العلاقات الإلكترونية ... شيطان في هيئة ملاك

العلاقات الإلكترونية ... شيطان في هيئة ملاك

كثير هُم من تواعدوا عبر الإنترنت، وعندما التقوا .. وجدوا أن شريكهم بعيد كل البعد عن المواصفات التي تخيلها في عالمه الافتراضي، ليتركوا الضحية تقع في آلام الندم والأسف.
ولا يقتصر الأمر على ذلك، فقد يتنكرُ هذا البريق تحت لحية تضيئها بعض شعيراتٍ بيضاء، فتكون الدليل المؤتمن إلى قلب بريء يتوسم بصاحب اللحية النقاء، وهو خريج مدرسة شيطانٍ رجيم.
تُرى كيف يموت الضمير فجأة وتولد العقارب في ثوانٍ، فتلوك قلوبَ التائهات برحى بريق الكلمات.
أرسلت فتاة ذات يوم مشكلتها مع صديقتها الحميمة التي اتخذتها خازنة لأسرارها، على المنتديات، وبعد مدة اكتشفت أن صديقتها الحميمة لم تكن سوى رجل، ويومها نشرت قصتها في عدة منتديات طلبا للمساعدة برأي، تريد الوصول إليه لحل مشكلتها، ونوقشت مشكلتها بكثيرٍ من الحماس.
تُرى أين يكون وعي ضحايا الإنترنت عندما يكونون في قمة سعادتهم بوهم كاذب يفتحون له أبواب قلوبهم ونوافذ تفكيرهم، فيعيث فيهما فسادًا وتهديمًا، ويترك البيت خاويًا على عروشه إلا من ألم قد يصاحب الضحية مدى العمر.

اعترافات ليلية

"ليلى" ضحية من ضحايا الأزواج اللعوبين. وتروي ليلى قصتها المؤلمة بقولها "تعرفت على زوجي من خلال المحادثة على الإنترنت، ونشب بيننا استلطاف وغرام، لينتهي الأمر بالتواعد ثم الزواج.
وتضيف ليلى "ولكن بعض فترة، بدأ يختلق زوجي الأعذار في عدم الذهاب إلى العمل. وكان يقضي اليوم برمته على الإنترنت. وكان يستخدم برنامجا يشبه لعبة "البلوت" في الظاهر، ولكن كان يخفي تحته حوارا ملتهبا. وذات يوم من الأيام نسي زوجي أنه قام بحفظ نص الحوار الدائر بينه وبين جموع النساء، ليقع في يدي أثناء تصفحي لملفات الكمبيوتر.
وتتابع بقولها "شعرت بأن الحياة ضاقت من حولي، فقد كان زوجي يقضي جُل وقته سارحا شاردا كأنني لست معه في نفس البيت، وكان يردد على مسامع النسوة اللاتي تعرف عليهن نفس الكلمات المعسولة التي أسرني بها في بداية علاقتنا الإلكترونية، وقررت في النهاية أن انفصل عنه، وحمدت المولى، عز وجل، أنني لم أنجب منه طفلا يؤرقني طوال حياتي".
أما محمود فقد احتار كثيرا في سلوك زوجته، حيث بدت بعيدة عنه في الشهور الأخيرة، وبدأت تتصرف بحيطة وسرية كبيرتين، وتقضي ساعات طويلة أمام الحاسوب.
لم يكن الأمر مفهوما لدى محمود حتى جاء ظهر أحد الأيام، حين تعرضت حماته لحادث مؤلم. عندها تركت زوجته كل ما في يدها وهرعت إلى المستشفى التي ترقد فيها والدتها. وعندما عاد الزوج أدراجه إلى البيت، لم يكن يدري بما حدث. وجد المنزل فارغا، فجلس إلى الكمبيوتر ليتفحص بريده الإلكتروني، وأثناء تصفحه في الجهاز عثر على نسخة من محادثة طويلة صريحة ساخنة لزوجته مع شخص يُدعَى "الوسيم". حدّق محمود في الشاشة مليّا وهو لا يصدق ما وقعت عليه عيناه، بعدها شعر بأن الحياة اسودت في وجهه وفكّر أن يتخلص نهائيا من زوجته، لكنه آثر الانفصال خوفا من قضاء ما تبقى من عمره خلف القضبان، إذا ما أقدم على قتلها".
