عدد السياح السعوديين بين المبالغة والواقع!
استغربت كثيرا بعد قراءتي في بعض صحفنا ومواقع إلكترونية، أن أحد الخبراء والمستثمرين الكبار في مجال السياحة توقع أن يصل عدد السياح السعوديين إلى الإمارات خلال إجازة الربيع الماضي إلى 750 ألف سائح، وسوف ينفقون قرابة سبعة مليارات ريال سعودي! فهذا الخبر مستغرب حتى من غير المختصين، لأنه مبالغ فيه ويفتقر إلى الموضوعية، فالمرافق السياحية في دبي حتى وإن كانت مهيأة، فإنها لا تستوعب هذا العدد الهائل من المسافرين، حيث يقدر عدد الشقق والغرف الفندقية في دبي بين 60 إلى 90 ألفا، وحسب الإحصائيات الرسمية في دبي فإن عدد الزوار من جميع أنحاء العالم خلال يوم معين من أيام المواسم يصل إلى 120 ألف زائر وهي الطاقة الاستيعابية للمدينة.
وبعد نهاية الإجازة ظهرت الأرقام الموثقة لعدد السياح السعوديين إلى دول الخليج وغيرها من الدول، حيث المفاجأة الكبرى، أن دبي لم تكن الوجهة الأهم للسعوديين؟! (''الاقتصادية'' عدد 6759 في 13 أبريل 2012)، فقد أعلن مركز المعلومات والأبحاث السياحية ''ماس'' التابع للهيئة العامة للسياحة والآثار، الإحصاءات الموثقة لأعداد السياح المغادرين والقادمين إلى المملكة خلال إجازة منتصف الفصل الدراسي الثاني الماضي، المبنية على الأرقام الرسمية لأعداد المغادرين عبر جميع منافذ المملكة، أن البحرين كانت أكثر الوجهات السياحية استقبالاً للسياح السعوديين المغادرين بـ 145.3 ألف سائح، تلتها الكويت بـ 91 ألفا، فالإمارات بـ 80.8 ألف سائح، وكشف المصدر نفسه عن مغادرة 486505 سياح سعوديين المملكة وأنفقوا 1.65 مليار ريال، بمتوسط إنفاق 3394 ريالا للسائح، فيما بلغ عدد القادمين إلى المملكة 616586 شخصا، أنفقوا نحو 1.48 مليار ريال، بمتوسط إنفاق 1862 ريالا للشخص الواحد.
والشيء اللافت للانتباه في تقرير ''ماس''، أن هنالك نسبة متبادلة من مواطني دول الخليج ممن تكون وجهتهم السياحية السعودية، وهذا شيء طبيعي أن يختار السائح بلداً غير بلده للبحث عن التغيير ونحوه.
هذا الاختلاف بين الواقع والتوقع في عدد السياح السعوديين وكذلك الوافدين لهذا البلد أو أي بلد، يحتاج إلى مصادر موثوقة، كما أن تقرير هيئة السياحة يجب أن يستفاد منه في إيجاد آلية فاعلة لتطوير السياحة إلى هذا البلد، حيث لا بد من تطوير واستحداث معالم ومرافق سياحية تحتوي على خدمات متميزة في هذا البلد الواسع المساحة ذي التضاريس المختلفة، وكذلك جعلها غير مكلفة بالنسبة للمواطن السعودي، حيث حتى ما يسمى بالسياحة الدينية أصبحت صعبة المنال على كثير من السعوديين، فمن الحلول لتطوير السياحة في هذا البلد نحتاج إلى وجود تنافس بين شركات السياحة الأهلية وتحسين سمعتها لدى المواطنين، فمن المحزن جداً أنه قلما تجد شبابا سعوديين قد مُكنوا من الانخراط في هذا السلك الاستثماري، فغالبية المعاملات تجري مع وافدين ليسوا أكثر كفاءة ومصداقية من شبابنا.
وختاماً: تعد السياحة في وقتنا الحاضر من الكماليات التي لا بد منها، ولكن تحتاج إلى وجود مراكز سياحية ذات خبرة تقوم برصد أرقام عن عدد السياح، ونوعية الخدمات الموجودة، وأن تكون سياحتنا ذات مردود اقتصادي وترفيهي في الوقت نفسه.