شكوك في تسبب مشروبات الدايت في السرطان
يُعد أسبارتيم aspartame نوعا من المحلِّيات الصناعية التي لها مذاق السكر، ويستخدمه ما يزيد على 200 مليون شخص حول العالم. وقد اجتاز الأسبارتيم بنجاح العديد من اختبارات السلامة في الخمس وعشرين سنة الماضية. ويوجد الأسبارتيم في كثر من المحلِّيات التي نستخدمها مثل Equal وNutraSweet، كما يدخل في أكثر من 6000 صناعة من صناعات الأغذية المحفوظة بما فيها مشروبات الدايت الغازية، والحلويات، والزبادي، وغيرها. ومن المعلوم أنّ كل جرام من مادة الأسبرتيم يزوّد الجسم بأربعة سعرات حرارية ولكنّ حلاوته تعادل 180 مرة حلاوة السكر العادي، وبالتالي يمكن استعماله في كثيرٍ من المشروبات والأطعمة، حيث يكون منخفض السعرات الحرارية ولا يؤثّر على مستوى سكر الدم فيما لو استُعمل حسب التعليمات.
ولكن يأتي إلينا تقرير مثير، وإن كان غير حاسم، ليقول إن الأسبارتيم قد يتسبب في الإصابة بالسرطان، وهذه الإصابة قد تكون – كما اعتبرناها منذ وقت بعيد - آمنة. لا يوجد ما يدعو لنشر الذعر بين الناس، ولكن توجد بالطبع أسباب وجيهة الآن أمام السلطات المعنية للنظر مرة أخرى في مسألة المحلِّيات التي أُجريت عليها الكثير من الدراسات.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز في افتتاحيتها أخيرا، جاء هذا التحذير الجديد بناء على دراسة كبيرة أجرتها مؤسسة رامازيني الأوروبية في إيطاليا على الفئران. وتوصلت الدراسة إلى وجود ارتفاع ملحوظ في إصابة الفئران التي تناولت "أسبارتيم" طوال حياتها بالأورام الليمفاوية واللوكيميا وسرطانات أخرى مقارنة بتلك التي لم تتناول هذا المحلِّي. واكتشف المشرفون على الدراسة أيضا إصابات سرطانية مفرِطة بين الفئران التي تناولت جرعات تساوي 20 مللجراما لكل كيلوجرام بالجسم. يُذكر أن تناول الفرد لأقل من 50 مللجراما من الأسبارتيم يعد مقبولا في الوقت الحالي داخل الولايات المتحدة. وإذا تم تدعيم هذه النتائج بمزيد من الفحص والدراسة، فإننا في حاجة إلى إعادة تقييم الإرشادات المتعلقة بالأسبارتيم.
وتعتمد الدراسة على نقاط قوة حاسمة تدعم من تأثيرها. فقد استخدمت عددا كبيرا من فئران التجارب المعملية وصل إلى 1.900، وهو عدد أكبر مما استخدمته أي دراسة سابقة. كما تم استخدام نطاق أكبر من الجرعات، ما يزيد من احتمالات مشاهدة تأثيرها.
ومن الممكن أن تتحول هذه الدراسة إلى مجرد تحذير زائف. فقد حدثت إصابات ضئيلة للغاية بالسرطان في مجموعة تحكم أساسية، التي كان يمكن أن تجعل معدل السرطان في الفئران التي تناولت الأسبارتيم يبدو من ذلك بالفعل. وكانت هناك علاقة ضعيفة جدا بين جرعات الأسبارتيم التي قُدِّمت للفئران ومعدل الإصابة بالسرطان، وهو ما يجعل من الصعب التأكد أن الـ أسبارتيم كان مسؤولا عن التسبب في الأورام. وينبغي لهذه الدراسة أن تخضع للتحليل من قِبَل باحثين آخرين، وإجراء دراسات إضافية على الحيوانات إن أمكن.
هذا، وقد طلبت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية من الباحثين الإيطاليين ليس فقط ما توصلوا إليها من نتائج إجمالية حتى الآن، وإنما كتابة تقرير مفصل عن حالة كل فأر على حدة. وتتعهد مجموعة رامازيني أن تعلن عن جميع النتائج بسرعة، إذ تتوقع أن يقوم المعنيون باتخاذ إجراءات عاجلة في هذه المسألة. في غضون ذلك، يستطيع مستهلكو الأسبارتيم انتظار الحكم النهائي أو التحوُّل إلى بدائل أخرى تحتوي على السكر الصناعي Splenda وهو محلِّي وصفه بعض نشاطي الأغذية بأنه آمن صحيا.