مستوى التقييم الوظيفي في المؤسسات والإدارات النسائية إجراء روتيني يفتقد المصداقية

مستوى التقييم الوظيفي في المؤسسات والإدارات النسائية إجراء روتيني يفتقد المصداقية

طالب خبراء في مجال الإدارة وموظفات بإعادة النظر في أسلوب "تقييم الأداء الوظيفي" المتبع حالياً، منوهين إلى أن الإدارات النسائية والموظفات في مختلف القطاعات غالبا ما يعانين من الإجحاف في التقييم الوظيفي بسبب بعدهن عن الإدارات العليا والمسؤولين، مشيرين إلى أن غياب التقييم العادل للموظف يفقده الحماس والرغبة في العمل والتفوق الأمر الذي يضفي إلى العمل روتينا وتقليدية غير محبذة.
ونادى عدد من أساتذة علم الإدارة بضرورة وضع ضوابط للحد من ظاهرة المحسوبية وهي تفضيل الموظفين دون اعتماد على معيار الكفاءة وكذلك المساواة بينهم في التقييم دون تفرقة، قائلين إن هذا يفقد التقييم مصداقيته والهدف الذي وضع من أجله.
وهنا يتفق الدكتور عبد الله الشدادي رئيس الجمعية السعودية للإدارة على أنه وبشكل عام وعلى الرغم من الفرق بين التقييم في القطاعين العام والخاص، إلا أن تقييم أداء الموظفين والموظفات في قطاعات كثيرة، غير دقيق وغير فعال، إلى جانب أنه يفتقد المهنية العالية.
وقال الشدادي إن ضعف تقييم الأداء نتج عنه ضعف في إنتاجية الفرد السعودي، وهو الملاحظ من خلال بعض الإحصاءات المتوافرة حول حجم إنتاجية العاملين في المملكة.
وفي هذا الإطار أكد الدكتور سالم القحطاني أستاذ الإدارة بجامعة الملك سعود أن الخلل في منشآتنا الحكومية خاصة فيما يتعلق بتقييم الأداء الوظيفي يكمن في أن موظف القطاع الحكومي بمأمن من العقوبة، لأن المدير المباشر لا يستطيع أن يفصله من عمله أو أن يوقع عليه أي نوع من العقوبة، لهذا نجد أن هنالك تهاونا من البعض وتقصيرا في أداء وظائفهم, والسبب الآخر الذي أدى إلى ما نراه في الوقت الحالي من تساهل وتهاون في إعداد تقارير تقييم الأداء من قبل الرؤساء حدث جراء تضخم البيروقراطية فكلما تضخم الجهاز وزاد عدد الموظفين كلما قل الاهتمام بالأداء.
من جانبها ترى بهية أبو علي عضو هيئة التدريب في قطاع الإدارة الصحية في معهد الإدارة العامة أن قلة الوعي بين الرؤساء والمرؤوسين على حد سواء بأهمية تقييم الأداء إضافة إلى غياب الثقافة التي تساعد على تطبيق تقييم الأداء بشكل موضوعي داخل المنظمة, فمثلاً المحسوبية والمحاباة وعدم تقبل النقد كل هذه العوامل تؤثر سلباً في مصداقية التقييم, مشيرة إلى معظم المنظمات لدينا تغفل أهمية تقييم الأداء وتركز فقط على الكم لا على الكيف.
وفي استطلاع أجرته"المرأة العاملة" مع بعض الموظفات حول تقييم الأداء الوظيفي وأهميته بالنسبة لهن، تبين أن هناك تقصيرا من بعض الرؤساء الذين تناط بهم مهمة إعداد التقييم فمنهم المتساهل ومنهم من يتحيز لموظف معين دون غيره، وبالتالي يكون الموظف المتميز هو الضحية، فإما أن يجحف حقه بحيث يتساوى مع الموظف المهمل في التقييم, أو أن يكون ضحية تفضيل المدير لفئة على حساب أخرى بغض النظر عن مدى الكفاءة في العمل.
ومن المديرين كذلك من يتأثر بتوجهات الإدارة فإذا صادف وقت صدور التقييم فترة ترقيات يمنح مرؤوسيه تقديرا ممتازا ليعطي انطباعا بأن القسم الذي يرأسه يعمل بشكل جيد وبالتالي يحصل بدوره على الترقية، فإلى التفاصيل:

ماذا يفيد ؟
تقول هيفاء الطعيمي معلمة في مدرسة متوسطة "لا أهتم بتقييم الأداء الوظيفي أبداً فهو لا يعني لي شيئا خاصة أنه ليس هنالك ميزات أو حوافز لمن تحصل على تقييم ممتاز سواء حصلت على ممتاز أو ضعيف لن يؤثر ذلك في وضعي كمعلمة لا من حيث الترقية ولا من حيث خفض نصاب الحصص", مبينة أنه لو كان هنالك ميزات لمن تحصل على نسبة تقييم عالية لخلق ذلك نوعا من التنافس لنيل أفضل الدرجات ولكن العكس هو الحاصل.
بينما تقول أمل عبد الله موظفة إدارية في إحدى المؤسسات الحكومية " عانيت كثيراً بسبب الظلم في تقييم الأداء من قبل رؤسائي وتأخرت ترقيتي لسنوات بسبب ذلك، وبعد البحث والسؤال عن السبب فوجئت بأن ذلك يرجع لتدني معدل تقييم الأداء, مع العلم أنني كنت مواظبة على عملي وأؤديه بإخلاص وتفان ولم أتلق أي ملاحظات من رؤسائي كما أنني لم أطلع على التقييم إلا بعد أن راجعت الجهات العلياً لمتابعة سبب تأخير الترقية, فلو كان التقييم منصفاً لأتيح للموظف الاطلاع عليه دون تحفظ"
فيما تخالفهما فايزة الشهري مشرفة مركز الأورام في مستشفى الملك فهد الرأي فتقول " إن تقييم الأداء يعني لي الكثير فمن خلاله أعرف مدى إتقاني عملي وجوانب الضعف والقوة في أدائي فأعمل على تحسين قدراتي ومهاراتي, كما أن التقييم المنصف يدفعني إلى بذل المزيد من الجهد للارتقاء والوصول إلى مستويات أفضل".

