قلة النوم والإجهاد الجسدي يؤثران في الجهاز المناعي

قلة النوم والإجهاد الجسدي يؤثران في الجهاز المناعي
قلة النوم والإجهاد الجسدي يؤثران في الجهاز المناعي

أوضح عدد من العلماء من هولندا وبريطانيا، في مقال نشر في مجلة SLEEP (النوم)، أن الحرمان من النوم والإجهاد الجسدي لهما آثار مماثلة في النظام المناعي لدى الإنسان. وقال المؤلفون: إن كلاً من الإجهاد الجسدي والحرمان الشديد من النوم يدفع النظام المناعي للتحرك بصورة سريعة ومفاجئة.

وقارن العلماء عددا من خلايا الدم البيضاء في 15 شاباً يافعاً من الذين يتمتعون بصحة جيدة، حيث أُخضِعوا للنوم الطبيعي ثم للحرمان الشديد من النوم. يشار إلى أن العلماء الذين قاموا بالتجربة هم من مركز روتردام الطبي التابع لجامعة إرازموس في هولندا، ومن كلية العلوم الصحية والطبية في جامعة سَري في بريطانيا.

وكان الأثر الأكبر واقعاً على ما يعرف بالخلايا المحببة، وهي من أنواع خلايا الدم البيضاء، التي فقدت إيقاع الوقت الذي يميز بين الليل والنهار حين ارتفعت أرقامها ارتفاعاً حاداً، خصوصاً أثناء فترة الليل.

#2#

وقالت الدكتورة كاترين أكرمان، وهي المؤلف الرئيس للتقرير: ''ستكشف الأبحاث المستقبلية عن الآليات الجزئية التي تقف وراء هذه الاستجابة المباشرة التي تأتي على شكل إجهاد، وستوضح دورها في تطور الأمراض المرتبطة بالحرمان المزمن من النوم. وإذا تأيدت هذه النتيجة من خلال المزيد من البيانات فإنه سيكون لهذا الأمر مضامين مهمة على الممارسات السريرية وعلى المهن المرتبطة بالحرمان من النوم لفترات طويلة، مثل أعمال الورديات المتناوبة''.

وأوضح المؤلفون أن الدراسات السابقة استطاعت الكشف عن صلة تربط بين الحرمان من النوم ونشوء أمراض وحالات معينة، مثل ارتفاع ضغط الدم، والسكري، والبدانة. كما أثبتت دراسات أخرى أن حصول الشخص على ساعات نوم كافية يُبقي النظام المناعي في حالة جيدة، وأن الحرمان من النوم لفترات طويلة هو من عوامل المخاطرة الرئيسة التي يمكن أن تسبب المشكلات في النظام المناعي.

وطُلِب من الشباب اليافعين البالغ عددهم 15 شاباً اتباع نظام صارم يقوم على النوم لمدة ثماني ساعات في اليوم على مدى أسبوع كامل – وفي أثناء ذلك تم تصنيف وقياس خلايا الدم البيضاء في أجسامهم. وخلال 90 دقيقة من استيقاظهم كان يُطلَب منهم البقاء لمدة 15 دقيقة تحت ضوء الشمس. ولم يُسمح لهم بتناول أية مادة تحتوي على الكافيين، كما طُلِب منهم عدم شرب الكحول أو تناول أية أدوية. وكان الهدف من ذلك هو إحداث الاستقرار في ساعاتهم الدورية الحيوية أثناء اليوم وتقليل فترات الحرمان من النوم إلى أدنى حد ممكن قبل الدخول في الدراسة المخبرية المكثفة.

وقارن العلماء خلايا الدم البيضاء لدى المشاركين أثناء دورة النوم والاستيقاظ الطبيعية على مدى الأسبوع، بالأرقام التي سجلت خلال الجزء الثاني من التجربة، حيث كان على المشاركين البقاء مستيقظين لمدة 29 ساعة متواصلة دون أي نوم على الإطلاق.

