ضرب الزوجة .. معادلة الرجولة وأسلوب التعامل الوحشي
تطرق داود الشريان في إحدى حلقاته في برنامجه الرائع "الثامنة" عن العنف ضد المرأة وهو موضوع غاية في الأهمية طرحه داود كما عودنا أن يطرح في برنامجه الموضوعات الحيوية والتي تمس الواقع، وفيما يخص العنف ضد المرأة فإن هناك كثيرا من الحالات التي تسجل في مجتمعنا السعودي تتعلق بضرب الزوجة بطريقة تتدرج ما بين الخفيف والمبرح أمام أبنائها، وقد يصل الأمر أمام بعض أقاربها، والطامة الأكبر عندما يكون أهل الزوجة أنفسهم يتعاملون في حياتهم بطريقة الضرب، حيث حالات كثيرة تأتي لتشتكي لأبيها ضرب زوجها فيضربها الأب من منطلق "التأديب"، وكأن تلك الزوجة خلقت ليتم ترويضها كما تروض البهيمة، ولو سلطنا الضوء على تلك الحالات لوجدنا أننا لا نستطيع علاج السلوك إطلاقا طالما لم نستطع معالجة الفكرة، وهذا ما يطلق عليه في علم النفس العلاج "المعرفي" وهذا النوع من العلاج يزرع القناعة بضحد الفكرة السيئة وإبدالها بفكرة منطقية إيجابية وبناء عليه يختفي السلوك، والثقافة الاجتماعية تبنى على مجموعة من الأفكار بعضها إيجابي كالكرم والشهامة، وبعضها سلبي كالضرب وتعنيف المرأة واعتبار أن تلك المرأة هي جسد بلا عقل أو عاطفة والفكرة الأعظم هو أن بعض الثقافات الاجتماعية تبني فكرة الرجولة على ضرب المرأة سواء كانت الأخت أو الزوجة فتكون المعادلة طردية بمعنى أن الرجل الحقيقي هو الذي يستطيع فعلا تأديب زوجته بالضرب والعكس صحيح، وإذا ما صححنا العبارة فلن أقول الثقافة الاجتماعية بل أود استبدالها بكلمة الثقافة الأسرية لأن كثيرا من الأسر نشأ فيها الرجل يحترم زوجته تمشيا مع السنة النبوية ووفق ما وصى به رسول الله ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ من التعامل باللطف والمودة والرحمة والنصيحة في حال الاختلاف بعيدا عن الضرب المبرح الذي يقع فيه البعض في التعامل مع الزوجات بل وهناك أشكال أكثر من التعدي على حق المرأة مثل عدم تسميتها باسمها في بعض الأماكن العامة التي تستدعي أن يناديها الزوج وغرس الأفكار السلبية في الطفل بتحريم نطق اسم الأم عند الأصدقاء واعتباره من العيب وكأنه نوع من الإهانة للإنسان عندما يعرف اسم الأم.. وهكذا تنمو وتنشأ المفاهيم منذ الصغر بالتقليل من شأن المرأة وعدم احترامها إلى أن يصل الأمر إلى الضرب المبرح الممزوج بالإهانات المعنوية واللفظية دون أن يستطيع أحد إيقاف ذلك الرجل عند حده ممن حول الأسرة، حيث يقتنع الجميع بما يفعله ذلك الزوج من السلوكيات الوحشية، وفي مثل تلك الحالات نحن بحاجة كبيرة إلى إخصائي نفسي قبل كل شيء لمعالجة تلك التراكمات الأسرية ممتدة الجذور ومع ذلك قد لا يكون العلاج النفسي سهلا، فهل يخفف البعض من غرس تلك الأفكار المسمومة في ذهن الطفل؟