هل ستواجه شركة بترورابغ مخاطر الإفلاس؟
لعقود من الزمن، كان الكثير يؤمن إيماناً تاماً بأن جميع الشركات البتروكيماوية في المملكة يجب أن تتمتع دائماً بربحية عالية جداً، ومرد ذلك هو الدعم الحكومي المتمثل في الحصول على اللقيم اللازم لصناعة البتروكيماويات بأسعار زهيدة والأرض التي يُقام عليها المصنع بأسعار شبه مجانية والإعفاءات الجمركية على المعدات الصناعية والعمالة الأجنبية الرخيصة والإعفاءات الضريبية للشركات الوطنية والتمويل الميسر الذي يقدمه صندوق التنمية الصناعي وغيرها من العوامل الداعمة.
لكن عندما ندقق قليلاً في أداء شركة بترورابغ للتكرير والبتروكيماويات منذ بدء عملياتها التجارية عام 2009 وحتى الآن (أي خلال أكثر من ثلاثة أعوام) سنجد أن الصورة المطبوعة في أذهان الكثيرين تبدو مختلفة كثيراً، حيث إن أداء الشركة السنوي لا يزال متذبذباً ما بين تحقيق أرباح متواضعة لا تتعدّى في أحسن الظروف مبلغ 208 ملايين ريال في عام 2010 وبين تحقيق خسائر مخيبة بلغت نحو 1.4 مليار ريال عام 2009 آخذين في الاعتبار ضخامة حجم الأصول المستثمرة والتي تبلغ نحو 47 مليار ريال! وسبب ذلك يعود إلى مواصلة قطاع التكرير تحقيق خسائر سنوية، إضافة إلى تواضع أرباح القطاع البتروكيماوي مقارنة بنظرائه.
وتبرز المشكلة الأكبر التي تواجه الشركة حالياً في ضخامة قيمة الالتزامات (من قروض طويلة الأجل وقروض قصيرة الأجل ومصروفات مستحقة وذمم دائنة... إلخ) والتي تبلغ الآن نحو 39.1 مليار ريال مقارنة بقيمة حقوق المساهمين التي لا تتعدّى 8.1 مليار ريال فقط! أي أن الرافعة المالية تبلغ حالياً 4.8 إلى 1.0 وهي نسبة عالية جداً تنذر بمخاطر ائتمانية حقيقية ستواجه الشركة مستقبلاً إذا لم تتمكن من تحسين ربحيتها في أسرع وقت ممكن. وما يؤكد هذا، إجراء الشركة في نيسان (أبريل) الماضي اختبار الاستيفاء المالي بطلب من المقرضين المحليين والدوليين، وذلك للتأكد من قدرة الشركة على الوفاء بالتزاماتها المالية باستخدام عائداتها من عملياتها التشغيلية.
الإيجابي هو تمكُّن الشركة من اجتياز الاختبار بنجاح، لكن السلبي هو تحقيق الشركة خسائر فصلية في الربع الثاني من هذا العام (أي بعد إجراء هذا الاختبار وهو ما يُعيد الشكوك مرة أخرى حول قدرة الشركة على الوفاء بالتزاماتها المالية)! المهم هو أن الشركة تنوي إنشاء المرحلة الثانية لقطاع البتروكيماويات، وهذا بالتأكيد سيحتاج إلى وقت طويل وإلى تمويل كبير جداً. السؤال الآن: كيف ستتمكّن الشركة من سداد ديونها مستقبلاً؟ وإلى أي مدى سيصبر الدائنون؟ وكيف ستوفر التمويل اللازم لمشروع التوسعة وهي بهذا الوضع الخطير؟ وماذا لو لم تتمكّن من تحسين أرباحها بشكل كبير قبل تدشين التوسعة الجديدة أو حتى بعدها؟