إصدارات غير مسبوقة للصكوك العالمية في أكتوبر 2011
فاجأت تركيا أسواق الصكوك بالإصدار الثاني الذي طرحه بنك بيتك - تركيا مطلع الشهر الجاري بقيمة صكوك بالغة 350 مليون دولار على فترة خمس سنوات، وتدر عائدات بنسبة 5.78 في المائة كل ستة أشهر، وذلك بعد سنة تقريبا من عملية الإصدار الأولى التي قامت بها تركيا للصكوك المؤسساتية.
كما أعلن بنك آسيا كاتيليم بنكاسي بأنه فوّض كلاً من ''سيتي غروب'' وبنك يو بي إس لإصدار صكوك في الأسواق الدولية تصل قيمتها إلى حدود 300 مليون دولار على فترة قصوى تمتد على خمس سنوات، وذلك بهدف تنويع موارد المصرف من الخارج وزيادتها. وقد خصّصت مؤسسة موديز الصكوك المقترحة بتصنيف Ba2، كما فوض بنك البركة ''تورك كاتيليم بنكاسي'' أربعة مصارف لاتخاذ الترتيبات لبيع صكوك تتمتع بحجم مماثل في الأسواق الدولية.
ووفقاً لبيانات ''زاوية'' المالية، فقد شهد تشرين الأول (أكتوبر) عدداً من السابقات في قطاع الصكوك، حيث قامت شركة محاصة للبتروكيماويات السعودية بإصدار صكوك بقيمة 3.749 مليار ريال سعودي (مليار دولار) ليكون أول مشروع لإصدار الصكوك في السعودية، وتُعتبر عملية الإصدار هذه الثانية من قطاع البتروكيماويات في السعودية هذا العام بعد سبكيم التي أصدرت صكوكاً بقيمة 1.8 مليار ريال سعودي في تموز (يوليو)، وهكذا تكون قد بلغت جملة الإصدارات في المملكة العربية السعودية في هذا العام 2.76 مليار دولار نتجت عن خمسة إصدارات مؤسساتية، في ظل التوقعات بتواصل إصدارات الصكوك من السعودية على المديَين القريب والمتوسط.
وكان الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية السعودي قد أكد أن المملكة ستقتصر على إصدار الصكوك الإسلامية في حال اتجهت نحو إصدار سندات لتمويل بعض المشاريع العملاقة، مشيراً إلى أن أحد أهم المشاريع التي يمكن أن يتم تمويلها بهذه الطريقة مشروع مطار الملك عبد العزيز في جدة. وفي حال تحقّق ذلك في أي وقت في المستقبل فسيكون ذلك بمثابة أول إصدار للصكوك السيادية السعودية على الإطلاق.
وأضاف العساف أن التوجه نحو إصدار الصكوك دون سواها من السندات التقليدية يأتي للإقبال المتوقع على هذا النوع من أدوات التمويل من قبل البنوك السعودية والشركات والمجتمع السعودي بشكل عام، والآخر هو الرغبة في دعم سوق الصكوك في المملكة وتنشيطها.
ويعتبر غياب العمق في سوق الصكوك السعودية أحد أبرز التحديات التي تواجهها السوق منذ انطلاقتها في حزيران (يونيو) 2008، حيث توظف الشركات والحكومات الصكوك للحصول على التمويل والسيولة بمبالغ ضخمة، بل تعتبرها أدوات دين متوافقة مع الضوابط الشرعية، كما أنها تفي باحتياجات المستثمرين لتنويع المحفظة الاستثمارية.
وإلى جانب كل السابقات في تشرين الأول (أكتوبر)، فقد تمكنت مؤسسة ''خزانة ناسيونال'' ذراع ماليزيا الاستثمارية في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي من بيع صكوكها بالعملة الصينية بما يعادل 78 مليون دولار التي تمتد على فترة ثلاث سنوات وتدرّ عائدات بنسبة تبلغ 2.9 في المائة، وتُعتبر صكوك الخزانة الماليزية بالعملة الصينية أول صكوك أجنبية لاقت طلباً كاسحاً على الرغم من التقلبات في أوضاع السوق، كما باعت وزارة المالية الإندونيسية صكوكا بقيمة 370 مليار روبية إندونيسية على فترة 25 عاماً وصكوكا بقيمة 420 مليار روبية إندونيسية على فترة ستة أشهر، كما بيعت صكوك أخرى بقيمة ثلاثة تريليونات روبية إندونيسية كانت من صكوك الحج، أما قيمة الصكوك التي باعتها إندونيسيا خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2011 فتبلغ قيمتها حتى الآن 2.76 مليار دولار.