قصة "إيمان" أيضا لا تختلف عن باقي القصص، إلا في تفاصيلها التي ترويها على لسانها بقولها "بدأت ألاحظ بعض التغيرات على زوجي. كان يبدو بعيدا، شاردا، سريع الانفعال. وكان يقضي ساعات طويلة أمام الإنترنت، ويتفضل علينا بأقل القليل من وقته. ورغم وجود كمبيوتر بالبيت، أصر على جلب كمبيوتر محمول جديد".
وتضيف "كان يأخذ الكمبيوتر المحمول إلى سريره مبكرا ليقضي ساعاتٍ أمامه. وعندما يقترب أي شخص منه، كان سرعان ما يقوم بتصغير الشاشة. وفي النهاية، سيطر التوتر عليّ وأصبح هاجسا يؤرقني ليل نهار. قررت ذات يومٍ، بدافع الفضول والحيرة أن أتسلل خلسة إلى غرفة زوجي ورحت أبدأ في تشغيل وتصفح كمبيوتره المحمول، لأكتشف الطامة الكبرى، على حد وصفها، وهي أن زوجها على علاقة بامرأة قابلها تعرّف عليها في غرفة من غرف المحادثة. وصُدِمت حينها من الحميمية الشديدة في الرسائل المتبادلة بين زوجي والمرأة التي تعرف عليها من خلال غُرف المحادثة".
تقول إيمان إنها "عندما أدركت ما يحدث انتابتني مشاعر مختلطة من الأسى، والغضب، والرغبة في الانتقام، واليأس والكآبة، وانعدام الأمل. لقد تلقت حياتي الزوجية ضربة قوية زلزلت أركانها، مضيفة أنها تحاول أن تستعيد ثقتها بزوجها، يا لها من مسكينة! .
أما تيسير فقد ارتكبت غلطة عمرها، على حد زعمها، فتقول "كانت لي صديقة من أعز صديقاتي، كنت دوما أحكي لها عن أدق تفاصيل حياتي الزوجية، وفي يوم من الأيام وبعد أن كتبت إليها بريدا إلكترونيا أُحدثها فيه عن الخلاف الذي نشب بيني وبين زوجي، بسبب إهماله لي وعجزه عن أداء العلاقة "الخاصة" بيننا بالطريقة التي أُفضلها. واكتشفت لاحقا بأنني لم أرسل هذا "الإيميل" إلى صديقتي فقط، وإنما إلى كل من هم في قائمة عناويني البريدية برمتها، "والذين كان معظمهم أقاربي وزملائي في العمل".
وتضيف تيسير "عشت أياما بالغة في الصعوبة، بعد أن تعمد زملائي في العمل، خاصة الجنس الخشن، الغمز واللمز عليّ، وكان وجهي يتضرج بحُمرة الخجل عندما أرى نظرات من حولي وأسمع همساتهم. حاولت أن أغض الطرف عن أحاديثهم وتعليقاتهم اللاذعة، إلا أنني في كل مرة كنت أجد أسلوبا جديدا من الهمز واللمز، ولم أستطع التخلص من هذا الموقف المُحرج".
ومن القصص المؤثرة تلك التي يرويها عماد، فيقول "كنت في السابق مدمنا على ممارسة المحادثات بصورة مرضية، إلى أن قابلت ريم على الشبكة العنكبوتية التي أيقظتني من وهم كبير. تعرفت عليها قبل ثلاث سنوات، وكانت فتاة بريئة ليس لها من الخبرة في الدنيا إلا الشيء القليل. أُعجبت بها وأحبتني، ومن جراء ضعفها أمامي كنت أتجرأ في طلباتي منها عبر الشبكة، وكانت توافق بعد عناء طويل.
ويواصل "لم تكن تعرف شيئا عن تلك الممارسات، علمتها كل شيء، وفي ثاني لقاء إلكتروني من هذا النوع، وبينما نحن منغمسون في نزواتنا وقع ما لم أتوقعه !! لقد تسببت في فقد عذريتها. لم أكن أتصور أنها في السابعة عشرة من عمرها، ولا تعرف ما هي مٌقدمة عليه! وأنا ومع انغماس رغبتي معها (افتراضيا) نسيت أن أحذرها حتى حدث ما حدث، ومنذ ذلك اليوم وأخبارها منقطعة عني، وكذلك توقفت أنا عن عادتي القبيحة في ممارسة الجنس عبر الإنترنت.. "أفلح إن صدق".

