن غالبية الذين يحجون بهذا الأسلوب، سبق لهم الحج مرات عديدة، سواء لهم أو لغيرهم. وعلى الرغم من كل الإجراءات المتخذة لمنع تهريب وتسلل المخالفين، فإن عددا لا بأس به نجح في اختراق الحواجز الأمنية والوصول إلى المشاعر المقدسة.
التسرب غالبيته من المقيمين داخل مكة المكرمة
من جانبه، قال المطوف نبيل محمد: إن غالبية المتسربين هم من المقيمين من داخل مكة المكرمة، حيث لوحظ من خلال جولة ميدانية على المحال التجارية البعيدة عن المنطقة المركزية أنها مقفلة في يوم التاسع - يوم الوقوف بعرفات. وهنا لابد أن يكون هناك سن نظام يجبر هؤلاء العمال على عدم الحج إلا بتصريح رسمي حيث يشكل تسرب آلاف الحجاج سنويا عائقا كبيرا أمام السلطات السعودية وشركات الحج، نظرا لما تفرزه هذه الظاهرة من سلبيات متعددة من بينها ارتفاع عدد الحجاج المفترشين. وهؤلاء المخالفين تسببوا في ظهور عدد من المشكلات السلبية في الحج، ابتداء بحملهم لأمتعة كثيرة على ظهورهم ما يتسبب في إعاقة الحركة للمشاة، خاصة في الطواف وأثناء رمي الجمرات، كذلك قيامهم بتكرار ظاهرة الافتراش نظير عدم وجود حملات نظامية يتبعون لها، إضافة إلى عدم وجود وسيلة مواصلات تنقلهم بين المشاعر مما يدفعهم إلى السير على الأقدام بين المركبات ويعوقون حركتها في السير. ويعمد هؤلاء الحجاج المخالفون إلى شراء خيام بلاستيكية وقماش من أسواق العاصمة المقدسة، ويقومون بنصبها في شوارع وممرات الحجاج دون مراعاة لحركة السير وانسيابها. والمفترشون غالبا ما يواجهون صعوبات جمة سواء في المسكن أو المأكل أو المشرب أو التنقلات أو النوم أو قضاء الحاجة، مما قد يعرضهم ويعرض الآخرين إلى العديد من المشكلات الصحية.