«مركاز العمدة» .. من برلمان شعبي إلى ذكريات أجيال
بعد أن كان صاحب الرأي والمشورة في القضايا التي تتعلق بأفراد الحي، تحول ''العمدة'' الذي اشتهر في بعض المناطق السعودية خصوصا الغربية منها، إلى مجرد ذكريات يتدافع إليها زوار مهرجان الجنادرية من الأطفال لالتقاط الصور معه.
ويقول لـ ''الاقتصادية'' محمد عبد الباقي العمدة في مكة سابقا والآن يجسد دور العمدة في مركازه خلال المهرجان، إن ''مركاز العمدة'' في مكة يعد بمنزلة برلمان شعبي وربما تكون مكة قد عرفت الانتخابات التي نعرفها الآن منذ وقت مبكر عن غيرها من الدول والمناطق، حيث كان العمدة في جميع الدول مهنة يتوارثها الأجيال، إلا أنها في مكة تتم عن طريق الاختيار، حيث يتم الاختيار من بين أفراد الحي الواحد، وعندما يتوفاه الله يتم اختيار شخص آخر وهكذا''.
ويضيف عبد الباقي ''ليس هناك عمر محدد لاختيار العمدة، لكن الأهم أن يخاف الله وله القدرة على حل المشكلات المختلفة سواء الاجتماعية أو الاقتصادية حتى النزاعات التي تصل للضرب بين الأفراد''.
ويزيد ''يعرف مركاز العمدة بأنه المكان الذي يجلس عليه العمدة ويسمى أحيانا دكة العمدة، وتتم فيه مناقشة كل ما يتعلق بأمور الحي واحتياجاته، بالتشاور بين وجهاء وأعيان ومشايخ الحي، وهو مستودع أسرار العائلات وأحوالهم، ويباشر مهامه في رصد الحالات الفقيرة والأرامل وتسجيل المحتاجين من أهل الحي لدى الجهات والجمعيات، ويناقش احتياجات الحي لدى الإدارات الحكومية، كذلك هو أشبه ما يكون بالمحكمة المستعجلة، وحكمه نافذ على أبناء حارته، ويحكم العمدة ورجال الحارة على المخطئ الذي عليه الحق بذبح عدد من الخرفان يتفق عليه، وأحيانا يتحمل العمدة ما يسمى بالغرم في القضايا المالية أو التكاليف''.
في مايلي مزيد من التفاصيل:
تحظى شخصية العمدة بزيها المميز ذي الألوان البرتقالية والعمامة والعصا بإعجاب زائري مهرجان الجنادرية 27، ما يجعلهم يتسابقون خاصة الأطفال منهم لالتقاط الصور معه والاستماع إلى حكايا العمد وقصصهم، فبعد أن كان صاحب الرأي والمشورة في القضايا التي تتعلق بأفراد الحي يتحول إلى شخصية تعريفية.
ويقول لـ ''الاقتصادية'' محمد عبد الباقي العمدة في مكة سابقا والآن يجسد دور العمدة في مركازه خلال المهرجان، إن مركاز العمدة في مكة يعتبر بمثابة برلمان شعبي وربما تكون مكة قد عرفت الانتخابات التي نعرفها الآن منذ وقت مبكر عن غيرها من الدول والمناطق، حيث كان العمدة في سائر الدول مهنة يتوارثها الأجيال، إلا أنها في مكة تتم عن طريق الاختيار، حيث يتم الاختيار من بين أفراد الحي الواحد، وعندما يتوفاه الله يتم اختيار شخص آخر وهكذا''.
ويضيف عبد الباقي ''ليس هناك عمر محدد لاختيار العمدة لكن الأهم أن يخاف الله وله القدرة على حل المشاكل المختلفة سواء الاجتماعية أو الاقتصادية حتى النزاعات التي تصل للضرب بين الأفراد''.
ويزيد ''يعرف مركاز العمدة بأنه المكان الذي يجلس عليه العمدة ويسمى أحيانا دكة العمدة وتتم فيه مناقشة كل ما يتعلق بأمور الحي واحتياجاته، بالتشاور بين وجهاء وأعيان ومشايخ الحي، وهو مستودع أسرار العائلات وأحوالهم، ويباشر مهامه في رصد الحالات الفقيرة والأرامل وتسجيل المحتاجين من أهل الحي لدى الجهات والجمعيات، ويناقش احتياجات الحي لدى الإدارات الحكومية، كذلك هو أشبه ما يكون بالمحكمة المستعجلة وحكمه نافذ على أبناء حارته، ويحكم العمدة ورجال الحارة على المخطئ من كان الحق عليه بذبح عدد من الخرفان يتفق عليه، وأحيانا يتحمل العمدة ما يسمى بالغرم في القضايا المالية أو التكاليف''.