وبينت الدكتورة أكرمان: ''جاء رد فعل الخلايا المحببة بصورة فورية على الإجهاد الجسدي الناتج عن الحرمان من النوم، وكان على شكل صورة مباشرة لاستجابة الجسم على الإجهاد''.

ما الخلايا المحببة؟ هذه الخلايا هي نوع من كريات الدم البيضاء المليئة بحبيبات دقيقة – وهي عبارة عن أكياس دقيقة تحتوي على إنزيمات لهضم الكائنات الحية الدقيقة. وتشكل الخلايا المحببة جزءاً من النظام المناعي الداخلي للإنسان. ويقول الخبراء: إن لهذه الخلايا نشاطاً مناعياً ذا أرضية واسعة وغير محددة، بمعنى أنها لا تهاجم أجساماً بعينها. فهي تختلف عن الخلايا البائية أو التائية التي تهاجم أجساماً ممْرِضة بعينها. وهناك أنواع مختلفة من الخلايا المحببة، منها الكريات البيضاء المستحمَضة، والخلايا البيضاء المستقعِدة، والكريات البيض المتعادلة، وهي أسماء تعود إلى السمات الصبغية لهذه الخلايا في المختبر.

إلى جانب ذلك، هناك عدد من الدراسات الأخرى التي تناولت النتائج المترتبة على الحرمان من النوم أو قلة النوم، ولاحظت هذه الدراسات أن قلة النوم هي مشكلة متزايدة في مختلف أنحاء العالم.

الحرمان من النوم يمكن أن يؤدي إلى سوء اختيار الطعام. فقد بين باحثون من جامعة كاليفورنيا كيف أن الحرمان من النوم يمكن أن يحدِث الخلل في مناطق الدماغ المسؤولة عن اتخاذ القرارات الخاصة بالطعام. وذكروا أن النتائج التي توصلوا إليها يمكن أن تفسر السبب الذي يجعل الحرمان من النوم مرتبطاً بدرجة عالية من المخاطر التي تؤدي إلى البدانة.

الحرمان من النوم وخطر الإصابة بالسكتة الدماغية – ذكر باحثون من جامعة ألاباما أن الأشخاص من ذوي الوزن الطبيعي الذين ينامون أقل من ست ساعات في الليلة هم الأكثر تعرضاً من غيرهم بكثير للإصابة بأعراض السكتة الدماغية خلال الفترة الممتدة من منتصف العمر إلى الشيخوخة، وأن الأشخاص من ذوي الوزن الطبيعي الذين يأخذون كفايتهم من النوم غير معرضين لذلك.

الحرمان من النوم يؤدي إلى القلق – ذكر علماء من مختبر أبحاث النوم والتصوير العصبي في جامعة كاليفورنيا في بيركلي أن الحرمان من النوم يؤدي إلى إحداث قدر كبير من المبالغة والتضخيم في كيفية شعور الشخص الذي يتوقع مشكلات شعورية أو عاطفية، خصوصاً لدى الأشخاص المصابين أصلاً بدرجة عالية من القلق.

الحرمان من النوم والشعور بجاذبية الوجبات السريعة – الأشخاص الذين لم يحصلوا على كفايتهم من النوم ويعانون من ''أدمغة متعَبة'' هم أكثر ميلاً من غيرهم لاعتبار الوجبات السريعة ذات جاذبية خاصة، كما قال باحثون من جامعة كولومبيا في نيويورك.

عدد كبير يفوق الحد من العاملين الذين لا يحصلون على كفايتهم من النوم – وفقاً لتقارير من ''مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها'' في مدينة أتلانتا، فإن حوالي ثلث جميع العاملين في الولايات المتحدة ينامون أقل من ست ساعات كل يوم، بدلاً من العدد المطلوب الذي يوصي به الأطباء، وهو ما بين سبع ساعات إلى تسع ساعات.

ومن بين الأشخاص المعرضين بصورة خاصة لخطر قلة النوم هناك العاملون في قطاعات الرعاية الصحية، والمساعدات الاجتماعية، والنقل، والمستودعات، حيث إن كثيراً منهم يعملون بالتناوب في ورديات في أوقات مختلفة.

الأكثر قراءة