منتج «أرامكو» الأثمن ..
* أهلا بكم في مقتطفات الجمعة رقم 452.
***
* حافز الجمعة: في أحد أيام الأسبوع الماضي، قررت أن أتحرر فعلا، خرجت بلا ساعة، وبلا هاتف، وبلا وسيلة اتصال وتواصل، ووجدتني خفيفا مرتاحا لأني تخلصت من عبء التوقع والاستعداد والركض مع الوقت، والتمسك العصبي بالالتزام.. رجعتُ إلى بيتي مساء وقد تعرفت على شخص جديد.. أنا.
***
* شخصية الأسبوع: ''بناؤو الزوايا''، مجموعة من الشباب السعودي من الجنسين. أخذني الأخ الدكتور ''محمد الأنصارى'' لأرى أعمالهم، وكلها منتجات خدمية مبتكرة ورائدة في العالم الافتراضي، تصب على الناس نفعا وفائدة في الواقع المادي. ولقد تحدثتُ مع العقول الشابة المتوثبة المليئة بالطموح، ونثروا السعادة في المكان وفي قلبي بحيويتهم وحماستهم وفرحتهم بأنهم يعطون لناسهم ولبلدهم.. يفرحون لأن اللهَ ميّزهم ومنَّ عليهم بأن يعطوا ولا يكتفوا فقط بأن يأخذوا، أذهلتني قوة حضورهم، وشجاعة الإفصاح عن أفكارهم، وثقتهم بأن المستقبلَ سيكون أفضل ـــ بإذن الله ــــ لأنهم هم من يريدون أن يصنعوا مستقبلهم، ولن يعتمدوا على أحد ليرسم مستقبلهم لهم أو يمنعه! خرجت أكاد أتلمس كتِفي إن نبت لي جناحان، كنت أطيرُ فخرا وفرحا وثقة، وأقول في نفسي: ''يا أخي لن يقنعك أهل الأرض بأن شبابنا متقاعسون أو أنهم يتقاعسون''. وأخاطب ''أرامكو'' قائلا: هناك ما هو أثمن من البترول من منتجاتكم.. هم هؤلاء الصغار العباقرة الذين ترعونهم.. لذا وجب علي الشكر.
***
* صحة: يتكلمون كثيرا عن الأكل، وعن صحيّته وعدم صحيته.. ثم إني تأملت وأنا أرى السيارات الفخمة والجديدة تتباهى في نهر الشارع العريض واحدة وراء الأخرى، وقلت في نفسي: ''تعال.. هل يرضى هؤلاء أن يضعوا زيتا سيئا في محركات سياراتهم التي تعمل بنعومة الساعة وبهدير البركان؟'' لا، فهم لا يضعون إلا أصح ـــ وليس أطعم ــــ الزيوت وأكثرها جودة، كي لا يتعطل أو يثقل أو يقف أداء المكنة المنتظمة الدفاقة الطاقة.. طيب قلب الإنسان، قلبك، وقلبي، أليست هي محركات أجسادنا، أليست أجسادنا أغلى وأهم من محركات سياراتنا؟ القول المنطقي سيقول لك نعم وبلا رمشة جفن.. إذن لمَ نحقن في قلوبنا الوقود السيئ، والشحم الذي يملأ أنابيب محرك جسدنا ثم يوهنه، حتى يمنع مرور الطاقة إليه فيتعطل أو يقف.. ووقوفه يعني الموت؟! ورأيت شيئا آخر أن الأكلَ والشربَ الصحي يغير المزاجَ فيبقيك خفيف النفس، لمّاح العقل، ومنفتحا للدنيا والناس فينفتح لك الناسُ وتنفتح الدنيا. والآن.. أين أقرب مطعمٍ هندي يا ناس!؟
***
* كتاب الأسبوع: لقد عرفنا الكاتبة البريطانية ذات الخيال العريض ''جي كي راولنج'' في قصصها السبع المتتابعة عن الطفل ثم الفتي والشاب الساحر ''هاري بوتر''، وأذهلتْ العالمَ وبالذات عالم المراهقين والمراهقات بخيال خصب أنتج عالما كاملا قائما بتصوراتها العميقة والمتجددة، التي لم يسبقها أحد في استثارة مشاهده وعجائبه وشخصياته وأسلوبه. الآن قرّرَتْ التوقف عن ''هاري بوتر'' كما تعلمون، وطوت صفحته تاركة بطلها الساحر للتاريخ الأدبي.. ثم لم تقل شيئا. الآن فاجأت العالم الأدبي من جديد بقصة نوعية، ولكن للكبار هذه المرة وبعيدة عن العالم الخيالي. عندما تقرأ كتابها الذي كتبته لأول مرة لعالم الكبار ستذهل بإبداع هذه المرأة التي تحرص على التكتم والبساطة، إن لها سعة عقلية تأتي بما يشبه الإعجاز في استظهار السرد والأشخاص والمعنى والفلسفة، عنوان الكتاب بالإنجليزية The Casual Vacancy ، وستجد أني أقترح ترجمة عربية له بعنوان: ''المنصب الخالي''، لأنك حين تقرأ القصة تجد أن صراعا في قرية إنجليزية بازغة الجمال والهدوء كصور بطاقات البريد تشتعل فيها حرب داخلية حتى في بيوتها، بعد أن فرغ منصب في أبرشية القرية. كتابٌ أعيد فيه اختراع الصور بلغة شكسبير، وتعددت مشاهد العمق الوصفي لعنف وتبدل وتلون التصرف الإنساني في مجموعةٍ ضيقة، نُسِجَتْ بقلم امرأة ولدت لكي تقوم بعمل واحد تتقنه أكثر من غيرها.. أن تروي!
***
* والمهم: تم اختيار الدكتور عبد الرحمن الزامل رئيسا لغرفة تجارة الرياض، وننتظر كيف سيعالج الدكتور الزامل سمعة التجار ورجال الأعمال السعوديين، بعد أن علقت بهم صورة أمام الرأي عام مشبعة بالسلبية. وكيف -وهو صاحب الخبرات المتعددة- سيعيد وضع سمعة العمل الخاص في مساره الصحيح مبدأ وواقعا وسلوكا. وإني أراه قادرا على قبول تحدٍّ كهذا..
في أمان الله.