وتضيف بيانات ''زاوية'' أن إندونيسيا ليست الدولة الوحيدة التي يُتوقع أن تُصدر صكوكاً مقومة بالدولار في وقت قريب، حيث تحرص البحرين رغم الاضطرابات التي تعاني منها على إصدار صكوك مقوّمة بالدولار وعلى تمويل عجز الموازنة، وفي سابقة من نوعها أبدى عدد من المؤسسات رغبته في الاستفادة من سوق صكوك العالمية.
يأتي ذلك في حين كشف بنك كريدي أجريكول الفرنسي أواخر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي عن دراسته إصدار صكوك، أو إطلاق برنامج صكوك واسع النطاق قد يؤدي إلى عدة إصدارات، وذلك في إطار مساعي البنوك الأوروبية لتنويع مصادر تمويلها، حيث أدى تدهور الثقة بقدرة البنوك الفرنسية على تحمل أزمة ديون منطقة اليورو إلى تهاوي أسعار أسهمها وارتفاع تكاليف التمويل بالدولار، مما أجبرها على دراسة إجراءات أخرى من بينها خفض التكاليف وبيع الأصول. وقال البنك إنه لم يحدد إطارا زمنيا لإصدار الصكوك وإنه يدرس المناخ الحالي ومزايا الإصدار لمرة واحدة مقارنة ببرنامج صكوك كبير.
كما أعلنت شركة أبو ظبي الوطنية للطاقة في الشهر الماضي أنها تعدّ برنامجاً لإصدار صكوك بقيمة 3.5 مليار بالرينجيت الماليزي، وبعد ذلك أعلنت مجموعة ماجد الفطيم في دبي أنها قد تُصدر الصكوك في وقت قريب جداً، وما حدا بالشركة إلى اتخاذ هذه الخطوة هو كونها تواجه صعوبات في جمع التمويل من خلال الوسائل التقليدية بسبب كثرة التقلبات في السوق والغموض المخيّم في الأسواق.
وتبقى ماليزيا المحور الرئيسي الذي يسيطر على سوق الصكوك، حيث تعتبر أكبر دولة مُصدرة للصكوك منذ سنوات وحتى الآن، وتستقطب الصكوك بالرينجيت الماليزي بشكل متزايد المصدرين من دول، وصرح رئيس الوزراء الماليزي محمد نجيب عبد الرزاق في أكتوبر الماضي أن ماليزيا ستمنح إعفاءات ضريبية على عمليات بيع الصكوك لفترة ثلاث سنوات ابتداءً من العام 2012، مُضيفاً بأنه سيتم تمديد الاقتطاعات على ضريبة دخل الصكوك الصادرة بغير الرينجيت حتى العام 2014.
ومعلوم أن مستوى التعاملات على منصة سوق الصكوك والسندات السعودية قفز خلال أغسطس وسبتمبر الماضي إلى مستويات قياسية لم تشهدها منذ تأسيس السوق، حيث سجل أغسطس ثلاث صفقات تجاوزت قيمتها 1.2 مليار ريال، فيما شهد سبتمبر الماضي صفقتين بلغت قيمتهما نحو 367 مليون ريال، نفذت على صكوك لشركتي الكهرباء السعودية وسبكيم.
وبحسب اقتصاديين فإن التداولات تشير إلى نمو حركة الاهتمام بسوق الصكوك والسندات السعودية التي كان يغلب عليها الهدوء التام، وهي التي تضم إصدارات تتجاوز قيمتها السوقية نحو 30 مليار ريال، وذلك من قبل شركات استثمارية وشركات وساطة شرعت في بناء برامج تحفيزية لهذه السوق.
وكانت شركة الأهلي كابيتال قد قالت إن إصدارات الصكوك في السعودية سترتفع في 2012 بعد تراجعها بسبب المشكلات الاقتصادية العالمية، وأن قوة الدفع ستحصل على دعم إذا أطلقت جهة سيادية أو شركة كبرى إصدارا قياسيا، وقال فيصل بدران كبير مديري الاستثمار في ''الأهلي كابيتال'' إن دفتر إصدارات الصكوك التي يجري ترتيبها في السعودية جيد، لكن أزمة الديون الأوروبية والغموض السياسي يبقي جهات الإصدار على الهامش، مضيفاً أنه فور عودة الظروف المواتية فإن ما سيمنح السوق قوة دفع هو طرح من جانب كيان كبير لإتاحة معيار قياسي للمصدرين الآخرين.