الخطة العربية الموحدة للطوارئ والكوارث البيئية

عند الحديث عن التخطيط الاستراتيجي لظواهر ''الكوارث الطبيعية'' و''الطوارئ البيئية''، الذي يفترض في واقعه العلمي والعملي الشراكة والتنسيق والجاهزية، فهو طرح وقراءة لتداعيات تلقي بظلالها على واقع التعامل والتناول للأحداث والمخاطر التي تهدد الممتلكات والصحة والسلامة العامة والتنوع البيولوجي في الوطن العربي بالتزامن مع تهيئة وتوافر الإمكانات والكفاءات والموارد المطلوبة والمناسبة التي تجسد عناصر ومعطيات تنظيمية وعلمية حيوية (تحديد المسؤوليات والهدف، الواقعية، المرونة، سهولة الاستخدام، القابلية للتطبيق، التنسيق، الخطط الفرعية المساندة، والخطط البديلة)، مع الأخذ في الاعتبار أن تكون الخطط الوطنية للطوارئ البيئية في سياق الضوابط والاشتراطات المتوافرة في الدليل الإرشادي لإعداد الخطة الوطنية للكوارث البيئية، والتي تم إعدادها من قبل ''وحدة الارتباط البيئي'' في برنامج الأمم المتحدة للبيئة UNEP ، بعد أن تم تطوير العديد من الخطط النوعية المتخصصة لمواجهة الطوارئ كما هي الحال مثلا في خطط الفيضانات والأعاصير والحوادث الصناعية والكيماوية، التي أصبحت بعد ذلك ومن خلال عملية النقل التدريجي للخطط الفرعية عناصر مساندة في الخطة العامة للطوارئ البيئية والكوارث.
تناولت صحيفة ''لودوفوار'' الكندية أخيرا نقلا عن تقرير حكومي بعنوان ''مستقبل البيئة الأمنية في العالم حتى عام 2030م''، الذي تضمن المخاطر المستقبلية لظاهرة التغيرات المناخية والمخاوف من تداعيات حدوث كوارث طبيعية في الدول النامية، وكذلك في الدول التي تقع على حافتي خط الاستواء، والتي تشكل ما نسبته 75 في المائة من إجمالي سكان العالم. ويشير التقرير كذلك إلى جملة من المخاوف العلمية تتمثل في مشكلة نقص المياه الصالحة للشرب وقلة الغذاء، عدم توافر الاستقرار والتوازن الاجتماعي والأمني، زيادة هجرة اللاجئين، ذوبان القمم الجليدية في القطبين، ارتفاع مستوى المياه في البحار، التصحر، زيادة معدل نقص أو انقراض بعض الفصائل الحيوانية والنباتية، تسرب المياه المالحة إلى مصادر المياه الجوفية، وانتشار الأمراض الاستوائية، هل يمكن الرهان على أن المنطقة العربية ستكون بمنأى أو بعيدة عن هذه المخاطر البيئية والطبيعية عطفا على طبيعة وجغرافية الثروات والموارد الطبيعية المتوافرة في المنطقة أم أن محاور التناغم والارتباط المتنوعة بين هذه الدول العربية (الدين، اللغة، التاريخ، التراث، التقارب في الحدود الجغرافية، والشراكة في الثروات والموارد الطبيعية) يسمح بهامش متسارع في البحث وتكاتف الجهود العملية والعلمية في تفعيل تهيئة وتنفيذ ''الخطة العربية الموحدة للطوارئ والكوارث الطبيعية والبيئية''، التي تنشد توحيد لغة التخاطب والآليات العملية والتنفيذية والزمنية في مجابهة هذه المخاطر والمخاوف المستقبلية، مع التنويه إلى أن العديد من هذه الدول شاركت أو انضمت إلى ركب بعض الاتفاقيات والعهود الدولية والإقليمية.
حتى يمكن في عالمنا العربي التنظيم والموافقة بين خطط الكوارث الطبيعية مع خطط الطوارئ البيئية في خطة عامة رئيسة موحدة ''الخطة العامة للكوارث ''وذلك من خلال هيكل تنظيمي يتمثل في هرمه ونزولا إلى الأسفل ببعض الخطط الفرعية والمساندة للخطة العامة يمكن تلخيصها في (خدمات البنية التحتية الأساسية للمجتمع، الملاجئ، التحكم الأمني، الإطفاء، الإخلاء، أولويات البحث والإنقاذ، احتياجات الصحة والسلامة، العوامل البيئية للكوارث، الخطة الوطنية للطوارئ البيئية، أنظمة الدعم الداخلي والخارجي، خدمات التنسيق للطوارئ الأمنية والإطفاء، الخدمات الصحية والإسعاف، ومهام خفر السواحل والشرطة)، بعد أن ثبت عدم الجدوى العملية للخطط الأحادية للطوارئ.
التطلع والطموح العربي صناعة القرار الاستراتيجي بهدف توافر معطيات وتطبيقات السلامة والأمن والرخاء والصحة للمواطنين والمقيمين بصفة عامة في المنطقة، ومواكبة التسارع في الدمج والتنسيق بين خطط وأنظمة ''التنمية المستدامة'' و''الاستدامة البيئية'' في واقع البرامج والمشاريع التنموية والخدماتية، وجميعها تنشد مراجعة وتفعيل بعض المعوقات والاحتياجات المهنية والعلمية بصفة شمولية ومتناسقة بهدف الوقوف على مسافة واحدة من الجميع عند جاهزية وفاعلية العمل التنظيمي المهني الموحد للخطة العامة العربية للطوارئ والكوارث البيئية من خلال الحرص على توافر التوصيات المقترحة التالية:
* تفعيل أنشطة وبرامج التوعية والتثقيف في مجالات وتطبيقات مخاطر الكوارث الطبيعية والبيئية والصحية في المجتمع العربي.
* تطوير المناهج التربوية في تخصص ''العلوم والثقافة البيئية'' بين شريحة الأطفال والشباب في المدارس والمعاهد، واستحداث تخصصات وأقسام علمية في الجامعات والمعاهد في توجهات العلوم البيئية، وعلوم الأرض، وأنظمة المعلومات الجغرافية، والتوسع في دراسة الهندسة البيئية.
* التوسع في تدشين وتفعيل مراكز الدراسات والأبحاث الاستراتيجية في مجال الكوارث والأزمات ومخاطر الملوثات البيئية والصحية.
* توحيد لغة التخاطب في مجال تقنية المعلومات من خلال ''الربط الإلكتروني'' والعمل على توافر قاعدة معلوماتية شاملة ومتاحة لجميع وزارات وهيئات البيئة في الدول العربية.
* التشجيع والدعم المعنوي والمادي للابتعاث والدراسة العليا في الخارج في التوجهات والتخصصات العلمية ذات العلاقة المطلوبة.
* التعاون والتنسيق العملي بين جميع الدول العربية في دعم وتوافر برامج ومشاريع مشتركة تهدف إلى تقنين استهلاك واستنزاف الموارد والثروات الطبيعية في المنطقة.
* استخدام تطبيقات علم GIS ''نظام المعلومات الجغرافية'' كخطوة تأسيسية واستباقية لجميع المشاريع والمدن الصناعية المستقبلية في العالم العربي، بهدف التأكد من جاهزية وسلامة الأحياء السكنية المجاورة لهذه المناطق الصناعية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي