أول وزير سعودي يُعيِّن «متحدثا رسميا» للرد على وسائل الإعلام
كان الأمير نايف بن عبد العزيز - يرحمه الله – سبّاقا من بين 23 وزارة سعودية في تعيين متحدث رسمي للوزارة التي يتولى شؤونها وهي الداخلية رغم حساسية تلك الوزارة، إضافة إلى سبقه أيضا في تعيين متحدثين أمنيين في شرط المناطق من أجل تسهيل مهمة الإعلاميين، الذين كان - يرحمه الله - يؤمن برسالتهم ودورهم الوطني.
وقام الأمير الراحل قبل نحو ثماني سنوات كأول وزير سعودي بتعيين متحدث رسمي لوزارته، وشكّل قراره الذي صدر في منتصف عام 2004، نقطة فاصلة لدى الإعلام والإعلاميين أنهت معاناة طويلة من البحث عن المعلومة الصحيحة، وخاصة بعد الأحداث الإرهابية غير الاعتيادية التي طالت مرافق مهمة في السعودية.
وساهم القرار بشكل فعلي في تواصل جميع الجهات الأمنية المختلفة مع الإعلام وإبراز جهودهم واستقاء المعلومات وخاصة في الجانب الأمني من مصدرها الصريح دون الترجيح أو التأويل أثناء إعداد المادة الصحافية رغم حساسية المعلومات الأمنية ودقتها. وتم في ذلك الوقت تعيين اللواء المهندس منصور التركي كأول متحدث رسمي لوزارة الداخلية السعودية، إذ لا يزال يباشر مهامه منذ ذاك الوقت وحتى الآن.
#2#
وللمتتبعين لتاريخ الراحل، يدرك أن سياسته ـ يرحمه الله ـ تقتضي الاستعداد التام للرد على استفسارات الصحافة، وخاصة فيما يتعلق بجهود السعودية في مكافحة الإرهاب على مستوييها الميداني والفكري، إضافة إلى تلبية ما يحتاج إليه الصحافيون من معلومات مختلفة ومدهم بالمعلومات الصحيحة والموثقة عن مجمل العمل الأمني في السعودية، وتصحيح الخاطئة التي تنشر في وسائل الإعلام من دون تثبت، وحينها قال اللواء منصور التركي إن الوزارة ستعتمد مفاهيم الصراحة والمكاشفة بما لا يؤثر في سلامة التحقيقات ورصد الجرائم الأمنية.
وتمّيز الأمير نايف بن عبد العزيز بأنه متحدث حصيف ومحاور قوي اشتهر بمؤتمراته الصحفية ولقاءاته الإعلامية، التي يرى فيها كثير من الإعلاميين السعوديين مثالا للمؤتمرات الصحافية الناجحة، لجرأة الملفات المطروحة فيها وشفافية الإجابة دون أي تحفظات، إلا أن ذلك لم يمنعه من تعيين متحدث رسمي لأكثر الوزارات حساسية في العالم أجمع.وكان - يرحمه الله - كثيرا ما يُسأل من الإعلاميين عن قضايا أمنية حساسة، فلا يتردد في الإجابة عنها حيث يعرف كل من تعامل معه منهم أنه لا يوجد سؤال صعب لا يمكن طرحه عليه.كما تميّز ولي العهد ـ يرحمه الله ـ بقربه من مختلف التيارات الفكرية والكتّاب وتفهمه لمجمل التوجهات الفكرية على الساحة الإعلامية في السعودية، وعدم تفريقه بين منتسبي هذه التيارات، ما جعل منه شخصية مقبولة ومحبوبة لدى الإعلاميين، فضلا عن كونه من المسؤولين الذين يستمعون بتمعن ويجادل بحكمة، إذ عرف في الأوساط الإعلامية بقدرته الفائقة على شرح خلفيات أي حدث حتى لو لم يكن للنشر، ومن ذلك عبارته المشهورة لأحد الصحافيين: "أريدك أن تسمعها مني أفضل من أن تسمع الشائعات"، فضلا عن استحضاره عبارة "الرأي العام" وهو ما كان يعكس حرصه - يرحمه الله - على إطلاع الجميع على كافة المستجدات في كل القضايا، فجعل علاقته بالإعلام تتكلل بترؤسه سابقا للمجلس الأعلى للإعلام، وتوليه الرئاسة الفخرية للجمعية السعودية للإعلام والاتصال.