العلاقات العاطفية عبر الإنترنت...خيانة أم تسلية؟

روت سيدة لـ "الاقتصادية"، رفضت الكشف عن اسمها أو الاسم المستعار لها الذي تستخدمه في الإنترنت، تجربتها فتقول "وقعت مصادفة في علاقة غرامية مع شخص كان قد أرسل إليّ رسالة شخصية عبر قائمة بريدية لأشترك فيها. وقد تصاعدت هذه العلاقة الإلكترونية بسرعة خلال عدة أشهر، ووصلت هذه العلاقة إلى درجة الحديث حول اللقاء والارتباط. وهكذا تحولت العلاقة إلى شخص حقيقي".
إن العاشقين عبر الإنترنت يتحركون بسرعة من المحادثة إلى تبادل الصور والاعترافات الحميمة ثم ممارسة الجنس الافتراضي. ومن الممكن أن تسيطر عليك هذه العلاقة الافتراضية وكأنها علاقة حقيقية بالفعل. وتتمثل علامات الوقوع في علاقة افتراضية، كما يحدثنا مركز إدمان الإنترنت، في الجلوس إلى الكمبيوتر في الساعات المبكرة من الصباح، وإغلاق باب المكتب، والحرص الزائد على كلمات السر، وتجاهل الأعمال العادية، وقضاء وقت ضئيل مع الأسرة.
ولا يوجد لدينا مرجع واضح عن الأشخاص الذين يخدعون على الإنترنت أو السبب وراء ذلك. تؤكد بعض الدراسات أن الرجال المخادعين يكونون غالبا ذوي تعليم أقل من المتوسط، ويتسمون بالاحتراف، ويشعرون بعدم التحقق والانعزال في علاقاتهم، أو يريدون الدخول في علاقة جنسية سهلة لا يضطرون فيها إلى كشف هويتهم. وربما يكونون نرجسيين مثلهم في ذلك مثل المخادعين الحقيقيين. ولكن الشخصية ليست بالضرورة هي القضية.
حكاية أخرى ترويها لنا إليسا، عمرها 43 سنة، متزوجة ولديها طفل. تقول إليسا "اعتدت إنجاز فائض العمل المكتبي على حاسوبي الشخصي بالمنزل، وإرسال رسائل بريد إلكترونية إلى أصدقائي من حين إلى آخر، وكنوع من تخفيف حدة الملل الذي أشعر به في الضاحية التي أقطن بها، أحاول أن أقضي وقتا ماتعا في الدخول في أحاديث لاهبة في غرف دردشة للكبار فقط".
غالبا ما تدخل إليسا إلى غرف دردشة الكبار عبر مواقع المواعدة على الشبكة، التي تفتخر بأنها تضم مئات الآلاف من المشتركين. وتعمل تلك المواقع على تقديم خدمة المواعدة على الشبكة، وتوفير خدمة المنتديات حتى يلتقي الأشخاص ذوو الاهتمامات المشتركة الذين يسعدون بمشاركة خيالهم الجامح وأهوائهم على الإنترنت.
وكثيرا ما تتردد إليسا على العالم المظلم لشبكة الإنترنت، وتبدأ في التجرد من ملابسها داخل غرف المحادثة لجذب أكبر عدد الشباب. كما أنها لا تنكر أن هذا أصبح من عاداتها في الحياة الواقعية، وأنها أصبحت منغمسة في نزواتها الجامحة.
تقول إليسا إن زوجها، الذي ترتبط به منذ 14 سنة، لو عرف بما تفعل من نزوات، فلا تعتقد أنه سيكون سعيدا بهذه التجارب و"سيظن أنني أخونه"... معتقدة أنها لم تخن بعد؟!.
وتقول الطبيبة النفسية جانيت هول، وهي متخصصة في مشكلات العلاقات الجنسية، إن مخاوف زوج إليسا ستكون وجيهة بشأن ما تفعله زوجته.
وبسؤالها "هل ممارسة الجنس عبر الإنترنت تعد خيانة؟"، تقول الدكتورة جانيت "نعم بكل تأكيد، فأي مشاركة لشخص آخر في معلومات سرية، أو علاقة حميمة، أو عاطفية، أو جسدية تعد خيانة".
