مؤسسة النقد والإشراف على التمويل العقاري

إن امتلاك المواطن السعودي لمسكن خاص به، أصبح حلماً يراوده لفترة طويلة من الزمن، لاسيما في ظل ما تشهده المملكة العربية السعودية من طفرة عقارية غير مسبوقة على مستوى النشاط العقاري سواء أكان السكني أم التجاري، مما تسبب في حدوث اختلالات بين الطلب والعرض على الوحدات العقارية بشكل عام وعلى الوحدات السكنية بشكل خاص، خاصة في ظل الطلب المتنامي على الوحدات السكنية عاما عن عام، وارتفاع أسعار الأراضي، التي تشكل ما نسبته حوالي 60 في المائة من تكلفة إنشاء المسكن.
الحكومة السعودية تنبهت لمشكلة الإسكان في المملكة منذ وقت بعيد، وبادرت بإنشاء صندوق التنمية العقارية في عام 1394، ليبدأ نشاطه بهدف المساهمة في إقامة المساكن الحديثة والمجمعات السكنية في مختلف أنحاء المملكة. وبدأ الصندوق برأس مال قدره 250 مليون ريال ثم تضاعف عدة مرات ليتجاوز مبلغ 130 مليار ريال، ويصبح بالتالي أحد أكبر أموال المؤسسات والصناديق المماثلة في العالم، وذلك رغبة من حكومتنا الرشيدة في قيام الصندوق بتحقيق القدر الأكبر من طموحات المواطنين في توفير السكن الملائم والمريح لهم.
وانطلاقاً من إصرار الدولة على القضاء على مشكلة الإسكان في المملكة، أنشأت الحكومة وزارة للإسكان، تعني بإيجاد الحلول والتدابير المناسبة الكفيلة بتنظيم قطاع الإسكان في المملكة، وإيجاد المساكن المناسبة للمواطنين، الذين تنطبق عليهم الشروط. كما اعتمدت الدولة مبلغ 250 مليار ريال لبناء 500 ألف وحدة سكنية، وكذلك رفع قيمة القرض العقاري إلى 500 ألف ريال بدلاً من 300 ألف ريال.
وأخيراً أقر مجلس الوزراء خمسة أنظمة عقارية جديدة (نظام الرهن العقاري، ونظام مراقبة شركات التمويل، ونظام التمويل العقاري، ونظام الإيجار التمويلي، ونظام قضاء التنفيذ)، والتي يتوقع لها أن تقضي على الاختلال الواضح بين الطلب والعرض على السكن والمساكن، بما ستوفره من ضوابط ستعمل على تنظيم السوق، وتحافظ في نفس الوقت على حقوق والتزامات المتعاملين بالسوق.
ويأتي إسناد الدولة لمسؤولية الإشراف على قطاع التمويل العقاري وقطاع شركات التمويل غير المصرفي إلى مؤسسة النقد العربي السعودي، بغية الوصول إلى إيجاد الضوابط المهنية اللازمة لممارسة نشاط التمويل العقاري في المملكة، بالشكل الذي يحقق الأهداف المنشودة منه، ولا يتسبب في حدوث مشاكل اقتصادية وتنموية لا تحمد عقباها، وكما حدث في دول متقدمة من العالم، لاسيما وأن المؤسسة تمتلك خبرة طويلة جداً في مجال الإشراف على قطاع التمويل في القطاع المصرفي يتوقع لها من خلالها أن تحدث نقلة نوعية في نشاط التمويل العقاري بشكل عام وفي نشاط قطاع شركات التمويل غير المصرفي بشكل خاص. إضافة إلى ذلك فقد تم إسناد مهمة إعداد اللوائح التنفيذية الخاصة بتنظيم هذين القطاعين للمؤسسة، وذلك من خلال الصلاحيات المسندة لها بموجب هذه الأنظمة، ويتوقع للمؤسسة العمل على إعداد لوائح تنفيذية للأنظمة بالشكل الذي يتناسب مع مكانة قطاع التمويل غير المصرفي، وبما يحقق كذلك الأهداف المرجوة من نظام مراقبة شركات التمويل، التي من بينها على سبيل المثال تحقيق مبدأ الشفافية والانضباط وحماية المستهلكين. ويتوقع أيضاً للائحة التنفيذية لنظام الإيجار التمويلي أن تحدث إضافات جوهرية لهذا النوع من الخدمات في السوق المحلية، بحيث تعالج جوانب الضعف القائمة، ومنها على وجه الخصوص الأحكام المنظمة لحقوق المستأجر والمؤجر بشكل عادل وقابل للاستقرار والاستدامة وبما يقلل المخاطر وينعكس على التسعير وخدمة المستفيدين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي