مختصون «المقاولات»: آلية المناقصات تضعف جودة المشاريع الحكومية

مختصون «المقاولات»: آلية المناقصات تضعف جودة المشاريع الحكومية
مختصون «المقاولات»: آلية المناقصات تضعف جودة المشاريع الحكومية
مختصون «المقاولات»: آلية المناقصات تضعف جودة المشاريع الحكومية
مختصون «المقاولات»: آلية المناقصات تضعف جودة المشاريع الحكومية

أكد مختصون في قطاع المقاولات لـ "الاقصادية" أهمية مراجعة آلية المناقصات الحكومية عند طرح المشاريع بما يكفل لها ترسية المشروع على المقاول "الكفؤ" القادر على تنفيذ المشروع وفقا للتصاميم والمواصفات التي تلبي الطموحات لمحاكاة المشاريع في الدول المتقدمة ولاسيما أن الدولة ضاعفت حجم الإنفاق على مشاريعها في السنوات الأخيرة.

واعتبر مقاولون أن الآلية الحالية التي تستند في الغالب إلى المناقصة الأقل سعرا وليس الأفضل عرضا من شأنها أن ترسي مشروعات بقيمة تقل عن التكلفة الحقيقية للمشروع نتيجة لضعف أو سوء تقدير المقاول للمواد المستخدمة في تنفيذ المشروع، وبالتالي تكون لها انعكاسات سلبية ربما تؤدي إلى تعثر المشروع أو تنفيذه بمواصفات وجودة ضعيفة، وعندها يصبح المشروع لا يلبي الطموح أو الفائدة المرجوة للمواطن والوطن.

#2#

ويشير صالح السيد رئيس لجنة المقاولين في غرفة الشرقية، إلى أن قطاع المقاولات يعاني من مشكلتين رئيسيتين، أولاهما عدم وجود مرجعية محددة للمقاولين تسهم في حل المشاكل والمعوقات منهم ولهم، كون المقاولون هم جزء من المشكلة ولابد أن يكونوا جزءا من الحل أيضا، بينما تأتي المعضلة الثانية في عدم تفعيل الأوامر التي أصدرها مجلس الوزراء بالمرسوم (155 و 23)، التي تقضي في مجملها بإعادة هيكلة قطاعات المقاولات وعدم تأخير صرف مستحقات المقاولين، إضافة إلى الاسترشاد بعقد فيديك، كون العقود الحالية هي عقود إذعان ولا تلبي حاجة المقاول كي يستطيع أن ينفذ المشاريع في وقتها أحيانا، كونها لا تضمن كامل حقوقه.

وأضاف السيد أن آلية المناقصات الحالية تحتاج إلى إعادة نظر بكل تأكيد، خاصة أن أغلب المشاريع تتم ترسيتها على مقاول أو اثنين، والذين بدورهم يقومون بترسيتها على مقاولين بالباطن وهو ما يقلل من إمكانية تنفيذ المشروع بالمواصفات المطلوبة أو تنفيذه في المدة المحددة، مشيرا إلى أنه من الطبيعي أن تتعثر كثير من المشاريع الحيوية في ظل هذه الآلية التي تقضي بأفضلية مقاولين محدودين أو الترسية حسب السعر الأرخص دون مراعاة للجوانب الفنية.

وأشار السيد إلى أهمية وجوب الاستفادة من الآلية المتبعة في شركات كبيرة مثل أرامكو وسابك وسكيكو والتي لا تعاني مشاكل في تنفيذ مشاريعها مقارنة بالمشاريع التي تطرحها القطاعات الحكومية، داعيا إلى أهمية اعتماد عقدين عند طرح المناقصة أحدهما عقد فني والآخر عقد مالي، وهو ما يكفل ترسية المشروع على مقاول "كفء".

وقال صالح السيد إن قطاع المقاولات يعاني معوقات عدة، مبينا أن القطاع يرتبط بثلاث جهات رئيسية منها تشريعية ممثلة في العقد والجهة المالكة والمقاول، مؤكدا أن كل جانب من هذه الجوانب يحتاج إلى تعديل وتطوير، بينما الواقع يشير إلى أن المقاول هو الشماعة التي تقع عليها مسؤولية التعثر أو الإخفاقات.

#3#

من جهته طالب رائد العقيلي نائب رئيس لجنة المقاولين والخرسانة في غرفة جدة أن تعيد القطاعات الحكومية النظر في آلية طرح المناقصات، وتطبيق القانون الذي يقضي بأن يرسى المشروع على المقاول الذي يقدم العرض الأفضل وليس الأرخص، بينما الواقع يؤكد أن أغلب المشاريع التي تمت ترسيتها على كثير من المقاولين تعتمد بناء على العرض الأرخص.

وأضاف العقيلي "يجب على الجهات المعنية بطرح المشاريع الحكومية أن تسارع في تعديل نسبة الـ30 في المائة من التكلفة التقديرية للمشروع عند طرحها، حيث بالإمكان أن يرسى المشروع على مقاول قدم عرضا بأقل من القيمة التقديرية بنسبة 30 في المائة كحد أقصى"، مشيرا إلى أن هذه نسبة كبيرة يجب أن تقلص ولو بنسبة 15 في المائة لضمان طرح المشاريع على مقاولين قادرين على تنفيذها ولو بأقل خسائر.

