المساجد السبعة تشهد لـ «المرابطين» في غزوة الخندق
يذكر بعض المصادر أن المساجد السبعة التاريخية الموجودة في المدينة المنوّرة يمتد زمنها من عصر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وشهدت على أحداث غزوة الخندق التي حدثت في السنة الخامسة للهجرة.
وتقع المساجد في الجهة الغربية من جبل سلع، وهي قريبة جداً من بعضها بعضا، وتتسم بصغر المساحة وتم ترميمها في أكثر من عصر، إذ إنها كانت مواقع مرابطة ومراقبة لذا سُميت بأسمائها ما عدا مسجد الفتح.
وتشتهر هذه المساجد بـ "المساجد السبعة"، على الرغم من أن المصادر تؤكّد أنها ستة في الأصل وليست سبعة؛ لكن قِيل عنها فيما بعد إنها سبعة مساجد؛ لأن الزائر الذي يزور هذه المساجد يزور معها مسجد القبلتيْن، الذي يبعد عنها كيلومتريْن، فعدَّ من ضمن هذه المساجد، والأغرب الذي يُوجد منها على أرض الواقع الآن خمسة مساجد فقط، هي: مسجد الفتح، ومسجد سلمان الفارسي، ومسجد عمر بن الخطاب، ومسجد علي بن أبي طالب، ومسجد فاطمة الزهراء - رضي الله عنهم - جميعاً، أما المسجد السادس فهو مسجد أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -، وهو غير موجود الآن على أرض الواقع.
أولاً: مسجد الفتح:
يُعرف بمسجد الأحزاب أو المسجد الأعلى، وهو الأكبر بين المساجد الخمسة الموجودة الآن، وتم بناؤه فوق رابية للسفح الغربي لجبل سلع، ويُروى أنه كان مصلى للنبي - صلى الله عليه وسلم - في أثناء غزوة الخندق، وأن سورة الفتح أُنزلت في موقعه، وفي موضعه دعا الرسول - صلى الله عليه وسلم - على الأحزاب ثلاثة أيام، فاستُجيب له في اليوم الثالث، وعن "جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا في مسجد الفتح ثلاثاً يوم الإثنين، ويوم الثلاثاء، ويوم الأربعاء، فاستُجيب له يوم الأربعاء بين الصلاتيْن فعرف البشر في وجهه".
ويرجّح بعض مصادر التاريخ الإسلامي، أن الخليفة عمر بن عبد العزيز، خلال إمارته على المدينة، بناه بالحجارة ثم جُدِّد بأمر سيف الدين بن أبي الهيجاء عام 575هـ، ثم أُعيد بناؤه في عهد السلطان العثماني عبد المجيد الأول عام 1268هـ.
ثانياً: مسجد سلمان الفارسي - رضي الله عنه:
يقع جنوبي مسجد الفتح مباشرة وعلى بُعد عشرين متراً منه فقط في قاعدة جبل سلع، وسُمي باسم الصحابي سلمان الفارسي، الذي أشار إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - بحفر الخندق؛ لتحصين المدينة من غزو الأحزاب.
ويتكون من رواق واحد طوله وعرضه 7م، ودرجة صغيرة عرضها متران، وبُني هذا المسجد في إمارة عمر بن عبد العزيز على المدينة أيضاً، وجُدِّد بأمر الوزير سيف الدين أبي الهيجاء عام 575هـ، وأُعيد بناؤه في عهد السلطان العثماني عبد المجيد الأول.
ثالثا: مسجد أبو بكر الصديق - رضي الله عنه:
يقع جنوب غرب مسجد سلمان؛ على بُعد خمسة عشر متراً منه، بُني وجُدِّد مع المسجديْن السابقيْن، وهو الآن غير موجود على أرض الواقع.
رابعاً: مسجد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه:
ويلي موقع مسجد أبي بكر جنوباً على بُعد عشرة أمتار منه فقط، وهو على شكل رواق مستطيل وله رحبة غير مسقوفة على شكل رواق مستطيل يرتفع عن الأرض ثماني درجات، وطريقة بنائه تطابق بناء مسجد الفتح وربما يكون قد بُني وجُدِّد معه.
خامسا: مسجد علي بن أبي طالب - رضي الله عنه:
ويقع شرقي مسجد فاطمة على رابية مرتفعة مستطيلة الشكل طوله 8.5 م وعرضه 6.5 م وله درجة صغيرة، بُني هذا المسجد وجُدِّد على الأرجح مع مسجد الفتح ويُروى أن علياً - رضي الله عنه - قَتل في هذا الموقع عمرو بن ود العامري الذي اجتاز الخندق في غزوة الأحزاب.
سادسا: مسجد فاطمة الزهراء، رضي الله عنها:
ويسمّى في بعض المصادر التاريخية مسجد سعد بن معاذ، وهو أصغر المساجد الستة مساحة 4×3م، وله درجة صغيرة، وآخر بناء له يُرجّح أنه في العصر العثماني في عهد السلطان عبد المجيد الأول 1268هـ.
يُشار إلى أن أمانة المدينة المنوّرة قامت بتحسين وتشجير الجانب الذي يقع فيه مسجد علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، ومسجد فاطمة الزهراء، فأصبحت مخضرة اللون كثيفة الأشجار.
وأنشأت وزارة الشؤون الإسلامية أخيراً مسجداً جامعاً اسمه "الخندق" متكامل الخدمات بسعة أكثر من 4500 مصلٍّ من الرجال والنساء، بتكلفة قدرها 27 مليون ريال تقام فيه جميع الصلوات، ويقع بجانب جبل سلع ومقارب للمساجد السبعة.