وتضيف قائلة "إن الأشخاص الذين لا يأخذون بهذا الرأي يحتاجون إلى إعادة الإخلاص في علاقتهم والتوافق مع الحدود البناءة، ولا يقدمون على إفساد مستقبلهم". وتضيف جانيت "ومثل أي عادة سيئة، كالتدخين والقمار، فإن الجنس عبر الإنترنت يسبّب الإدمان، ويحتاج إلى خطة منظمة لمقاومة هذا السلوك والتغلب على هذه الحاجة، إنها ممارسة مثيرة وممنوعة ويمكن الإفلات بها، ولذا فإنها مغرية جدا لمن يمارسها". كما تعتقد الدكتورة جانيت أن ممارسة الجنس عبر الإنترنت تتزايد بشكل كبير.
عادل (31 سنة) يقول إنه يمارس الجنس عبر الإنترنت منذ أربع سنوات وبشكل أسبوعي تقريبا. وبالرغم مما يصفه بالحياة الجنسية الرائعة التي يحياها مع شريكة حياته منذ 18 شهرا، فإن ممارسة الجنس عبر الإنترنت فيه من الإثارة ما يجعله لا يرغب في التوقف عنها. ويعتقد أنها ممارسة غير ضارة تماما.
ويضيف عادل "إنها الطريقة الحديثة للشاب الذي كان يلتقط المجلات الإباحية ليرضي نزواته وهو يتطلع إلى الصور". ويتابع بقوله "يمكنني الوصول إلى مواقع دردشة تتحدث حول أي نزوات غريبة قد أفكر فيها، وعادة ما أعثر على شخص ما يشاركني نفس هذه النزوات. كما لا تعرف زوجتي أي شيء عما أقوم به، وأعتقد أنها ليست في حاجة إلى معرفة ذلك. ومن المحتمل أنها تفترض أن يكون لدي علاقات أخرى، وعادة ما يفكر الشباب بهذه الطريقة. الغرض من هذه الممارسة هو الحصول على مزيد من المرح، والبُعد عن ضغوطات الحياة".
إن الأشخاص الذين يخشون إن كان شريك حياتهم يتبادل معلومات حميمة مع عشيق أو عشيقة عبر الإنترنت قد لا يحبون العوالم التي تأخذنا التكنولوجيا إليها. وفي لقاء جمع كبار الباحثين الأمريكيين المهتمين بالجنس في شهر نيسان (أبريل) الماضي، دارت مناقشات ساخنة حول ما ستأتي به السنوات العشر المقبلة. وتخيل العديد من الباحثين مستقبلا مزدحما بالرفقاء الجنسيين عبر الإنترنت الذين على استعداد للقيام بأي شيء لإرضاء نزواتهم.
وتقول جوليا هيمان، مديرة معهد كينسي للأبحاث حول الجنس والنوع والتكاثر في جامعة إنديانا "إن أكثر شيء محتمل حدوثه قبل الوصول إلى عام 2016 هو ظهور التجارب متعددة الحسية للجنس الافتراضي. وهذا يعني نوعا من التوسع لمفهوم الجنس عبر الإنترنت الذي سيشهد "إمكانية تطوير مواد إباحية للفرد، بحيث تسمح له بإنشاء رفيق ذي أبعاد ومواصفات معينة، ويستطيع أن يتفوه بأشياء خلال تفاعل معين، وأشياء أخرى خلال تفاعل آخر، وهكذا".
وهناك مجال يُدعَى "أدوات المتعة عن بُعد teledildonics"، يسمح للأفراد الموجودين على أجهزة كمبيوتر بعيدة أن يستخدموا الأجهزة الإلكترونية الموجودة على كمبيوتر شخص آخر لأغراض جنسية.
يقول ستيف رودز، رئيس شركة Sinulate Entertainment، إن الأفراد الذين يستخدمون هذه الأدوات يحصلون على متعة كبيرة. ومع بيع آلاف الأجهزة الجنسية المرتبة بالإنترنت على مدار السنوات الثلاث الماضية، فإن قائمة المعجبين بأجهزة Sinulate Entertainment تضم نجم أفلام الكبار السابق "أني سبرينكل"، الذي تحول إلى كاتب وراقص، واصفا أدوات المتعة عن بُعد بأنها "التطور المنطقي للتحسينات في مجال أجهزة المتعة".
وهناك لعبة (تحتفظ "الاقتصادية" باسمها) موجودة على الشبكة، والتي يمكن من خلالها دمج صور الفيديو الإباحية بإثارة اللمس الواقعية، وهو ما يسمح للاعبين المزودين بالأجهزة الملائمة أن يقوموا بربط الأحداث الجنسية المعروضة على الشاشة لفيلم ما بالأعضاء التناسلية.
