أعداء البيئة يكافئون المتنزهات بجبال من النفايات

أعداء البيئة يكافئون المتنزهات بجبال من النفايات

أبدى عدد من المهتمين بالحفاظ على البيئة استياءهم الشديد من انتشار ظاهرة رمي النفايات من قبل بعض المتنزهين في المناطق الصحراوية بعد الاستمتاع بالطبيعة والانتهاء من الرحلة البرية، معتبرين ذلك تجنيا فظيعا على البيئة بشكل عام وعلى حقوق الآخرين ممن يعشقون الرحلات البرية ويسعون إلى استمرارها بشكل خاص.

أعداء البيئة

وقالوا إن تلك التصرفات التي يقوم بها ما سموهم بـ "أعداء البيئة" قد حطمت كل أساليب العامل الحضاري مع البيئة والحفاظ عليها لتجنب الوقوع في شبح التلوث المؤدي إلى أضرار بالغة بالإنسان والطبيعة.
ومن صور تدمير البيئة، ترك المخلفات التي غالبا ما تكون علبا معدنية أو بلاستيكية، نفايات ورقية، وعبوات زجاجية، هذه الصورة تتكرر للأسف من الكثير من المتنزهين سواء كانوا كبارا أو صغار، فبعد أن يستمتعوا بالطبيعة الخلابة يكافئونها بأكوام من النفايات السامة ويقطعون الأشجار ويشعلون النار فوق الحشائش والأعشاب دون أي اهتمام أو مبالاة.
ويقول عبد العزيز الرشود أحد هواة الرحلات البرية، "إن ممارسات تدمير البيئة أضحت موجودة على نطاق واسع في معظم المنتزهات البرية، من خلال التشويه المتعمد لأماكن جميلة ونادرة في مملكتنا الحبيبة".

عذر أقبح من ذنب

وأضاف قائلا: "إن معظم الملوثين لديهم تبريرات واهية وغير مقنعة لأسباب تركهم النفايات بعدما يغادرون المكان في البر، من أهم هذه التبريرات أن عمال النظافة سيقومون بمهمة تنظيف المكان، أو أنها تذهب مع الريح"، وهنا نقول لهم "إن هذا العذر أقبح من ذنب".
وتابع: "يكفي أن ديننا الحنيف يحثنا على النظافة، كما أن هناك مبدأ يجب أن يطبقه الجميع وهو "دع المكان أفضل مما كان فإن لم يكن بالإمكان فاتركه كما كان"، فلو طبق هذا المبدأ لانتهت النفايات تماما".
ودعا الرشود إلى ضرورة تكثيف حملات التوعية البيئية حول نتائج التلوث المدمرة للبيئة، وأن نشكر الله سبحانه على نعمة الربيع وتهيئة المكان الفسيح للاستمتاع والراحة وتعويد أطفالنا تنظيف المكان، وإعطائهم مكافأة على ذلك، لكي نغرس النظافة في سلوكهم".

في عمق الصحراء

وهنا أكد عبد الهادي المفرج مشرف عام منتديات البراري المهتمة بالبيئة على الشبكة العنكبوتية "الانترنت"، أن العائلات من أكثر من يترك نفايته خلفه في المنتزهات البرية، لأنهم لا يقدرون معنى الحفاظ على البيئة، أو منظر الطبيعة والبساط الآخر الذي ينتظره سكان المملكة في أوقات محددة من السنة، حيث إن بعض العائلات تذهب إلى أماكن معروفة بمناظرها الخلابة وجوها العليل، ويمضون وقتا ممتعا وما إن يقررون الرحيل من مكانهم حتى يتركوا خلفهم الكثير من النفايات بمختلف أنواعها غير مبالين بضررها البيئي وتشويه للمكان.
ولفت المفرج إلى أن ظهور أجهزة تحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية (الكنود)، سهل على بعض المتنزهين الوصول إلى أماكن في عمق الصحراء، وبعدما يغادرون المكان يتركون خلفهم الكثير من الإحداثيات التي تشوه الطبيعة مثل: قطع للأشجار، إشعال النار فوق الغطاء النباتي، وغير ذلك من الممارسات السلبية المدمرة للبيئة.

