أمريكا ستتخطى السعودية كأكبر منتج للنفط في 2017

أمريكا ستتخطى السعودية كأكبر منتج للنفط في 2017

قالت وكالة الطاقة الدولية أمس إن الولايات المتحدة ستتخطى السعودية كأكبر منتج للنفط في العالم في 2017، إذ تقترب من تحقيق الاكتفاء الذاتي بفضل زيادة حادة في إنتاج الغاز والنفط الصخريين.
وجاءت تقديرات الوكالة التي تقدم المشورة بشأن سياسات الطاقة للدول الصناعية الكبرى في تقرير سنوي، وتتناقض النتائج التي خلصت إليها تناقضا حادا مع تقرير عام 2011 الذي توقع أن تظل السعودية أكبر منتج للنفط في العالم حتى 2035.
وذكرت الوكالة: "التطورات في قطاع الطاقة في الولايات المتحدة عميقة وسيمتد أثرها خارج أمريكا الشمالية وقطاع الطاقة".
وتابع التقرير: "الزيادة الأخيرة في إنتاج الغاز والنفط في الولايات المتحدة بفضل تكنولوجيات المنبع تتيح استغلال مصادر للغاز والنفط الصخري ما يحفز النشاط الاقتصادي، إذ تمنح أسعار الغاز والكهرباء الأرخص الصناعة ميزة تنافسية".
وتوقعت الوكالة أن يستمر تراجع واردات الولايات المتحدة من النفط إلى أن تتجاوز صادراتها وراداتها بحلول 2030 تقريبا. وقال فاتح بيرول كبير اقتصاديي الوكالة في مؤتمر صحافي في لندن إن الولايات المتحدة ستتقدم على روسيا كأكبر منتج للغاز بفارق كبير بحلول عام 2015، وبعد ذلك بوقت قصير أي في عام 2017 ستصبح الولايات المتحدة أكبر دولة منتجة للنفط في العالم.
وهذه الثورة المبرمجة في عالم النفط ستعيد إلى بدايات الصناعة النفطية، فمن النصف الثاني للقرن التاسع عشر حتى منتصف القرن العشرين كانت البلاد هي المنتج الرئيسي للذهب الأسود في العالم، ما غذى نموها الصناعي والاقتصادي والاستراتيجي، وأصبحت الولايات المتحدة في الوقت نفسه القوة العالمية الأولى. وتستند وكالة الطاقة الدولية في توقعاتها إلى انطلاقة إنتاج المحروقات غير التقليدية، أي الغاز والنفط المستخرجان من الصخور الزيتية الرسوبية (الشيست) إضافة إلى الاحتياطيات غير التقليدية من النفط والغاز، وهي موارد نفطية كان يعتقد لوقت طويل أن استخراجها بالأساليب التقليدية بالغ الصعوبة وعالي الكلفة.
وأضاف تقرير الوكالة أن القفزة الأخيرة في إنتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة سببها إنجازات تكنولوجية سمحت باستخراج هذه الموارد غير التقليدية، عبر تقنية «التكسير الهيدروليكي» المحظورة في فرنسا بسبب ما ينجم عنها من مخاطر على البيئة، ما "يؤدي إلى تعزيز كبير لدور أمريكا الشمالية" في خريطة الطاقة العالمية.
ويبدو أن الأرقام تدعم توقعات وكالة الطاقة الدولية بالرغم من الجدل الدائر بين الخبراء حول بلوغ "القمة النفطية" أي اللحظة المحتومة التي سيبدأ فيها الإنتاج العالمي للذهب الأسود هبوطه الحتمي.
ومنذ بداية العام استخرجت الولايات المتحدة نحو 6.2 مليون برميل من الخام يوميا، مقابل خمسة ملايين في 2008، أي ما يسجل قفزة بنسبة 24 في المائة، بحسب إحصاءات وزارة الطاقة الأمريكية.
وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن تؤدي هذه القفزة للإنتاج الأمريكي المترافقة مع تدابير ترمي إلى خفض استهلاك السيارات، إلى "تراجع تدريجي للواردات النفطية للبلاد، إلى أن تصبح أمريكا الشمالية مصدرا كبيرا للخام قرابة عام 2030".
وأشارت الوكالة إلى أن النتيجة هي أن "الاستقلالية في مجال الطاقة" التي كانت تعد لزمن طويل هدفا لا يمكن بلوغه ستصبح فعلا أمرا منظورا بالنسبة للولايات المتحدة.
وتوقعت أن تصبح الولايات المتحدة التي تستورد حاليا نحو 20 في المائة من احتياجاتها للطاقة "عمليا مكتفية ذاتيا بكل معنى الكلمة، وهو تحول ملفت للاتجاه السائد في معظم البلدان المستوردة".
وهذه المسألة كانت من المواضيع التي أثيرت في حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فالجمهوري ميت رومني الذي أخفق الأسبوع الماضي في إزاحة الرئيس الديمقراطي باراك أوباما وعد بالاستقلالية في مجال الطاقة في عام 2020، مراهنا على الطاقات الأحفورية (النفط والغاز والفحم الحجري)، فيما آثر منافسه الفائز التركيز على الطاقات المتجددة (الشمسية والهوائية) وتوفير الطاقة.
وهذا التحول ستكون نتائجه كبيرة، فهو سيعيد رسم خريطة التجارة النفطية العالمية مع إعادة التركيز على آسيا ومعها على قسم كبير من التوازنات والاختلالات الاستراتيجية الحالية. من جهة أخرى، توقعت وكالة الطاقة أن يرتفع الطلب العالمي على النفط بنسبة 14 في المائة بحلول عام 2035 ليصل إلى 99.7 مليون برميل في اليوم بزيادة 700 ألف برميل عن توقعاتها السابقة، وذلك نتيجة الاستهلاك المرتبط بالنقل.
وقالت الوكالة إن متوسط سعر برميل النفط الذي تستورده دولها الأعضاء وبينها معظم الدول الأوروبية والولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية، سيصل إلى 125 دولارا للبرميل عام 2035 مقابل نحو 107 دولارات هذه السنة، بعدما كانت تتوقع سعر البرميل بمستوى 120 دولارا بحلول 2035.
وجاء في التقرير أن "نمو استهلاك النفط في الدول الناشئة ولا سيما الاستهلاك المرتبط بقطاع النقل في الصين والهند والشرق الأوسط، سيؤدي إلى أكثر من تعويض خفض الطلب في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وبالتالي إلى زيادة واضحة في استهلاك النفط".
وأضاف أن "قطاع النقل يمثل منذ الآن أكثر من نصف الاستهلاك العالمي للنفط، وهذه النسبة ستزيد مع تضاعف عدد السيارات إلى 1.7 مليار سيارة والتزايد المتسارع للطلب على الشحن البري (نقل البضائع)".
وبالنسبة إلى إنتاج النفط فإن الوكالة توقعت أن ترتفع خلال العقد الجاري حصة الدول غير المنضوية في إطار منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، لكنها أكدت أن إنتاج "أوبك" سيتعزز بعد ذلك مجددا.

الأكثر قراءة