نسبة الرضاعة الطبيعية لا تتجاوز 12 % في السعودية و80 % من الأطفال يفطمون في الشهر الأول

نسبة الرضاعة الطبيعية لا تتجاوز 12 % في السعودية و80 % من الأطفال يفطمون في الشهر الأول

أكد باحثون أن معدلات انتشار الرضاعة الطبيعية لفترات معقولة بين الأمهات السعوديات لا تزال متدنية على الرغم من إطلاق البرامج والحملات التوعوية للتشجيع على الرضاعة الطبيعية في المملكة كمبادرة المؤسسات الصحية صديقة الطفل.

وذكرت باحثة بريطانية مهتمة بوضع الصحة في دول الخليج أن ما نسبته 80 في المائة من أطفال السعودية يفطمون بعد الشهر الأول من أعمارهم؛ في حين أن منظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة لتنمية الطفل (يونيسيف) وغيرها من المنظمات توصي بشدة بأن تدوم رضاعة الأم لطفلها بشكل حصري لمدة الأشهر الستة الأولى من عمر الطفل، بعد ذلك يتم إدخال بعض الأطعمة السائلة والخفيفة في النظام الغذائي للطفل على أن تبقى الرضاعة مستمرة إلى عمر سنتين أو أكثر. وذكرت دراسة أجراها باحثون سعوديون عام 2011 أن نسبة الأمهات السعوديات المرضعات بشكل حصري لمدة ستة أشهر لا تتعدى 12.2 في المائة في حين أن الكثير من الدول تضع من أهم وأجلّ أهدافها أن تبلغ هذه النسبة 70 في المائة فأكثر وتسعى بكل جهد لتحقيق ذلك الهدف.
كل هذه النسب المتدنية للرضاعة الطبيعية موجودة في مجتمع الأمهات السعوديات اللاتي يعانين نسبا عالية من انتشار السمنة ومرض السكري بينهن. ولو أن الأم تبنت ممارسة الرضاعة كما ينبغي وباتخاذ الأسباب الأخرى الواقية لهذه الأمراض كالنشاط البدني والأكل الصحي لأحدث ذلك توازناً ملموساً في الصحة العامة للأسرة والمجتمع ككل.
وقد يكون من أهم الأسباب المفضية لانخفاض معدل الرضاعة الطبيعية في المملكة الجهل التام من الأمهات والآباء بالفوائد الجمة والثمرات التي لا تحصى للرضاعة الطبيعية. لذلك، فالدور الأول والابتدائي يجب أن تلعبه المؤسسات والجهات الصحية بالقيام بحملات توعوية فاعلة على نطاق شامل وعلى مستوى متدرّج من مدينة إلى محافظة إلى منطقة إدارية وهكذا، ولضمان نجاح مثل هذه الحملات والبرامج الجبارة ينبغي أن تتم بالتعاون مع مؤسسات وشركات وطنية تهمها صحة المواطن وأبنائه، كما يجب التخطيط المدروس لها وتقييمها في كل مرحلة من مراحل تنفيذها لتحقيق أهدافها المرجوة وتطوير الجوانب التي تحتاج إلى التطوير.
وبين الباحثون أن فترة الطفولة المبكرة؛ منذ الولادة حتى عمر سنتين؛ تعتبر مرحلة مهمة جداً من تطور نمو الطفل، حيث يتم خلال هذه الفترة تأسيس صحة الطفل السليمة التي تستمر مدى الحياة عن طريق اختيار الطريقة المثلى لتغذية الطفل. وتعتبر الرضاعة الطبيعية من صدر الأم المصدر الأفضل للمغذيات والعناصر المطلوبة لنمو الطفل حسب توصيات منظمة الصحة العالمية وخبراء التغذية.