السر في توعية المرأة

وأفاد المفرج أن كل هذه السلوكيات ناجمة عن نقص الوعي لدى أفراد المجمع واللامبالاة وعدم ملاءمة الرسالة التوعوية لبعض الجهات المعنية بالبيئة بمستوى تفكير أفراد المجمع، مطالبا بضرورة تكثيف الحملات التثقيفية من الأجهزة المعنية بحماية البيئة ونظافتها، وتجنيد مراقبين من قبل البلدية وعمال، عند مداخل المتنزهات وتوزيع أكياس نفايات ونشرات توعوية في هذا الشأن بشكل مستمر.
ولفت المفرج إلى أنه من الضروري عدم إغفال النساء من تلك الحملات التوعوية، لأن المرأة هي المسؤولة عن الشق الأهم في تثقيف أبنائها وتعليمهم وكذلك عن البيت ونظافته وكل شؤونه، وبالتالي ستكون لها التأثير نفسه في حال الخروج لرحلة برية خاصة إذا كانت الأسرة ستمكث عدة أيام.

"دحول" الصمان

وأضاف قائلا: "هناك بعض الكهوف "الدحول" في منطقة الصمان (230 كيلو متر شمال شرق الرياض)، كانت مصدرا للمياه قبل عشر سنوات، أصبحت الآن مرمى للحيوانات النافقة "الجيف"، وأكياس الشعير الفارغة التي تنقلها الرياح إلى مسافات طويلة داخل البراري والصحراء مما أسهم في نضوب هذه الموارد وحرمان المتنزهين من الاستمتاع بمنظر"الدحل" الرائع من الداخل، بسبب رائحة الحيوانات الميتة".

نقص الوعي البيئي

أما يوسف العتيبي وهو ناشط في قضايا الحفاظ على البيئة، فهو يعزو أسباب ظاهرة رمي النفايات في المنتزهات البرية إلى عدم وجود وعي بيئي لدى بعض مرتادي تلك المنتزهات، على الرغم من وجود رسائل توعوية ولوحات تحمل عبارات توعوية في عدد من الرياض والفياض خصوصاً الخاضعة لإشراف وزارة الزراعة.

احذر الحرق أو الدفن

وبين العتيبي أن من أهم طرق التغلب على هذا السلوك غير الحضاري تكاتف بعض الجهات المعنية بالحفاظ على البيئة في تكثيف حملاتها التوعوية وبرامجها، خاصة في أوقات المواسم التي يكثر فيها خروج الناس إلى تلك المتنزهات البرية مثل موسمي الشتاء والربيع اللذين تكثر فيهما الرحلات البرية للاستمتاع بالربيع.
وحذر العتيبي من خطورة دفن أو حرق المخلفات للتخلص منها على اعتبار أن مثل هذا التصرف قد يكون بحسن نية لكنه يعتبر مخالفة أكثر خطورة من ترك النفايات في مكانها، لأن ذلك سيحدث ضررا على التربة وكذلك تلوث الجو، بل إن التصرف السليم أن توضع تلك النفايات في الأكياس المخصصة لها ونقلها إلى أن يتم وضعها في حاوية النفايات لتأتي سيارات البلدية الخاصة وتتخلص منها بالطرق الصحية الآمنة.

تحلل النفايات

وبين العتيبي أن تحلل النفايات في الأرض يأخذ وقتا طويلا، حيث يستغرق تحلل المناديل الورقية سنة كاملة، وورق الجرائد ثلاث سنوات، وأما أكياس البلاستيك فتحتاج إلى خمس سنوات، وتزيد مدة التحلل إلى 325 عاما لعلب الألمنيوم، وتصل المدة إلى 450 عاما لإطارات السيارات.
وزاد: أن هناك برنامجا اسمه "لا تترك أثرا"، هذا البرنامج يدرس في الجامعات الأمريكية، ويقوم على التثقيف ورفع مفهوم الوعي البيئي لدى مستخدمي المتنزهات البرية، من حيث الافتراش، واستخدام الوسيلة المثلى في التدفئة والشواء.

"لا تترك أثرا"
ويأمل يوسف العتيبي أن يتم تفعيل هذا البرنامج بشكل موسع في المملكة والاستفادة منه من وسائل الإعلام في هذا الشأن، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن الهيئة العليا للسياحة هي من أطلق هذا الشعار وطبقته بما يتوافق مع البيئة في المملكة، وإقامة من خلاله عدد من الحملات التوعوية.

الأكثر قراءة