ويزعم براد أبرام، رئيس الشركة الكندية المنتجة للعبة، أن مئات الآلاف قاموا بالفعل بتجربة مهاراتهم الجنسية، وتنبأ بأن مساحة الأجهزة الخاصة بهذه التنبيهات ستستمر في التوسع.
كما صدرت أخيرا لعبة تجمع بين عالم المواعدة على الشبكة بالجنس عبر الإنترنت. فبمجرد أن يقوم المشتركون بملء استبيان يهدف إلى جمعهم بالأشخاص المناسبين، يمكنهم أن يستخدموا اللعبة للحصول على ممارسة الجنس عبر الإنترنت قبل الوصول إلى النسخة الواقعية. ويعتبر مطورو هذه اللعبة أنها حيلة ماهرة لجذب جمهور من الناس الذين يظنون أنفسهم أنهم يواعدون أكثر مما يلعبون.
ولكن عندما تنتقل العلاقات التي بدأت عبر الجنس على الإنترنت إلى العالم الواقعي، فإن النتائج أحيانا ما تكون كارثية، وهو شيء يقول عنه مستشارو الزواج إنه يؤثر تأثيرا بالغا على الحياة الزوجية.
إن الأشخاص المقيدين بالملل المنزلي، ممن يعانون من غياب الحميمية والتواصل بسبب الأعمال المنزلية، وتربية الأولاد، والعُزلة الاجتماعية، يجدون في الإنترنت مصدر إغراء وجذب هائلين.
وتشير تقديرات أحد ممارسي قوانين الأسرة، إلى أن الطلاق الناجم عن الخيانة عبر الإنترنت هو المسؤول عن حالة طلاق من كل 2500 حالة طلاق سنويا. وأحيانا ما تكون العادات الجنسية عبر شبكة الإنترنت أكثر خطورة. ففي شهر حزيران (يونيو) من هذا العام، تم إيقاف طبيب أسنان مدمن للجنس عبر الإنترنت في مدينة بريسبين الأسترالية عن العمل لمدة 12 شهر، بعد أن أثبتت عليه محكمة الممارسين الصحيين تهمة ممارسة سلوك غير لائق. وكانت محكمة مقاطعة بريسبين قد حكمت بإيقافه عن العمل لمدة 18 شهرا بعد مراقبته وهو يخوض في "حوارات" إباحية عبر الإنترنت مع مفتشة شرطة تتنكر في شخصية فتاة عمرها 12 سنة.
إن الشخصية الحقيقية للأفراد المشاركين في العالم المظلم لممارسة الجنس عبر الإنترنت مسألة تخضع للحظ بالنسبة لعشاق الإنترنت المحتملين. وهذا العاشق المتحمس ذو الهيئة الوسيمة داخل البيئة المجهولة لغرفة دردشة الكبار على الشبكة قد يكون الشاب البدين الذي يعمل في محل تأجير أفلام الفيديو. وهذه الشقراء السويدية الناهدة ذات العشرين ربيعا التي تقول لك إنها مستعدة لعمل أي شيء، قد تكون أرملة وحيدة في بلدة صغيرة (أو ربما تكون هي نفسها الشاب البدين من محل الفيديو!).
ولا يخشى عشاق المتعة الحرام عبر الإنترنت مثل إليسا وعادل، مسألة مع من يمارسون الجنس عبر الإنترنت، ولا تمثل لهم أي رادع. يقول عادل إنه فكر في الأمر مرة فوجد "إن فكرة الخوض في دردشة إباحية مع امرأة عجوز أو شاب غريب الأطوار تبدو غريبة، ولكنني أتأكد من أنني لا أفكر في هذا الأمر. على أي حال، أنا لا أرغب في ممارسة الجنس مع هؤلاء الأفراد على أرض الواقع. فلدي صديقتي. وفي النهاية، لا يتعلق الأمر بالشخصية التي أتحدث إليها أو منظرها. الأمر كله يعتمد على الخيال. ولا أقوم بالممارسة بغرض الخيانة. ولا توجد نية في أن تكون حقيقة".

العشاق الافتراضيين يحطمون القلوب على أرض الواقع

تجلت ظاهرة الزيجات المرتبة عن طريق شبكة الإنترنت كصرعة جديدة في كل من الصين وتايوان، حيث تلقى الآلاف من الأزواج "وثائق زواج" عبر شبكة الإنترنت، والأدهى أنهم حتى شرعوا في تكوين عائلات "افتراضية".
