الأمير نايف لقّب الطفل معن بـ «أبو تمام».. وأخاه فراس بـ «المتنبي» و«خطيب الأمراء»
كان موت الأمير نايف يرحمه الله "فاجعة" لدى الطفلين السعوديين معن وفراس حاتم الظاهري، حيث ألقى الطفلان كلمة أمامه في افتتاح مؤتمر الإرهاب الذي نظمته الجامعة الإسلامية قبل ثلاثة أعوام، وقال والدهما الدكتور حاتم الظاهري عميد تقنية المعلومات في الجامعة الإسلامية لـ "الاقتصادية" إن معن وفراس تأثرا بشدة برحيل الأمير نايف، مشيراً إلى أن يوم الوفاة استقبله معن عند باب المنزل قائلاً له والدمع يذرف من عينيه "مات الأمير نايف"، مشيراً إلى أنه حاول تهدئة الوضع النفسي للطفل والتأكيد له أن ذلك قضاء الله وقدره، وقال إن فراس لا يزال يكرر مشاهدة مقطع فيديو إلقائهما الكلمة أمامه - يرحمه الله - ويردد كلمة الأمير نايف له بعد أن قدم له هدية "تستحق أكثر وأكثر".
وأكد الظاهري أن مشاعر معن وفراس تحمل الكثير من الألم خاصة عندما يستحضران عباراته الأبوية ولمساته الحانية لهما وموقفه عندما أصرّ على حضورهما العشاء معه، ولفت الظاهري إلى أن من مواقف الأمير نايف مع أبنائه توجيهه لفرع وزارة الثقافة والإعلام بأن يتم الاحتفاظ بنسخة مسجلة لكلمتيهما وبثها مشيداً بشجاعتهما في الإلقاء أمام الجمهور، وقال إنه أطلق على ابنيه عدة ألقاب من أبرزها "المتنبي" لـ "فراس" و"أبو تمام" لـ "معن"، ولقب "خطيب الأمراء" منحه أيضا لفراس.
وكان يوم 22 شوال 1432هـ قد شهد آخر لقاء بين أهالي المدينة المنورة وفقيد الأمة الأمير نايف بن عبدالعزيز يرحمه الله، حيث افتتح مؤتمر ظاهرة التكفير (الأسباب والآثار والعلاج) الذي نظمته جائزة نايف بن عبدالعزيز العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة بمشاركة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وكان آخر المؤتمرات المنظمة في المنطقة التي رعاها في قصر الأمير عبدالعزيز بن ماجد أمير منطقة المدينة المنورة.
وكانت للفقيد مواقف بارزة رسخت في ذاكرة المواطن والمسؤول في المدينة المنورة، حيث أشار الدكتور محمد بن علي العقلا مدير الجامعة الإسلامية إلى أن زيارة الأمير نايف الأخيرة للمدينة المنورة كانت قبل نحو تسعة أشهر ترأس بعدها مجلس المنطقة وكانت توجيهاته للمشاركين في المؤتمر استخدام "الوسطية" وأن المملكة تسير وفق هذا المبدأ، وينبغي تجنيب أفراد المجتمع استخدام مصطلح "التكفير" وعدم استخدامه إلا من قبل العلماء فقط.
وقال إن آخر مؤتمر يرعاه الأمير نايف بتنظيم من الجامعة الإسلامية هو مؤتمرها الدولي للإرهاب تحت عنوان: (الإرهاب بين تطرف الفكر وفكر التطرف)، ومن أبرز المواقف التي ما زالت راسخة بالذاكرة خلاله عندما عرض الدكتور العقلا على الأمير نايف إن كان هناك قضايا معينة يرغب في طرحها في الحوار فأجابه أنه يرغب في طرحها في الحوار مباشرة من الحضور دون تجهيز مسبق لها، مضيفا "أنه أتى من الرياض ليستمع للمواطنين مباشرة وأن تصله المعلومة منهم دون زيادة أو نقصان"، وأشار العقلا إلى أن حوار سموه مع المواطنين والحضور كان شفافاً وواضحاً واستفادوا من توصياته الكريمة.