ماذا يعني تقييم الأداء

يقول الدكتور سالم القحطاني أستاذ الإدارة بجامعة الملك سعود: تقييم الأداء هو إحدى الوسائل التي تساعد الرئيس المباشر على قياس كفاية أداء المرؤوس للقيام بواجبات الوظيفة التي على ضوئها يمكن تحديد مواطن الضعف لديه والعمل على تلافيها عن طريق التدريب والتوجيه, والتقييم باعتباره قراراً إدارياً يمكن أن يؤثر في المركز الوظيفي للموظف لما يترتب عليه من آثار في المستقبل الوظيفي من حيث استحقاق العلاوات والترقيات والبقاء في الوظيفة.

الحلول والمقترحات

يؤكد الدكتور القحطاني أهمية تقييم الأداء الوظيفي في حال وظف بالشكل الصحيح من خلال وضع الضوابط التي يمكن من خلالها ضمان الموضوعية في إعداد التقييم, على سبيل المثال اتباع أسلوب التقييم بطريقة 360 درجة (التقييم الدائري) الذي يعتبر أفضل أنواع التقييم وهو عبارة عن تقييم يتم إعداده من قبل عدة أشخاص من الرئيس المباشر وعدد من زملاء العمل وعدد من العملاء الذين يخدمهم, إضافة إلى التقييم الذاتي حيث يقيم الشخص أداءه خلال فترة معينة, فهذا النوع من التقييم يمتاز بدقته وموضوعيته.
كما أشار إلى ضرورة إعادة تصميم استمارات التقييم الموجودة حالياً حيث إن الاستمارات المعمول بها حالياً في معظم الدوائر الحكومية هي استمارة تقييم الرئيس وهذا النوع من التقييم لا يناسب جميع الوظائف لذا يجب أن تصمم استمارة تقييم خاصة لكل وظيفة على حدة حسب متطلبات الوظيفة.
وهنا توافق بهية أبو علي الدكتور فيما يتعلق باستمارات التقييم المستخدمة حالياً التي وضعتها وزارة الخدمة المدنية فتقول "إن نماذج التقييم الحالية تحتاج إلى إعادة نظر وتصحيح وذلك لأنها تقيد الشخص الذي يقوم بالتقييم لعدم موضوعيتها في توزيع الدرجات ومحدودية العناصر التي تغطيها ولوجود ازدواجية في بعض العناصر وكذلك عدم وضوح في العناصر".
وتضيف أن الخلل في تقييم الأداء الذي تعاني منه معظم المنظمات حالياً لا يقتصر على استمارات التقييم فقط فكذلك اتباع طريقة التقييم السنوي بينما من الأفضل أن يتم التقييم بشكل دوري كل ربع سنة, وأن يكون علنيا بحيث يطلع الموظف على تقييم الأداء وهذا ما ينص عليه قانون العمل إلا أن المتبع في معظم الدوائر غير ذلك.
وتشير بهية إلى أن بعض الجهات حالياً تتيح لموظفيها الاطلاع على تقييم الأداء من خلال موقع المنظمة على الإنترنت إلا أنه في هذه الحالة يكون التقييم قد صدر ولا يمكن للموظف أن يناقش ما تضمنه التقييم, مؤكدة أهمية تعدد مصادر المعلومات كماً ونوعاً عن طريق خلق مصادر للتقييم.
وقالت علي" يمكن مثلا إنشاء ملف الوقائع الجوهرية لجميع الموظفين يسجل فيه إنجازات الموظف في حال قام الموظف بإنجاز عمل مميز ساعد على تحسين العمل يوضع في ملف الوقائع الجوهرية أو العكس في حال قام الموظف بأي عمل سلبي يوضع كذلك وعند التقييم تؤخذ محتويات هذا الملف بالاعتبار, فكلما زاد عدد مصادر التقييم كان التقييم أكثر موضوعية.
وتشدد بهية على أن أفضل أنواع التقييم هو تقييم 360 درجة فتقول" يعتبر هذا النوع من التقييم أكثر أنواع التقييم موضوعية لتعدد المصادر التي يعتمد عليها إلا أنه مع الأسف لا يستخدم لدينا بشكل واسع".
وهنا يعود القحطاني ليشدد على أن أحد الحلول يكمن في منح المدير صلاحيات أكبر بإيقاع العقوبة على الموظف الذي يتأكد من تقصيره في أداء واجباته ضمن ضوابط معينة للتأكد من عدم حصول تجاوزات من قبل المديرين كذلك.
وتستطرد بهية بقولها" إن أحد معوقات مصداقية التقييم هي في أنه يخضع ولو بنسبة بسيطة للرأي الشخصي فكلما قلت نسبة وجود الرأي الشخصي في التقييم كلما زادت نسبة مصداقيته, وكذلك زيادة الوعي والثقافة تقلل من تأثير العاطفة في التقييم, لذا نحن بحاجة إلى نشر الوعي والثقافة والتوعية بأخلاقيات المهنة بين الموظفين".

الأكثر قراءة