القرارات الإدارية ماذا فعلت بالسوق؟

القرارات الإدارية ماذا فعلت بالسوق؟

[email protected]

هبط سوق المال الأسابيع الماضية هبوطا حادا فقد على أثرها جميع المكاسب المالية التي تم تحقيقها خلال العامين الماضيين، ومعظم رؤوس الأموال المستثمرة في الفترة نفسها، وكان لجميع الشركات والمتداولين في السوق نصيبهم من الخسائر دون استثناء بما فيهم الشركات القيادية وشركات المضاربة معا ولا يمكن تسمية ما حصل في السوق من جراء تصحيح أو مضاربات ولكن ما حصل في السوق بالفعل هي أزمة ثقة من جراء القرارات الإدارية السلبية التي هزت كيان السوق وشحت السيولة فيه إلى أن وصل إلى ما وصل إليه من قاع.
غالبا ما تهبط الأسواق المالية من جراء الأسباب الاقتصادية أو السياسية أو البعض منها أو جميعها معا ولكن الهبوط الحاصل في السوق يختلف عن بقية ما يحدث في الأسواق، نظرا لأن الأوضاع السياسة والاقتصادية في المملكة مستقرة، والتوقعات متفائلة، وأصول الكثير من الشركات مطمئنة وأرباحها ونتائجها مطابقة للتوقعات، ومتوسط مكررات الأرباح مغرية جدا، ولكن من المؤكد أن أسباب الهبوط الحاصل في سوق المال من جراء انعكاسات القرارات الإدارية التنظيمية السلبية التي نوجزها فيما يلي:
1 - الاكتتابات: إن عدم إعطاء الأوليات لإدراج الشركات ذات رؤوس الأموال الكبيرة والتوسع في طرح أسهم الشركات الصغير أديا إلى زيادة اشتعال المضاربات وهشاشة السوق وسيطرة المضاربين عليه واستنزاف أموال المواطنين وتجفيف السيولة في السوق.

2 - علاوات الإصدار: المبالغة في علاوات إصدار كبيرة لا تعكس واقع الشركات على أرض الواقع من جراء اعتمادها من قبل مكاتب دراسات جدوى غير مؤهلة مكنت تحويل شركات مغلقة إلى مساهمة تطرح للاكتتاب بعلاوات إصدار مرتفعة بغياب عين الرقيب، استنزفت أموال المواطنين وتجفيف السيولة في السوق.
3 - تنظيم إدراج أسهم الشركات الجديدة للتداول: إن التنظيم الذي اتبع في إدراج أسهم بعض الشركات خلال خارج دوام السوق، وتحديد وقت قصير لإدخال أوامر البيع قبل بدء التداول والبيع الفعلي، وتمديد فترة تداولها، وفرض البنوك تداولها بسعر السوق.
4 - توقيت فترة التداول: إن دمج فترتي التداول في فترة واحدة خطوة إيجابية وجيدة أسوة بالأسواق الخليجية والعربية والعالمية من حولنا ولكن يعيبها توقيت فترة التداول التي تتخللها فترة خروج الأبناء من المدارس، وفترتي صلاة الظهر والعصر، وانصراف الموظفين، ووقت للغداء والاسترخاء.
5 - قصور تطبيق أنظمة ولوائح وآليات التنفيذ والرقابة في السوق: في عدم التنبؤ بتوقعات ردود أفعال المتداولين تجاه التنظيمات الجديدة، ومدى قبولهم لها عند تطبيق الأنظمة إضافة لسوء التوقيت، وتفضيل شريحة على أخرى، وعدم توافر البدائل، وضعف الرقابة التي لم تستطع إيقاف الممارسات السلبية في السوق.
إن جميع الأسباب المشار إليها أعلاه مجتمعة هي التي أوصلت السوق إلى ما وصل إليه من جراء فقدان الثقة في السوق وهي التي حدت من إقبال المتداولين عليه وجففت منابع السيولة المتداولة فيه، إن إعادة الثقة في السوق تستدعي ضرورة تدخل هيئة السوق المالية بجملة من القرارات والتوصيات التصحيحية القوية التي من شأنها تعزيز الثقة في السوق من جديد ودفع النهوض والتعامل مع جميع المعطيات الحالية قبل فوات الأوان.
إن القرارات الإدارية تعتبر العمود الفقري لقيام سوق أسهم يتمتع بالكفاءة والاستقرار فمن الضروري مراجعة نتائج تطبيق هذه القرارات عند الحاجة أو بين الحين والآخر من أجل تطويره وزيادة فعاليته، ويمكن الاستفادة في هذا المجال من الخبرات المتراكمة في أسواق الأسهم المتقدمة والناشئة لتطوير سوقنا، مع الأخذ في الاعتبار مراعاة خصائصنا وعاداتنا وتقاليدنا.
فيما يلي سنوجز بعض الخطوات التي ستساعد على النهوض بالسوق:
1 - الاهتمام بجميع شرائح المتداولين في السوق ضرورة، وعدم تمييز شريحة على أخرى نظرا لحاجة الشرائح لبعضها.
2 - سد فراغ السوق بالكيانات المؤسساتية مثل صناع السوق وشركات الوساطة والشركات الاستثمارية، إضافة إلى وكلاء إصدار.
3 - تفعيل أدوات التطبيق قبل إقرار تطبيق القرارات مثل الحاجة لمكاتب الوساطة بتداول الأسهم نيابة عن الأفراد وذلك بعد إعطائها الوقت الكافي لإثبات مقدرتها على إدارة المحافظ حسب الأصول.
4 - اعتماد الاكتتابات للشركات ذات رؤوس الأموال الكبيرة والنشاطات المجزية للاقتصاد والبلاد في هذه المرحلة.
5 - اعتماد الشركات الرغبة في الطرح للتداول في السوق من دون علاوة إصدار في هذه المرحلة.
6 - إدراج أسهم الشركات الجديدة للتداول خلال أوقات التداول العادية وتحديد مهلة التذبذب بمدة ثلاثة أشهر قبل تثبيت السعر للحد من عمليات البيع السريعة والازدحام والمحافظة على نسبة السيولة في السوق.
7 - إعادة النظر في توقيت فترة التداول الجديدة، لأنها عصفت بالسوق وستعصف به إلى المزيد من الضعف والركود.
8 - مراجعة نتائج تطبيق الأنظمة عند الحاجة وبين الحين والآخر من أجل تطويره وزيادة فعاليته والحفاظ على المستثمرين ومصالح السوق والاستعانة بخبرات الآخرين في أسواق الأسهم المتقدمة والناشئة لتطوير أنظمة ولوائح وآليات التنفيذ والرقابة في السوق علما بأنه سبق أن صدرت توجيهات سامية بهذا الخصوص.
عدم أخذنا في الاعتبار جميع هذه الخطوات من الأساس أوصل حال السوق إلى ما وصل إليه، في ظل الوضع الاقتصادي المزدهر والوضع السياسي المستقر في الوقت الحاضر.

الأكثر قراءة