وأضاف الباحثون أن الرضاعة الطبيعية لها فوائد جمّة لكلٍّ من الطفل والأم؛ والبيئة، والمجتمع ككل. بالنسبة للطفل؛ تعتبر الرضاعة الطبيعية المصدر الرئيس والأنسب للعناصر المغذية (من بروتينات وكربوهيدرات وفيتامينات وأملاح معدنية) المطلوبة في هذا العمر المبكر. لذلك إذا تلقى الرضيع رضاعة طبيعية حصرياً لمدة الأشهر الستة الأولى ثم أتبع ذلك برضاعة مكملة (مختلطة) للأغذية الأخرى لمدة سنتين أو أكثر؛ فإنه سيتمتع بصحة مثلى طوال حياته ونمو متكامل جسمياً وعقلياً حتى وجدانياً بسبب ارتباطه بأمه وشعوره بحنانها عن قرب.
كما أكد الباحثون أيضاً أن حليب الأم يتميز بخصائص مناعية ضد جميع أنواع العدوى، ما يسهم في حماية الطفل من الأمراض المعدية في وقت يكون فيه جهازه المناعي في طور النمو ولا يؤدي وظائفه بشكل كامل، كما تسهم الرضاعة الطبيعية في تجنيب الطفل أمراض الحساسية ومشكلات النظر والنطق، إضافة إلى أنه يمكن للأم الوقاية من الأمراض المزمنة، مثل السمنة والسكري وأمراض القلب والأوعية الدموية من خلال تبني ممارسة الرضاعة الطبيعية.
كما أن الرضاعة الطبيعية تفيد الأم في تأخير الحمل التالي، وبالتالي تساعد على التخطيط العائلي وترتيب الإنجاب. كما أثبتت الدراسات أيضاً أن الأمهات المرضعات أقل عرضة للإصابة بسرطان الثدي والمبايض؛ والالتهابات الإرثية الروماتيزمية وهشاشة العظام واكتئاب الأمومة مقارنة بنظيراتهن من الأمهات غير المرضعات. كذلك أثبتت الدراسات أن الرضاعة الطبيعية تلعب دوراً في التحكم في الوزن لدى الأمهات المرضعات، حيث تؤدي إلى حرق ما بين 500 و640 سعرة حرارية في اليوم.
وتعتبر الرضاعة الطبيعية أقل طرق تغذية الأطفال تأثيراً في البيئة والنظام الحيوبيئي؛ وأقلها استنفاداً للموارد الطبيعية للدولة والمجتمع، حيث إنها ترشّد استهلاك مصادر الطعام، الوقود، المواد الخام، والطاقة بشكل عام. في دراسة حديثة وفريدة من نوعها تم تقدير التوفير الاقتصادي الناتج عن الرضاعة الطبيعية بـ 2.2 مليار دولار في إحدى الدول الغربية المتقدمة من خلال منع حدوث القضايا والمشكلات الصحية التي تكلف ميزانيات عالية وخفض النفقات الصحية على الأم والطفل على وجه الخصوص.
وقسم الباحثون الرضاعة الطبيعية إلى ثلاثة أنواع رئيسة تتمثل في الرضاعة المختلطة وهي نوع من الرضاعة يتناول فيها الطفل حليب الأم بجانب أنواع أخرى من الحليب؛ كحليب الأبقار وباقي الحيوانات؛ إضافة إلى الأطعمة الصلبة، والنوع الثاني وهو الرضاعة الكاملة ويتناول فيها الرضيع حليب الأم بشكل رئيس، إضافةً إلى بعض السوائل كالماء والأغذية المحلولة في الماء وعصائر الفواكه، وأخيراً الرضاعة الحصرية وهي أفضل أنواع الرضاعة الطبيعية على الإطلاق ولا يسمح فيها للطفل بتناول أي نوع من الغذاء غير حليب الأم؛ حتى الماء لا يسمح به باستثناء بضع قطرات من شراب يحتوي على مواد ضرورية لنموه وصحته كالفيتامينات والمعادن والأدوية.
وأضاف الباحثون أن أهمية الرضاعة الطبيعية تكمن في تحصين الطفل منذ ولادته بجهاز مناعي قادر على مواجهة التغيرات الحديثة والتمتع بصحة سليمة وحياة خالية من الأمراض.

الأكثر قراءة