وقال العمدة السابق في مكة ''يشبه دور العمدة قديما بالشرطة، فالشرطة لم تكن تتدخل إلا في المشاكل الكبيرة كالقتل أما غيرها من الخلافات كالمشاكل الزوجية والطلاق وباقي النزاعات المالية فكان العمدة يتولى حلها، وكان له صلاحية السجن فهناك ما يعرف بسجين العمدة، حيث كان يوجد مقر كالقبو ويتم النزول إليه بدرجات لسجن من يرى العمدة عقابهم، ومن الأمور التي كان يعاقب عليها أحيانا عقوق الوالدين، كما كان يقوم بدور وزارة الشؤون الاجتماعية الآن فبما أنه الأكثر دراية بسكان الحي كان يتولى توزيع المساعدات على الفقراء والمحتاجين، كان لكل حارة أو ما يعرف الآن بالحي عمدة ويسمى العمدة باسم الحارة فهذا عمدة العتيبية وهذا الزهارة وأجياد والشعدا والكحل وتتعدد حارات مكة وأسماؤها التي يصر على ذكرها للأطفال الذين يجلسون معه وكأنه حريص على تصوير مكة لهم حارة حارة''.
ويشير إلى أن غالبية الأطفال لا يعرفون عن مكة إلا أن بها بيت الله الحرام لذا كان حريصا على أن يكون ''مركاز العمدة'' في واجهة منطقة مكة ليعرف الزوار والأطفال كيف كانت الحياة في مكة قديما وكيف احتوت على شيء شبيه بالبرلمان ومارست الديمقراطية منذ سنوات، ويسترجع ذكرياته عن المركاز وكيف كان يجتذب مختلف سكان الحي من الفئات العمرية المختلفة، فكبار السن يسترجعون من خلاله ذكريات الزمن الجميل، والشباب يرغبون في التعرف على أوضاع الحي وأخباره، أما الآن فلقد استبدل المركاز بالمقاهي والاستراحات والتي أصبحت مكانا للعب البلوت والتسامر دون أي دور اجتماعي يذكر.
ويقول محمد عبد الباقي إن العمدة قديما كان يرتدي السديري والبقشة والعمامة والساعة والعصا التي ليست للعقاب بل للوجاهة، وكان المركاز يحتوي على تلفون وراديو قديم وتقدم به الضيافة للزوار، ولم يكن للعمدة قديما دوام رسمي فهو متواجد في مركازه أو يأتي وقتما طلب، حيث كان المركاز بمثابة بيت ضيافة للزوار والمسؤولين.
ويضيف ''على الرغم من أن وظيفة العمدة مازالت موجودة إلى الآن يقدم إليها عن طريق وزارة الداخلية إلا أنها اختلفت من نواح كثيرة فلم يعد للعمدة زي أو لبس معين، كما أضيفت التقنية لعمله فأصبح يستأجر مكتب بعمارة بها كمبيوتر وله دوام رسمي كالموظفين وأصبح دوره يقتصر على تقديم ورق أو خطابات تعريف وبعض المعاملات الرسمية وفقد دوره السابق الذي يقوم بدور كل من الشرطة والتكافل الاجتماعي معا''. ويصر عبد الباقي على تصميم منزله بطريقة تحتوي على ركن للعمدة فهو يستمتع بتعريف الأطفال ومن لا يعرف العمدة وعن تاريخ العمدة وما كان يقوم به، ويعتقد ''أن العمدة في مكة لم تسلط عليه الأضواء كما حدث في باقي الدول بسبب الأعمال الدرامية التي تقدم هنا والتي لا تهتم بإبراز دور العمدة وكيف كان يقوم بربط أفراد الحي الواحد قديما، فما إن تصيب بيتا مرة حاجة ما حتى يسارع هو لجمع المال والتبرعات فكنا نشعر أننا جميعا مشتركون بمصاب واحد وفرح واحد وهو بالطبع ما لا يوجد الآن''.