بعد 40 عاما.. استعادة ذكريات الفنان الشعبي شنان بأمسية
بعد نحو 40 عاماً من وفاة أهم رموزه، استذكرت السعودية البارحة الأولى فنها الشعبي باستعراض ملامح البيئة المحلية في الأغاني الشعبية من خلال أغاني الفنان الراحل بشير حمد شنان - رحمه الله - عبر أمسية فنية نظمتها جمعية الثقافة والفنون فرع الرياض بالتعاون مع الجمعية السعودية للمحافظة على التراث وبحضور الأميرة عادلة بنت عبد الله.
وصدحت 20 أغنية للفنان بشير شنان - رحمه الله - اختار لها المنظمون بيتا طينيا بجوار المتحف الوطني في حي المربع، حيث إنها تلائم أجواء زمن السبعينيات في مركز الملك عبد العزيز التاريخي وسط حضور محبي الراحل وعدد من الإعلاميين والأكاديميين المهتمين بالموروث الشعبي الذين أبدوا إعجابهم بقدرة الأغاني الشعبية على وصف حضارة الزمن القديم بكلمات سطرها فنانو تلك الحقبة في أغانيهم وأبدعوا في وصفهم التخيلي لملامح الإنسان ومحيطه البيئي والجغرافي حينذاك، في ظل مبادرة نوعية من جمعية الثقافة والفنون في الرياض كسرت بها كثيرا من الحاجز النفسي حول فنان استمر 40 سنة حاضرا في أذهان السعوديين ورمزا من رموز الأغنية الشعبية، وأثبت من خلال حضور نخبوي أنه فنان يحمل قيما موسيقية عالية وأسلوبا فريدا جعله محل حفاوة الفن السعودي.
#2#
وفي هذا الشأن قالت لـ"الاقتصادية" الأميرة عادلة بنت عبد الله رئيسة مجلس إدارة الجمعية السعودية للمحافظة على التراث إن الهدف من هذه الأمسيات الاستذكارية هو جذب النشء لفهم تراثهم الحضاري المسموع أو المرئي كما أنه من الجميل أن نعرف ما كان عليه آباؤنا وأجدادنا من الفنون والإبداعات الفطرية.
وأضافت الأميرة عادلة أن إحياء الأغاني الشعبية والتعريف بمدلولاتها يعد من مهام الجمعية التي تسعى إليها للحفاظ على موروثاتنا الثقافية، مشيرة إلى أن اختيار البيت الطيني كمكان ملائم لذلك الزمان يعد موفقا، وتمنت أن يكون هناك توسع في هذا النشاط، لأن الفن الشعبي يعد إحدى ركائز تراثنا.
من جانبه، أوضح رجاء العتيبي مدير الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون فرع الرياض أن مبادرة جمعية الثقافة والفنون في إقامة أمسية تهدف إلى استحضار فنون وثقافة العهد القديم التي تعد موروثا شعبيا ثقافيا تفخر به، مؤكدا أن الفن الشعبي يحمل قيما موسيقية وثقافية ثرية وأن الموسيقى لا يمكن التعامل معها على شكل طبقات اجتماعية، وإنما هي سمة راقية تعبر عن الكل، وألمح إلى أن هذه الليلة كانت مختلفة عندما تقدم الجمعية الفن الشعبي بصورته الإبداعية بعيدا عن الصورة المشوهة التي عادة ما تحضر في أذهان الناس عندما يأتي ذكر الفنانين الشعبيين، مؤكدا أنها صورة مغلوطة.
وأبان أنه تم اختيار أغاني بشير شنان لما تمتاز به من وصف دقيق للأماكن وطبيعة الحياة في ذلك العقد من الزمن، مضيفا أن المحاضرة تعد من أشهر المحاضرات والأنشطة التي حظيت باهتمام عدد كبير من مسؤولين ومحبين للتراث وكان لها صدى طيبا.
وحول توسع مثل هذه الأنشطة ذكر رجا العتيبي أن تنظيم مثل هذه الأمسية عن الفن الشعبي يعد المرة الأولى في السعودية، مشيراً إلى أن هناك مباحثات مع فروع الجمعية في المناطق الأخرى حول تنظيم أمسيات تحمل المعنى نفسه لدى فروعها. وتحدث عبد الرحمن الناصر الإعلامي ومقدم المحاضرة التعريفية عن فن وحياة بشير شنان قائلاً: "كان لبشير نمط فريد في العزف على العود والأغاني التي اتسمت عادة بالقصص الدرامية والكلمات المعبرة عن الواقع بكل تفاصيله، وأشار إلى أن الملامح البيئية لأغاني بشير تصلح أن تكون خارطة جغرافية لمدينة الرياض.
وكان بشير قد اشتهر في مراهقته بحب الغناء وإتقانه وكان فتى متطلعا طموحا يحمل جنونا فنيا داخله تفجر بصورة غير مسبوقة وسبق أقرانه وتفوق على كثيرين حتى اليوم.