ويقدر عدد الحالات من هذا النوع بخمسين ألف حالة في البلاد، وما يربو على 25 ألف زوج من أزواج الإنترنت عبر خليج تايوان، بحسب صحيفة China Times.
وفي الصين، فإن الأزواج الذين يسجلون عقد زواجهم على موقع من مواقع الويب يقام لهم حفل زفاف بسيط، يحصل بعدها كل منهما على غرفة دردشة خاصة به.
وفي أحد هذه المواقع التايوانية، تبادل ما يقرب من 100 زوج وزوجة تراوح أعمارهم بين 18 و45 عاماً بالفعل عهود الزواج الافتراضية، حيث صارت هذه الخدمة متاحة أخيراً.
يُذكر أن عدد الرجال الذين سجلوا بهذا الموقع يفوق عدد النساء. إن الطفرة الشديدة التي اتسمت بها هذه الزيجات الزائفة أثارت المخاوف من أن يخفق هؤلاء الأزواج في التمييز ما بين وجودهم الافتراضي والواقع ما يؤثر بالسلب على علاقاتهم القائمة بالفعل.
وأشارت الصحافة الصينية إلى كيف أن الحياة العاطفية للبعض أصابها الضمور بعد أن اكتشف أزواجهم عن العلاقات الافتراضية التي كانوا متورطين فيها.
ويقول النقاد إن "ارتباط المرء بعلاقة افتراضية بشخص آخر دون علم الزوج أو الزوجة يمثل نوعاً من أنواع الخيانة أو حتى الزنا بالنسبة للأشخاص المتزوجين".
يُذكر أن امرأة حديثة عهد بزواج من مقاطعة سيشوان الجنوب غربية قاضت زوجها بعد أن اكتشفت أن لديه "طفلا" افتراضيا من امرأة أخرى في الفضاء السبراني".
وهناك امرأة أخرى في مدينة زوهاي جنوبي الصين تركت خطيبها عندما علمت أنه على علاقة بحبيبة له على شبكة الإنترنت.
وهناك أيضاً العديد من الحالات التي تحطمت فيها قلوب مواطني الإنترنت "المتزوجين" الذين أرادوا إقامة علاقة حقيقة مع شركائهم على شبكة الإنترنت، بحسب الصحيفة الناطقة باللغة الصينية.
ومع ذلك، نجد أن الزيجات الافتراضية بالنسبة لكثيرين تشبع فيهم الحاجات العاطفية دون أي نوع من الالتزام.
يقول وانج شي مين، وهو مطلق يبلغ من العمر 42 عاماً "إن أزواجهم الحقيقيين ليسوا على استعداد للإنصات إليهم".

رأي الطب النفسي
يقول محمد الطيب، طبيب نفسي "إذا كنت قد أخبرتني، فقط منذ بضع سنوات، أن قصصا مثل تلك التي ذكرناها أعلاه ستصبح قصة مألوفة للغاية، فسأعبر لك عن كثير من الشك والريبة. وهناك سبب واحد لذلك مفاده إنني لست على دراية كافية بالإنترنت وكيفية التعامل مع التقنيات الحديثة، بحيث إنني لم أدخل غرفة محادثة من أي نوع في حياتي. أيضا لم يسبق أن لمست لوحة المفاتيح أو سولت لي نفسي أن أفتح جهاز كمبيوتر وأعمل عليه. ولم أكن أتخيل أي شيء مثير في الجلوس إلى الكمبيوتر وكتابة ملاحظات عاطفية إلى شخص آخر وهمي ومجهول".
ولكن، من خلال ممارستي لمهامي الاستشارية، فإني التقيت عشرات الحالات التي وقع بسببها طلاق وفراق بين الزوجين، والتي تبدأ بسبب قيام أحد الزوجين بإنشاء علاقة غير شرعية عبر الإنترنت. أحيانا ما يكون الزوج هو المنخرط في هذه المحادثات السرية، ولكن الزوجة تظهر في أغلب القضايا. إن بعض تجارب العلاقات الغرامية في غرف المحادثة تتطور إلى علاقات (جنسية) محرمة على أرض الواقع، بينما يبقى البعض الآخر مجرد علاقات إلكترونية مجهولة الهوية. إن تبادل الغرام عبر الإنترنت مع شخص غريب تماما قد يبدو غير ضار من الناحية النظرية، ولكن مثل هذه العلاقة العاطفية السرية تقود من الناحية العملية إلى ما يمكن أن أسميه الزنا الافتراضي".