وأشار العقيلي إلى أن كثيرا من المشاريع المتعثرة تعود إلى قلة خبرة المقاول أو ضعف الدراسة للمشاريع التي يدخل في المنافسة عليها، وبالتالي يقدم سعرا أقل من التكلفة بنسبة كبيرة، وعند التنفيذ يجد نفسه أمام معضلة ومأزق كبير، وهذا قد يؤدي إلى تعثر المشروع أو ضعف الجودة في التنفيذ وهو ما ينعكس سلبا على المصلحة العامة للمواطن والوطن وعدم الاستفادة المرجوة من مثل هذه المشاريع التي تصرف الدولة عليها المليارات سنويا.

وقال العقيلي إن قطاع المقاولات أمامه كثير من التحديات سواء فيما يتعلق بأهمية إصدار تشريعات جديدة تكفل حقوق كل الأطراف في القطاع، أو دعم المقاولين لتنفيذ المشاريع العملاقة والمتعددة التي تضمنتها الخطة الخمسية الأخيرة والتي تقدر بنحو 1.4 تريليون ريال. مؤكدا أن المسؤولية أصبحت كبيرة على عاتق المقاولين أمام الحجم الكبير من هذه المشاريع، وفي ظل بعض المعوقات وقلة الأيدي العاملة والتشدد في منح التأشيرات لتنفيذ كثير من المشاريع.

ولفت إلى أن قطاع المقاولات الذي يعد واحدا من أهم القطاعات الداعمة والفاعلة في بناء التحتية والمشاريع الحيوية، ما زال في حاجة إلى مستثمرين أجانب كي يلبوا الطلب المتزايد لتنفيذ مشاريع متعددة ومختلفة في السعودية، في ظل ما تحمله الميزانيات التاريخية للسعودية والتي تتضمن مشاريع يتطلب تنفيذها في أوقات محددة للحاق بركب المقدمة.

وهنا يؤكد السيد أن آلية طرح المشاريع "تحتاج فعلا إلى وقفة صادقة وإعادة نظر، وفقا لتصنيف هذه المشاريع، لأن الوضع الحالي يدعو إلى كثير من التساؤلات"، مضيفا أنه "ليس من المعقول أن تصنف مشاريع بناء المدارس مثلا تحت بند واحد ولا تتم ترسيتها إلا على مقاول واحد، في حين أنه من الأولى أن تقسم وتتم ترسيتها على أكثر من مقاول كي يقوم بتنفيذها مقاولون من الدرجة الثانية والثالثة، أما أن تطرح على مقاول من الدرجة الأولى يقيم في جدة أو الرياض، ومن ثم يقوم بدروها لترسيتها بالباطن على مقاولين في مختلف المناطق، فإنها آلية غير مجدية ولا تدعم قطاع المقاولات ولا حتى جودة التنفيذ".

#4#

من جهته، يشير محمد بن برمان المختص في قطاع المقاولات لـ"الاقتصادية" إلى أن آلية التصنيف "بكل أسف" لا تلبي الحاجات الفعلية لتنفيذ المشاريع في وقتها، مشيرا إلى أن لجانا من الغرف التجارية سبق أن رفعت لمجلس الغرف لحثهم على مطالبة تلك الجهات بإصدار تشريعات جديدة تتواكب مع الفترة الحالية تشهد طفرة في المشاريع وحجم إنفاق كبير.

وأضاف أن نظام المشتريات الحكومية يقضي بترسية المشاريع على المقاولين الذين يقدمون عرضا أقل دون وضع اعتبارات للملاءة المالية للمقاول أو الإمكانات التي يتطلب أن تتوافر لتنفيذ مشاريع معينة.

مضيفا أنه من الأولى أن يتم تأهيل المقاولين القادرين على تنفيذ المشاريع ومن ثم يطرح المشروع على أفضلهم عرضا، لما من شأنه ضمان تنفيذ المشروع في وقته المحدد وبأعلى المواصفات المطلوبة.

ويؤكد أن الآلية الجديدة تمنح مشاريع لمقاولين لا يملكون القدرة على تنفيذ بعض المشاريع، وهذا ما تسبب في تعثر مشاريع حكومية، أو اللجوء إلى استخدام مواد أقل من المواصفات المطلوبة.

مشيرا إلى أن هناك مكاتب هندسية يسند لها الإشراف على المشاريع، وغالبية موظفيها من الأجانب وأحيانا يفتقدون الجدية في أداء عملهم مما ينعكس سلبا على هذه المشاريع نتيجة لضعف الرقابة.

ويضيف ابن برمان أن قطاع المقاولات يواجه تحديات كثيرة، في مقدمتها ضعف التمويل من البنوك المحلية، مشيرا إلى أن هناك مطالبة من كثير من المقاولين بإنشاء بنك خاص بقطاع المقاولات على غرار البنك الصناعي أو الزراعي، ويكون مدعوما من الحكومة، وبمشاركة القطاع الخاص.

الأكثر قراءة