"أدب المخدرات"..ممارسات منحطة تحتاج إلى وقفة حازمة

"أدب المخدرات"..ممارسات منحطة تحتاج إلى وقفة حازمة

قد يعلم المهتمون بالحركة الأدبية بشكل عام، والمحكية بشكل خاص،أن ثمة نماذج كثيرة حضرت لأذهان الناس من خلال نتاج جميل ووفير، إلا أن حضورها كان محملا بترسبات أخلاقية، ليس لها علاقة بالأدب، بل قد تكون مرتبطة بـ" قلة الأدب" أكثر، حيث تمت ممارسة الحضور بشكل مكثف عبر المحفزات التي تصاحب كتابة أي نص أدبي.
ولعل المخدرات بجميع أشكالها حضرت في قصائد الكثيرين بشكل فج كونها من الأمور التي أسهمت في تدمير القيم الأساسية لأبسط ملامح الإنسانية. والمخجل أن البعض لا يجد حرجا في الإفصاح عن ذلك، كما يفعل أحمد فؤاد نجم في مذكراته وسرد قصصه. وبعيدا عن نجم، قد لا يدرك متعاطون هذه المؤثرات العقلية ما للمخدرات من تأثير سلبي في العقل والروح كذلك، حيث نجد أن نتاج الكثير ينخفض ويهبط ويصبح ليس ذا قيمة مع مرور الوقت، كون المادة التي كان يعتقد أنها حافز مهم للإبداع كشرت عن أنيابها وأصبحت تلتهم عقله وحواسه.
ويؤكد الكثير من المتابعين أن الموهبة لا تحتاج إلى محفزات، لذا ظل الشعراء الحقيقيون أصحاب نتاج جميل ومستمر، وعلى العكس نجد نماذج توارت وتلاشت بسبب هذه السموم. والغريب في الأمر أن ساحة الشعر المحكي حملت مشاهد متعددة لشعراء كنا نظن أهميتهم وهم يلمحون لتعاطيهم وممارستهم هذه الطقوس غير المشروعة، ظنا منهم أن هذا الإفصاح الفادح سوف يكسب صورهم نوعا من التشرد المحبب للمتلقي "العادي"، والملاحظ أن مصطلحات هذه الأجواء بدأت تنتشر في نصوص وقصائد الكثير من الشعراء كـ "مسطول" و"مخمور" و"مضيع" و" تحت ضروسي" و "مترنح" و"مغيّم"، الأمر الذي بتنا معه نعتقد أن رائحة عفنة ستقفز من ظهر الورق، أضف أن بعض الأمسيات فضحت مثل تلك الممارسات لبعض الشعراء.
كم هو مخجل أن نستمر بهذا الصمت، نركض في ساحة ملؤها متناقض ومحزن، لذا طالب البعض بمنح الصحافة مساحة أكبر كي تترصد مثل هؤلاء المخربين، وتكشف سلوكهم المنعكس على هذه المرحلة، قد يغضب البعض ويعلن :"وما دخلكم"؟، حينها سوف تسقط الإجابة على رؤوس الكثيرين: هناك علنية غير مباشرة تمرر من خلال القصائد والسلوك، حيث يصعب أن نبرر انخفاض نتاج شاعر وترهل القيمة الفنية لقصائده التي كانت بوصلة جمال، كون الخيارات تنحصر والشكوك تزداد بأن وعاءه العقلي بات أضيق من "خرم إبرة" نتيجة التعاطي.

الأكثر قراءة