الإعاقة العقلية والجسدية واستثمار المهارات
الصحة نعمة من نعم الله والتي تعتمد حياة الإنسان عليها بشكل كبير إن لم يكن بشكل كلي، فالصحة هي الأساس بعد مشيئة الله في العمل وكسب الرزق وغير ذلك، ولكن هناك فئة من الناس اندرجت تحت مسمى الفئات الخاصة، حيث فقدت جزءا من القدرة التي يتمتع بها الآخرون كأحد الحواس أو أحد أعضاء الجسم، وهناك فئة مختلفة أيضا كالتوحد، وهناك مجموعة أخرى من الأمراض النفسية العقلية، وتلك الفئات المختلفة لها نسب تسجل على مستوى العالم وبعض الدراسات التي أشارت إلى الأسباب والأعراض والعلاج، ولكن مفهوم العلاج أحيانا قد لا يكون بالتخلص الجذري من تلك الإعاقة، ولكن العلاج يتضمن في الحالات المزمنة مفهوم التكيف مع المجتمع والتحول من فرد غير طبيعي إلى فرد يمارس السلوك الطبيعي قدر المستطاع، ومن هنا أتت فكرة الدمج مع العاديين بمختلف أنواعها واتجاهاتها لتتناول جانبين، الأول يتضمن الجانب النفسي بعدم إشعار المعاق بدرجة إعاقته، أما الجانب الثاني فيتضمن العمل على تطوير القدرة الموجودة عند المعاق وتحسين أدائها إلى حد ما، وهذا ما يدعمه العلم دائما وهو كيف يستفيد المعاق من قدراته بل وكيف يستفيد المجتمع من القدرة الموجودة لدى المعاق مهما كانت بسيطة ومحدودة، وهذا يعني أن محاولة تطبيق الأسلوب التوجيهي لتعليم المعاق هذا أمر غاية في الأهمية، ومن الحالات التي استوقفتني حالة لطفل في الثامنة من العمر يعاني من مرض التوحد بدرجة متوسطة واكتشفت أمه ذلك وهو في عمر السنتين، ولكن عندما رأيته في سن الثامنة كان يتقن عدد من المهارات كان يستطيع ارتداء ثيابه بنفسه ويتناول الطعام بنفسه وينتقي من المجلة العلاجية ما يريد أن يوصله لوالدته، ومن هنا أدركت أن الإعاقة قد تحولت من متوسطة إلى بسيطة ليس في قائمة الجوانب الفسيولوجية الطبية، ولكن في قائمة المهارات السلوكية والتي تعتمد على استئثار كل الطاقة الموجودة وتفعيلها وهنا لا يستحق إلا أن أقف لتلك الأم الرائعة وقفة احترام وتقدير.. فهناك من يودعون أبناءهم في الدور الصحية بلا متابعة أسرية لهم بل يهربون عنهم لينفونهم من حياتهم وهناك من يغلق أبواب الحجرات عليهم ويلقي لهم الطعام والشراب على الأرض ويتعاملون معهم بلا رحمة أو إنسانية.. صحيح أن الأمر في غاية الصعوبة لدى بعض الحالات و لكن لابد أن تطرح أمام الأسرة خطوات من المحاولة الجادة في التعليم وليكن في أشد عناصر الحياة أهمية.. كما أن هناك بعض الحالات التي يغلب فيها التشخيص الطبي على إمكانية التعليم وتلك الحالات لا مجال لتعليمها إطلاقا، ولكن في المقابل هناك حالات تقبل ولو بصيص من التلقين والتعليم، ولكن بعض الأسر ليس لديها أي دافع لفعل ذلك.. فهل نقف أمام تلك الحالات؟