«ديفون».. بنك «يهودي» يقدّم خدمات التمويل الإسلامي في شيكاغو
استطاع التمويل الإسلامي أن يفرض نفسه بقوة على واقع الصناعة المالية العالمية خلال السنوات الماضية، حيث بلغت معدلات نمو الأصول المالية الإسلامية على المستوى العالمي بمتوسط سنوي يراوح بين 15 و20 منذ قرابة عقد من الزمن، وأسهم في ذلك الاهتمام الدولي بالعمل المالي الإسلامي بعد الأزمة المالية العالمية وشح السيولة وانهيار كبريات المؤسسات المالية وغير المالية. ويشهد قطاع التمويل الإسلامي نمواً في الولايات المتحدة الأمريكية، وتطرق البنوك متوسطة الحجم هناك باب قاعدة عريضة من المسلمين الأمريكيين والذين يقدر عددهم بـ 2.4 مليون شخص.
ويعتبر بنك ديفون - والذي أُسس لخدمة المجتمع اليهودي في شيكاغو في الأصل - من أبرز البنوك المقدمة لخدمات التمويل الإسلامي في الولايات المتحدة، حيث جاء ذلك بعد الطلبات المستمرة التي وردت إليه من عملائه المسلمين، حيث يقول ديفيد لاوندي نائب رئيس مجلس إدارة البنك إنه رغم أن الكثير من مساهمي البنك هم من اليهود، فإن البنك يعمل في خدمة المجتمع المحلي وأغراضه، حيث كان سابقا يهودياً في غالبيته، أما الآن فهو مجتمع من المهاجرين الذين استقروا هنا، ويعتبر من أكثر المواقع تنوعاً من الناحية العرقية في الأمريكتين، فهنالك الهنود والباكستانيون والأفارقة والمواطنون من شرق أوروبا إضافة إلى بعض العرب، ويتضمن هذا المزيج عدداً كبيراً من السكان المسلمين الذين طلبوا المساعدة من البنك لتقديم خدمات التمويل الإسلامي الخالية من الفائدة.
وابتدأ بنك ديفون بتقديم خدماته في التمويل الإسلامي بعد طلب أحد عملائه المساعدة في افتتاح متجر لبيع الكتب لكن دون اللجوء إلى الربا، حيث كان جواب البنك سلبيا في بادئ الأمر إلى أن استطاع رئيس القسم الدولي في البنك إقناع إدارة البنك بتقديم الخدمات المالية الخالية من الربا، حيث نظر البنك في ذلك الحين في الخيارات الممكنة وتبين أن هناك حاجة قائمة بالفعل، وابتدأ في تقديم تمويل مالي خال من الفوائد، وبحسب لاوندي فإن البنك ذُهل من حجم الطلب على هذا النوع من الخدمات المالية من قبل المجتمع الإسلامي في المدينة.
ويقول ديفيد لاوندي في حديث لمجلة بزنس تايم إن بنك ديفون في شيكاغو معروف ومحترم بين صفوف المجتمع المحلي، وإن المغرورين من الناس هم الذين لا يحترمون فكرة خدمة هذا المجتمع بكافة أطيافه بمن فيهم المسلمون، واعتبر الفكرة القائلة بأن الجهة التي تقدم التمويل الإسلامي تتبرع بالضرورة للمنظمات الإرهابية مثيرة للضحك، ويضيف لاوندي أن تقديم البنك للتمويل الإسلامي خدمة للمجتمع الإسلامي المحلي ومساهمة في تحقيق السلام والتفاهم، وأن زبائن البنك من المسلمين ممتنون لوجود جهة تحرص على مصالحهم وتقدم لهم الخدمات التي يطلبونها.
وقال لاوندي إن بنك ديفون قام بمحاولتين لشراء بنك من أجل تحويله إلى بنك إسلامي مستفيداً من البيئة المحلية التي تطلب ذلك، حيث كان بالإمكان شراء أي من هاتين المؤسستين بمبلغ يراوح بين 6 و9 ملايين دولار، وتنظيف الميزانية العامة وجعل البنك يعمل وفق ما تقتضيه الجهات التنظيمية، إلا أن عدم وجود الدعم الاستثماري اللازم لذلك حال دون ذلك.
وحول الأوضاع المستقبلية للتمويل الإسلامي في الولايات المتحدة بحلول عام 2020م أكد لاوندي أنه سيكون هناك بنك إسلامي، وستتوفر أعداد كبيرة من الخيارات الاستثمارية والمنتجات المالية التي تتوافق مع الشريعة الإسلامية، وذات خصائص أداء عال متعلقة بها في الوقت ذاته، ولا يعود سبب رواجها فقط لكونها تراعي قواعد أخلاقية، على الرغم من أن استخدامها لن يكون على نطاق واسع.
وأضاف لاوندي أن العمل سيستمر على إنجاز العديد من مشاريع التمويل الإسلامي على نحو هادئ في الأسواق، وسيتسع نطاق المنتجات المالية المتوفرة، بينما يتوقف مزودو الأموال عن الإجراءات المعطلة للتوسع، ويطورون بدائل مشروعة وجديدة، مؤكدا أن سوق التمويل الإسلامي ستنتقل من حالة نقص الخدمات إلى وضع الخدمات الكافية.
يُذكر أن بنك ديفون في شيكاغو بدأ بتقديم خدمات التمويل الإسلامي استجابة للطلبات التي وردت إليه من عملائه المسلمين في ولاية شيكاغو التي تحوي قرابة 400 ألف مسلم، حيث أكد نزير جوروكمبال نائب رئيس بنك ديفون لخدمات التمويل الإسلامي الدولية أن البنك بدأ في تقديم خدمات تمويل شراء البيوت بما يتفق مع الشريعة الإسلامية في حزيران (يونيو) 2003، وأضاف أن البنك يقدم خدمة تمويل شراء المنازل على الطريقة الإسلامية في أكثر من 30 ولاية.
كما أكدت شيرلي تثسيو الخبير الاقتصادي في بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو أن المسلمين هدف جذاب بالنسبة للبنوك، لأنهم على قدر كبير من التعليم ويعملون في مهن يتقاضون منها رواتب ثابتة، وأضافت أنهم أصحاب بيوت مثاليون، ويتركزون أساساً في سوق غير مطروقة لأن المنتجات التجارية لا تراعي معتقداتهم الدينية.