وذكر مواقف أخرى في زيارات الأمير نايف يرحمه الله للمدينة المنورة إذ كان يحرص على أن يتضمن برنامجه زيارة خاصة للجامعة الإسلامية والالتقاء بمسؤولي المدينة وأعيانها رغم ارتباطاته المتعددة.
كان آخر المؤتمرات التي رعاها الأمير نايف في المدينة المنورة (مؤتمر ظاهرة التكفير، الأسباب، الآثار، العلاج) نيابة عن خادم الحرمين الشريفين ألقى خلاله كلمة قال فيها: "الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
يسرني أن أخاطبكم في هذه المناسبة المباركة على هذا الثرى الطيب وقد انتظم عقد علمائها ومفكريها للتباحث حول موضوع في غاية الأهمية حفلت به نصوص الشريعة الإسلامية تحذيراً وتنديداً وتنكيلا.
أيها الإخوة الكرام
إن اجتماعكم اليوم على محاور هذا المؤتمر العالمي عن ظاهرة التكفير الذي نستشرف نتائجه وتوصياته يعد في طليعة الأعمال الملحة حيث الحوار قائم ومرتكز على الكتاب والسنة الذي حذر أشد التحذير من الانزلاق في مسائل التكفير بغير علم ولا هدى وهو مسلك فئة ضلت سواء السبيل وانحرفت عن جادة الحق التي بينها لنا أهل العلم على أصول الشريعة وقواعد الإسلام فلم يتركوا في هذا زيادة لمستزيد ولا ثغرة لمستدرك وهم الذين نفوا عن كتاب الله تحريف المغالين وتأويل الجاهلين. ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورب حامل علم يكون له فتنة ومن يريد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئاً.
أيها الأخوة الكرام: إن من استقرأ تاريخنا الإسلامي واستنطق فصوله ومشاهده واطلع على أسباب قبول الإسلام والتصالح معه عبر التاريخ يعلم الحقيقة ويدرك مكامن وأسرار هذا الدين القويم الذي نهى شرعنا الحنيف عن الغلو والتطرف فيه والتقول على شرع الله بالكذب أو التأويل أو التكلف فمصرع الجميع في هذا واحد وإن اختلف المخرج والمقصد.
لقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم "إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين" وهذا الغلو هو مدخل ضلال الناس وخروجهم عن الإطار الشرعي والمحكم لدين الله الذي استقر بحمد الله في قلوب العالمين علماً وإدراكاً.
إن هذا الانتشار لدين الإسلام بعالميته ونبل مقاصده لم ولن يكون بمفاهيم التطرف والغلو وأدوات التخريب والتدمير والاعتداء على النفوس البريئة التي قال الله تعالى في مقترف جرمها "من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا" وقال تعالى (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)، وقال صلى الله عليه وسلم "من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة". ولا يشك مسلم أدرك حقيقة الإسلام أن الاعتداء على النفوس البريئة بالتأويلات الفاسدة يتحقق في قول رسولنا صلى الله عليه وسلم حين قال "اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة".
إن ما نطرحه في هذا الشأن هو بيان وتبرئة لفكرنا الإسلامي الأصيل واعتدال منهجه وسمو مقصده ويكفي أن من لا يدين بدين الإسلام بوسطيته واعتداله قد اكتوى بأدوات التطرف لديه وهي المحسوبة على فكره ومنهجه، فالتطرف لا وطن له ولا دين ونحن نؤكد من وحي شرعنا العظيم أن دين الله الوسطية بين الغالي فيه والجافي عنه وهو معنى قول الحق سبحانه (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) وقول النبي صلى الله عليه وسلم "هلك المتنطعون".
لقد أرسل الله تعالى نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم شاهداً ومبشراً ونذيراً وبعثه بالحنيفية السمحة وبالرحابة والسعة وبمكارم الأخلاق والعفو والصفح والرحمة بالناس وإحسان الظن بهم حتى قال بعض السلف ـ لا تظن بكلمة خرجت من أخيك سوءا وأنت تجد له في الخير محملاً ـ فكيف إذا ارتد السوء إلا التفسيق ثم التكفير وعلى أثره القتل والتدمير وهي حلقات متصلة يجر بعضها بعضا... ".