وحول هذا المصطلح يقول الطيب "إن هذا المصطلح هو وليد عالم الإنترنت الذي نعيش فيه، وهو مصطلح جديد، لكن المشكلة قديمة. في الواقع، لقد حذرت جميع الشرائع والأديان من الوقوع في الزنا، ودعت الأديان السماوية إلى تجنب هذا الانحراف الأخلاقي. إن هذه الخيانة العاطفية ليست بالضرورة أساسا للطلاق، ولكنها دائما ما تكون أساسا للتحذير، وذلك لسببين أولهما:أن الأديان حذرت أن الأفكار الخبيثة غالبا ما تقود إلى عواقب وخيمة!. وفي كثير من المناسبات، كان يأتي إليّ عملاء يقولون لي بكل أسف "إنني لم أكن أعتقد أن الأمور ستأخذني إلى هذا المنعطف الخطير. لم أنو مطلقا أن أكون خائنا". إن العلاقات غالبا ما تبدأ بارتباطات عاطفية، وليست جسدية، كما يحدث أن يسمح رجل وامرأة في العمل أن تتطور حواراتهما العادية إلى علاقة حميمة، يتبادلان فيها الغزل، ثم يقعان في المحظور.
والسبب الثاني، أن الزنا الافتراضي خيانة للثقة وتقويض للقرب الضروري للمحافظة على سلامة الزواج. ومن المهم أن نشير إلى أن الأنبياء عليهم السلام، بينوا لنا كيف أن الزنا يبدأ بالنظرة المحرمة ثم يتطور إلى ما لا يُحمد عقباه. وهذا يؤكد، عكس الاعتقاد السائد بيننا، أن الحوارات والأوهام السرية، التي تشتعل عبر الصور الإباحية، أوالجنس عبر الهاتف، أو الجنس عبر الإنترنت، ليست مجرد مطاردات انعزالية، ولكنها خطايا لها القدرة على تدمير رباط الزواج. إن تعاليم الأديان تعلّمنا أن اللحظة التي يبدأ فيها المرء نقل تركيزه من شريكه في الحياة إلى طرف ثالث، تلك اللحظة التي يبدأ فيها بالاستمتاع بأفكار كان يجب أن تنصب على شريكه، تلك اللحظة التي يبدأ فيها المرء الاندفاع عاطفيا بشكل سري تجاه شخص ما غير شريكه، هي النقطة التي يبدأ عندها ارتكاب ما يُطلَق عليه "الزنا عبر الإنترنت".

نصائح عامة
وفيما يتعلق بكيفية الحيلولة دون وقوع تلك الممارسات يوضح الطيب بقوله "بوضع الاعتبارات السالفة في الحسبان، فإنني اقترح:
أولا: لا تظن أبدا أنه من الممكن أن تلعب بالنار بدون أن تحرقك. إن الأشخاص الذين يقعون تحت تأثير الإغواء، يستخفون بالطاقة الكامنة في "الزنا" ونتائجه المدمرة، لهذا حذرت الأديان من الزنا تحذيرا شديدا.
ثانيا: إن الوقت المناسب لمنع الخيانة يكون قبل الوقوع كليا تحت التأثير العاطفي لشخص آخر. ولذا عليك بالامتناع عن الاشتراك في محادثات مع شخص من الجنس الآخر لا تريد لشريكك في الحياة أن يسمعها، وخاصة إذا كان هذا الشخص يسر إليك بمشاكله الزوجية ويبث إليك همومه وأحزانه العاطفية. فلربما يتحول "الدعم" النزيه الذي تريد تقديمه إلى علاقة عاطفية لا يُنصَح بها. إذا كنت تريد تقديم العون إلى صديق حقا، فعليك أن تنصحه باللجوء إلى مستشار في العلاقات الزوجية.
في النهاية، نقول، والكلام للطيب، إن العمل على تطوير مهارات العلاقة السليمة بين الزوجين، مثل التواصل، والتأكد، والتعاطف، والتفاهم، والتقارب الوجداني، يتضمن الأبعاد العاطفية والجسدية. وتساعد تقوية الحميمية بين الزوجين على هذا النحو في حمايتهما من العلاقات المدمِّرة التي تتم خارج إطار الزواج.

الأكثر قراءة